الجمعة 16 مايو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد امبابي
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد امبابي

ربع سكان العالم تحت تهديد السلاح: الحروب المنسية ٥٧ صراعًا دمويًا يهدد استقــــرار العالـــم

تعيش البشرية اليوم صراعًا أعمى راح ضحيته الملايين من البشر ودفعت التوترات الجيوسياسية المتزايدة والحروب المستمرة من أوكرانيا إلى غزة جزءًا كبيرًا من المجتمع الدولى إلى حافة الهاوية مما أدى إلى تأجيج التكهنات بأن العالم قد يتجه نحو صراع عالمى أوسع على الرغم من أن هذه ليست سوى اثنين من أكثر من ٥٧ حربًا منسية  وصراعًا  مسلحًا داميًا فى العالم اليوم تنوعت بين حروب منظمة وعدوان استعمارى وصراعات مسلحة وبؤر ساخنة نشطة ونقاط اشتعال حدودية وحروب أهلية  أنتجت سنوات من العنف وآلافًا لا حصر لها من القتلى وحتى المزيد من اللاجئين والمشردين، فى حين تهيمن صراعات معينة على عناوين الأخبار الدولية وتلقى تغطية واهتمامًا أوسع مثل حرب بوتين على أوكرانيا وتصاعد مستويات العنف والحرب على غزة، ولا شك أن العدوان الإسرائيلى على غزة هو الأبشع على الإطلاق، حيث فاق عدد الأطفال الذين قتلوا هناك فى الأشهر الأخيرة عدد القتلى خلال أربع سنوات من الصراع فى جميع أنحاء العالم، ولكن هناك أيضا صراعات أخرى كثيرة تحدث على مستوى العالم أكثر مما قد ندرك يعيش ما لا يقل عن ربع سكان العالم فى مناطق متأثرة بها.



