إسرائيل تقلص مساحة قطاع غزة أمام سكانها إلى 10 %.. %84 من مساحة قطاع غزة أصبحت ضمن منطقة الإخلاء الإسرائيلية

مرڤت الحطيم
قلصت إسرائيل مساحة النازحين فى خيام رفح الفلسطينية إلى 10 % فقط وهو مايوازى 35 كيلومترا مربعا فقط مما يعرف بالمناطق الإنسانية الآمنة من 230 كيلومترا مربعا ، ولكن الملاحظ أن الضغط وتضييق المساحة لا يتم إلى داخل غزة بل فى اتجاه مصر وهو مايظهر خطط إسرائيل ونتنياهو وإصراره على تهجيرهم قصريا إلى مصر وتحديدا إلى سيناء كما كان يخطط من اليوم الأول للحرب وهو ماترفضه مصر شكلا وموضوعا.
وأكدت الأمم المتحدة أن 90% من سكان غزة البالغ عددهم 2.1 مليون نسمة شردتهم الحرب الإسرائيلية المستمرة منذ 7 أكتوبر الماضى فى حين أكد الدفاع المدنى أن إسرائيل قلصت مساحة ما تسميها بالمناطق الآمنة للسكان إلى ما يقرب من عشر مساحة القطاع ؛ وأن ما لا يقل عن 84 % من مساحة قطاع غزة أصبحت ضمن منطقة الإخلاء الإسرائيلية، مؤكدة أن لا مكان آمن فى القطاع حاليا وأن أوامر الإخلاء الإسرائيلية تحشر الفلسطينيين فى منطقة إنسانية محدودة يشح فيها الغذاء والمياه. وتم إصدار 13 أمرا بالإخلاء منذ 22 يوليو الماضى مما أدى إلى تقليص كبير فى حجم المنطقة الإنسانية التى أعلنتها إسرائيل فى بداية الحرب، فى حين دفع المزيد من الفلسطينيين إليها أكثر من أى وقت مضى.
من جانبه، أعلن الدفاع المدنى فى غزة فى بيان أنه منذ بداية الاجتياح الإسرائيلى البرى لقطاع غزة فى أكتوبر الماضى دفع مئات آلاف المدنيين فى شمال القطاع للنزوح إلى المناطق الجنوبية بمساحة تقدر بنحو 63 % من القطاع، من ضمنها أراضى زراعية ومرافق اقتصادية وخدماتية. وفى بداية ديسمبر الماضى اجتاح الاحتلال محافظة خان يونس جنوب القطاع، فتقلصت المساحة التى توصف بالآمنة إلى 140 كيلومترا مربعا. وبعد اجتياحه محافظة رفح فى مايو الماضى قلص الاحتلال الإسرائيلى المنطقة الإنسانية إلى 79 كيلومترا. وفى منتصف يونيو الماضى أيضا، زاد الاحتلال من تقليصه المنطقة الإنسانية، لتصل إلى 60 كيلومترا مربعا أى ما نسبته 16 % من أرض القطاع، ثم قلص المساحة المذكورة مجددا إلى 48 كيلومترا مربعا أى ما نسبته 13 % فقط. وخلال أغسطس وصلت حدود المساحة الآمنة إلى 35 كيلومترا أى ما نسبته عشر مساحة القطاع تقريبا. من جانبه، قال منسق الأمم المتحدة للشئون الإنسانية بغزة إن أوامر الإخلاء الإسرائيلية خلال شهر أغسطس وحده أدت لتشريد 250 ألف فلسطينى. وبدورها ذكرت بلدية دير البلح وسط القطاع بنزوح 100 ألف مواطن من شرق المدينة خلال اليومين الماضيين وخروج 20 مركز إيواء عن الخدمة.
