نبيل عمر
هجمات 11 سبتمبر أكاذيب وحقائق.. 20 مليون دولار لتغطية جريمة القرن!"2"
لم تكن رسالة الدكتور مايكل دراكسيل- بوير التى حملت عنوان (مؤامرة أخرى) إلى الدكتور روبين ج رامبوت فى الثانى من يونيو 2005 رسالة عادية على الإطلاق، بل يمكن وصفها بأن تشبه صندوق باندورا، كما فى الأساطير اليونانية القديمة.
وصندوق باندورا كان هدية من كبير الآلهة زيوس إلى العروسين باندورا وإبيميثيوس، وأمرها ألا تفتحه أبدا، لكن الفضول والأصوات التى كانت تناديها من داخل الصندوق أضعفا قلبها وعقلها، فقررت أن تفتح الصندوق لثوان معدودة، لكى تعرف ما فيه، ثم تغلقه، وحين فعلت سمعت أصواتًا وضوضاء وخرجت منه كل الشرور، أليس الكذب والخديعة والطمع هم مصدر الشرور؟
الدكتور دراكسيل- بوير أستاذ فى علم الاجتماع جامعة فيينا، والدكتور رامبوت أستاذ فى علم الاجتماع جامعة كاليفورنيا، أى كان الحوار بين أساتذين كبيرين فى جامعتين عالميتين، وليس بين اثنين من عوام الناس.
الرسالة بالنص: عزيزى روبين.. كما هو دائما.. أشكرك على مقالك المنشور فى هينمان بوك (دار نشر شهيرة فى لندن)، وعندى سؤال، قبل فترة عرض التليفزيون النمساوى فيلما وثائقيا، يكشف أن الهبوط على القمر كان خدعة صورت فى نيومكسيكو، كانت الأدلة بالنسبة لى مقنعة جدا، زوايا الكاميرا، الظلال.. إلخ، لكننى لست على دراية كاملة بالعلوم الفيزيائية، تجعلنى قادرا على مناقشة تلك الأدلة، سواء بالتأييد أو الرفض، والآن الطلبة يلجأون إليَّ المرة تلو المرة، بعضهم من المسلمين، يسألوننى رأيى فى نظرية المؤامرة عن أحداث 11 سبتمبر، وقد تصفحت الإنترنت، ووجدت موقعا يبين فجوة فى سور مبنى البنتاجون، صغيرة على طائرة جامبو دخلت فيه، وأن برجى مركز التجارة العالمى قد دمرا بواسطة متفجرات دست داخلهما، وأن وكالة إدارة الطوارئ الفيدرالية (إف إى أم أيه) هى التى وراء هذه الأحداث، وقد سببت هذه المعلومات لى ارتباكا.
والسؤال: هل يمكن أن توصى لى بمصدر جدير بالثقة يمكن الاعتماد عليه فى أدلة دامغة، من تلك يمكن أن تنشر بعد عقد أو عقدين أو لا تنشر أبدا (كما كتبت أنت أكثر من مرة)،
مرة أخرى أشكرك على إرسال كل هذه المقالات.
مايكل..
لو دققنا فى الرسالة، بالرغم من الحيرة التى فى كلماتها بحثا عن الحقائق، إلا أنها تكاد تصدق ما سمعته، ولهذا أورد الدكتور مايكل حكاية الهبوط الوهمى على القمر الموثقة فى فيلم، أى كان يقصد أن الإدارات الأمريكية معتادة على هذا النوع من الخديعة والكذب، وإذا كانت قد فبركت عملية الهبوط على القمر، فهى قادرة على صناعة عملية البرجين والبنتاجون والطائرات المخطوفة بالصورة التى رأها الجمهور على شاشات التليفزيون.
تلقف البروفيسور رامبوت الرسالة وحولها إلى أخيه، لويس وقال له فى مقدمتها: لويس..هل تذكر مايكل، إنه من جماعة سالزبورج، هل لديك اقتراحات توصى بها له فى النمسا..روبين.
فرد عليه أخوه لويس: هذه بعض مواقع على الإنترنت، وأستطيع أن أرسل له تقريرا حديثا من وزير دفاع ألمانى سابق، أو شيئا مشابها من شخص ذى حيثية يزعم أن هجمات 11 سبتمبر قد دبرتها وخططت لها الولايات المتحدة..
وفى اليوم التالى أى الثالث من يونية أرسل الدكتور رامبوت برد أخية إلى دراكسيل- بوير ملحوظة خاصة: الكاتب أيضا كان من جماعة سالزبورج، حيث التحقت سنة 2002 بالبرنامج رقم 29: التعددية الثقافية والعرقية فى المجتمع الأمريكى، من برامج «حلقات سالزبورج الدراسية العالمية»، وكان يحاضرنا فيها الدكتور روبين ج رامبوت، والبرنامج 29 له بريد إلكترونى خاص يتبادل فيه الأساتذة والدارسون الأفكار والآراء- ومازالوا، ومن هنا وصلتنى الرسائل الثلاث.
والسؤال: ما هى المواقع التى أوصى بها لويس وتدعم نظريات المؤامرة؟
يصعب حصر المواقع التى تتحدث عما حدث فى 11 سبتمبر، جماعات وأفرادا، لا تقل عن عشرات الآلاف، هروبا من سيطرة الإعلام التقليدى المؤيد للرواية الرسمية على فضاء الأخبار والآراء، لكن أغلب هذه المواقع غير جادة وأقرب إلى الغوغائية فى التعامل مع قضية بهذه الخطورة، وبعضها ينقل عن الآخرين حرفيا أو يبالغ فى العرض واللغة المستخدمة، فى مقابل مواقع جادة جدا، مثل..
