هاريس VS ترامب الانتخابات الأمريكية على ميزان «القوة»

مروة الوجيه
بقى أقل من 20 يوما على بدء التصويت المبكر فى 7 ولايات حاسمة أمريكية تبدأ فى 6 سبتمبر المقبل وتستمر حتى نهاية شهر أكتوبر.الولايات الأمريكية المقرر بدأ التصويت بالبريد فيها هى: ولاية كارولينا الشمالية، ألاباما، بنسلفانيا وكنتاكى، مينيسوتا وساوث داكوتا، فى إلينوى، فيما تبدأ معظم الولايات انتخاباتها المبكرة فى شهر أكتوبر المقبل.
تعكس قوة كل فريق فى قدراته على تحمل «سخافات» الفريق الآخر، فخلال الأيام الماضية بدأت الحرب تشدت بين دونالد ترامب وكامالا هارس بصورة قوية، وبدأت هاريس فى شن هجماتها بقوة تجاه ترامب، الذى من الواضح تخبطه فى فهم هاريس، فهى بالنسبة للمرشح الجمهورى والرئيس السابق شخص مبهم لا يملك ما يكفى من الأسلحة لهزيمته، خاصة بعد أن نجحت هاريس فى تصدر استطلاعات الرأى فى بعض ولايات كانت تعتبر حاسمة للتصويت لترامب.
> الضربة القاضية
حين نتحدث عن ترامب نرى أن نقاط قوته تتمركز فى عدد من القضايا، أهمها الاقتصاد فهو رجل الأعمال الذى يتعامل بصورة برجماتية بحتة يبحث عن صفقا تصب فى مصلحته أولًا ثم مصلحة بلاده، التى بالتالى تصب فى مصلحته، وكانت أزمة بورصة وول ستريت التى ضربت الأسواق المالية الأيام الماضية حجة قوية استثمرها ترامب فى هجومه على سياسة بايدن- هاريس، فشيكات المعونة الأمريكية جاء تأثيرها على بورصة طوكيو وأوروبا، وبعد أن تجاوزت البورصات الأوروبية والآسيوية أزمتها بخطوات بسيطة وتعافت وول ستريت بعض الشيء التزم ترامب الصمت لكن هاريس بدأت فى هجومها تجاهه بعد أن كانت صامتة طوال الفترة الماضية بعد إعلان ترشحها، حتى إنها لم تذكر اسم ترامب مباشرة فى أى من تصريحاتها.
هجوم هاريس جاء بسبب حماية الحدود، القضية التى يستغلها ترامب أيضًا فى هجومه الشرس ناحية الفريق الديمقراطى، وقلت هاريس بصوت عال ترامب والجمهوريون فى الكونجرس من يقفون للتصويت عن إبرام قانون الحدود لتضرب ترامب مرة أخرى بالضربة القاضية، ومع توالى الضربات جاء تصريح ترامب مع صديقه إيلون ماسك فى بودكاست على منصة «إكس» بأنه فى حال هزيمته فى الانتخابات سيترك البلاد ويرحل إلى فنزويلا!! ترامب سيترك حمام الدم الذى وعد به ويرحل!!!
> الهجوم المضاد
رغم ضربات هاريس المتوالية وتاليها تصدرها استطلاعات الرأى فى ثلاث ولايات متأرجحة (ميشيجان – ويسكونسن- بنسلفانيا) من أصل سبع ولايات، وهى الولايات التى تعتبر حاسة للسباق الرئاسى إلا أن هناك صفة واحدة لم تستطع هاريس انتزاعها من الرئيس السابق والمرشح الجمهورى لانتخابات الرئاسة، وتشكل عقبة حاسمة يجب على المرشحة الديمقراطية التغلب عليها للفوز بالبيت الأبيض.
وفق تقرير لشبكة CNN الأمريكية، فإن الناخبين ينظرون منذ فترة طويلة إلى ترامب باعتباره زعيما قويا وقادرا على الحفاظ على سلامتهم.
