الإثنين 7 أبريل 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

حرب بأقصى شمال العالم تنعكس على الشارع الأمريكى مصير الأزمة الأوكرانية بين «هاريس» و«ترامب»

90 دقيقة كانت كافية لتخطف «الولايات المتحدة» الأنظار إليها، إذ وقفت المرشحة الديمقراطية «كامالا هاريس» وجهًا لوجه أمام منافسها الجمهورى «دونالد ترامب» فى مناظرة هى الأولى بينهما، يُعتقد أنها المواجهة الأكثر حسمًا فى سباق الانتخابات الرئاسية نحو البيت الأبيض فى نوفمبر المقبل.



وفى ظل عملية الشد والجذب بين المرشحين الرئاسيين الأمريكيين، والتى تأرجحت إجاباتهما بين الدفاع عن النفس، والهجوم على الطرف الآخر فى تناولهما لعدد من القضايا الداخلية والخارجية، فرضت الحرب الروسية - الأوكرانية نفسها على ساحة المنافسة، حيث كانت أحد المحاور المهمة للنقاش، إذ سعى «ترامب»، و«هاريس» لتقديم رؤيتهما واستراتيجياتهما، حول كيفية التعامل مع هذه الأزمة، التى عكست تباينًا كبيرًا فى السياسات والأولويات بين الطرفين، والتى قد تؤثر -بنسبة كبيرة- على اختيارات الناخبين الأمريكيين لرئيسهم المقبل.

وبعيدًا عن آراء الناخبين الأمريكيين، أشارت المناظرة إلى طبيعة اختلاف السياسة الخارجية للمرشحين «ترامب»، و«هاريس» فى التعامل مع الملف الأوكرانى. حيث ركز المرشح الجمهورى على إنهاء الحرب، دون تقديم تفاصيل عن كيفية تحقيق ذلك؛ بينما ركزت المرشحة الديمقراطية على خطورة سياسة «ترامب» الخارجية، وعلاقاته مع -من وصفتهم- القادة المستبدين.

 سياسة «ترامب» تجاه الأزمة الأوكرانية

عندما سئل الرئيس الأمريكى السابق فى المناظرة، عما إذا كان يريد انتصار «أوكرانيا»، تهرب «ترامب» من الإجابة بشكل مباشر، قائلا: «علينا أن ننهى الحرب لأن الملايين يموتون.. والرئيس الأمريكى (جو بايدن) لا يعلم كيف يتحدث مع نظيره الروسى (فلاديمير بوتين)»؛ معتبرًا أنهم فى حالة تقودهم للحرب العالمية الثالثة.

وكرر «ترامب» تصريحاته السابقة بأن «روسيا» لم تكن لتقوم بعملية عسكرية فى الأراضى الأوكرانية لو كان هو فى السلطة.

كما زعم المرشح الجمهورى أنه قادر على تسوية الحرب الروسية - الأوكرانية فى غضون 24 ساعة إذا تم انتخابه مرة أخرى لمنصب الرئيس فى نوفمبر المقبل.

وفى هذا الصدد، أشار «ترامب» إلى علاقته الجيدة مع الرئيس الأوكرانى «فولوديمير زيلينسكي»، والرئيس الروسى «فلاديمير بوتين»؛ مؤكدًا أنه تربطه علاقات جيدة مع الرئيس الروسى؛ معتبرًا أن «موسكو» لا تحترم إدارة «بايدن» الحالية.

وبشأن خطته لوقف الحرب، قال «ترامب» إنه عندما يُنتخب كرئيس سوف يتصل بالطرفين، وسيجمعهما على طاولة واحدة، للوصول لحل، مشددًا على أنه سيقوم بتسوية الأمر، حتى قبل أن يصبح رئيسًا للولايات المتحدة.

على كل، عكست إجابات «ترامب» المختصر السريعة، تصريحات شهور طويلة مشابهة تعكس أفكاره تجاه الأزمة الروسية - الأوكرانية.

سياسة «هاريس» تجاه الأزمة الأوكرانية

عكفت المرشحة الديمقراطية «هاريس» فى إجابتها على الملف الأوكرانى فى انتقاد تساهل «ترامب» مع من وصفتهم بالديكتاتوريين، حيث هاجمت منافسها الجمهورى بشده؛ معتبرة أن قربه من القادة مثل «بوتين» هو تهديد. 

وقالت «هاريس»، إنه: لو كان «ترامب» فى السلطة، لكان «بوتين» قد استولى على «كييف» بالفعل، وربما كان يتطلع لمد نفوذه إلى باقى «أوروبا»؛ متهمة السلطات الروسية بأن أجندتها ليست «أوكرانيا» فحسب. 

وأكدت نائبة الرئيس الأمريكى أن حلفاء «الولايات المتحدة» فى «أوروبا» شاكرين أن «ترامب» ليس الرئيس الأمريكي؛ مشيرة إلى أن «ترامب» يعتبر نفسه صديقًا للرئيس الروسى «بوتين»، وأن هذا النوع من العلاقة يمكن أن يدمر الأمن الأوروبى.

جدير بالذكر، أن «هاريس» لطالما أشارت أنها تتبع نهج الإدارة الأمريكية الحالية؛ فحين سُئلت نائبة الرئيس الأمريكى الحالى فى المؤتمر الوطنى الديمقراطى، عما إذا كانت تؤيد استمرار تمويل الأسلحة لأوكرانيا؛ وماهية الشروط أو القيود التى تضعها على هذا التمويل، أوضحت «هاريس»، أنها إذا فازت بالرئاسة لن يكون هناك قيود أو شروط.. كما تعهدت فى يونيو الماضي  بدعم «أمريكا» الكامل.

