تحقيق مشترك بين «القاهرة وباريس» لمعرفة التفاصيل: المسكوت عنه فى وفاة باحثة مصرية بفرنسا
داليا طه
أثارت وفاة الباحثة المصرية ريم حامد ضجة على منصات التواصل الاجتماعى، بعد أن وصفت «بالغامضة»، إذ نشرت ريم قبل وفاتها استغاثة للسلطات المصرية بأنها «تحت المراقبة»، وذكرت محاولات لـ«إجبارها على الصمت وعدم الإبلاغ»، وقالت ريم فى منشورها إنها ترفض العمل تحت ظروف (لم توضحها)، ومراقبة (لم تعرف طبيعتها).
وحتى الآن لم تعلن، أو تؤكد الجهات المصرية أسباب الوفاة، وإن كانت طبيعية أم أن هناك شبهة جنائية.
وربط البعض «على التواصل الاجتماعى» بين وفاة ريم حامد وحوادث أخرى تعرض لها علماء مصريون وعرب فى الخارج أدت إلى وفاتهم وسط مزاعم يرددها الكثيرون تشير إلى أن هذه الحوادث كانت جرائم قتل مدبرة حتى لا تستفيد مصر أو أى دولة عربية أخرى من علم أبنائها.
وأبرز الشخصيات التى ربطها رواد التواصل الاجتماعى بوفاة ريم حامد هى العالمة المصرية سميرة موسى، أول عالمة ذرة مصرية، والتى توفيت جراء حادث سير عام 1952 فى الولايات المتحدة وسط تكهنات بأنه حاث مدبر استهدف قتلها.
وأفاد موقع جامعة باريس ساكلاى الفرنسية أن السلطات الفرنسية تقود التحقيق، بالاشتراك مع القنصلية العامة لمصر فى باريس.
من ريم حامد؟
ريم حامد هى شابة مصرية تبلغ من العمر 29 عامًا، باحثة دكتوراه، حاصلة على بكالوريوس زراعة من جامعة القاهرة-قسم بايو تكنولوجى- دفعة 2017، وكانت تعيش فى مدينة ليس أوليس الفرنسية، ومُقيمة فى سكن جامعة بسكست الفرنسية، وكانت تعمل فى معهد البيولوجيا التكاملية للخلية بجامعة سَكلاى باريس، وقد حصلت على درجة الماجستير فى علم الجينوم من الجامعة نفسها.
مضايقات غريبة
سافرت الباحثة المصرية إلى فرنسا للحصول على الدكتوراه فى مجال البايو التكنولوجى وعلم الجينات، لكنها تعرضت خلال دراستها الأخيرة لمضايقات وملاحقات من أشخاص تجهلهم، وتعرضت أجهزتها وهواتفها لمحاولات اختراق منظم، بالإضافة إلى تعرضها للتنمر والتمييز والعنصرية، وفق تدوينات سابقة منسوبة لريم حامد حذفت فى وقت لاحق.
وبدأت واقعة وفاة الباحثة ريم حامد فى فرنسا بعد نشر أحد أصدقاء ريم مطالبًا بحقها، وكشفت ريم حامد قبل وفاتها عبر صفحتها على موقع التواصل الاجتماعى وجود تهديدات ومراقبة لها، وكتبت ريم عبر صفحتها فى وقت سابق: «أقر أنا ريم حامد طالبة دكتوراه فى فرنسا، فى أشد الحاجة لتبليغ الجهات المعنية فى مصر؛ لأنى تحت المراقبة وأجهزتى مخترقة، وفوق هذا حاليًا يتم جبرى للسكوت والصمت وعدم التبليغ».
وتابعت: وأنا مستمرة فى العمل تحت الظروف، وبالتالى قد أكون تورطت معهم فى جريمتهم بالقبول بأفعالهم من التجسس واستخدام التوجيهات السياسية داخل محيط العمل وسكن الجامعة للتجسس علىّ أيضًا.. أنا أرفض العمل فى هذه الظروف.. أنا تحت ضغط ومراقبة، ومؤخرًا يتم تهديدى بحياتى.. والمحرك لهذا هو رئيس الوحدة التى أعمل بها.