الصراعات المسلحة

 تدور فى السودان واحدة من أخطر الصراعات المسلحة الحالية فى العالم، فقد تسبب القتال بين الجيش السودانى وقوات الدعم السريع شبه العسكرية فى أزمة إنسانية هائلة اندلع القتال أولًا فى العاصمة الخرطوم وانتشر بسرعة فى جميع أنحاء البلاد لم يكن متوقعًا أن تدوم الحرب طويلا أو تصل إلى هذا الحد، حيث شهد السودان عشرات الانقلابات، أكثر من أى دولة أخرى فى إفريقيا منذ استقلاله فى عام 1956 وكانت أغلبها قصيرة الأجل وغير دموية ولكن الجيش السودانى وجد أن قوات الدعم السريع التى ساعد فى إنشائها ذات يوم أصبحت الآن خصمًا هائلًا مع مقاتلين أكثر خبرة فى المعارك من قواته وفى أقل من ثمانية أشهر استولت قوات الدعم السريع على معظم الخرطوم ومنطقة سلة الخبز فى البلاد، ولاية الجزيرة، فضلًا عن جزء كبير من دارفور، المنطقة الغربية التى عانت من إبادة جماعية قبل عقدين من الزمان، وزعم الجنرال حمدان دقلو (حميدتى) زعيم قوات الدعم السريع أنه يقاتل من أجل المهمشين فى السودان وسعى إلى إبعاد قواته عن جذورها فى ميليشيات الجنجويد التى أرهبت دارفور فى العقد الأول من القرن الحادى والعشرين لكن خطاباته المتغطرسة تتعارض مع المجازر والاغتصاب والعنف العرقى الذى ترتكبه جماعته والذى أظهرته الأرقام الفعلية بحسب لجنة الإنقاذ الدولية حيث خسر أكثر من 30 ألف شخص حياتهم وأصيب أكثر من 70 ألفًا آخرين نتيجة للقتال كما أنها تعد حاليًا أكبر أزمة نزوح تهدد العالم، فقد اضطر ما يصل إلى 12 مليون شخص إلى مغادرة منازلهم، أكثر من 10 ملايين شخص لا يزالون داخل السودان، ومليونان فى البلدان المجاورة ويشمل ذلك 3 ملايين طفل مما يجعل السودان الدولة التى تضم أكبر عدد من الأطفال النازحين فى العالم وأدى الصراع إلى إغلاق آلاف المدارس وترك 19 مليون طفل دون تعليم ويحتاج 24.8 مليون شخص إلى مساعدات إنسانية، أى نصف سكان البلاد البالغ عددهم نحو 49 مليون نسمة وقد ارتفعت الحاجة إلى المساعدات بشكل كبير من 15.8 مليون شخص فى بداية الصراع فى أبريل 2023 وبعد أكثر من عام من الحرب الأهلية، فإن حصيلة الدمار فى السودان مفجعة فقد قتل الآلاف، وتشتت الملايين، واغتصبت الآلاف من الفتيات فى عمليات انتقام ممنهجة وحوصرت المدن أو دمرت فى مختلف أنحاء الدولة الشاسعة وتحولت أجزاء كبيرة من العاصمة إلى أنقاض إلى جانب معاناة ولايات أخرى من المجاعة فيموت ما لا يقل عن مئة شخص من الجوع كل يوم على حسب ما ذكرته منظمة الأمم المتحدة، كما أن هناك تدميرا هائلا  للبنية التحتية الحيوية، مما أدى إلى انهيار كامل للأنظمة وترك الملايين من الناس دون ما يكفى من الغذاء ودون القدرة على الوصول إلى الرعاية الصحية وغيرها من الخدمات، وتحذر منظمات حقوق الإنسان من خطر الإبادة الجماعية فى منطقة غرب دارفور بسبب عمليات القتل الجماعى والتهجير القسرى للسكان وقد ينتشر العنف من السودان إلى خارج حدوده إلى الدول المجاورة التى تعانى من عدم الاستقرار السياسى مثل ليبيا وتشاد وجمهورية إفريقيا الوسطى وإثيوبيا وإريتريا وجنوب السودان التى شهدت هى نفسها حروبا أهلية عنيفة، ورغم كل ذلك لم يحظ الصراع السودانى باهتمام يذكر من زعماء العالم أو أموال للمساعدات الإنسانية أو التغطية الإعلامية العالمية وحتى العربية التى تصب كل مجهوداتها وإمكانياتها على العدوان الإسرائيلى على غزة، لكن التكلفة البشرية المرتفعة تجعل تجاهله أكثر صعوبة ويحذر خبراء الأمم المتحدة من أن السودان ينزلق مرة أخرى إلى عنف الإبادة كما حدث فى أوائل العقد الأول من القرن الحادى والعشرين، ولكن يوجد هناك بصيص خافت من الأمل يكمن فى محادثات السلام المؤقتة التى بدأت فى سويسرا بوساطة الولايات المتحدة والتى ذكرت كيف تسحق حرب أهلية غير متوقعة ثالث أكبر دولة فى إفريقيا وما الذى قد يوقف المعاناة، وبحسب أحدث التقديرات يعانى 26 مليون شخص، أى أكثر من نصف السكان من أزمات الجوع وفى أول الشهر الجارى أعلنت مجموعتان من خبراء الجوع العالميين عن المجاعة فى مخيم بدارفور وهى الأولى فى العالم منذ عام 2020 ويقولون إن أجزاء أخرى من البلاد قد تتبع ذلك قريبًا.

 

 

 

