الأربعاء 9 أبريل 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

ما بين عقلانية هاريس وتهور ترامب .. سيناريوهات التعامل مع الملف النووى الإيرانى للرئيس الأمريكى الجديد

بعد أقل من شهرين تكشف لنا الانتخابات الرئاسية الأمريكية عن ساكن جديد للبيت الأبيض بعد إجراء الانتخابات فى نوڤمبر القادم، وتشتد المنافسة بين كامالا هاريس مرشحة الحزب الديمقراطى ودونالد ترامب المرشح عن الحزب الجمهورى؛ ولكن كيف سيتعامل ساكن البيت الأبيض الجديد مع الملف النووى الإيرانى؟ هاريس كانت داعمة للاتفاق النووى الإيرانى فى مجلس الشيوخ الأمريكى وكانت ترى أن الاتفاق النووى أداة فعالة لمنع إيران من تطوير السلاح النووى مثلها مثل چو بايدن وتجنب الصراع العسكرى فى المنطقة.



 

كانت ضد انسحاب ترامب من هذا الاتفاق ووصفته بأنه متهور وأنه يعرض الأمن القومى الأمريكى للخطر؛ وذلك على عكس دونالد ترامب الذى وقف ضد إيران لكى تتخلى عن الاتفاق النووى، وتفاخر بأن اغتيال قاسم سليمانى كان هجومًا مثاليًا وهو يدعو إلى أقصى قدر من الضغط عليها، وما هو متوقع محافظة ترامب على نهج متشدد تجاه إيران كما فعل فى ولايته الأولى، من خلال تصعيد الضغوط الاقتصادية وفرض عقوبات اقتصادية واستكمال سياسة الضغط القصوى.

وكان رئيس مركز أبحاث البرلمان الإيرانى حذر من التبعات الاقتصادية فى حال عاد ترامب إلى السلطة، ووصفها بالصدمة الاقتصادية، وينتظر أن يتعامل ترامب بشكل أكثر صدامًا مع الجمهورية الإسلامية، ما سيجعل طهران تتخذ خطوات إلى الخلف للحفاظ على وضعها الاستراتيچى إقليميًا، كما رأى ترامب أن إيران الآن أصبحت على مسافة قريبة من امتلاك السلاح النووى. وبالنظر إلى إرث ترامب وحاضر بايدن فى التعامل مع طهران خلال السنوات الماضية فى البرنامج النووى الإيرانى تستحوذ هذه الدورة الانتخابية فى واشنطن على اهتمام بالغ من جانب السياسيين والمعنيين فى طهران؛ إذ إنها سوف تؤثر فى طبيعة السياسة الأمريكية تجاه طهران فى عدد من الملفات الشائكة؛ ومن ثم على حالة الاقتصاد المحلى والرضا العام الشعبى عن الحكومة والاستقرار السياسى فى طهران خلال الفترة المقبلة. وفى ضوء ذلك، هناك سيناريوهات مستقبل العلاقات الإيرانية الأمريكية المتوقعة طبقًا لنتائج الانتخابات الرئاسية الأمريكية المحتملة.

