السبت 5 أكتوبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

بعد استعادة الدور الريادى والمحورى فى العمق الاستراتيجى «مصر».. قلب إفريقيا النابض

جهود مضنية بذلتها الدولة المصرية طوال العقد الأخير فى الدفاع عن مصالح القارة الإفريقية، ورفع صوتها، من أجل حق الدول فى تحقيق السلام والاستقرار والتنمية؛ وذلك بعد أن استعادت «القاهرة» دورها الريادى والمحورى فى عمقها الاستراتيجى الأفريقى، حاملة شعار تسوية الأزمات والصراعات، والعمل على تنمية القارة الأم، انطلاقًا من إيمانها بأنها قلب «إفريقيا» النابض. 



وتكللت جهود القيادة السياسية، ومن ورائها كتيبة الدبلوماسية المصرية، وأجهزة ومؤسسات الدولة فى إقامة علاقات متوازنة تقوم على الاحترام المتبادل، وتحقيق المصالح المشتركة، وعدم التدخل فى الشئون الداخلية مع جميع الدول، إيمانًا بمبادئ السياسة الخارجية المصرية.

 

 

 

وخلال السنوات العشر الماضية، ترسخت أسس التعاون بين «مصر»، والدول الإفريقية المختلفة على جميع الأصعدة السياسية، والاقتصادية، والثقافية، والإنسانية، وغيرها، إذ وظفت الدولة المصرية -ولا تزال- إمكانياتها وعلاقاتها الدولية، من أجل النهوض بالقارة الإفريقية بأسرها، وتحقيق التنمية فيها.

> الدعم رغم التحديات

فى الوقت الذى كانت تواجه فيه الدولة المصرية العديد من التحديات الداخلية والخارجية خلال السنوات القليلة الماضية، أصرت على دعم الأشقاء والأصدقاء الأفارقة، بهدف تحقيق التنمية  لشعوبها؛ ولعل من أبرز الأمثلة على ذلك، هو الدعم المصرى خلال فترة انتشار جائحة كورونا، الذى كان يعانى العالم من تداعياته، إذ كثفت الدولة المصرية -حينها- التعاون على المستوى الثنائى مع جميع دول القارة الإفريقية فى هذا الصدد، من خلال تقديم الدعم الصحى والمستلزمات الطبية والوقائية، بل والدفاع عن حق دول القارة فى المحافل الدولية فى الحصول على اللقاحات، من أجل حماية الشعوب من الفيروس.

كما قامت الدولة المصرية بتقديم المساعدات الطبية، والمستلزمات الوقائية للأشقاء فى القارة الإفريقية، والتى شملت أكثر من 30 دولة إفريقية لمساعدتهم فى مجابهة انتشار الفيروس.

وبشكل عام، اهتمت «مصر» -رغم التحديات الاقتصادية التى أثرت عليها مثل بقية دول العالم بعد إغلاق كورونا وتداعيات الأزمة الروسية الأوكرانية وغيرها- بمشاريع التنمية فى القارة الإفريقية؛ فعلى سبيل المثال، نفذت وزارة الرى المصرية أعمال إنشاء 5 سدود، و6 محطات مياه شرب جوفية، وحفرت الكثير من الآبار بعدد من الدول، بواقع 75 بئرًا جوفيًا، وميكنة 2 بئر جوفى لتوفير مياه الشرب النقية فى «أوغندا»؛ إضافة إلى حفر 180 بئرًا جوفيًا فى «كينيا»، و60 بئرًا جوفيًا فى «تنزانيا»، و10 آبار جوفية فى إقليم «دارفور».. كما وقعت «مصر» مذكرة تفاهم لمشروع إنشاء سدود حصاد مياه الأمطار بجنوب «السودان»، وغيرها.

 

 

 

ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل شهدت السنوات الماضية إقامة أهم وأكبر المشروعات التنموية المصرية بالقارة السمراء، ومن بينها: مشروعات الربط بين «مصر» و«إفريقيا»، من خلال قطاعى النقل والمواصلات، والكهرباء، وأهمها مشروع «القاهرة - كيب تاون».

فمن الأمن والدفاع إلى التعاون الاقتصادى والمشاريع التنموية، لم تأل الدولة المصرية جهدًا فى عقد اتفاقيات وشراكات ثنائية مع العديد من الدول الإفريقية للنهوض بها، ومن بينها:

 >الصومال

ففى خلال العقد الماضى، عززت «مصر»، و«الصومال» علاقتهما المتبادلة فى عدد من المجالات، وكان آخرها، توقيع البلدين فى منتصف أغسطس الماضى بروتوكول تعاون عسكرى بين البلدين، وذلك خلال استقبال الرئيس «عبدالفتاح السيسى» نظيره الصومالى «حسن شيخ محمود».