الحروب الأهلية

إن تحول الاهتمام العالمى والتغطية الإعلامية إلى حروب وصراعات الشرق الأوسط جعل الكثير يجهلون ما يدور من حرب دامية فى ميانمار بعدما تصدر الانقلاب الذى وقع هناك عام 2021 والذى أطاح بالحكومة الشعبية المنتخبة ديمقراطيا لأونج سان سو كى عناوين الصحف الدولية وخفت حدة الاهتمام العالمى رغم أن حرب ميانمار الأهلية واحدة من بين أقدم الصراعات المستمرة حتى الآن فى العالم، حيث استمرت لأكثر من 75 عاما وفى هذه المرحلة الأخيرة من الحرب الأهلية فى ميانمار انهار الاقتصاد الوطنى والعملة تقريبا ووقعت معظم المعارك فى مناطق الأقليات العرقية خارج المدن الكبرى، ومع ذلك هناك أدلة تشير إلى أن هذه المرحلة الأخيرة من الصراع بعد عام 2021 تمثل وحشًا مختلفًا تمامًا عن تلك التى سبقتها وتهديدًا وجوديًا أكبر بكثير للجيش مقارنة بما واجهه سابقًا، فقد دخلت الحرب الأهلية مرحلة جديدة وغير مسبوقة بعد أن تسببت سنوات الحرب إلى نشوء أزمة إنسانية واسعة النطاق مع وجود 2.6 مليون نازح داخليًا وحوالى مليون لاجئ من الروهينجا فى بنغلاديش وما يصل إلى مليونى شخص من شان وكارين وغيرهما من الجماعات العرقية يعيشون فى تايلاند وغالبًا دون تأشيرات أو حماية من الأمم المتحدة، فقد أدى نزوح السكان الريفيين وقصف الحكومة للأهداف المدنية إلى ترك أراضٍ زراعية شاسعة غير مزروعة ونتيجة لذلك أصبح الغذاء نادرًا ومكلفًا حتى فى المدن كما تسببت العقوبات الدولية وتداعيات القتال فى انخفاض الاستثمار الأجنبى المباشر بشكل حاد وأغلقت معظم الشركات أبوابها وأصبحت الوظائف نادرة، أما الشركات القائمة فتدفع أجورها بالعملة المحلية التى لا تساوى إلا القليل وقد دفع قانون التجنيد الإجبارى القاسى الذى صدر مؤخرًا سكان المدن المتعلمين إلى الفرار من البلاد ولكن المجلس العسكرى جعل الأمر صعبًا بشكل متزايد فقد منع الرجال فى سن الخدمة العسكرية (18-35) والنساء (18-27) من ركوب الطائرات بل وتم تجنيدهم قسرًا أثناء التقدم بطلبات الحصول على جوازات السفر وبعد مرور أكثر من ثلاث سنوات خضع مشهد الصراع فى البلاد لتحول عميق إذ يواجه الجيش انتفاضة وطنية تمتد على طول البلاد وفى خطوة غير مسبوقة فى تاريخه فقد الجيش فى ميانمار السيطرة على عدد من المدن والقواعد ذات الأهمية الاستراتيجية فى مواجهة مقاومة منسقة ومجهزة تجهيزًا جيدًا وتتمتع بدعم شعبى واسع النطاق وتكبد الجيش خسائر كبيرة فى القوات البرية بسبب الانشقاقات والإصابات والاستسلام.

 

 

 

