الثلاثاء 11 مارس 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

لمواجهة التغيرات المناخية العمارة البيئية هل أصبحت ضرورة؟

العمارة البيئية مصطلح جديد فرضته ظروف التغيرات المناخية، حيث تؤثر ﺍﻟﺒﻴﺌﺔ ﺍﻟﻤﺎدية ﻋﻠﻰ تشكيل ﺍﻟﻌﻤﺎﺭﺓ من خلال ﻋﺩﺓ عوامل ﻭمنها ﺍﻟﻌﻭامل ﺍﻟﻤﻨﺎخية، ويعتبر ﺍﻟﺒﻌﺩ ﺍﻟﻤﻨﺎخى، ﻫﻭ ﺃحد ﺃهم ﺍﻟﻤﻌﺎيير الأساسية ﻟﻠﺘﺸﻜيل ﺍﻟﻤﻌﻤﺎﺭى ﻟﻠﺘﺤﻜﻡ ﻓﻲ الظروف ﺍﻟﺒﻴﺌﻴﺔ ﺍﻟﻘﺎسية، ﻭﻟﺘﻭﻓﻴﺭ ﺍﻟﻅﺭﻭﻑ ﺍﻟﻤﻨﺎخية ﺍﻟﻤﺭيحة ﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍلإنسان.



والعمارة البيئية يطلق عليها العمارة الخضراء أو العمارة المستدامة ولا يوجد فرق بينهما ولهما نفس المفهوم، وهي نظام تصميم المبانى بطريقة تحترم البيئة ولا تستنزف الموارد الطبيعية، مما يعنى تصميم مبان تستهلك موارد طبيعية مثل الماء والطاقة بشكل أقل من الطبيعى، كما تهدف إلى تقليل الآثار السلبية على صحة شاغلى البناء والطبيعة المحيطة بهم.

ويعتبر البناء من العوامل الرئيسية المساهمة فى تلوث الهواء. ووفقا للعديد من الدراسات فإن مستويات التلوث فى مصر مرتفعة بشكل خطير، مما يجعل هناك حاجة إلى خطوات كبيرة (ومكلفة) لتحسين جودة الهواء للحد من الآثار الضارة لإنتاج مواد البناء.

 

 

 

وحول العمارة البيئية عقدت رابطة الجامعات الإسلامية عن العمارة البيئية المستدامة بالتعاون مع مؤسسة تريبل أم للطاقة المتجددة أول صالون ثقافى بيئى فى الوطن العربى لتحديد أهمية العمارة البيئية وكيفية تفعيلها بمشاركة د. سامى الشريف أمين عام الرابطة، والمهندس أسامة كمال وزير البترول الأسبق ود. محمد البخارى رئيس جامعة الملك فيصل بتشاد، ود. نهلة الصعيدى مستشار شيخ الأزهر، ود. أشرف حنيجل رئيس جامعة قناة السويس ود. محمد زينهم رئيس الجامعة العربية للحضارة.

من جهته، أوضح د. سامى الشريف أن عقد هذا الصالون يعد الأول من نوعه لنشر الثقافة البيئية وتفعيل تطبيقات الطاقة المتجددة، والعمارة البيئية المستدامة فى مواجهة التغيرات المناخية، وأن كل ما من شأنه تحسين حياة الإنسان والحفاظ عليه يعد من باب الضروريات التى ينبغى العمل عليها.

من جهته، قال الدكتور محمد البخارى رئيس جامعة الملك فيصل إن جامعة الملك فيصل بتشاد تتوجه إلى الاهتمام بالدراسات البيئية، لا سيما فى ظل التغيرات المناخية الكبيرة التى تؤثر على كثير من الدول، وهو ما يتطلب التوسع فى نشر الثقافة البيئية وتطبيقاتها.

فيما أكدت د. نهلة الصعيدى مستشار شيخ الأزهر أن البيئة والتغيرات المناخية من أخطر القضايا التى تواجه الجميع، وهو ما يوجب علينا من بذل الجهود لتوفير البيئة المناسبة للأجيال للبقاء على هذه الأرض بأمان انطلاقًا من خلافتنا فى الأرض.

وأوضحت قائلة: «إن خلافة الإنسان فى الأرض توجب عليه العناية بالبيئة وعدم إفسادها، وأن التغيرات المناخية أصبحت واقعًا مريرًا تؤثر على حياتنا اليومية، وتدهور الصحة العامة» مشيرة إلى أن الأرض ليست ملكية خاصة يتم فيها ما يؤدى لفساد البيئة  وبقاء الإنسان بأمان على الأرض».