السيناريو الأول هو تخوف إيران من فوز ترامب

 بشكل عام لا يرجح الداخل الإيرانى المرشح الجمهورى ترامب؛ ذلك لأنه اتبع سياسة أكثر حزمًا وصرامة تجاه طهران سميت بالضغوط القصوى. ويعد ترامب من أشد السياسيين الأمريكيين المعارضين للاتفاق النووى مع إيران، الذى تم التوصل إليه فى 2015 بمدينة لوزان السويسرية، وقد انسحب منه فى مايو 2018، كما يناهض ترامب المشروع النووى والصاروخى لطهران ونفوذها وسياستها الخارجية ويتخذ إزاء ذلك خطوات صارمة. وقد تعززت هذه المخاوف الإيرانية بعد إعلان ترامب مؤخرًا عن تعيين عضو مجلس الشيوخ الأمريكى عن ولاية أوهايو، چيمس ديڤيد فانس، نائبًا لحملته الانتخابية، واعتزامه تنصيبه نائبًا لرئيس الجمهورية حال فوزه فى الانتخابات؛ إذ ينتمى فانس إلى نفس معسكر ترامب المتشدد تجاه طهران. وعلى سبيل المثال، وصف فانس فى تغريدة له على موقع إكس يوم 25 إبريل 2022، الاتفاق النووى مع إيران لعام 2015 باتفاق «إيران - أوباما الكارثى»، مضيفًا أن أحد أفضل قرارات الرئيس ترامب الخارجية تمثل فى الخروج من هذا الاتفاق، ونحن بحاجة إلى العمل بشدة فى هذا الصدد. وفى حال فوز ترامب يتوقع أن تمثل ولاية رئاسية ثانية محتملة لترامب فى واشنطن استمرارًا لسياسات الولاية الأولى تجاه طهران (2017 - 2021)؛ بل يمكن القول إن التطورات الأخيرة داخل إيران نفسها، وتلك التى تخص تشابكات العلاقات الإيرانية الأمريكية قد تدفع ترامب لتبنى خيارات أكثر صرامة عن ذى قبل إزاء طهران وفى ملفاتها المعقدة؛ وهو ما يطرح الترجيحات التالية:

 وترفع هذه الحقائق فى واشنطن إمكانية عودة سياسة الضغوط القصوى على إيران حال فوز ترامب؛ وهناك سيناريوهان الأول فى حالة فوز ترامب والثانى فى حال فوز هاريس؛ ففى حالة فوز ترامب هناك ثلاثة نقاط مهمة: 

أولًا: تراجع احتمالية التوصل لاتفاق نووى

لم تحقق المفاوضات النووية العلنية والسرية التى أجرتها إدارة بايدن مع إيران تقدمًا حقيقيًا خلال ما يقارب ثلاث سنوات ونصف للتوصل لاتفاق نووى أو إيقاف الأنشطة النووية الإيرانية؛ إذ لا تزال إيران تواصل تلك الأنشطة وحققت طفرة كبيرة بها؛ بل أصبح الاعتراف بإيران دولة عتبة نووية أمرًا واقعًا فى عهد بايدن، وعبرت عنه العديد من التقارير الأمريكية والغربية المتتابعة. وانطلاقًا من هذه التطورات النووية فى إيران، وأخذًا فى الحسبان لرفض ترامب ومعاونيه لبنود الاتفاق النووى لعام 2015، والذى يطلق عليه الإيرانيون اختصارًا اسم برجام 1 فإن إدارة ترامب الثانية المحتملة فى الولايات المتحدة قد تتخذ إجراءات متشددة للغاية وصارمة تجاه البرنامج النووى الإيرانى ستتمثل فى البداية فى فرض عقوبات قاسية تجاه طهران ومحاصرتها بشدة اقتصاديًا، فيما تعرف باسم سياسة «الضغوط القصوى». ومن المتوقع أن يعمل ترامب على تهديد إيران جديًا باتخاذ عمل عسكرى أو استخباراتى ضد برنامجها النووى بالتعاون مع إسرائيل وجهازها للاستخبارات الخارجية الموساد. وقد يشمل ذلك اغتيال عدد كبير من العلماء النوويين البارزين ومهاجمة البرنامج النووى إلكترونيًا.

ومع هذا، وبالنظر إلى القلق الإسرائيلى والأمريكى المتزايد تجاه برنامج إيران النووى الذى شهد تقدمًا لا يمكن إنكاره فى عهد إدارة بايدن الديمقراطية، وأخذًا فى الحسبان أيضًا احتمالية حدوث توافق فى الآراء حول إيران بين ترامب وبعض الحكومات الأوروبية فى ولايته الثانية، خاصة مع صعود اليمينيين والشعبويين هناك، فإن خيار العمل العسكرى المحدود تجاه البرنامج النووى الإيرانى فى دورة ترامب الثانية قد يكون أمرًا واردًا، مع إضافة العامل الإسرائيلى الضاغط فى هذا الاتجاه. وخاصة أن الأخيرة قامت بالفعل بتوجيه ضربات مباشرة لإيران، استهدفت قاعدة «هشتم شكارى» الجوية بالقرب من محطة نطنز النووية، أحد أشهر وأهم محطات تخصيب اليورانيوم فى إيران. ومع ذلك، لا يتوقع شن واشنطن وإسرائيل هجومًا عسكريًا واسعًا ضد إيران أو ضد منشآتها النووية الممتدة بطول الأراضى الإيرانية من الشمال إلى الجنوب؛ خشية اندلاع حرب إقليمية أو دولية أكثر اتساعًا تنخرط بها روسيا والصين ولن يتحمل المجتمع الدولى تبعاتها فى ظل وجود عشرات الوكلاء الإيرانيين الذين قد يندفعون لمهاجمة العمق الإسرائيلى والمصالح الغربية.ونتيجة لذلك لا يتوقع بشدة التوصل إلى اتفاق نووى بين إيران والقوى الكبرى خلال الولاية الثانية لترامب، كما أن هذه الإدارة لن تقبل أو تلتزم باتفاق نووى ينحصر فقط بين إيران والقوى الأوروبية.

