الجمعة 16 مايو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد امبابي
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد امبابي

صفحة جديدة بين «الضرائب» ومجتمع الأعمال نظام ضريبى جديد يشمل 11 محورًا رئيسيًا من التيسيرات والإصلاحات غير المسبوقة

لم تعد الحلول الجذرية الصعبة اختيارًا تستطيع الحكومة الحياد عنه، أو استبداله بحلول مؤقتة أو إجراءات تجميلية سرعان ما ينكشف عوارها، بل أصبحت منهجًا رئيسيًا أمام صانع القرار فى الفترة الراهنة وخلال المرحلة المقبلة، لا سيما فى إجراءات الإصلاح الاقتصادى التى لا تحتمل ترقيعًا أو تأجيلًا لإجراءات مواجهة التحديات، وتعزيزًا لقدرة الدولة على تحقيق مستهدفاتها فى النمو الاقتصادى القوى والمستدام.



وفى الوقت الذى تضع فيه الحكومة مستهدفات غير مسبوقة للحصيلة الضريبية تربو على 412 مليار جنيه خلال العام المالى الجارى مقابل 311 مليار جنيه فى العام المالى الماضى، فقد كان لزامًا عليها تنفيذ إصلاحات جذرية لحل مشكلات النظام الضريبى خاصة فيما يتعلق بالتقديرات الجزافية، ووصول غرامات المتأخرات الضريبية لأرقام تزيد على أصل الضريبة، إلى جانب الحاجة الكبيرة لتوسيع القاعدة الضريبية من خلال ضم الاقتصاد غير الرسمى، وغيرها من المشكلات والمطالب التى ظلت لسنوات تؤرق مجتمع الأعمال وتقف حجر عثرة أمام الاستثمار.

ولم تتأخر الحكومة الجديدة فى اقتحام الملف الصعب والمعقد، حيث أعلن وزير المالية عن خطة متكاملة وتيسيرات ترتكز على 11 محورًا رئيسيًا سيتم من خلالها مواجهة مشكلات النظام الضريبى الحالى، وتطبيق إجراءات وتيسيرات ضريبية من شأنها تعزيز ثقة مجتمع الأعمال فى الحكومة، وتعزيز قدرتهم على المزيد من الاستثمار وزيادة حجم الأعمال.

محاور إصلاح النظام الضريبي

 أما محاور إصلاح النظام الضريبى التى أعلن عنها وزير المالية فتتمثل فى استمرار جلسات الاستماع الضريبى لمجتمع الأعمال بجميع طوائفه، وذلك من أجل الوقوف على أية مشكلات يمكن أن تكون سببًا فى تكبيل قدرة الدولة على تحقيق مستهدفاتها وتكبيل الممول عن تحقيق حجم الأعمال المأمول.

كذلك تحديد الإجراءات والقواعد التنفيذية بشكل حاسم، حتى لا يتم ترك الأمور للتقديرات الشخصية بالمناطق والمأموريات الضريبية، وهذا يساهم بشكل قوى فى حل التقديرات الجزافية.

أما المحور الثالث فيتمثل فى توسيع القاعدة الضريبية، وهو محور يشمل أيضًا تحفيز دمج مشروعات الاقتصاد غير الرسمى من خلال حزمة من التسهيلات والتى لن تنظر فيها الحكومة إلى الأعمال السابقة للممول، بل سيتم النظر إلى مستقبل هذه الأعمال.

ويضاف إلى ذلك إطلاق نظام ضريبى مبسط ومتكامل لمن لا يتجاوز حجم أعماله السنوى 15 مليون جنيه من المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر وريادة الأعمال و«الفرى لانسرز» والمهنيين.

بالإضافة إلى تبسيط الإقرارات الضريبية، والتوسع فى نظام الفحص بالعينة ليشمل كل المراكز الضريبية، كذلك الاعتماد فى الفحص الضريبى على العمل بنظام إدارة المخاطر لكل الممولين بجميع المأموريات والمناطق للتيسير على المجتمع الضريبى.