وأضافت: إن الحضارة الإسلامية كانت  رائدة فى مجال العمارة والبناء بصورة توافق البيئة، وتحترمها، وتعزز من مسئولية الإنسان  نحو الأرض والبيئة، حيث إن القرآن حثنا على الحفاظ على الأرض وعدم الإفساد فيها وعمارتها بما يحقق النفع العام.

 

 

 

وأكدت أن التنمية المستدامة فى البيئة تتطلب التعاون والتكاتف بين مختلف المؤسسات، ووضع تشريعات  بيئية صارمة للحفاظ على البيئة، وتكثيف التعاون بين المؤسسات المعنية.

طاقة متجددة

ويؤكد  د. علوى الخولى عميد معهد هندسة وتكنولوجيا الطيران أن مصر قوة كبيرة فى إنتاج الطاقة ومنها المتجددة، وتصديرها، حيث إنها تنتج 58 ميجا وات، فى حين أن أقصى استهلاك للطاقة 32 ميجا وات. 

وأوضح أن مشروع الضبعة فى مصر مهم جدا وسيحقق إنتاج طاقة عاليا، لافتا إلى أن مصر لديها  ربط إقليمى للكهرباء مع دول الجوار، ومنها خط الربط بين مصر والأردن وسوريا والعراق.

أضاف: إن مصر ليس لديها فقر فى الطاقة، وأن إنتاج الكهرباء  من الطاقة الشمسية حاليا  يقارب ما ينتجه السد العالى، موضحا أن مصر نجحت ايضا فى إنتاج الطاقة من الرياح.

ويؤكد د. محمد زينهم رئيس الجامعة العربية للحضارة أن مصر سباقة فى العمارة البيئية، فالمصرى القديم عرف العمارة البيئية واستخدم الحجارة فى البناء بطريقة هندسية بالغة الدقة، كما رأينا عبر الحضارة الإسلامية فى مصر مبانى بيئية تحقق حياة بيئية سليمة، مطالبا بضرورة الاهتمام بالجانب البيئى فى جميع المجالات، وعمل مناهج بيئية يتم تدريسها بشكل منهجى، والتوسع فى التطبيقات البيئية.

جدير بالذكر أن معمار الحضارة العربية المنتشرة فى مصر بعناصر كثيرة للتهوية والتكييف، واستُغِلت هذه العناصر فى العمارة لتقليل درجات الحرارة وإنعاش الأجواء؛ حيث المشربيات المصنوعة من الخشب التى كانت تضيف طابعًا جماليًا على التصميم، وتُستخدَم للحماية من الشمس وتوفير الظل، وكذلك نوافير الماء لتقليل الحرارة ونسبة الأتربة فى الهواء.

وظهرت فى مصر وبلاد الشام الحدائق الداخلية الصغيرة فى القاعات الرئيسية بالبيوت باعتبارها وسيلة جمالية ومناخية أيضًا، بجانب وجود فتحات التهوية بالمنازل، وزيادة سمك الحوائط الخارجية؛ لعدم تسرب الحرارة الخارجية إلى داخل المبانى.

وتعد «الملقف» من تقنيات التهوية والتكييف الفعالة فى العالم العربى، وكان يُعرَف بأكثر من تسمية؛ منها «البادهنج» بالفارسية بمعنى فوهة الهواء، وعُرِفت أيضًا بـ«البراجيل»، وهى وسيلة لتبريد هواء الغرف بالمنازل، عن طريق بناء فتحات علوية للتهوية باتجاه الرياح، وفق كتاب «الطاقات الطبيعية والعمارة التقليدية» للمعمارى المصرى حسن فتحى.

وما زال هناك واحد من أقدم أنواع هذه الملاقف فى مدينة القاهرة التاريخية، داخل مسجد الصالح طلائع بن زُريك آخر المساجد الفاطمية التى بُنيت فى مصر.

وفى مصر أعيد إحياء التقنيات الطبيعية القديمة على يد شيخ المعماريين المصريين حسن فتحى، الذى حكى فى كتابه «عمارة الفقراء»، عن تجربته مع قرية القرنة بمدينة الأقصر (جنوب البلاد).

وفى أربعينيات القرن الماضى، قرر فتحى أن يشيد القرية من خامات بيئية محلية، ويزينها بفنون العمارة الإسلامية والنوبية؛ حيث اعتمد بها القباب والسقوف الخشبية، والساحات المفتوحة، واستخدم فى مدارس القرية ملاقف الهواء ومصيدة الريح، وهى عبارة عن مجرى للهواء يشبه المدخنة؛ ما ساهم فى اعتدال درجات الحرارة بشكل كبير داخل الحجرات الدراسية؛ إذ تحولت القرنة إلى قرية تراثية بعد مرور أكثر من 70 عامًا على إنشائها.