إدانات واسعة ودعوات لتحقيق دولى وأشلاء جثث توزن بالكيلو «مجزرة التابعين» تثير غضبًا عالميًا ضد دولة الاحتلال

مرڤت الحطيم
تصاعدت موجة واسعة من الغضب والإدانات الدولية ضد إسرائيل بعد قصفها «مدرسة التابعين» التى تؤوى نازحين فى حى الدرج شرق مدينة غزة خلال صلاة الفجر ما أودى بحياة أكثر من 100 فلسطينى وإصابة العشرات. وأصدرت مصر والسعودية والأردن وقطر والإمارات وسلطنة عمان والكويت ولبنان وإيران وتركيا وبريطانيا وروسيا، إضافة إلى السلطة الفلسطينية والأزهر الشريف ومؤسسات عربية وخليجية وأممية بيانات تدين بأشد العبارات استمرار الهجمات الإسرائيلية وتطالب المجتمع الدولى بتحمل مسئولياته حقنا للدماء وحجة الكيان الصهيونى دائما أن مسلحى حماس يختبئون فى وسط المدنيين.
عقد مجلس الأمن الدولى جلسة طارئة بناء على طلب الجزائر لبحث المجزرة التى ارتكبتها قوات الاحتلال فى مدرسة التابعين بحى الدرج فى غزة. وخلال الجلسة حذرت ليزا دوتن مديرة قسم التمويل بمكتب الشئون الإنسانية فى الأمم المتحدة من انزلاق الأوضاع فى غزة نحو كارثة أكبر، مطالبة بممارسة ضغوط دبلوماسية واقتصادية لمنع مآسٍ كالتى شهدتها مدرسة التابعين. من جهته، انتقد المندوب الجزائرى عمار بن جامع مجلس الأمن لعجزه عن وقف المجازر التى ترتكبها إسرائيل فى قطاع غزة واصفا اجتماعاته فى هذا الشأن بالعبثية وغير الفعالة، وفى السياق قال مندوب فلسطين الدائم بالأمم المتحدة رياض منصور إنه فى كل مرة يدفع فيها العالم من أجل وقف إطلاق النار ترد إسرائيل بمجزرة، وأنه ليس من قبيل المصادفة أنه فى كل مرة يدفع فيها العالم من أجل وقف لإطلاق النار ترد إسرائيل بمجزرة مثل تلك التى وقعت فى مدرسة التابعين، إنها توجه بهذا رسالة أبشع من سابقتها مفادها أنها لن تتوقف.

ويقول موقع القاهرة الإخبارية أن مجزرة مدرسة التابعين هى أبشع جريمة منذ اندلاع العدوان على غزة بعد 7 أكتوبر وفقا لما وصفه هانى نافذ مدير مدرسة التابعين التى تعرضت لمجزرة إسرائيلية وقعت خلال تأدية النازحين لصلاة الفجر إثر قصفها من قبل جيش الاحتلال الإسرائيلى بثلاثة صواريخ مخلفة كومة من الأشلاء. وعن المجزرة، قال نافذ فى تصريحات خاصة لموقع القاهرة الإخبارية: «كان فى المصلى الذى يخصص للنوم فى أوقات غير الصلاة حوالى 200 شخص تقريبا وعند أذان الفجر استيقظ الجميع وجهزوا أنفسهم للصلاة، ووقعت المجزرة فى الركعة الأولى عندما اجتمع الناس واصطفوا وأقيمت الصلاة، فقصفهم جيش الاحتلال بالصواريخ التى استهدفت قتل كل فرد موجود داخل المصلى من أطفال ورجال وكبار حتى النساء فى الطابق الثانى من المصلى احترق بهن بالكامل، مما أسفر عن سقوط 130 شهيدًا تم التعرف على 95 منهم، عرفوا من الرأس والبقية كلها أشلاء مقطعة وتوجد 35 جثة لم يتم التعرف عليها فهم عبارة عن كوم لحم».
وأضاف نافذ أنه لأول مرة فى غزة يتم جمع قطع اللحم المتبقية من أشلاء الجثث ووزنها بالكيلو، إذ تم وضع من 70 إلى 75 كيلو فى كيس وكتابة اسم أى من المفقودين الذين لم يتم التعرف عليهم وإعطاؤها لعائلته بديلا عن جثته، ويضيف نافذ إنها أبشع جريمة تحدث منذ بداية العدوان على غزة التى أسفرت عن أكثر من 40 ألف شهيد حتى الآن، «تخيلوا الناس يصلون الكتف بالكتف والقدم بالقدم وهم متراصون فتلقى عليهم قنابل ذكية أمريكية فيختلط لحم وعظام الشهداء مع بعضه البعض، لدينا غرفة كاملة فى المستشفى عبارة عن أشلاء وقطع لحم مشيرا إلى إصابة أكثر من 100 آخرين وأكد أن جميعهم إصابات بالغة الخطورة وحالات غير مستقرة، وذكر نافذ أن المدرسة كانت تضم 350 عائلة بها أكثر من 1500 شخص من نساء وأطفال ورجال وهى تتبع لجمعية الصحابة (الدعوة والتبليغ) المرخصة من وزارة التربية والتعليم والسلطة الفلسطينية وهى معروفة بأنها جمعية لا علاقة لها بالشأن السياسى».
