انفـــراد.. البابا تواضروس فى حوار خاص لـ«روزاليوسف»: الحفاظ على الهوية المصرية تحدٍ كبير للمغتربين وواجب وطنى علينا
وفاء وصفى
منذ اعتلائه سدة الكرسى المرقسى فى عام 2012 وهو يحمل فى قلبه وعلى عاتقه الكثير والكثير..
فقد تولى قيادة دفة الكنيسة القبطية الأرثوذكسية فى وقت شديد الصعوبة وله طابع خاص وذلك لما كانت تمر بها مصر من أحداث سياسية واجتماعية شديدة الخصوصية، وكان الوطن على المحك وكانت الأوضاع الداخلية على صفيح ساخن، إلا أنه استطاع بهدوء شديد وبطمأنينة قلب وضعها الله فى داخله أن يعبر بالوطن من منحنى خطير كاد أن يدمر سلامه وجاءت جملته التى حفرت فى الأذهان « وطن بلا كنائس خير من كنائس بلا وطن» كرصاصة فى قلب العدو الذى كان يريد دمار هذا الوطن عن طريق إشعال نار الفتنة بحرق كنائسه إلا أن الكنيسة الأم والأب الراعى نزع فتيلها وإخمادها قبل أن تبدأ، وأكد الشعب على مقولته عندما هب المصريون جميعا لحماية بيوت الله من غدر الجماعة الإرهابية وبقيت مصر آمنة وهادئة وتحملت رغم كل شىء.
صورة من تاريخ هذا الوطن حفرت فى ذاكرة تاريخه وكتب اسم البابا تواضروس الثانى بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية كامتداد لوطنية من سبقوه من بطاركة الكنيسة القبطية والتى شهد تاريخ هذا الوطن على وطنيتها ووطنية باباواتها المصريين ودورهم الكبير فى الحفاظ على وحدة هذا الشعب وتنميته بكل السبل المتاحة لديهم كدور أساسى للكنيسة المصرية تجاه هذا الوطن.
ومنذ تولى البابا تواضروس قيادة الكنيسة وكان اهتمامه الكبير بالأسرة والتعليم ومواكبة التطور العصرى والتكنولوجى، ولكن كان يدرك أهمية دور الشباب فى الحفاظ على مقدرات هذا الوطن ولذلك كان يوليه اهتمامًا خاصًا به وجاءت فكرة ملتقى اللوجوس للشباب (العودة إلى الجذور – التمتع بالجذور) والذى كان يستهدف بها الشباب القبطى بالخارج والداخل والذى يقام دائما فى شهر أغسطس بعد عيد العذراء ويكون مقره بدير الأنبا بيشوى بوادى النطرون بمقر اللوجوس هناك والذى يسعى البابا تواضروس دائما أن يكون متواجدًا معهم بصفته «باباهم» ليستمتعوا معا بروح الأبوة والبنوة وذلك قبل أن يستمتعوا بلقاءات مع شخصيات مصرية وبرحلات داخلية يجوبون فيها محافظات مصر ويرون بأنفسهم كنوز تاريخ هذا البلد.
ولأهمية هذا الحدث والمقام حاليا بوادى النطرون كان لنا حوار مع قداسة البابا تواضروس الثانى حول أهداف ملتقى لوجوس والذى ينعقد بنسخته الرابعة بعنوان «التمتع بالجذور» وبحضور نحو 200 شاب من إيبارشيات مصر.
فى ملتقى اللوجوس للشباب الكنيسة تركز دائما على علاقة الشباب بالوطن... لماذا تقوم الكنيسة بالتركيز على هذه العلاقة؟
فى مؤتمرات اللوجوس نحاول أن نركز على علاقة الشباب بالوطن لأن الحقيقة بناء الهوية وصيانة الهوية الوطنية وحفظها والعمل على استمرار وجودها وتأثيرها فى حياة الأولاد والشباب مهم للغاية، لأنه كما تعلمين الشباب اليوم يواجه تحديات على مستوى العالم كله والعالم أصبح مفتوحًا طبعًا أمامهم، والهويات الكثيرة تتنازعهم وتتنازع أفكارهم ومشاعرهم وارتباطاتهم.