‌ثانيًا: استهداف برامج الصواريخ والطائرات المسيرة

 تمثل مسألة تقييد القدرات الصاروخية وصناعة المسيرات فى إيران أحد الأهداف المهمة لإدارة ترامب المحتملة فى التعامل مع إيران. وفى ظل سعيه لمنع تطويرها، يتوقع أن يعمل ترامب حال فوزه مجددًا فى الانتخابات الرئاسية على فرض عقوبات مشددة على مجالات تصنيع وتصدير مواد تصنيع الصواريخ والمسيرات إلى إيران، كما لا يستبعد تخطيطه لشن ضربات عسكرية خاطفة ضد مواقع التصنيع العسكرية المعنية فى الداخل الإيرانى سواء أمريكية أم بإطلاق يد إسرائيل فى القيام بهذه المهمة المحتملة. 

‌ثالثًا: أولوية العقوبات الاقتصادية

 يرجح بشدة أن يوظف ترامب بشكل فعال وقوى آلية العقوبات الاقتصادية ضد إيران؛ ذلك لأنه سوف يستعملها كأداة تهديد وعقاب لطهران، محاولًا إجبارها على قبول توجهاته حول برامجها النووية والصاروخية، علاوة على نفوذها الإقليمى. وجدير بالذكر أن إدارة بايدن، ورغم أنها استمرت فى فرض عقوبات على إيران، فإنه لا يمكن إنكار أنها تجاهلت محاولات طهران للالتفاف حول تلك العقوبات، وقد لمح إلى ذلك وزير الخارجية الإيرانى الأسبق محمد جواد ظريف، خلال السباق الانتخابى الرئاسى فى إيران. 

السيناريو الثانى: هو تطلع إيران لمجىء إدارة ديمقراطية 

فى هذه الحالة ترأسها كامالا هاريس فقد تكون تلك الإدارة المحتملة أقل صرامة بشكل ملموس تجاه إيران؛ وهو ما دفع كثيرًا من صناع القرار فى واشنطن، حتى من جانب بعض الديمقراطيين أنفسهم، لانتقاد إدارة بايدن الديمقراطية؛ لذا فقد يمثل انتخاب رئيس ينتمى للحزب الديمقراطى فرصة لإيران وإن كانت غير مكتملة؛ إذ لا يتوقع أن تتبع إدارة أمريكية ديمقراطية سياسة الضغوط القصوى على إيران؛ فى ظل تبنيها مسار المفاوضات مع الأخيرة لحل الأزمة النووية واستئناف المفاوضات ذات الصلة التى تقود لإبرام اتفاق نووى يمنع طهران من التوصل لسلاح نووى؛ مما يدفع الإدارة الديمقراطية القادمة المحتملة لتجنب خيار فرض عقوبات قاسية ضد طهران؛ بل ويشجعها على قبول بعض المواءمات السياسية معها لنفس الغرض. 