وعن مزاعم جيش الاحتلال استهدافه «التابعين» لوجود قيادات من حركة حماس قال «نافذ»، إنه يوجد بالمدرسة 53 غرفة و5 قواعد كبيرة ومصلى وهى منشأة مدنية لا تضم أى مظهر للعنف ولا يوجد بها مسلحون ولا قيادة، ويتم رعاية المدرسة من قبل مجموعة من المؤسسات الدولية، ولا يوجد بها أى مسلحين وكل تصريحات جيش الاحتلال حول قصف المدرسة لوجود قياديين هو محض كذب وافتراء لتبرير استهدافه وقتله المدنيين. و«التابعين» هى مدرسة تعليمية أصبحت مأوى للنازحين منذ بداية حرب 7 أكتوبر، حيث لجأ الناس إليها من أجل الاحتماء بها من مناطق قريبة حولها، وكذلك المنطقة الشمالية لبيت حانون ومن بيت لاهيا وجباليا.
وعن الوضع الحالى للمستشفى، صرح «نافذ» بأنه تم تدمير المصلى والمراحيض والخدمات المحيطة كالمطبخ وأجزاء من الساحة الخارجية مضيفا أن النازحين لا يزالون يسكنون الغرف الدراسية داخل «التابعين»، وإن اللاجئين إلى المدرسة هم النازحون الذين دمر قصف الاحتلال الإسرائيلى منازلهم ولا يوجد مأوى آخر لهم إذ تركوا المدرسة إثر الدمار الناجم عن القصف فإلى أين يذهبون؟ وتابع: الناس يضطرون إلى العيش وسط الدمار والركام ولا يجدون مكانا آخر للذهاب إليه، حتى الذى يقصف جيش الاحتلال منزله ولم يطله القصف بشكل كامل يظل يسكنه حيث يبقى فى بعض الأجزاء التى لم يتم تدميرها. وأكد نافذ أن الاحتلال يتعمد قتل المدنيين والأطفال عقابا لهم على موقفهم وصمودهم فى الحرب على غزة وعدم هجرتهم إلى الجنوب مشيرا إلى مخطط لتفريغ غزة من السكان والضغط عليهم وإرهابهم.

واختمم «نافذ» حديثه بالإشارة إلى معاناتهم بسبب عدم وجود الغذاء الكافى، حيث لا يوجد خضروات ولا لحوم وإن وجدت بعضها تكون باهظة الثمن واقتصار الطعام على الدقيق وبعض المعلبات التى ترسلها مؤسسة الغذاء العالمى.
وقبل مدرسة التابعين مباشرة كان قد استشهد 15 فلسطينيا وأصيب عشرات بينهم أطفال إثر استهداف طائرات حربية إسرائيلية مدرستى الزهراء وعبدالفتاح حمود اللتين تؤويان نازحين بحى التفاح شرقى مدينة غزة، وفق جهاز الدفاع المدنى فى قطاع غزة. وفى الرابع من أغسطس الجارى، أعلن جهاز الدفاع المدنى الفلسطينى بالقطاع فى بيان استشهاد 30 فلسطينيا وإصابة العشرات %80 منهم أطفال فى قصف إسرائيلى استهدف مدرستى النصر وحسن سلامة فى حى النصر غرب مدينة غزة. وفى الثالث من أغسطس استشهد 16 فلسطينيا وأصيب آخرون فى قصف إسرائيلى استهدف مدرسة حمامة التى تؤوى نازحين فى حى الشيخ رضوان شمال المدينة.