تعانى شعوب منطقة الساحل الأوسط الإفريقى بوركينا فاسو ومالى والنيجر من الصراع المسلح والحرب الأهلية والعنف بين الطوائف فى خضم تمرد مستمر منذ عقد من الزمان ولم يتوقف بعد، تقوده جماعات إسلامية مسلحة تابعة لتنظيم القاعدة وما يسمى بإقليم الساحل التابع للدولة الإسلامية وترتكب هذه الجماعات انتهاكات متكررة وهجمات متصاعدة ضد المدنيين قد ترقى إلى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية ووفقًا لمشروع بيانات موقع وأحداث الصراع المسلح قتل أكثر من 12000 شخص ومعظمهم من المدنيين فى عام 2023 ونزح ما لا يقل عن 3 ملايين شخص داخليًا فى المنطقة بما فى ذلك أكثر من 2.1 مليون فى بوركينا فاسو وحدها كما اندلعت أعمال عنف بين الميليشيات العرقية المتنافسة وجماعات الدفاع عن النفس المجتمعية مما أدى إلى هجمات انتقامية وانتهاكات لا حصر لها وقد استخدمت الجماعات الإسلامية المسلحة بشكل منهجى الحصار والتهديد والاختطاف والعبوات الناسفة البدائية والألغام الأرضية كتكتيكات حرب متعمدة فى سعيها إلى السيطرة على طرق الإمداد وزيادة مناطق النفوذ ووفقًا لمنظمة العفو الدولية فإن جماعة أنصار الإسلام التابعة لتنظيم القاعدة وجماعات مسلحة أخرى تفرض الحصار فى 46 منطقة على الأقل وترتكب جرائم حرب وفى مختلف أنحاء المنطقة تفرض الجماعات الإسلامية المسلحة الضرائب القسرية وتدمر وتنهب الأهداف المدنية بشكل استراتيجى بما فى ذلك أماكن العبادة والمراكز الصحية واحتياطيات الغذاء وخدمات المياه والجسور، كما استهدفت الجماعات بشكل روتينى التعليم الحكومى العلمانى فأحرقت المدارس وهددت أو اختطفت أو قتلت المعلمين كما أدت عمليات مكافحة الإرهاب إلى انتهاكات وتجاوزات لحقوق الإنسان وجرائم حرب فقد ارتكبت القوات المسلحة المالية والمرتزقة المتحالفون من مجموعة فاغنر التى تسمى الآن فيلق إفريقيا جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية منذ ديسمبر 2021 بما فى ذلك الإعدامات بإجراءات موجزة والاغتصاب والعنف الجنسى والتعذيب ضد المدنيين لنشر الرعب بالاضافة إلى تورط الميليشيات التى ترعاها الدولة فى بوركينا فاسو ولا سيما متطوعو الدفاع عن الوطن فى جرائم خطيرة على أسس عرقية بعد أن واجهت المنطقة اضطرابات سياسية وأمنية كبيرة فى السنوات الأخيرة فقد شهدت كل من مالى وبوركينا فاسو انقلابين عسكريين منذ عام 2020 وفى يوليو 2023 حدث انقلاب عسكرى فى النيجر فى 16 سبتمبر 2023 أنشأت بوركينا فاسو ومالى والنيجر تحالف دول الساحل وهو ميثاق دفاعى مشترك وقررت الانسحاب من الجماعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (إيكواس) فى يناير 2024 وخلال شهر مارس أعلنت المجالس العسكرية الثلاثة عن تشكيل قوة مشتركة لمحاربة الجماعات الإسلامية المسلحة، وعلى الرغم من تدهور الوضع فى مالى فقد تم إنهاء نظام عقوبات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة وبعثة حفظ السلام (مينوسما) دون أى أسباب مقنعة ومؤخرا ندد المفوض السامى لحقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بالمذابح المتزايدة ضد المدنيين فى بوركينا فاسو ودول الساحل ووفقًا لمنظمة هيومن رايتس ووتش أعدم الجيش أكثر من 220 مدنيًا بإجراءات موجزة فى 25 فبراير من العام الجارى كجزء من حملة واسعة النطاق ضد المدنيين المتهمين بمساعدة الجماعات الإسلامية المسلحة كما صرحت لجنة الأمم المتحدة المعنية بالاختفاء القسرى أنها تلقت معلومات عن وجود العديد من المقابر الجماعية وأعربت عن قلقها بشأن مزاعم الاختفاء القسرى والتى تستهدف بشكل أساسى شعب الفولانى وهى مجموعة عرقية من المزارعين والعمال وغيرهم والتى ورد أنها ارتكبت من قبل القوات المسلحة أو حزب الشعب الديمقراطى ودعت التحالفات الإفريقية الناطقة بالفرنسية للمحكمة الجنائية الدولية المدعى العام لفتح تحقيق خلال بعد أن أظهر مقطع فيديو تم التحقق منه من قبل وسائل الإعلام الدولية جثثًا تحترق بينما وثقت الصور سلسلة من عمليات قتل المدنيين الواضحة على يد الجيش فى منطقة فوتورى الشرقية.

