الجمعة 16 مايو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد امبابي
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد امبابي

مصر تضع قدمًا بسوق التريليــون دولار

من البحث عن موطئ قدم، إلى خطوات فعلية متسارعة، هكذا يبدو التغير فى استراتيجية ورؤية مصر تجاه توطين أكثر الصناعات المغذية للتقدم التكنولوجى فى العالم، فإذا ما تحدثنا عن صناعة الرقائق الإلكترونية وأشباه الموصلات فى مصر، فقد كانت من سنوات قليلة مجرد توصيات من دون تصور لآليات الانطلاق، أما الآن فثمة خطوات متسارعة تقودها الحكومة لإحراز تقدم فى هذا الإطار لضمان الاستفادة من سوق عالمية يُتوقع لها أن تتخطى التريليون دولار فى الأعوام القليلة المقبلة.



وبينما تستعد الدولة لطرح ممارسة خلال العام الجارى يتم من خلالها اختيار استشارى عالمى لوضع استراتيجية متكاملة لتوطين صناعة الرقائق الإلكترونية، فقد وافق مجلس الوزراء على مشروع قرار بإنشاء وتشكيل المجلس الوطنى لتوطين تكنولوجيا تصنيع الرقائق الإلكترونية والخلايا الشمسية.

وكان من الضرورى نقل تكنولوجيا صناعة الرقائق إلى مصر خاصة أنها تمتلك الكثير من مقوماتها وعلى رأسها المواد الخام الممثلة فى الرمال البيضاء والسوداء والتى تمثل ميزة نسبية لمصر فى هذه الصناعة، ولذلك فقد اهتمت الدولة على مدار السنوات الماضية بإنشاء مصانع الرمال السوداء لاستغلال احتياطيات تقدر بنحو 1.3 مليار متر مكعب.

 

 

 

وهو ما يأتى تنفيذا لتوجيهات الرئيس عبدالفتاح السيسى، رئيس الجمهورية، فى هذا الصدد، من إقامة صناعات تعتمد على هذه الثروات، كصناعة الرقائق الإلكترونية وأشباه الموصلات، سعيًا لدعم الاقتصاد المصرى وتحقيق أهداف التنمية المستدامة، وبما يعزز من فرص المنافسة العالمية فى هذا المجال. 

وأصبحت صناعة الرقائق الإلكترونية حاليًا هى الصناعة الأهم فى معادلة التقدم التكنولوجى والتحول الرقمى، حيث تدخل فى صناعة جميع الأجهزة الإلكترونية والكهربائية ووسائل النقل الحديثة، وكروت الدفع الإلكترونى وغيرها من الكروت الذكية.

وقد تأثر الاقتصاد العالمى خلال أزمة كورونا عندما حدث نقص فى الرقائق الإلكترونية فيما عرف وقتها بأزمة نقص الشرائح الإلكترونية وهو ما أثر وقتها على صناعة الإلكترونيات وأشباه الموصلات وكذلك السيارات.

>المجلس الوطنى لتصنيع الرقائق

وبالنظر إلى المجلس الوطنى لتصنيع الرقائق، فقد نص مشروع قرار مجلس الوزراء على أن يشكل المجلس برئاسة رئيس مجلس الوزراء وعضوية كل من: نائب رئيس مجلس الوزراء للتنمية الصناعية وزير الصناعة والنقل، ووزراء: التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولى، والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، والتعليم العالى والبحث العلمى،  والكهرباء  والطاقة المتجددة، والدولة للإنتاج الحربى، والمالية، والاستثمار والتجارة الخارجية، والبترول والثروة المعدنية «مقررًا للمجلس».

بالإضافة إلى رئيس مجلس إدارة الهيئة العربية للتصنيع، ورئيس مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار، وممثلين عن الكلية الفنية العسكرية، وجهاز مشروعات الخدمة الوطنية، وهيئة الأمن القومى، وهيئة الرقابة الإدارية.

ويجتمع المجلس بدعوة من رئيسه مرة كل شهرين على الأقل وكلما دعت الحاجة لذلك، ويختص المجلس بإقرار استراتيجية تكنولوجيا تصنيع الرقائق الإلكترونية والخلايا الشمسية، ومتابعة تحديثها كل عام أو كلما اقتضى الأمر ذلك، وكذا متابعة تنفيذ أجهزة الدولة المعنية لخطط وسياسات استراتيجية تكنولوجيا تصنيع الرقائق الإلكترونية والخلايا الشمسية، ومتابعة تطور العمل بالاستثمارات القائمة فى مجال تكنولوجيا تصنيع الرقائق الإلكترونية والخلايا الشمسية.

إلى جانب بحث أوجه المشكلات والمعوقات التى تواجهها، وإقرار الحلول اللازمة لتذليل معوقات الاستثمار فى مجال تكنولوجيا تصنيع الرقائق الإلكترونية والخلايا الشمسية، وتوجيه أجهزة الدولة المعنية لتنفيذها.

كما يختص المجلس بمراجعة التشريعات والنظم والقواعد والمعايير المنظمة للاستثمار فى مجال تكنولوجيا تصنيع الرقائق الإلكترونية والخلايا الشمسية، واقتراح ما يلزم منها على جهات الاختصاص، وتلتزم جميع أجهزة الدولة، كل فيما يخصه، بتنفيذ خطط وسياسات تكنولوجيا تصنيع الرقائق الإلكترونية والخلايا الشمسية، وكذا تنفيذ القرارات الصادرة عن المجلس فى شأن تذليل معوقات الاستثمار فى هذا المجال.