ووصف وزير خارجية الاتحاد الأوروبى چوزيب بوريل الضربة القاتلة التى شنتها إسرائيل على مدرسة التابعين التى تؤوى نازحين فى غزة بأنها مروعة، قائلا إنه يشعر بالرعب من صور المجزرة. وكتب بوريل على منصة «إكس» أن الصور القادمة من مدرسة تؤوى نازحين فى غزة تعرضت لغارة إسرائيلية مروعة، مع ورود أنباء عن سقوط الضحايا الفلسطينيين، وأنه تم استهداف ما لا يقل عن 10 مدارس فى الأسابيع الأخيرة. ولا يوجد ما يبرر هذه المجازر، مؤكدا أن وقف إطلاق النار فى غزة هو السبيل الوحيد لوقف قتل المدنيين وتأمين إطلاق سراح الرهائن. من جهتها، قالت المقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بحالة حقوق الإنسان فى الأراضى الفلسطينية فرانشيسكا ألبانيز إن إسرائيل ترتكب إبادة جماعية بحق الفلسطينيين فى مدرسة تلو الأخرى بقطاع غزة، بأسلحة أمريكية وأوروبية وسط عدم اكتراث كل الأمم المتحضرة. وقالت إن لدى إسرائيل تاريخا طويلا فى اغتيال الفلسطينيين بالداخل والخارج، وشددت على أن ذلك لا يمكن أن يبقى دون حساب. ودعت ألبانيز لضرورة أن تكون التحقيقات المستقلة والشفافة والمساءلة جزءا من الطريق إلى السلام، وأدانت مع خبراء أمميين آخرين تصاعد العنف فى الشرق الأوسط، والجولة الأخيرة من عمليات القتل والاغتيال خارج نطاق القانون، من لبنان إلى إيران، والتى قد ترقى أيضا إلى أعمال عدوانية، وارتفع عدد ضحايا مدرسة التابعين بمنطقة حى الدرج وسط مدينة غزة إلى أكثر من 100 شهيد وعشرات المصابين والمفقودين، فى واحدة من كبرى المجازر التى شهدها قطاع غزة فى الأسابيع الأخيرة.
وأدان الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط العمل الجبان الذى يمثل سبة فى جبين جيش الاحتلال الإسرائيلى مؤكدا أن قتل المدنيين النازحين أثناء صلاة الفجر هو جريمة تفوق حتى المستوى المتدنى المعهود عن الجيش الإسرائيلى من حيث الإمعان فى الخسة والتجرد من الضمير وأضاف أبو الغيط إن استمرار حرب الإبادة ضد الفلسطينيين فى غزة هو رخصة لإسرائيل بالقتل المتواصل والإفلات من العقاب داعيا المجتمع الدولى إلى بذل ضغوط حقيقية على إسرائيل للتفاوض بشكل جاد من خلال الوسطاء من أجل وقف فورى لإطلاق النار فى غزة فى مقابل صفقة للأسرى.
كما أعرب الأمين العام لمجلس التعاون الخليجى جاسم محمد البديوى عن إدانته واستنكاره للجريمة الإسرائيلية وشدد على أن الاعتداءات المتواصلة والعنيفة التى تشنها قوات الاحتلال الإسرائيلى على المدنيين الفلسطينيين فى غزة وبقية الأراضى الفلسطينية، واستهدافها بشكل مباشر لمراكز الإيواء ومخيمات النازحين، تعتبر جرائم حرب تبرز النهج الإجرامى الخطير لقوات الاحتلال الإسرائيلى وتشكل انتهاكا صارخا للقوانين والمعاهدات الدولية والإنسانية، دون أى مراعاة للقيم القانونية والأخلاقية والإنسانية.
وقالت مصر إن القتل المتعمد للفلسطينيين العزل يظهر افتقار إسرائيل للإرادة السياسية لإنهاء الحرب فى غزة. وذكرت وزارة الخارجية المصرية فى بيان أن استمرار ارتكاب تلك الجرائم واسعة النطاق، وتعمد إسقاط تلك الأعداد الهائلة من المدنيين العزل، كلما تكثفت جهود الوسطاء لمحاولة التوصل إلى صيغة لوقف لإطلاق النار فى القطاع، هو دليل قاطع على غياب الإرادة السياسية لدى الجانب الإسرائيلى لإنهاء تلك الحرب، وإمعان فى استمرار المعاناة الإنسانية للفلسطينيين تحت وطأة كارثة إنسانية دولية يقف العالم عاجزا عن وضع حد لها.
وطالب الأزهر الشريف جميع أحرار العالم بمواصلة الضغط بكل السبل لوقف جرائم الجيش الإسرائيلى وأعمال الإبادة الجماعية التى يمارسها يوميا بحق أصحاب الأرض فى فلسطين. وقال فى بيان إن التاريخ لن يرحم المتخاذلين والصامتين على هذه الجرائم البشعة، وذكر أن العمل الإجرامى الغادر الذى نال من مدنيين أبرياء كانوا يقفون بين يدى الله فى أداء صلاة الفجر، ومعهم نساؤهم وأطفالهم وشيوخهم، جريمة تعجز كل لغات البشر عن التعبير عن قسوتها وشناعتها وهمجيتها، وتجرد من كل معانى الرحمة والإنسانية.