وتشن إسرائيل منذ 7 أكتوبر بدعم أمريكى واسع حربا مدمرة على قطاع غزة خلفت أكثر من 133 ألف شهيد وجريح فلسطينى معظمهم أطفال ونساء وما يزيد على 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قاتلة. وفى استهانة بالمجتمع الدولى تواصل إسرائيل الحرب متجاهلة قرار مجلس الأمن الدولى بوقفها فورا، وأوامر محكمة العدل الدولية باتخاذ تدابير لمنع أعمال الإبادة الجماعية، ولتحسين الوضع الإنسانى الكارثى بغزة.
وبعدما كان الغزيون يعيشون على مساحة قدرها 240 كيلومترا مربعا، أصبح هناك تقليص واضح لهذه المساحة حتى وصلت إلى 35 كيلومترا مربعا، وهى مساحة لا تكفى سكان غزة فكل مواطن موجود فى القطاع، سواء فى المناطق الجنوبية أو الشمالية، لديه فقط ربع متر واحد يعيش فيه. فقد أصبح 4 مواطنين يعيشون فى متر واحد فقط بعدما كان المواطن الواحد يعيش فى مساحة قدرها من مترين ونصف إلى 3 أمتار، والحرب والتقليص جعلا سكان غزة يعيشون فى بقعة جغرافية ضيقة جدا بلا مقومات للحياة ،وبالإضافة إلى تقليص مساحة وجود الغزيين يقوم جيش الاحتلال الإسرائيلى باستهداف المناطق التى يلجئون إليها والتى يزعم هو نفسه أنها مناطق آمنة وإنسانية لدرجة جعلت الأمم المتحدة تضطر لوقف عملياتها الإنسانية فى غزة بعد صدور أوامر الإخلاء الإسرائيلية الأخيرة.
وتكدس أهالى قطاع غزة فى مناطق مثل مواصى دير البلح وسط قطاع غزة وبعض مناطق خان يونس جنوب القطاع، وهى مناطق تفتقد كثيرا من مقومات الحياة ؛ولا توجد منطقة آمنة فى قطاع غزة، لأن جيش الاحتلال يقوم بنسف المساكن وتدميرها ؛ وتودع غزة يوميا 100 شهيد وتفقد الأسرة الواحدة فى الاستهداف الواحد من 10 إلى 11 من أفرادها ؛ وما لا يقل عن 84 % من مساحة قطاع غزة أصبحت ضمن منطقة الإخلاء الإسرائيلية، و90 % من سكان غزة البالغ عددهم 2.1 مليون نسمة نزحوا خلال الحرب. وركزت صحف ومواقع عالمية فى تغطيتها لتطورات الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة على معاناة أهالى القطاع فى ظل تفشى شلل الأطفال والحصار الذى يفرضه جيش الاحتلال على المدنيين داخل مساحة تتقلص باستمرار بالإضافة إلى موضوع المفاوضات.
وكتبت مجلة تايم أن الفرق الطبية العاملة فى غزة أمام معركة جديدة تتمثل فى مواجهة شلل الأطفال، فقد باتت سلامة الأطفال فى غزة مرهونة بدخول اللقاحات ومباشرة عملية التلقيح على الفور. ووفق المجلة فإن البيئة مناسبة جدا لتفشى المرض بسرعة حتى مع توافر اللقاحات وأكثر ما يزيد الوضع تعقيدا الاكتظاظ الكبير والنزوح المتواصل. وفى السياق نفسه، نشرت وول ستريت چورنال تقريرا يقول إن الحرب فى غزة تضيق الخناق شيئا فشيئا على الفلسطينيين الذين يزدادون اكتظاظا فى مناطق تتقلص باستمرار. وأصدر الجيش الإسرائيلى ما لا يقل عن 9 أوامر إخلاء منذ بداية الشهر لا حل للسكان بعدها إلا البحث عن أماكن جديدة والتقديرات تشير إلى أن أكثر من مليونى شخص محاصرون الآن فى مساحة لا تتعدى 15 ميلا مربعا.