 نهج هاريس وترامب تجاه الأزمة الأوكرانية حال تولى السلطة

يبدو من خلال إجابات المرشح الجمهورى «ترامب» فى المناظرة، أو من خلال تصريحاته الكثيرة فى هذا الملف أنه سيتبع نهجًا أكثر براجماتية تجاه الأزمة الأوكرانية؛ إذ أشار «ترامب» إلى أنه سيركز على إنهاء الحرب بسرعة من خلال المفاوضات، عبر الاتصال بالقادة الروس والأوكرانيين، مؤكدًا أنه يريد إنقاذ الأرواح بغض النظر عن المنتصر.

ومن المتوقع -أيضًا- أن يتجنب المرشح الجمهورى الدعم المباشر لكييف، لأن «ترامب» لم يوضح بشكل قاطع ما إذا كان يرغب فى فوز «أوكرانيا» فى الحرب، بل تهرب من الإجابة عن هذا السؤال، وهو ما اعتبره المحللون السياسيون -على نطاق واسع- أنه قد لا يقدم نفس المستوى من الدعم الذى تقدمه إدارة «بايدن» الحالية.. وبدلًا من ذلك، يبدو أن الرئيس الأمريكى السابق يركز على تحقيق سلام بأى ثمن، دون إبداء دعم واضح لكييف. 

كما يرى «ترامب» -فى هذا الصدد- أن تسليح «أوكرانيا» لا يخدم أى مصالح وطنية أمريكية مهمة، ويضخ مليارات الدولارات فى حرب لا تستطيع الفوز بها، مما يهدر الأموال التى ينبغى إنفاقها على احتياجات ملحة فى الداخل، وصد التهديدات الحقيقية فى الخارج. 

ولعل اختيار «ترامب» للسيناتور «جى دى فانس» لمنصب نائب الرئيس الأمريكى، يسلط الضوء على تمسك المرشح الجمهورى بموقفه من الأزمة الأوكرانية، إذ يدعم «فانس» -أيضًا- قطع الدعم العسكرى الأمريكى عن «كييف»؛ كما سبق له أن قال، إن:  «أوكرانيا» ليست لديها فرصة لاستعادة جميع الأراضى التى سيطرت عليها «روسيا».

وبالعودة لسياسة «ترامب» تجاه الأزمة الأوكرانية؛ فمن المرجح أن يركز «ترامب» على الحوار مع «روسيا»، نظرًا للعلاقة الشخصية التى يشير إليها المرشح الجمهورى -مرارًا- مع الرئيس الروسى، وهو ما قد يعنى أنه قد يسعى لإيجاد تسوية مع «روسيا» عبر المفاوضات.

على كل، يذكر أنه فى يونيو الماضى، أفادت وسائل إعلام أمريكية بأن اثنين من مستشارى «ترامب» السابقين، وهما «كيث كيلوج، وفريد ​​فليتز» -وكلاهما شغلا منصب رئيس الأركان فى مجلس الأمن القومى لترامب خلال الفترة بين 2017 و2021- توصلا إلى خطة مفصلة لإنهاء الحرب فى «أوكرانيا» المستعرة منذ فبراير 2022.

وتتضمن الخطة:  إخبار «أوكرانيا» بأنها لن تحصل على المزيد من الأسلحة الأمريكية، إلا إذا دخلت فى محادثات السلام مع «روسيا»؛ وإقناع «موسكو» بالانضمام إلى المفاوضات، مع تأجيل وعد انضمام «أوكرانيا» لحلف (الناتو) لفترة طويلة؛ وفى الوقت ذاته، يتم تحذير «روسيا» من أن أى رفض للتفاوض، سيؤدى إلى زيادة الدعم الأمريكى لأوكرانيا؛ بالإضافة إلى ضرورة وقف لإطلاق النار على أساس خطوط المعركة السائدة خلال محادثات السلام.

من جانبها، قد تواصل المرشحة الديمقراطية «هاريس» -حال توليها منصب الرئيس الأمريكي- السياسات التى تتبعها الإدارة الأمريكية الحالية، بناءً على مواقفها وتصريحاتها فى المناظرة.. أى من المتوقع أن تستمر «هاريس» فى دعم «أوكرانيا» عسكريًا وسياسيًا، على غرار السياسات الحالية للإدارة الديمقراطية. 

كما ستستمر فى دعم فرض العقوبات على «روسيا»، وتعزيز التحالفات مع الدول الأوروبية.

ومن المرجح أن تقوم «هاريس» بمواجهة العملية العسكرية الروسية بشكل مباشر، بناء على انتقاداتها اللاذعة لسياسة «ترامب» تجاه «روسيا»، إذ أوضحت -مرارًا- أن موقفها سيكون أكثر صرامة تجاه السلطات الروسية، مع التركيز على حماية «أوكرانيا»، وتعزيز الدفاعات الأوروبية، ضد أى تهديد روسى مستقبلى

فى النهاية.. تنعكس التحديات المترتبة على الحرب الروسية -الأوكرانية، وأثرها على الأمن القومى والسياسة الخارجية للولايات المتحدة، بصورة واضحة فى الانتخابات الرئاسية الأمريكية.. ومن الواضح -أيضًا- أن الرئيس الأمريكى السابق، والمرشح الجمهورى لانتخابات الرئاسة الأمريكية لعام 2024 «دونالد ترامب»، ونائبة الرئيس الأمريكى الحالى، والمرشحة الديمقراطية «كامالا هاريس» سيتبعان سياسات واستراتيجيات مختلفة تمامًا فى التعامل مع الأزمة الروسية - الأوكرانية، بعد تولى أى منهما كرسى البيت الأبيض، فى ظل غموض المشهد الجيوسياسى الدولى.