>مصانع الرمال السوداء

وبدأت الدولة مؤخرًا جهودًا غير مسبوقة للاستفادة من مخزون الرمال السوداء الغنية بالمعادن التى يستخدم بعضها فى صناعة الرقائق الإلكترونية مثل عنصر السيليكون، ففى عام 2016 تم تأسيس أول شركة مصرية لتعدين الرمال السوداء، وفى 2018 تم وضع حجر الأساس لمصنع فصل الرمال السوداء، وفى 2019 تم التصديق على قانون «الرمال السوداء»، لاستكشاف واستغلال معادن الرمال السوداء، وصولًا إلى افتتاح مجمع مصانع الرمال السوداء خلال عام 2022 بمدينة البرلس بمحافظة كفر الشيخ.

وأفاد مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار أن الاحتياطى الجيولوجى من الرمال السوداء فى مصر يقدر بنحو 1.3 مليار متر مكعب، موزعة على أربع مناطق رئيسية فى محافظات البحيرة، ودمياط، وكفر الشيخ، وشمال سيناء.

وتم كذلك تدشين مصنع استخلاص معادن الرمال السوداء فى رشيد بمحافظة البحيرة على مساحة 40 فدانا، وتبلغ مساحة منطقة التكريك الخاصة به نحو 9 كيلو مترات.

>استشارى عالمى

وتستعد الحكومة لاختيار استشارى عالمى لوضع تصور واستراتيجية لتوطين صناعة الرقائق الإلكترونية والخلايا الشمسية، واستمرار جهود تدريب الكوادر البشرية فى مجال الإلكترونيات، بالتكامل مع جهود جذب الاستثمارات لهذه الصناعات.

ويتم فى الوقت الراهن إعداد دراسات متكاملة تتضمن تعظيم الاستفادة من مقدرات مصر من خام الرمال البيضاء والسوداء، وكذا تعزيز القدرات التصنيعية فى هذا المجال، سعيًا لتوطين الصناعات الخاصة بالرقائق الإلكترونية وأشباه الموصلات، وذلك بالنظر لما تشهده هذه الصناعات من طلب متزايد خلال هذه الفترة، وفى المستقبل. 

وعقدت الحكومة اجتماعات ولقاءات على مدار الأشهر الماضية مع كبريات الشركات العاملة فى هذا المجال، لمناقشة واستعراض العديد من النقاط التى تدعم جهود توجه الدولة نحو توطين مثل هذه الصناعات المهمة، سواء ما يتعلق ببرامج التدريب المتخصصة وإعداد الكوادر البشرية، أو ما يتعلق بإتاحة المزيد من التيسيرات والحوافز جذبًا لمزيد من الاستثمارات لتلك الصناعات الحيوية.

>نمو السوق العالمية.. وفرص مصر

وثمة فرصة جيدة لمصر سواء لتغطية الطلب المحلى من الرقائق أو التصدير، خاصة مع زيادة الطلب العالمى فى ظل توسع قطاع أشباه الموصلات بشكل سريع؛ حيث أصبحت أشباه موصلات الطاقة مكونات لا غنى عنها فى تطبيقات مثل إمدادات الطاقة، ومحركات السيارات، وأنظمة الطاقة المتجددة.

وقد أدى نمو المركبات الكهربائية والانتقال إلى مصادر الطاقة المتجددة مع تطور الذكاء الاصطناعى إلى زيادة الطلب على أشباه موصلات الطاقة، نظرًا لدورها الأساسى فى التحكم بكفاءة وتحويل الطاقة الكهربائية فى مجموعات الحركة الكهربائية وأنظمة الطاقة المتجددة.

وطبقًا لشركة  موردور إنتليجنس فمن المتوقع أن تنمو صناعة أشباه الموصلات من نحو 720 مليار دولار فى عام 2024 إلى 1.21 تريليون دولار بحلول عام 2029، بمعدل نمو سنوى قدره 10.86 فى المئة خلال الفترة المتوقعة (2024-2029).

كذلك تتوقع منظمة ضغط أشباه الموصلات SEMI إنتاجًا شهريًا يبلغ 9.6 مليون رقاقة 300 ملم، و7.7 مليون من الرقاقة 200 ملم شهريًا بحلول 2026.

ووفقا لبيانات من منظمة ضغط أشباه الموصلات SEMI، فإن حوالى %70 من إجمالى القدرة التصنيعية الحالية تسيطر عليها كوريا الجنوبية وتايوان والصين، مع احتلال الأمريكتين المرتبة الخامسة بعد اليابان، التى استحوذت على حصة %13 فى عام 2022.

ولاستعادة أجزاء على الأقل من هيمنتها الصناعية السابقة، أقرت إدارة بايدن قانون الرقائق والعلوم فى أغسطس 2022، وخصصت حوالى 280 مليار دولار لدفع صناعة الرقائق المحلية المتخلفة من حيث البحث والإنتاج. ويبقى أن نرى ما إذا كان هذا الإجراء كافيا للولايات المتحدة للتغلب على أكبر منافس لها اقتصاديا، الجمهورية الشعبية.