وأحيانا الخارج يضعف الهوية الوطنية والتمسك بالأرض وهذه نقطة مهمة جدا نحاول أن نوضحها لهم، وتحاول الكنيسة أنها تحافظ على الهوية المصرية والهوية القبطية - فكما تعلمين كلمة قبطية تعنى مصرية - وجذور الوطن بالتاريخ بالتقاليد بالحياة فيها..
فى تصريح سابق لقداستكم أنكم تعملون على أن يكون كل شاب فى الخارج من الذين حضروا المؤتمر أن يكون سفيرا فى الخارج.. فهل تحقق هذا الهدف؟
نحن نقوم بعمل ملتقى لشباب الخارج تحت شعار «العودة إلى الجذور» ونختص به الشباب الذين بالخارج والحاصلين على جنسيات الدولة التى يعيشون بها، حيث ولدوا ونشأوا وطبعا بياخدوا الثقافة واللغة الخاصة بهذه البلاد، وبالتالى ارتباطهم بمصر يصبح ضعيفًا للغاية وهو أيضا الذى من الممكن أن يذهب لبلاد أخرى سواء للفسحة أو الدراسة ومصر لا تكون فى جدوله.
ولذلك بنضع شعار لهم «العودة إلى الجذور» لكن بالنسبة للشباب الذى من إيبارشيتنا وكنائسنا من داخل مصر بنضع شعار «تمتع بالجذور» والمقصود به «اتمتع بجذورك» هنا فى مصر وهذا أيضا يعمل على تثبيت الحياة فى الوطن، والعمل فى الوطن، والدراسة فى الوطن.
وإن الوطن المصرى له تاريخ كبير، وإن مصر مختلفة تماما عن كل بلاد العالم فى تاريخها، فى جغرافيتها فى طبيعتها، فى تقاليدها، فى الارتباط بها، حتى فى البركة التى موجودة على أرض مصر لا تجدها فى أى بلد آخر.
ولذلك نحن بنعتمد كثيرا على العودة إلى الجذور، والارتباط بالجذور، والتمتع بالجذور وهذا نضعه لهم فى قوالب كثيرة سواء كانت قوالب تاريخية، قوالب بالمحاضرات، أو أنهم يتقابلون مع شخصيات وهكذا..
لماذا لم نر هذا العام مؤتمر شباب من الخارج؟ أم سيكون هناك مؤتمر خاص بهم قريبا؟
فى الطبيعى إننا نعمل سنة ملتقى للشباب من كنائسنا خارج مصر وسنة لشبابنا من داخل مصر وهناك سنة لا يوجد فيها أى أنشطة نهائيا كفترة ما بين الأنشطة.
لأن هذه الأنشطة تستغرق وقتا طويلا جدا فى التحضير وفى التركيز، وفى رسم معالم البرنامج الذى يأتون ليطبقوه وليقضوه.
وطبعا لأن المكان محدود فى السعة، فإحنا بناخد بالكتير 200 شاب، ولا يوجد إمكانية لأكثر من كدة وبالتالى بنعمل مرة للشباب من داخل مصر ومرة للشباب من خارج مصر يعنى كل سنتين بنخدم حوالى 400 شاب بنركز عليهم بحيث أنهم لما يرجعوا بلادهم سواء داخل أو خارج مصر يكونون حصلوا على روح الارتباط بالوطن والعمل والمعرفة الأوسع.
ونحن نحاول أن نضع أمامهم الصورة الأكبر لمكانة مصر فى وسط العالم كله.
فكما نقول دائما «جميع دول العالم فى يد الله لكن مصر دائما فى قلب الله» ولذلك مصر متميزة من بين كل دول العالم.