وفى حال فوز مرشح ديمقراطى فى الانتخابات الرئاسية الأمريكية المقرر عقدها فى نوفمبر 2024؛ فإنه يرجح ألا يختلف نهجه عن نهج الرئيس الأمريكى الحالى بايدن تجاه إيران؛ إذ ينتمى الاثنان إلى حزب ديمقراطى واحد يتميز بمسار محدد حين التعامل مع الملف الإيرانى كله. ويمكن الإشارة إلى أبرز سيناريوهات العلاقات الإيرانية الأمريكية فى حال إدارة ديمقراطية قادمة على النحو التالى: 

أولًا: التوصل لاتفاق نووى جديد مع إيران «برجام 2»

 يرجح أن تتوصل الإدارة الديمقراطية المحتملة إلى اتفاق نووى مع إيران بعد استئناف المفاوضات النووية معها فى ڤيينا مرة ثانية، والتى كانت قد توقفت فى سبتمبر 2022؛ إذ انشغلت إدارة بايدن خلال الأشهر الماضية بالاستعداد لجولة انتخابية رئاسية جديدة ولم تولى أهمية كبيرة لملف المفاوضات النووية مع إيران. أما مع انتهاء الانتخابات وفوز مرشح ديمقراطى آخر، إن حدث؛ فإن الأخير يرجح أن يشرع فى الجلوس ثانية على طاولة المفاوضات مع إيران فى ڤيينا والتوصل لاتفاق نووى جديد مع طهران «برجام 2». وسيعزز فرص توصل إدارة ديمقراطية محتملة لاتفاق نووى مع إيران فوز الإصلاحيين بالانتخابات الرئاسية الأخيرة فى طهران بعد فوز مسعود بزشكيان رئيسًا للبلاد. ويميل الإصلاحيون بوجه عام فى إيران إلى الانفتاح والتقارب مع الغرب، كما عبر الإصلاحى بزشكيان أكثر من مرة عن استعداده لاستئناف المفاوضات النووية والتوصل لاتفاق مع الغرب فى هذا الصدد، برغم انتقاده لعدم الالتزام الغربى بالتعهدات الواردة فى الاتفاق النووى لعام 2015. كما تجدر الإشارة إلى تكرار المسئولين الإيرانيين، خلال الأيام السابقة، تأكيد استعداد بلادهم العودة لطاولة التفاوض حول البرنامج النووى، والتى كان آخرها، تصريح نائب وزير الخارجية للشئون القانونية والدولية رضا نجفى فى 22 يوليو 2024. 

ثانيًا: مواصلة إيران توسيع قاعدة نفوذها الإقليمى

انطلاقًا من حقيقة اختلاف سياسة بايدن تجاه طهران عن توجهات ترامب؛ إذ تفضل إدارة الأول مهادنة طهران، فإن إيران فى عهد ولاية محتملة للرئيس الديمقراطى القادم قد تواصل توسيع قواعد نفوذها فى منطقة الشرق الأوسط. ويعزز هذا السيناريو سعى الرئيس الديمقراطى المحتمل لاسترضاء إيران للقبول بعقد اتفاق نووى ثان يمنع توصلها لسلاح نووى؛ إذ إن التوصل لهذا الاتفاق يعنى من جانب آخر عدم التعرض لإيران عسكريًا على مستوى الإقليم، إلا فى حالات معينة مثل تهديد ميليشياتها للمصالح الأمريكية والغربية فى الإقليم. وهنا تجدر الإشارة إلى أن التوسع الإيرانى إقليميًا قد شهد زخمًا واضحًا بعد التوصل للاتفاق النووى الإيرانى مع الولايات المتحدة والقوى الكبرى الأخرى فى 2015 فى عهد الولاية الثانية لإدارة الرئيس الأمريكى الديمقراطى الأسبق باراك أوباما (2013 - 2017).

ثالثًا: مواصلة إيران تطوير برامج الصواريخ والمسيرات

 على الرغم من سعى إدارة بايدن خلال الأشهر الأولى لها فى الحكم لوضع برامج الصواريخ والمسيرات الإيرانية على طاولة التفاوض؛ فإنها تنازلت عن هذه الشروط لاحقًا مع إصرار إيران الجدى على عدم طرحها. واستمرت طهران خلال السنوات الأخيرة فى تطوير الصواريخ بأنواعها والمسيرات أيضًا، وتزايدت التهم الغربية بإمداد طهران لموسكو بالطائرات المسيرة والصواريخ الباليستية ما يؤشر على تزايد الإنتاج من هذه الأسلحة. ومع سعى الإدارة الديمقراطية المحتملة لعدم الدخول فى صراع مع إيران، خاصة إذا ما تم التوصل لاتفاق نووى فسوف يصبح من المحتمل عدم قيام هذه الإدارة بخطوات تصعيدية تجاه طهران فيما يخص ملفها الصاروخى والمسيرات؛ مما يعنى مواصلة إيران تطوير هذين البرنامجين.