1 - حركة حقيقة 9-11، وهى تتشكل من خلفيات اجتماعية مختلفة، ليبراليون على محافظين على أنصار دعم الفردية والملكية الخاصة وتقليص دور الحكومة الفيدرالية فى حياة الناس، وقد وصفها الدكتور مارك فينستر أستاذ القانون بجامعة فلوريدا، ومؤلف كتاب (نظريات المؤامرة: السرية والقوة فى الثقافة الأمريكية): أن قدرة التنظيم فى هذه الحركة تتفوق كثيرا على تنظيم الحركات المتشككة فى الرواية الرسمية لاغتيال الرئيس الأمريكى جون كينيدى، خاصة أن الحركة انتجت عدة أفلام وثائقية، أذاع تليفزيون «كولورادو» بعضها، منها: 11 سبتمبر..أدلة مذهلة- الخبراء يتحدثون.
ويقول موقع حركة حقيقة 11-9: أن التقارير الرسمية لم تشرح بشكل كاف ومقنع ما حدث فعلا، وثمة معلومات كثيرة مفقودة، مثل كيفية انهيار البرج رقم 7 فى مركز التجارة العالمى، وأن تحليل الأدلة يؤكد أن ثمة أفرادا داخل حكومة الولايات المتحدة، ربما يكونون مسئولين عن هجمات 11 سبتمبر أو متواطئين فيها عن علم، لاستخدام هذه الهجمات ذريعة لشن حروب أفغانستان والعراق وخلف فرص لتقييد الحريات المدنية.
وكان عضوان فى الحركة هما ويليام كوبر وأليكس جونز قد خرجا لأول مرة على الناس فى يونيو 2001، أى قبل العمليات الإرهابية بأكثر من ستين يوما، ثم مرة ثانية فى يوليو، وقالا إن حكومة الولايات المتحدة خططت لهجمات إرهابية (دون أن يحددا ماهيتها)، وسوف تُحَمل أسامة بن لادن المسئولية عنها، ثم راح يعيدان ما قالاه بعد وقوع الهجمات الفعلية بساعات.
وقد أصدرت الحركة بيانا فى أكتوبر 2004 بهذا التفسير، ووقع عليه عدد من الشخصيات البارزة منهم: رالف نادر المحامى الشهير أستاذ النظم السياسى فى جامعة هارفارد والمدرج اسمه فى لائحة أكثر مئة شخص تأثيرا فى أمريكا، سينثيا ماكينى عضو الكونجرس، كاترين أوستن فيتس مساعد وزير الإسكان، الكاتب ريتشارد هاينبرج، الدكتور ريتشارد فالك من جامعة كاليفورنيا، الدكتور مارك كريسبين ميلر من جامعة نيويورك، وفان جونز الذى أصبح فيما بعد مستشارا للرئيس باراك أوباما، وبرر توقيعه على البيان بأنه فعلها دون أن يراجعه!
وكتب جيم هوفمان مقالا بعنوان(بناء سراب أفضل)، ووصف التقارير النهائية التى أصدرها المعهد القومى للمعايير والتكنولوجيا « نيست» فى عامى 2005 و2008، بأنها تتكون من حجج واهية، وشوهت الواقع باستخدام لغة ورسومات بيانية خادعة، وأن خطة نيست تكلفت 20 مليون دولار فى ثلاث سنوات لتغطية جريمة القرن!
والمدهش حقا أن أثنين من المرشحين على منصب الرئاسة الأمريكية كانا من مؤيدى «حقيقة 11 سبتمبر»، جون بوكانان فى عام 2004، وجيف بوس فى أعوام 2008، و2012، و2016، و2020 .
2 - المعماريون والمهندسون من أجل الحقيقة لـ11 سبتمبر، وهى منظمة تضم محترفين فى الهندسة المعمارية يؤيدون نظرية أن الطائرات لم تهدم البرجين، إنما المتفجرات، معتمدين على ثلاثة شواهد، سرعة السقوط الحر للمبانى، القذف الجانبى للصلب، تفتيت الخرسانة فى الهواء، والمعدن المنصهر.
3 - علماء من أجل حقيقة 11-9، أسسها أستاذ الفلسفة الدكتور جيمس إتش فيتزر، والفيزيائى ستيفن إى جونز، الذى نشر دراسة فى 2006 بعنوان (لماذا حقا انهارت مبانى مركز التجارة العالمى تماما؟)، فأجبرته جامعة برجهام يونج الذى يعمل به على إجازة مدفوعة الأجر، حتى يراجع تصريحاته واتهاماته التى وصفتها الجامعة بأنها «تخمينية»، فلم يتراجع عنها، وأجبر على التقاعد بعد ست أسابيع فقط من نشر دراسته!
4 - علماء من أجل الحقيقة والعدالة، وهى مجموعة من العلماء الذين يسعون إلى إجابات عن الأسئلة التى لم تجب عليها التقارير الرسمية، من خلال البحث العلمى والتثقيف العام، وقد نشروا العديد من المقالات فى مجلات العلوم والهندسة، كلها تفسر هدم البرجين بالتفجير.
هذه مجرد عينات بسيطة من الأمريكان الذين لا يصدقون الرواية الرسمية عن هجمات 11 سبتمبر، ولا يمتون للعرب ولا للمسلمين بصلة..
وما يثير مزيدا من الشكوك أن هؤلاء العلماء والمهندسين والعديد من عائلات الضحايا قدموا عريضة إلى الكونجرس يطالبون فيها «بتحقيق مستقل».. ولم يوافق عليها الكونجرس، ورفع بعضهم قضايا فى المحاكم الفيدرالية ورفضت أيضا ما الذى يخفونه حقا؟.
للحديث بقية