ومع تزايد تشككهم فى القدرة البدنية والعقلية للرئيس الحالى جو بايدن، نمت ميزة ترامب إلى أبعاد هائلة هذا العام.
غير أن طاقة هاريس وأسلوب حديثها القوى الواثق فى مسيراتها الصاخبة على مدار الأسابيع الثلاثة الماضية، أثارت التفاؤل بين الديمقراطيين بأنها تستطيع إعادة ضبط المناقشة حول القوة وتحييد، أو على الأقل تقليص، ميزة ترامب التقليدية فى هذا المقياس.
يقول خبير استطلاعات الرأى الديمقراطى إيفان روث سميث، الذى يقود مشروع «المخطط» الجارى لقياس مواقف الناخبين بشأن الموضوعات الرئيسية فى السباق الرئاسى لعام 2024: «لقد تم تعريف السياسة الأمريكية على مدى العقد الماضى بإطار فرضه دونالد ترامب عليها وعمل لصالحه، وهو إطار القوة هذا».
مضيفا فى حديثه مع سى إن إن «لقد أدى دخول كامالا هاريس إلى الصورة والتغيير الجذرى الذى حدث فى هذا السباق، إلى أخد نفس عميق من الارتياح بين الناخبين بأنه ربما يمكننا إغلاق هذا الفصل فى التاريخ الأمريكى.
وأوضح سميث فى حديثه أن «هذا يشمل التخلص من الإطار السياسى حول القوة التى فرضها دونالد ترامب على السياسة الأمريكية. ليس فقط الرجل نفسه، بل الإطار نفسه».
وللقيام بذلك، من المرجح أن تحتاج هاريس إلى دحض الجهود الجمهورية المتزايدة لتصويرها على أنها ضعيفة، ومن المرجح أن يركز هذا الهجوم على القضايا المتعلقة بالأمن، بما فى ذلك الجريمة والهجرة والدفاع الوطنى.
ويعتقد بعض الديمقراطيين أن خطة ترامب لإضعاف زخم هاريس قد تعيد عناصر الحملة الرئاسية لعام 1988 التى خاضها جورج دبليو بوش، ومدير حملته لى أتووتر، لتصوير خصمه الديمقراطى، حاكم ماساتشوستس مايكل دوكاكيس، على أنه ضعيف وليبرالى متساهل فى التعامل مع الجريمة.
وإذا قرر الجمهوريون السير فى هذا الاتجاه، يقول المستشار الديمقراطى المخضرم تاد ديفاين، الذى عمل كاستراتيجى كبير فى حملة دوكاكيس: «فقد يكون ذلك هجوما قويا للغاية. وأعتقد أن حملة هاريس يجب أن تكون مستعدة لذلك».
> القوة «الناعمة»
على الأرض يتنافس المعسكران الجمهورى والديمقراطى بقوة. ويصف المتحدثون باسم حملة ترامب، هاريس بشكل روتينى بأنها ضعيفة. وقد أصدرت لجنة العمل السياسى الرئيسية التى تدعم ترامب مؤخرا إعلانا يصف مواقفها بشأن قضايا العدالة الجنائية بأنها «ليبرالية بشكل خطير».
وفى مقابلة على قناة «فوكس نيوز»، ألمح ترامب إلى أن أصول هاريس تجعلها ضعيفة للغاية بحيث لا تستطيع الوقوف فى وجه زعماء العالم الآخرين، وأكد ترامب على أنها «ستكون سهلة للغاية بالنسبة لهم».
بدورها، بثت هاريس إعلانا فى الولايات المتأرجحة يروج لمؤهلاتها فى القضيتين اللتين يعتزم الجمهوريون استخدامهما ضدها.