وبعد ذلك بأيام قليلة، أفاد السفير الصومالى فى القاهرة بأن معدات ووفودًا عسكرية مصرية بدأت فى الوصول إلى العاصمة «مقديشو»، تمهيدًا لمشاركة «مصر» فى قوات حفظ السلام التابعة للاتحاد الأفريقى فى «الصومال»؛ مثمنًا تلك الخطوة التى اعتبرها مهمة للتعاون الدفاعى بين البلدين، وأولى الخطوات العملية لتنفيذ مخرجات القمة المصرية الصومالية التى عُقدت فى «القاهرة».

من جانبه، أكد رئيس مجلس الوزراء، الدكتور «مصطفى مدبولى»، فى مطلع سبتمبر دعم «مصر» الكامل للصومال، وحرصها على تعزيز وحدة البلاد؛ مشددًا على ضرورة تحقيق وحدة «الصومال»، وعلى أن دعم الأشقاء الصوماليين فى هذه المرحلة يُعد أحد أهم أولويات الدولة المصرية. 

 

 

 

كما أكد «مدبولى» التزام «مصر» بتقديم الدعم اللازم للصومال فى جميع المجالات؛ مضيفًا: إن الحكومة المصرية تتحرك بقوة نحو دعم وتعزيز العلاقات الاقتصادية، والتجارية، والاستثمارية بين «القاهرة»، و«مقديشيو».

من جانبه، أعرب رئيس الوزراء الصومالى «حمزة برى» عن شكره وتقديره لمصر على دعمها المستمر؛ مؤكدًا أن «مصر» تعد بمثابة الأخ الأكبر بالنسبة للصومال.

إن التعاون الأخير بين «مصر»، و«الصومال» يأتى استكمالًا لجهود الدولة المصرية فى الحفاظ على أمن واستقرار الصومال، وتحديدًا فى مواجهة الإرهاب. فعلى الصعيد الميدانى قدمت «مصر» العديد من المساعدات العسكرية والتدريبية للجيش والشرطة فى «الصومال»، فعلى سبيل المثال قدمت «مصر» فى يوليو 2016 تجهيزات كاملة لمجموعة من القوات الخاصة الصومالية وأجهزة كمبيوتر؛ كما قدمت مساعدات عسكرية إلى «مقدشيو» فى نوفمبر 2014، تشمل تجهيزات عسكرية ولوجيستية.

ولم يتوقف الأمر عند التعاون الأمنى فحسب، بل وقع البلدان العديد من مذكرات التفاهم خلال السنوات السابقة فى مجالات عديدة مثل: الصحة، التعليم، الجمارك، الزراعة، الثروة الحيوانية، الثروة السمكية، التجارة وغيرها؛ فضلًا عن تقديم شحنات المساعدات الإنسانية للصومال، ومنها:  تسليم الحكومة الصومالية شحنة مساعدات إنسانية بإجمالى 240 طنًا من المواد الغذائية والطبية والإغاثية فى ديسمبر 2022، وغيرها.

>جيبوتى

إن عمق التعاون بين «مصر»، و«جيبوتى» ظهر جليًا فى العديد من تصريحات القيادة السياسية، وتحديدًا ما أكده الرئيس «السيسى» فى 7 فبراير 2022، حول التزام «مصر» بالاستمرار فى دعمها لأشقائها فى «جيبوتى»، والعمل على توفير التدريب وبناء قدرات الكوادر فى مختلف المجالات، من خلال الوكالة المصرية للشراكة، من أجل التنمية بالتعاون مع مختلف الجهات المصرية.

كما شهد -حينها- الرئيس «السيسى» توقيع عدد من الاتفاقيات مع  رئيس «جيبوتى»، «إسماعيل عمر جيله»، ومنها: مذكرة تفاهم لإنشاء منطقة لوجستية مصرية فى «جيبوتى»، ومذكرة تفاهم فى مجال الطاقة والموارد المتجددة.

وبشكل عام، أنشأت «مصر» خلال السنوات السابقة مستشفى فى دولة «جيبوتى» فى تخصص أمراض النساء والتوليد وصحة الأطفال بسعة 150 سريرًا، كما وفرت الكوادر الطبية المصرية للعمل بها، فضلًا عن تدريب ونقل الخبرات للكوادر الطبية الجيبوتية بالمستشفى، بما يضمن دعم الخدمات الصحية والارتقاء بها فى تلك المجالات.

وفى نوفمبر 2021، قامت قافلة طبية مصرية بزيارة لجيبوتى لمعالجة ضعف الإبصار، إعمالًا للمُبادرة الرئاسية المصرية (تحيا مصر - إفريقيا) لقياس حدة الإبصار، واستمرت جهود القافلة الطبية لمدة أسبوع.