 

 

 

وفى إثيوبيا لم تنته الحرب الأهلية التى استمرت عامين بعد حتى بعد أن وقعت الحكومة المركزية اتفاق سلام مع قوات تيغراى فبعد أقل من عام من انتهاء الحرب فى تيغراى اندلع صراع آخر فى أمهره التى تقع فى الجنوب وهى أكثر اكتظاظًا بالسكان إن القتال فى أمهره على الرغم أنه لم يصل حتى الآن إلى مستوى عال من الدموية مثل القتال فى تيغراى فإنه خطير للغاية حيث يتنافس المتمردون فى جزء كبير من المنطقة مما يشكل تحديًا لحكومة رئيس الوزراء آبى أحمد واستقرار إثيوبيا واستمرت التوترات فى الارتفاع بعدما رفضت العديد من قوات أمهره أمر أبى بحل الميليشيات شبه العسكرية الإقليمية وتوجهت إلى الأدغال بأسلحتها للانضمام إلى ميليشيات أمهرة المعروفة باسم فانو والتى لم يتم تسريحها بعد الانضمام إلى القتال ضد جبهة تحرير شعب تيغراى ثم اندلعت اشتباكات كبرى فى جميع أنحاء أمهرة فى أواخر العام الماضى مما دفع المنطقة إلى حالة حرب وبعد أن امتد القتال إلى مدن مهمة بما فى ذلك العاصمة الإقليمية بحر دار وجوندار ولاليبيلا، التى استولى عليها المتمردون لفترة وجيزة نجحت القوات الفيدرالية فى طردهم، لكن ميليشيات فانو المختلفة التى تفتقر إلى قيادة مركزية أعادت تجميع صفوفها فى الريف بدعم من المنشقين عن الميليشيات شبه العسكرية وشنت هجمات جديدة على المدن وحتى إذا تمكنت القوات الفيدرالية من الاستمرار فى صد هذه الهجمات فإنها ستواجه صراعًا شاقًا وعنيفا يسقط خلاله الآلاف من البشر لاقتلاع المتمردين الذين يتمتعون بدعم النخبة وروابط مجتمعية قوية، تكبدت إثيوبيا بسبب نهج آبى فى التعامل مع خصومه خسائر باهظة للغاية فقد أدى الصراع إلى مقتل مئات الآلاف، وتشريد العديد من الناس فى الاضطرابات التى اندلعت منذ توليه السلطة وأيضا الاقتصاد يعانى الآن على أجهزة الإنعاش وتدهورت سمعة إثيوبيا السابقة كمرساة لمنطقة القرن الإفريقى وولاية أمهرة، التى يبلغ عدد سكانها نحو 30 مليون نسمة، فى حالة محفوفة بالمخاطر وعلاوة على ذلك يتفق الجميع تقريبا على أن شعبية آبى قد انخفضت بشكل حاد ويرجع ذلك جزئيا إلى انخفاض أسهمه بين العديد من أبناء أمهره الذين كانوا يدعمونه فى السابق، حتى لو كانت قبضة رئيس الوزراء على أجهزة الدولة تبدو آمنة لكن لا تزال إثيوبيا على شفا حرب أهلية طاحنة.

 

 

 