كذلك حل مشكلة مقابل التأخير الذى كان يصل إلى أضعاف قيمة أصل الضريبة.. ووضع حد أقصى لا يتجاوز بأى حال أصل الضريبة، إلى جانب العمل على سرعة الانتهاء من المنازعات والملفات الضريبية المتراكمة لدفع حركة النشاط الاقتصادى، ورفع حد الإعفاء من «تقديم دراسة تسعير المعاملات» للشركات الدولية إلى 30 مليون جنيه.

وضمن المحاور الرئيسية، إطلاق آلية تسوية مركزية جديدة للمستثمرين، وتبسيط نظام رد ضريبة القيمة المضافة، بالإضافة إلى ضمان التدرج فى التعامل القانونى فى حالة عدم تقديم الإقرار الضريبى وربطه بحجم الأعمال السنوى لصالح الممولين.

ومن بين الإجراءات المهمة التى يشملها البرنامج الإصلاحى الجديد للضرائب، التعامل بجدية والاستثمار القوى فى رفع كفاءة العاملين بمصلحة الضرائب وتحسين أوضاعهم بشكل يتناسب مع الأعباء والمسئوليات المطلوبة منهم، وكذلك وضع نظام عصرى ومتكامل لتقييم العاملين وفقًا لمعدلات الأداء وجودة الخدمات المقدمة للممولين.

ترحيب مجتمع الأعمال

وتعليقًا على التيسيرات الضريبية الجديدة وتأثيراتها على مجتمع الأعمال، قال إبراهيم إمبابى، عضو اتحاد الصناعات، إن ما تقوم به وزارة المالية حاليًا من تيسير الإجراءات الضريبية والتواصل مع مجتمع الأعمال يعد خطوة مهمة لتعزيز الثقة بين الممولين والحكومة، لافتًا إلى أن وزير المالية اجتمع مع أعضاء اتحاد الصناعات وتم عرض جميع المعوقات والطلبات عليه، وما أعلنه يمثل استجابة قوية لمتطلبات الاتحاد.

ولفت «إمبابى»، فى تصريحات لـ«روزاليوسف» إلى الحديث عن تأهيل الموظفين ليكونوا قادرين على التواصل مع مجتمع الأعمال بالشكل الأمثل، وكذا حل مشكلة التقديرات الجزافية من خلال تدشين نظام متكامل فى الفترة المقبلة، وكذلك حل مشكلة المغالاة فى الفوائد والغرامات المحتسبة على المستحقات الضريبية المتأخرة، كل ذلك يشير إلى إرادة حقيقة من جانب وزير المالية والحكومة لحل أهم مشكلات الاقتصاد، وهى المشكلات الضريبية التى تعوق الاستثمار وتحد من نمو الأعمال.

من جانبه قال على حمزة، نائب رئيس اتحاد جمعيات المستثمرين، إن ما أعلن عنه وزير المالية يعد ترجمة حقيقية لمتطلبات المستثمرين وأصحاب الأعمال، لافتًا إلى أن الحكومة حاليًا تقوم بجهود كبيرة من أجل جذب الاستثمار من أجل دفع معدلات النمو الاقتصادى، مؤكدًا أن الاصلاح الضريبى سيكون حافزًا كبيرًا على التوسع فى الاستثمار.

وطالب «حمزة» بضرورة ضم اتحاد المستثمرين للجهات التى ستشهد مناقشات وحوارًا مع وزارة المالية بشأن الضرائب خلال الفترة المقبلة، قائلًا إن هناك بعض المحافظات، لاسيما محافظات الصعيد لديها مشكلات فى توفر مأموريات الضرائب، لا سيما مأمورية كبار الممولين التى تخدم محافظات المنيا وأسيوط وسوهاج والتى توجد فقط فى الغردقة، وكذلك مأمورية الاستثمارات الكبرى أيضًا توجد فى الأقصر.

وطالب «حمزة»  بضرورة نشر المأموريات الضريبية فى المحافظات المختلفة للتيسير على الممولين بصفة عامة والمستثمرين والمصنعين بصفة خاصة.