وفى موضوع المفاوضات غير المباشرة بين المقاومة الفلسطينية فى غزة والاحتلال الإسرائيلى قالت افتتاحية صحيفة هآرتس إن الجمهور الإسرائيلى وبشكل خاص أهالى المحتجزين عالقون فى حلقة مفرغة من الأمل وخيبة الأمل بينما يتمسك رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بأسلوبه فى إدارة مفاوضات صورية. وترى الصحيفة أن الأمل فى سماح نتنياهو بالتوصل إلى اتفاق زائف، فهو يسعى إلى إلهاء الإسرائيليين بينما يموت الرهائن تدريجيا، ويمهد الطريق للفوضى فى الشرق الأوسط. كما نقلت صحيفة نيويورك تايمز عن محتجزين سابقين فى غزة قولهم إن اتفاقا لوقف إطلاق النار فى غزة كان ليعيد جميع المحتجزين أحياء، لكن اعتراض نتنياهو حال دون ذلك. وتطرق تقرير فى فايننشال تايمز إلى نشوب خلافات جديدة داخل حكومة نتنياهو بعد تقارير عن تحذير رئيس جهاز الأمن الداخلى الشاباك رونين بار من خطر تصاعد هجمات المستوطنين فى الضفة الغربية.
ومن ناحية أخرى فقد أوقفت الأمم المتحدة العمليات الإنسانية فى قطاع غزة بعد أوامر الإخلاء الإسرائيلية لدير البلح التى أدت لعوائق خطيرة أمام تسليم المساعدات وتوزيع لقاح شلل الأطفال الذى ظهر بالقطاع لأول مرة منذ 25 عاما. ونقل موقع بلومبيرج عن مسئول أممى تأكيده توقف العمل الإنسانى بعد أوامر الإخلاء القسرية الإسرائيلية الجديدة لدير البلح التى كانت المنطقة الوحيدة التى تنسق فيها الأمم المتحدة معظم عملياتها، كما احتوت آلاف النازحين بعد اعتبار الاحتلال أنها منطقة آمنة.وشدد المسئول على أنه رغم عدم إصدار الأمم المتحدة أوامر رسمية بالتوقف، فإنها غير قادرة عمليا على تسليم المساعدات أو الاستمرار بعملياتها الإغاثية ؛ وأضاف أنه فى حين اضطرت الأمم المتحدة إلى تأخير أو إيقاف عمليات التسليم لبضع ساعات سابقا فإن هذه هى المرة الأولى التى تتوقف فيها العمليات تماما. ويهدد إيقاف العمليات الإنسانية بتأخير حملة التطعيم التى تقودها الأمم المتحدة التى من المقرر أن تبدأ فى وقت لاحق إذ تنوى الأمم المتحدة توزيع نحو مليون جرعة من لقاح شلل الأطفال فى غزة، بعد اكتشاف إصابة بالفيروس فى الأيام الماضية.
وأعرب مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشئون الإنسانية (أوتشا)، عن قلق بالغ إزاء أوامر الإخلاء الإسرائيلية، مشيرا إلى أنها تشمل 15 مرفقا يؤوى موظفين أمميين ونشطاء فى منظمات غير حكومية، فضلا عن 4 مستودعات تابعة للأمم المتحدة، ونظرا لوجودها إما فى المنطقة المشمولة بأمر الإخلاء أو قربها.وقال المكتب إن هذا القرار سيعوق عمل مركز إنسانى كامل تم إنشاؤه فى دير البلح بعد إخلاء رفح جنوب القطاع فى مايو الماضى. وأكدت الأمم المتحدة أن وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) ستواصل عملها مشيرة إلى أن ما ستوفره من مساعدات لن يكون إلا قطرة فى محيط الاحتياجات. ومن جانبها، شددت الأونروا على أن الوضع بقطاع غزة كارثى للغاية، فى حين ترغم العائلات على النزوح وهى محاصرة بالدبابات والقنابل والغارات الإسرائيلية. وأسفر العدوان الإسرائيلى المستمر على قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر الماضى عن استشهاد 40 ألفا و476 شخصا وإصابة 93 ألفا و647 آخرين، فضلا عن اضطرار 2 مليون شخص للنزوح مرات عديدة نتيجة القصف الإسرائيلى وأوامر الإخلاء القسرى.