وقبلها بشهور قليلة، أقلعت طائرتى نقل عسكريتين محملتين بكميات كبيرة من الأدوية، والمستلزمات الطبية، والمواد الغذائية، بهدف تخفيف الأعباء عن كاهل مواطن «جيبوتى»، ودعم الجانب الجيبوتى فى مواجهة التحديات التى يواجهها.. وذلك إلى جانب العديد من التحركات المصرية فى سبيل دعم دولة «جيبوتى» وشعبها.

>كينيا

وبالنسبة لكينيا، فشمل التعاون عددًا من المجالات، وفى مقدمتها الدعم الإنسانى، فعلى سبيل المثال تعاونت «القاهرة» مع «نيروبى» -من خلال زيارة وفد مصرى إلى الأراضى الكينية- فى تفعيل مبادرة الرئيس «عبدالفتاح السيسي» لعلاج مليون أفريقى من التهاب الكبد الوبائى (فيروس سى). 

كما تضمن التعاون عقد اتفاقات للتعاون الزراعى والحيوانى، وإنشاء مزارع مشتركة فى «نيروبى»، من أجل إنتاج 3 محاصيل استراتيجية، وهي: (الذرة الصفراء، والأرز، وفول الصويا)، وزيادة فرص التبادل التجارى زراعيًا وحيوانيًا.

ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، إذ دشنت الدولة المصرية المستشفى المصرى القبطى فى العاصمة الكينية «نيروبى»، حيث يضم 260 سريرًا، و7 غرف عمليات مجهزة على أعلى مستوى، و18 سرير رعاية مُركزة، و27 وحدة لخدمة الأطفال حديثى الولادة، من بينها: خدمات الحضَانات، والعلاج الضوئى، والتدفئة، إلى جانب 33 وحدة غسيل كُلى، وغيرها. 

ويذكر أن المستشفى يصنف عند المستوى السادس، وهو التصنيف الأعلى فى «كينيا» للمؤسسات الطبية؛ كما يحتوى المستشفى على معمل حاصل على اعتماد الأيزو، وقسم الأشعة، وغيرها الكثير.

وقامت المستشفى بتقديم العلاج والرعاية الصحية لأكثر من 50 ألف مريض بفيروس نقص المناعة بالمجان.

هذا بالإضافة إلى تدريب مجموعات متتالية من الكوادر الكينية فى «مصر»، وشملت الدورات التدريبية مجالات: (الزراعة، الهيدروليكا، الاستراتيجية، الأمن، الرى، الصحة، التمريض، السياحة والفنادق، الفضاء، الدبلوماسية، العسكرى، الطيران المدنى).

> نيجيريا

احتفت الصحف النيجيرية منذ أيام بتوقيع «مصر»، و«نيجيريا» مذكرة تفاهم لتعميق التعاون فى مجال الصناعات الدفاعية، حيث يهدف توقيع مذكرة التفاهم إلى تعزيز التعاون الثنائى، والدفاعى، وفقًا للقوانين واللوائح السائدة فى البلدين.

من جانبه، أعرب الأمين الدائم لوزارة الدفاع النيجيرى عن تفاؤله بأن التاريخ الطويل للعلاقات القوية بين «مصر»، و«نيجيريا»؛ من شأنه أن يخلق تعاونًا دائمًا بين البلدين؛ مضيفًا أن بلاده استفادت كثيرًا من «مصر» فى مجالات تبادل المعلومات الاستخباراتية والتدريب.

وبشكل عام، لم يتوقف التعاون المصرى مع «نيجيريا» عند المجال الأمنى فحسب، بل أيضًا فى العديد من مجالات الرى، والطاقة، والبنية التحتية، ولعل المحور المرورى لربط شرق «أبوجا» بغربها، أحدث مثال على دعم «مصر» للنهوض بالبنية التحتية النيجيرية.

 > تنزانيا

تساهم الدولة المصرية فى دعم جهود التنمية فى «تنزانيا» عبر توفير الخبرات، والإمكانات اللازمة فى شتى المجالات، ومن أبرز تلك الجهود مشروع إنشاء سد ومحطة «جيوليوس نيريرى» لتوليد الطاقة الكهرومائية بقدرة 2115 ميجاوات على نهر «روفيجى»، تكفى استهلاك نحو 17 مليون أسرة تنزانية؛ كما يتحكم السد فى الفيضان لحماية البيئة المحيطة من مخاطر السيول والمستنقعات.