أسباب حزمة الإصلاحات الضريبية

وأكد د.مصطفى مدبولى، رئيس مجلس الوزراء، أن حزمة التسهيلات الضريبية جاءت تلبيةً لطلبات القطاع الخاص فى هذا الشأن، حيث كان هناك العديد من الشكاوى بشأن ما يقال عنه «سوء تطبيق الضرائب»، أو «التقدير الجزافى»، إضافة لما قيل عن وجود مُتأخرات مُتراكمة، وأن كل ذلك يعوق مسار التنمية والاستثمار من القطاع الخاص.

ولفت إلى أنه سيكون هناك شرح أكثر تفصيلًا خلال الفترة المُقبلة لجميع الخطوات التى سيتم اتخاذها، فبعض هذه الخطوات ستحتاج إلى إجراء تعديلات تشريعية، إلا أن أغلبها سيكون فى صورة قرارات يتم إصدارها من خلال مجلس الوزراء، أو من خلال وزير المالية.

ولفت رئيس الوزراء إلى أنه بالنسبة لأى إقرار ضريبى سيُقدم من أى ممول أو مستثمر؛ سيكون هناك تبسيط فى الإقرار نفسه، كما سيكون حجم المعلومات المطلوبة أقل من السابق بكثير، مضيفًا إن الحد الأقصى لغرامات تأخر عملية الفحص، لن يتجاوز أصل الرقم الضريبى الذى تم الحديث عنه.

كما سيتم توحيد المعاملة بين كل المأموريات الضريبية لمنع أية اختلالات فى المُعاملة الضريبية بين مكان وآخر، وسيتم تطبيق فكرة نظام المقاصة المركزى، وهى شديدة الأهمية، ليتم تسوية أية التزامات على الممول أو رد أعباء التصدير، أو الأعباء الضريبية له، طبقًا لاختياره.

وفيما يخص موضوع رد ضريبة القيمة المضافة، والذى يتطلب حاليًا وقتًا كبيرًا سيشهد تيسيرات واختصارًا للوقت، كما أنه فيما يخص حل النزاعات الضريبية، سيتم تحديد سنة مُعينة، وأخذ رقم مقطوع عن التعاملات قبل هذه السنة، لإغلاق الملفات القديمة وفتح صفحة جديدة مع مجتمع الأعمال.

تفاصيل المؤتمر الصحفى

وأكد أحمد كجوك، وزير المالية، خلال المؤتمر الصحفى الذى عقد بحضور د.مصطفى مدبولى، رئيس مجلس الوزراء، بمقر الحكومة أن حزمة التسهيلات الضريبية، بما تتضمنه من محفزات لمجتمع الأعمال، تُعد «الانطلاقة الأولى» فى مسار ضبط وتحسين العلاقة بين المستثمرين ومصلحة الضرائب، الذى يأتى ضمن أولويات السياسات المالية خلال المرحلة المقبلة، والهادفة لتنفيذ برنامج عمل الحكومة بمختلف أبعاده الاقتصادية والاجتماعية، بما فى ذلك الإسهام فى تذليل العقبات الضريبية أمام الأنشطة الاقتصادية وجهود رفع معدلات الإنتاجية، من أجل تعزيز بنية الاقتصاد الكلى، وتحسين هيكل النمو ليعتمد بشكل أكبر على الإنتاج والتصدير.

وقال الوزير: بدأنا بدراسة التحديات على أرض الواقع، وقراراتنا تعكس جديتنا فى تلبية احتياجات شركائنا من المجتمع الضريبى، وأننا مستمرون فى «جلسات الاستماع الضريبى»، والتحرك الفورى بحزم أخرى من التيسيرات لتحفيز مجتمع الأعمال، مع التركيز على إيضاح وتحديد الإجراءات والقواعد التنفيذية بشكل حاسم حتى لا نترك الأمور للتقديرات الشخصية بالمناطق والمأموريات الضريبية؛ فنحن نستهدف تحسنًا ملموسًا يشعر به مجتمع الأعمال فى جودة الخدمات الضريبية المقدمة إليهم بالمناطق والمأموريات الضريبية.