وقالت الباحثة ريم حامد قبل وفاتها فى فرنسا: البجاحة وصلت إن جارتى بتجيب مواد مخدرة عبارة عن شىء بيعلى نبض القلب وتقعد تبخرها من تحت الباب لحد ما تسد نفسى وأكلم البوليس ما فيش حد ييجى، وأحط مياه علشان أوقف البخار، تزود مواد على المياه وتحطها فى بيتى.. أبلغ مش نافع، والجريمة عينى عينك، وطبعًا ده شكله طبيعى هنا ولا إيه؟ الأستاذة نفس الشخص اللى حسابها نزلت صورته قبل كده علشان حضرتها قاعدة بتتجسس على الناس فى المبنى.. مش كفاية جريمة تعدى على الأمن الشخصى حاليًا دخلنا فى المواد المخدرة أو المواد غير المصرح بها.. اللى أقدر أقولهولها إنها بتحرق العين والأنف، وبتعلى نبض القلب، وده بيحصل داخل سكن تابع للجامعة عادى جدًا.. وكل ده للتستر على جريمتها الأولى.
وكتبت ريم حامد المتوفاة فى فرنسا: مؤخرًا بقى أى مطعم أدخله أعمل منه طلب يدخل حد قدامى وييجى تليفون للمطعم للشخص اللى بياخد الطلب، وبعدين الطلب بيتم تحضيره بشكل مختلف.
ومؤخرًا نبض قلبى بقى أعلى نتيجة لده، ومن بجاحة اللى بيدخل قدامى بيقول إنى عندى مشكلة وده لصالحى.. طبعًا بلغى الطلب، دلوقتى بقى بيعملوا إيه قبل ما أروح بمعرفة الأماكن الحلال.. وهكذا اللى هو هنديكى حاجات تقلل نشاط عقلك بالإكراه علشان مش تعرفى المصائب اللى بيعملها فيكى.. وده مش طبيعى دى جرايم متكاملة.
وروت ريم حامد قصة أخرى عبر صفحتها على موقع التواصل الاجتماعى: أنا حاليًا فى محطة الأتوبيس عادى جدا قدامى ما يقرب من 5 أشخاص حركاتهم مش مريحة، وغير كده لما لاحظت ده اتجهوا إلى البوليس لتبليغهم وأنا قاعدة فى حالى.. تقريبًا كانوا بيراقبوا ولما اتعرفوا اضايقوا، وحاليًا واقفين وبيحاولوا يصورونى ويعملوا أى قصة يروحوا بيها للبوليس، حقيقة مش عندى غير إنى أوثق، لأن حياة الواحد فى خطر، وكله بحركات ترجع لنفس الجذور ونفس الأهداف.
من جانبها، قالت الدكتورة جيهان جادو، عضو المجلس المحلى بمدينة فرساى الفرنسية: «إن وفاة الباحثة المصرية ريم حامد أثارت القلق بين المصريين والطلاب الدارسين فى فرنسا، خاصة بعد ما نشرته على صفحتها على فيسبوك حول مراقبتها وملاحقتها من قبل مجهولين، وتعرضها لضغوط شديدة لإسكاتها، إضافة إلى اختراق هواتفها».
العائلة تعلق
رغم هذا الجدل، كتب شقيق ريم، نادر حامد، منشورًا على حسابه على موقع التواصل الاجتماعى فيسبوك حث خلاله مستخدمى شبكات التواصل الاجتماعى على عدم تناول وفاة شقيقته من منظور جنائى وترديد تكهنات ومزاعم بتعرضها للاغتيال.
وأعلنت أسرة الباحثة المصرية الراحلة، ريم حامد، تولى أحد مكاتب المحاماة الدفاع فى قضية وفاتها فى ظروف غامضة بفرنسا.
وكشفت الأسرة فى بيان، عبر صفحة شقيقها نادر حامد، عبر فيس بوك، عن تولى «مكتب سيف المصرى الدفاع عن حقوقها (الباحثة الراحلة) وحقوق الأسرة حيث إن القضية قيد التحقيق أمام النيابة الفرنسية وأنه لم يصدر أى تقرير رسمى للحظة الحالية فيما يخص الوفاة أو تأكيد أو نفى شبهة جنائية من عدمه».