ويبدأ الإعلان قائلا: «لقد أمضت كامالا هاريس عقودا من الزمان فى مكافحة الجرائم العنيفة»، قبل أن يختتم: «إصلاح الحدود أمر صعب. وكذلك الحال بالنسبة لكامالا هاريس».
ويعتبر إقناع الأمريكيين بأن نائبة الرئيس ضعيفة أمرا بالغ الأهمية بالنسبة للجمهوريين جزئيا، لأن استطلاعات رأى متعددة تظهر أن الناخبين يحكمون على هاريس بشكل أكثر إيجابية مقارنة ببايدن - وفى كثير من الحالات، بشكل أكثر إيجابية من حكمهم على ترامب.
وفى استطلاع رأى أجرته كلية الحقوق بجامعة ماركيت، قال ما يقرب من 3 من كل 5 ناخبين إنهم يعتقدون أن هاريس تتمتع بالمزايا المناسبة للنجاح كرئيس.
كان هذا أكثر من نصف الذين قالوا نفس الشيء عن بايدن فى استطلاع ماركيت هذا الربيع، وأعلى بكثير من حوالى خمسى الناخبين فى الاستطلاع الجديد الذين قالوا إن ترامب يتمتع بالمزاج المناسب للنجاح.
والأمر الأكثر دراماتيكية هو أن دخول هاريس فى السباق ورحيل بايدن قلبا المناقشة حول العمر إلى حد كبير.
وطوال العام، أظهرت استطلاعات الرأى أن نسبة كبيرة من الناخبين يشككون فى قدرة ترامب على القيام بمهامه وهو التصور الذى ربما غذته أخطاؤه اللفظية المتكررة أثناء الحملة الانتخابية، مثل الخلط بين نانسى بيلوسى ونيكى هيلى عند الحديث عن انتخابات السادس من يناير 2006.
ولكن وسط الأسئلة القديمة حول سلوكه، والشكوك حول عمره وقدرته العقلية، كانت الورقة الرابحة لترامب دائما هى تصور أنه زعيم قوى. وفق «سى إن إن».
وحتى قبل أداء بايدن الذى وُصف بـ«الكارثى» أمام ترامب، فى مناظرة يونيو الماضى، وصف عدد أكبر بكثير من الناخبين المرشح الجمهورى بأنه قوى مقارنة بخصمه الديمقراطى.
وتقدم ترامب على بايدن بنحو 20 نقطة مئوية على هذا المقياس فى استطلاع «جالوب» عقب المناظرة الرئاسية الأولى.
ووفق تعليق سيليندا ليك، لـCNN، وهى خبيرة استطلاعات رأى ديمقراطية أجرت استطلاعات لحملة بايدن لعام 2020، أن عجز بايدن أمام قوة ترامب أصبح عقبة لا يمكن التغلب عليها تقريبا خلال لحملته لعام 2024.
وقالت ليك: «كنا فى حاجة ماسة إلى تغيير ما كان البعد الشخصى لهذا السباق، والذى كان العمر والضعف مقابل القوة».
وهو ما توافق مع ويت آيرز، خبير استطلاعات الرأى الجمهورى، بقوله «كان ترامب الصورة الحقيقية للقوة بعد محاولة اغتياله عندما هز قبضته، وكان بايدن الصورة الحقيقية للضعف بعد نظرته الفارغة خلال فترات طويلة من المناظرة».
ومع استبدال هاريس ببايدن، يعتقد آيرز أن «المقارنات الأساسية بأكملها» التى كانت تعزز ترامب «انقلبت رأسًا على عقب».
وقال آيرز إن هاريس، بصفتها امرأة متعددة الأعراق، تضعف ميزة ترامب ضد بايدن فى الظهور وكأنه يجسد التغيير. ويعتقد أن حجة القوة أصبحت أكثر تعقيدا أيضا: «الآن أصبحت ديناميكية ذكورية وأنثوية، لكنها لا تتمتع بنفس الشعور بالقوة مقابل الضعف».