وفى قطر، أصدرت وزارة الخارجية بيانا يدين الهجوم الذى اعتبرته مجزرة مروعة وجريمة وحشية بحق المدنيين العزل وتعديا سافرا على المبادئ الأساسية للقانون الإنسانى الدولى. وجدد البيان المطالبة بتحقيق دولى عاجل يتضمن إرسال محققين أمميين مستقلين لتقصى الحقائق فى استهداف القوات الإسرائيلية للمدارس ومراكز إيواء النازحين، كما دعا المجتمع الدولى لتوفير الحماية للنازحين ومنع قوات الاحتلال من تنفيذ مخططاتها الرامية لإجبارهم على النزوح القسرى من القطاع، وإلزامها بالامتثال للقوانين الدولية.
كما نشرت وزارة الخارجية الإماراتية بيانا قالت فيه إن دولة الإمارات تدين وتستنكر بأشد العبارات استهداف مدرسة التابعين شرق مدينة غزة. وأكد البيان رفض الإمارات القاطع لاستهداف المدنيين والأعيان المدنية وعلى أن الأولوية العاجلة هى الحفاظ على أرواح المدنيين وضمان وصول المساعدات الإنسانية والإغاثية والطبية إلى الشعب الفلسطينى فى القطاع بشكل عاجل ومكثف وآمن ودون أى عوائق. وأعربت وزارة الخارجية الكويتية عن إدانتها واستنكارها الشديدين للهجوم، وأكدت على ضرورة تدخل المجتمع الدولى ومجلس الأمن من أجل إيقاف هذه الجرائم البشعة بحق شعب أعزل.
وفى الأردن، أصدرت وزارة الخارجية وشئون المغتربين بيانا اعتبرت فيه أن القصف الإسرائيلى لمدرسة التابعين خرقا فاضحا لقواعد القانون الدولى وإمعانا فى الاستهداف الممنهج للمدنيين ومراكز إيواء النازحين. وأكدت الوزارة إدانة المملكة واستنكارها المطلق لاستمرار إسرائيل لما تقوم به من انتهاكات للقانون الدولى والقانون الدولى الإنسانى فى ظل غياب موقف دولى حازم يلجم العدوانية الإسرائيلية ويجبرها على احترام القانون الدولى ووقف عدوانها على غزة، وما ينتجه من قتل ودمار وكارثة إنسانية غير مسبوقة. وأشارت إلى أن الاستهداف يأتى فى وقت يسعى فيه الوسطاء إلى استئناف المفاوضات على صفقة تبادل تفضى إلى وقف دائم لإطلاق النار، واعتبر هذا مؤشرا على سعى الحكومة الإسرائيلية لعرقلة هذه الجهود وإفشالها.
وأدانت وزارة الخارجية والمغتربين اللبنانية بأشد العبارات استهداف إسرائيل مدرسة التابعين وقالت إن القصف العشوائى الممنهج لجيش الاحتلال الإسرائيلى وقتل الأطفال والمدنيين دليل واضح على استخفاف الحكومة الإسرائيلية بأحكام القانون الدولى والقانون الدولى الإنسانى. وأضافت أنها تعتبر أن استمرار ارتكاب الجرائم بحق الفلسطينيين، وتعمد إسقاط هذه الأعداد الهائلة من المدنيين العزل كلما تكثفت جهود الوسطاء الدوليين لمحاولة التوصل إلى صيغة لوقف إطلاق النار فى القطاع، يعطى الدليل القاطع لنية إسرائيل إطالة الحرب وتوسيع رقعتها.
وقال الناطق الرسمى باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة إن المجزرة التى نفذها الاحتلال الإسرائيلى بحق أبناء شعبنا الأعزل فى مدرسة التابعين بحى الدرج التى تؤوى نازحين تتحمل الإدارة الأمريكية مسئوليتها جراء دعمها المالى والعسكرى والسياسى للاحتلال. ونقلت وكالة الأنباء والمعلومات الفلسطينية (وفا) عن أبو ردينة قوله إن هذه الجريمة تأتى استمرارا للمجازر اليومية التى يرتكبها الاحتلال فى قطاع غزة وكذلك فى الضفة الغربية والتى تؤكد مساعى دولة الاحتلال لإبادة شعبنا عبر سياسة المجازر الجماعية وعمليات القتل اليومية فى ظل صمت دولى مريب، وأضاف أنه فى الوقت الذى تعلن فيه الإدارة الأمريكية الإفراج عن 3.5 مليارات دولار لمصلحة إسرائيل لإنفاقها على أسلحة وعتاد عسكرى أمريكى تقوم فورا بارتكاب جريمة نكراء ومجزرة بحق أهلنا النازحين فى مدرسة بمدينة غزة. تتحمل الإدارة الأمريكية المسئولية المباشرة عن هذه المجزرة وعن تواصل العدوان فى شهره العاشر.