وأكدت أسرة الباحثة الراحلة أنها لم تدخر أى جهد وتواصلت على الفور مع الجهات المعنية وتم التواصل مع مكتب المحاماة لمتابعة الإجراءات بفرنسا، كما أنها تحتفظ بحقها القانونى فى «اتخاذ جميع الإجراءات القانونية ضد كل من شهر بها وذكر معلومات دون تأكد».
وكان نادر حامد شقيق الباحثة الراحلة طالب بعدم تداول أى تفاصيل عن الواقعة، مشددًا على أن التحقيقات ما زالت جارية، وأن تداول أنباء قد لا يكون فى مصلحة سير التحقيق، مطالبًا محبيها بالدعاء لها، واحترام خصوصية الأسرة.
وقال شقيق الباحثة ريم حامد: «من فضلكم نركز بس أن ندعيلها ونقرأ ليها القرآن وندعى لوالدتها عشان حالتها صعبة جدًا.. أتمنى إن الناس لو فعلا مهتمين بريم أننا نبطل نتكلم عن أشياء غير مؤكدة وقضية قيد التحقيق ونبطل نشير البوستات القديمة بتاعتها ورسايلها، من فضلكم نحترم خصوصية ريم أختى وإحنا متابعين مع محامى هناك والشرطة الحمد لله وأول ما نوصل لأى حاجة أنا هبلغكم كلكم أكيد وده حسابى وهيبقى المصدر الوحيد لأى حاجة تخص ريم أختى».
متابعة مصرية
وأعلنت وزارة الخارجية والهجرة وشئون المصريين بالخارج أنها تتابع عن كثب واقعة وفاة الباحثة المصرية ريم حامد، وقالت إنه: «فى إطار متابعة وزارة الخارجية والهجرة وشؤون المصريين بالخارج لواقعة وفاة الباحثة المصرية ريم حامد، والتى توفيت فى فرنسا مساء الخميس، وفور تلقى القنصلية العامة لجمهورية مصر العربية فى باريس خبر وفاة المواطنة المذكورة، تواصلت القنصلية فى الحال مع السلطات الفرنسية للوقوف على ملابسات واقعة الوفاة وطلب موافاة القنصلية المصرية بنتائج التحقيق فى أسرع وقت».
وكان بدر عبدالعاطى وزير الخارجية والهجرة وشئون المصريين بالخارج، قد وجه فور علمه بالواقعة بقيام القنصلية العامة فى باريس بمتابعة إجراءات وسير التحقيقات عن كثب مع السلطات الفرنسية، والوقوف على تقرير جهات الاختصاص الفرنسية لمعرفة أسباب الوفاة، كما وجه بسرعة إنهاء الإجراءات اللازمة لاستخراج شهادة الوفاة وشحن جثمان الباحثة إلى أرض مصر، فور الانتهاء من التحقيقات.
وقال مصدر مسؤول داخل إدارة البعثات بوزارة التعليم العالى، فى تصريحات «إن ريم حامد كانت فى إجازة بمصر مع أسرتها وتوفيت فى يوم العودة من القاهرة عقب وصولها فندق الإقامة فى باريس وفى أول يوم عودة لها».
وأضاف: «إن التحقيقات جارية فى باريس وهناك متابعة مع الجهات الفرنسية فيما يخص الواقعة»، مشيرًا إلى أن «ريم حامد أبلغت أسرتها عند العودة بوجود اضطرابات نفسية معها بسبب المعاملة».
وأوضح المصدر أن الباحثة «كانت تعانى من مشكلات نفسية بسبب التعامل وذهبت لأحد الأطباء النفسيين فى مصر حينما كانت فى الإجازة»، مؤكدًا أنهم فى انتظار التحقيقات «وسيتم الكشف عن التفاصيل فور توصل السلطات الفرنسية لسبب الوفاة».
وأكد السفير المصرى بفرنسا، فى تصريح إعلامى، أن «السفارة المصرية تتابع التحقيقات التى تجريها السلطات الفرنسية حول واقعة وفاة الباحثة ريم حامد».
كما أكد شقيق ريم حامد أن أسرة الباحثة الراحلة على تواصل مع السلطات الفرنسية لمتابعة ملابسات الوفاة، والتنسيق مع السلطات المصرية فيما يخص نقل الجثمان.