تستضيفه العاصمة السعودية بعد انقطاع 10 سنوات: مهرجان المسرح الخليجى 14.. بداية لعودة العمل المسرحى المشترك
هبة محمد على
قبل ستة وثلاثين عامًا، فكر مجموعة من المسرحيين الخليجيين فى إطلاق مهرجان مسرحى تعرض من خلاله أعمال مسرحية من جميع دول الخليج، ليصبح بمثابة حدث ثقافى يجرى تنظيمه بشكل دورى، بمعدل مرة كل عامين، وبالفعل انطلق المهرجان لأول مرة عام 1988 فى دولة الكويت، واستمر تنظيمه بين دول مجلس التعاون الخليجى، فيما عدا المملكة العربية السعودية، وفى خلال تلك المدة قدم المهرجان عروضًا مسرحية متنوعة، تصاحبها مجموعة من الفعاليات الثقافية والفنية.
والتى تهدف بالأساس للتعارف وتبادل الخبرات والمعرفة والحوار الفكرى للنهوض بالحركة المسرحية بين دول مجلس التعاون، واستمر المهرجان فى تأدية رسالته التى أنشئ من أجلها على اعتباره نافذة مسرحية مهمة، لها دور محورى فى الحراك المسرحى الخليجى، إلى أن توقف قبل عشر سنوات حتى ظن المسرحيون استحالة عودته من جديد، وبعد التغيرات التى حدثت فى السعودية، وما صاحبها من انفتاح على جميع الثقافات والفنون، قررت هيئة المسرح والفنون الأدائية السعودية احتضان الدورة الرابعة عشرة من المهرجان لأول مرة فى العاصمة السعودية الرياض، وذلك ضمن جهودها فى استضافة مهرجانات دولية من شأنها إثراء مجال المسرح الخليجى، وتعزيز مكانته محليا ودوليا، لكن ما الجديد الذى تقدمه الدورة الرابعة عشرة من المهرجان؟ وما العروض المشاركة والفعاليات الموازية من ندوات وورش عمل وجلسات نقدية ومعارض فنية؟ ومن هم المكرمون فى هذه الدورة التى تعيد المهرجان مرة أخرى بعد غياب طويل؟ وما أهمية تلك الخطوة التى يعتبرها المسرحيون فى الخليج بداية لعودة العمل المسرحى الخليجى المشترك؟ هذا ما نحاول الإجابة عنه فى السطور التالية.
> 6 عروض مسرحية
ينطلق المهرجان فى العاشر من سبتمبر الجارى، ويستمر لمدة ثمانية أيام، وخلال تلك المدة ينتظر الجمهور ستة عروض مسرحية رسمية تمثل دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، وهى مسرحية (بحر) التى تقدمها المملكة العربية السعودية، ومسرحية (أشوفك) من دولة الإمارات العربية المتحدة، ومسرحية (عند الضفة الأخرى) من مملكة البحرين، ومسرحية (الروع) من سلطنة عمان، ومسرحية (الخيمة) من دولة قطر، ومسرحية (غصة عبور) من دولة الكويت، وقد تم تخصيص جوائز مالية قيمة للعروض الفائزة، حيث تم رفع الجوائز المالية بنسبة %100 مقارنة بالدورات السابقة، لتصل قيمة أقل جائزة نقدية مقدمة فى المسابقة إلى 10 آلاف ريال سعودى.
وبخلاف العروض المسرحية المشاركة فى المهرجان، فهناك حزمة من الورش التدريبية والندوات الحوارية يتضمنها المهرجان، منها على سبيل المثال ندوة عن (الإدارة الثقافية فى الفرق المسرحية) وندوة أخرى عن (البنية الأساسية للمسرح فى دول مجلس التعاون الخليجى) إضافةً إلى تخصيص برنامج للمسامرات الخليجية، بمشاركة متخصصين ونخبة من المجال المسرحى فى الخليج، أما بشأن الورش المسرحية، فستشهد هذه الدورة انطلاق جوانب جديدة لم يسبق تنفيذها خلال الدورات السابقة، ومن ذلك الورشة المسرحية التى تقودها «جمانة الياسرى» وهى أول ورشة للإدارة الثقافية للمسرحيين والفرق المسرحية، حيث اعتاد المهرجان فى كل دوراته السابقة أن يتعرض لواحدة من مفردات ومحاور البناء المسرحى، مثل النص والإخراج والسينوغرافيا، وسيتمّ المهرجان فى دورته الحالية إنجاز هذه القائمة بطرح ومناقشة البنية التحتية للمسرح، بالإضافة إلى جوائز مخصصة للتنافس بين الفرق المسرحية الخليجية لتعزيز الأبعاد المهنية والاحترافية فى إدارة العمل المسرحى، وهى جائزة مستقلة عن جوائز العروض المسرحية، حيث تُعنى بدعم الفرق المشاركة فى المهرجان لتحسين وتطوير الجانب الإدارى للفرق المسرحية
> 7 شخصيات مكرمة
يقام المهرجان برعاية هيئة المسرح والفنون الأدائية، والتى يرأسها «سلطان البازعى» ويدير المهرجان «خالد الباز، وخالد الرويعى» رئيس اللجنة الدائمة للمسرح فى مجلس دول التعاون الخليجى، ومن المنتظر أن يكرم المهرجان فى دورته الرابعة عشر، سبعة من أبرز الأسماء المسرحية فى دول مجلس التعاون؛ تقديرًا لما قدموه لإثراء الحراك المسرحى الخليجى، وهم الكاتب والفنان «فهد ردة الحارثى» من السعودية، والفنان «أحمد الجسمى» من الإمارات، و«إبراهيم خلفان» من البحرين، و«عماد الشنفرى» من عمان، و«صالح المناعى» من قطر، و«محمد جابر العيدروس» من الكويت، بالإضافة إلى تكريم الراحل «إبراهيم غلوم» الذى ترأس اللجنة الدائمة للمهرجان طوال فترة عملها.
وفى النهاية، هل سيتمكن مهرجان المسرح الخليجى فى دورته الرابعة عشر من إثراء الحراك المسرحى الخليجى، وتعزيز الروابط الفنية والثقافية والشراكات بين المسرحيين الخليجيين؟ وهل سيصبح منصة للتبادل الثقافى والفنى لدعم وتمكين فنانى المسرح الخليجى من عرض أعمالهم الجديدة ليس فقط داخل نطاق الخليج، ولكن خارجه أيضا؟ هذا ما سيتضح فى الأيام القادمة.