رابعًا: تراجع أولوية العقوبات الاقتصادية

 فى ضوء افتراض التوصل إلى اتفاق نووى بين إيران والقوى الكبرى فى عهد إدارة ثانية للديمقراطيين، فإن أولوية العقوبات الاقتصادية على إيران سوف تتراجع؛ ذلك لأن اتفاقًا نوويًا محتملًا يعنى ذوبان بعض الجليد بين الغرب وإيران؛ ومن ثم تخفيف العقوبات المفروضة على الأخيرة وعدم الإغراق فى فرض المزيد منها. كما أنه فى حال عدم التوصل إلى اتفاق، ومع وجود إدارة ديمقراطية، فقد يسمح ذلك لإيران، بهامش من الحركة للتخفيف من أثر تلك العقوبات، وهو الحال حاليًا فيما يتعلق بتصدير النفط أو عقد اتفاقات مع دول مختلفة دون قيود شديدة من جانب واشنطن. 

وفى النهاية يمكن القول إن نهج إدارة ثانية لترامب تجاه طهران سيكون أكثر تشددًا عن الأولى، وذلك على النقيض من نهج إدارة ثانية متتالية للديمقراطيين سواء برئاسة كامالا هاريس أو حتى غيرها، والتى يتوقع أن تكون أقل حزمًا مع طهران، فى ظل توقعات بالتوصل لاتفاق نووى مع الأخيرة بدأ الحديث بشأنه علنًا فى وقت مبكر مع فوز الإصلاحى مسعود بزشكيان برئاسة إيران أوائل يوليو 2024. ومع ذلك، لا يجب على أى حال تجاهل العامل الإسرائيلى فى سيناريوهات مستقبل التعامل الأمريكى مع إيران؛ فهو عامل ضاغط يدفع باستمرار الإدارة فى واشنطن، سواء جمهورية أم ديمقراطية؛ لاتخاذ سياسات أكثر صرامة تجاه طهران.

 

وفى الوقت نفسه أيضًا، تؤدى التحركات الإقليمية لإيران فى ملفات الشرق الأوسط المعقدة دورًا فى التصعيد أو التهدئة بين الإدارة فى واشنطن والحكومة فى إيران، إلا أنه بوجه عام يمكن القول إن إدارة ترامب الثانية المحتملة ستكون أكثر تشددًا؛ وإن إدارة ثانية للديمقراطيين فى واشنطن ستكون أقل حزمًا من تلك الأولى؛ وسينتج عنها توسع فى طموحات إيران النووية والصاروخية والإقليمية.

وفى حالة أن تصبح هاريس رئيسة للولايات المتحدة سوف تعيد التفاوض مع إيران من أجل صياغة اتفاق نووى جديد بهدف أن تعود إيران للامتثال للاتفاق النووى الأصلى الذى تم توقيعه فى 2015 بهدف الحد من نفوذها فى المنطقة ومنعها من امتلاك سلاح نووى كما تزعم الإدارة الأمريكية الحالية. أما فى الإطار العملى، فلا يمكن تصور قدرة هاريس على العودة الفعلية إلى الاتفاق فى ظل تزايد العداء لإيران لدى أعضاء الكونجرس من الحزبين، خاصة بعد حرب غزة. وعليه، المتوقع أن تستمر إدارة هاريس بالسياسة نفسها التى انتهجها بايدن أى بإعطاء الأولوية لأمن إسرائيل ومحاولة إدماجها فى المنطقة، وباستخدام سياسة التواصل مع الإيرانيين بدون إبداء مرونة للتقدم الفعلى فى المفاوضات حول الاتفاق النووى إلا إذا حدثت تطورات بعد حرب غزة، فرضت تغييرًا جذريًا فى المقاربة الأمريكية لمصالحهم فى المنطقة.