البؤر الساخنة 

 احتلت المكسيك المرتبة الأكثر خطورة فى العالم بالنسبة للمدنيين فى مؤشر الصراع ACLED وعلى الرغم من انخفاض العنف الذى يستهدف المدنيين بنسبة 13 ٪ فى عام 2023، فإنه لا يزال عند مستويات مرتفعة بشكل مقلق مع تسجيل ما يقرب من 5200 حادث وقد أدى عنف الجريمة المنظمة إلى زيادة فى عدد المكسيكيين المهاجرين إلى الولايات المتحدة وغالبًا لا يتم الإبلاغ عن العنف الذى يستهدف المهاجرين فإن الجماعات الإجرامية تستغلهم وتستخدمهم كبغال وتفرض عليهم رسوم عبور فضلًا عن ابتزازهم واختطافهم والاعتداء عليهم جنسيًا وترتبط صراعات العصابات المسلحة ارتباطا وثيقا بارتفاع إنتاج المخدرات الإقليمى حيث وصل إلى أعلى مستوياته على الإطلاق والهجرة غير المسبوقة وتوسع نزاعات الكارتلات ووفقًا لأحدث أرقام مكتب الأمم المتحدة المعنى بالمخدرات والجريمة توسعت محاصيل الكوكا فى كولومبيا بنسبة 13 ٪ فى عام 2021 لتصل إلى 230 ألف هكتار بينما زادت أيضًا فى بيرو وبوليفيا ويؤدى الإنتاج المتزايد إلى تنويع طرق الاتجار والمنافسة اللاحقة بين الجماعات الإجرامية فى بلدان العبور وخاصة تلك التى تتركز فيها الكارتلات المكسيكية وعلاوة على ذلك يستمر استهلاك الفنتانيل الذى تنتجه الكارتلات المكسيكية باستخدام سلائف كيميائية من الصين فى الارتفاع فى الولايات المتحدة حيث توفى أكثر من 100 ألف شخص بسبب الجرعات الزائدة فى عام 2021 على الرغم من وعود الحكومتين المكسيكية والصينية بالمساعدة فى وقف تدفق هذه المادة وحظر إنتاج الفنتانيل المزعوم الذى أعلنته كارتل سينالوا وهى منظمة دولية لتهريب المخدرات، وغسل الأموال والجريمة المنظمة تم تأسيسها فى أواخر الثمانينيات ومع تزايد الطلب على المواد غير المشروعة وعرضها فى الدول الغربية فمن المرجح أن تستمر السيطرة على إنتاجها والاتجار بها فى تأجيج النزاعات العنيفة بين الكارتلات فى المكسيك وبلدان المنشأ والعبور وينطبق هذا بشكل خاص على عصابات المخدرات الأكثر قوة مثل كارتل سينالوا وعصابة الجيل الجديد فى خاليسكو التى تنشر نزاعاتها العنيفة بشكل متزايد حتى خارج حدود البلاد على نحو مماثل ومن غير المرجح أن ينخفض ​​عدد الأشخاص الذين يمرون عبر المكسيك للوصول إلى الولايات المتحدة مما يوفر للجماعات الإجرامية تدفقات دخل إضافية وأسباب لاحقة للقتال وخاصة فى ولاية تشياباس الجنوبية وهى بوابة البلاد للمهاجرين العابرين عبر أمريكا الوسطى وتواصل الجماعات المسلحة توسيع نطاق عمليات الحماية التى تمارسها، مما يؤثر على الأمن العام والأنشطة الاقتصادية، ويزيد من تفاقم الخسائر المدنية وقتل الآلاف من الأبرياء وخاصة فى الولايات حيث تكافح الجماعات المتشرذمة بشكل متزايد من أجل ترسيخ الهيمنة مثل ميتشواكان، وجواناخواتو، وغيريرو، ونويفو ليون، وتاماوليباس.

 

 

 

وكذلك فى اليمن لا يزال الوضع الداخلى متوترًا على الرغم من الإعلان عن خريطة طريق برعاية الأمم المتحدة ومع ذلك فإن التصعيد الإقليمى فى البحر الأحمر قد يعرقل جهود السلام الجارية ويؤدى إلى تجدد الصراع بعد تورط الحوثيين فى تعطيل حركة السفن التجارية عبر البحر الأحمر أحد أهم طرق الشحن فى العالم والذى يربط بين آسيا والشرق الأوسط وأوروبا يمر أكثر من 12 ٪ من التجارة البحرية العالمية عبر البحر الأحمر وردت الولايات المتحدة والمملكة المتحدة على الهجمات وأعادت العديد من السفن توجيه مساراتها حول رأس الرجاء الصالح ومن المحتمل أن يتصاعد الصراع فى اليمن وسط المفاوضات الجارية إذا انهارت المحادثات وقد خلفت ثمانى سنوات من الحرب فى اليمن خسائر فادحة فى صفوف المدنيين، فقد أودى الصراع بحياة أكثر من 377 ألف شخص وشرد 4.5 مليون شخص ويحتاج 21 مليون شخص إلى مساعدات إنسانية ويعانى 17 مليون شخص فى اليمن من الجوع الشديد وأدى الصراع أيضا إلى تدمير البنية الأساسية للبلاد بما فى ذلك الطرق الرئيسية والمطارات، بالإضافة إلى انهيار الاقتصاد وارتفاع أسعار السلع وانخفاض قيمة العملة إلى صعوبة حصول الناس على الضروريات الأساسية.