ويعد مشروع إنشاء سد ومحطة «جيوليوس نيريرى»، نموذجًا لدعم «مصر» حقوق الدول الإفريقية، ودول حوض النيل فى تحقيق الاستغلال الأمثل لمواردها المائية، بما لا يؤثر سلبًا على حقوق ومقدرات الآخرين.

يذكر، أنه فى يناير الماضى تابع وزير الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية، تشغيل أول توربينة بمشروع سد ومحطة «جوليوس نيريرى»، حيث قال -حينها- إن المشروع، يشمل إنشاء سد بطول 1025 مترًا، وتصل السعة التخزينية لبحيرة السد إلى 34 مليار متر مكعب.

 > السودان

انطلاقًا من العلاقات الأخوية والتاريخية التى تضرب بجذورها التاريخ القديم بين «مصر»، و«السودان»، والاقتناع الراسخ بأن أمن واستقرار «السودان»، هو جزء لا يتجزأ من أمن واستقرار «مصر»، والمنطقة، عكفت الدولة المصرية خلال السنوات الماضية على دعم السيادة السودانية فى مواجهة التحديات الداخلية والخارجية.

والتزمت «مصر» وإرادتها السياسية الثابتة بألا تدخر جهدًا لدعم استدامة السلام، والتنمية، والاستقرار فى «السودان»، والحفاظ على وحدة أراضيه، وهو ما يأتى بالتوازى مع ما تشهده العلاقات الثنائية من قفزات متسارعة، لتحقيق التكامل الفعلى بين البلدين فى عدد من المجالات الحيوية، ومنها: التعاون الأمنى، والاقتصادى، وفى مجالات الرى والزراعة والبنية التحتية، والطاقة، وغيرها.

فعلى مستوى التعاون الأمنى، شاركت «مصر»، و«السودان» فى عدد من المناورات المشتركة، وعلى رأسها « مناورات نسور النيل».

وبالنسبة للبنية التحتية الحيوية، فيعد من أبرز المشروعات بين الجانبين: بناء الطريق الساحلى بين «مصر، والسودان: بطول 280 كيلو مترًا؛ مشروع طريق قسطل وادى حلفا؛ تطوير وإعادة هيكلة خطوط السكك الحديدية، لتسهيل حركة نقل البضائع والأفراد؛ مد الشبكة الكهربائية إلى شمال «السودان»؛ استمرار التعاون فى مجال الموارد المائية، والرى، وتطهير الجزء الجنوبى من النيل؛ تطوير شبكة الرى والصرف فى السودان؛ وغيرها الكثير.

> إريتريا

شهد التعاون بين «مصر»، و«إريتريا» تقدمًا ملحوظًا خلال السنوات الماضية فى عدد من المجالات.. كما قامت الدولة المصرية بتقديم المساعدات والدعم الإنسانى للشعب الإريترى، فعلى سبيل المثال: قامت الدولة المصرية بإيفاد قافلة طبية فى مجال العيون إلى دولة «إريتريا» خلال منتصف عام 2017. 

كما أرسلت الدولة المصرية بمنتصف عام 2016 قافلة طبية بمدينة «أسمرة» لتقديم الخدمات الطبية للشعب الإريترى، وضمت القافلة طاقمًا شمل ثمانية أطباء من مختلف التخصصات، وزارت القافلة ثلاث مستشفيات فى «أسمرة»، حيث قامت بإجراء 105 عمليات جراحية، وأجرت فحوصًا طبية على أكثر من 1200 مريض، إلى جانب إجراء عدد من عمليات العيون والجراحة، وإصلاح العديد من الأجهزة الطبية.

كما تشمل المحادثات القائمة بين البلدين التعاون فى مجالات: التعدين والطاقة، والذى يضم شبكة الربط الكهربائى بدولة «إريتريا»؛ وحفر الآبار، ومشروعات إنشاء السدود، وتخزين مياه الأمطار، واستخدام التكنولوجيا فى الزراعات؛ وجذب الاستثمارات المصرية فى مجال التصنيع الدوائى بدولة «إريتريا؛ والتعاون فى مجال المصايد وصيد الأسماك؛ والطيران المدنى؛ وغيرها، بهدف تحقيق التنمية للشعب الإريترى.

>>

فى النهاية، إن أمثلة التعاون، والشراكة، والدعم المذكورة، التى عكفت الدولة المصرية على تحقيقها خلال الـ10 سنوات الماضية، هى نقطة فى بحر من التحركات المصرية فى محيطها الأفريقى، إيمانًا منها بضرورة تحقيق الأمن، والاستقرار، والسلام فى شعوب القارة الأم، بما يسفر عن تعزيز التنمية والرخاء لشعوبها.. وهو ما أدى لعودة «مصر» بقوة فى ريادة دورها الإقليمى داخل «إفريقيا». >