التصعيد بين طهران وتل أبيب يقود إلى حرب إقليمية مفتوحة فى الشرق الأوسط إيران تحاول تحييد الأردن وتتأهب مع ميليشياتها فى المنطقة للانتقام والرد على إسرائيل

الرياض صبحى شبانة
بدأت الحروب عبر التاريخ بمناوشات لا أحد من أطرافها سعى للانزلاق إليها والوقوع فى براثنها، يقتل فيها الملايين، وتتبدل بنهايتها خرائط، وتحرق مدن، وتسقط أنظمة، الحروب على امتداد التاريخ يشعل فتيلها حاكم مأفون أرعن متهور لديه نزعة عدوانية، ويكتوى بنيرانها الملايين من البشر، ثمة قرارات حمقاء تقود العالم إلى الخراب والدمار وعصور من الظلام، نحن نعيش فى منطقة تعيش على حافة حرب إقليمية لن ينجو منها أحد، كل العناصر التى تساعد على إشعال فتيل الحرب «إن لم تكن قد اشتعلت فعلا عند صدور هذا العدد من المجلة».
توفرت، تؤججها حكومـــة يمينيـــة متطرفـــة فى إســـرائيل تحلم بمشروع إسرائيل الكبرى، ونظام سلطوى رجعى فى إيران يسعى للقفز فوق جماجم ودماء الفلسطينيين فى غزة لتوسيع نفوذه فى المنطقة، والولايات المتحدة الأمريكية التى من جانبها تستخدم الطرفين «إيران وإسرائيل» لعسكرة الشرق الأوسط، واستعادة هيبتها ونفوذها المتآكل فى المنطقة.
ليس بوسع أحد التنبؤ بما سوف يكون عليه المشهد الإقليمى بعد تزايد المخاوف من اندلاع حرب إقليمية واسعة النطاق فى الشرق الأوسط بعد اغتيال إسرائيل رئيس المكتب السياسى لحركة حماس إسماعيل هنية فى العاصمة طهران، والقيادى فى حزب الله فؤاد شكر فى ضاحية بيروت الجنوبية، ومن قبل تدمير ميناء الحديدة اليمنى جنوب البحر الأحمر والقريب من مضيق باب المندب الذى تسيطر عليه ميلشيا الحوثى، وهو ما وضع إيران وحلفائها فى المنطقة امام خيار وحيد هو حتمية الرد والانتقام لكبرياء تمرغ أكثر من مرة بفعل اختراق إسرائيلى متكرر للداخل الإيرانى ومنظومة حزب الله فى لبنان، وهو ما جعل المنطقة كلها تعيش على وقع طبول حرب لا يعلم أحد حدودها، او على أى وضع ستؤول نهايتها.
تعيش منطقة الشرق الأوسط طيلة الأيام القليلة الماضية حالة من الاستنفار والترقب والحذر بين توعد إيران وحلفائها برد مزلزل وتصريحات لمسئولين إيرانيين بأن العالم سوف يشهد مشاهد مذهلة وأحداثاً خطيرة من شأنها تعيد ترتيب جغرافية المنطقة، وبين تأكيد أمريكا دعمها الثابت لإسرائيل أمام تهديدات إيران، وحزب الله، والحوثيين، والمجموعات الأخرى المدعومة من طهران، وهو ما يجعل ساحة الحرب الإقليمية تمتد من جنوب الجزيرة العربية حيث ميليشيا الحوثى التى تختطف القرار اليمنى، والحشد الشعبى الذى لا يزال يملك اليد العليا فى العراق، وقيادات فيلق القدس والحرس الثورى الإيرانى، وتشكيلات زينبيون وفاطميون المتمركزة فى سوريا، وحزب الله الذى يخوض حربا ممتدة مع إسرائيل.
القفز إلى الأمام هروبا من المستقبل المظلم الذى ينتظره نتنياهو المستعد لإحراق المنطقة من أجل الحفاظ على رأسه باستدعاء حلم مشروع إسرائيل من البحر إلى النهر الذى يدغدغ به مشاعر المتطرفين فى إسرائيل، والذى يعد به هو وتحالفه اليمينى المتطرف الإسرائيليين كل يوم بعد أن فشل فى إيجاد مخرج له من حرب غزة التى لم يستطع تحقيق أهدافه فيها رغم حرب الإبادة إلا بتوسيع دوائر اللعبة، وجرجرة إيران إلى التورط مباشرة فى الحرب بدل الاكتفاء بالفصائل والمليشيات الموالية لها، وتوريط الولايات المتحدة الأمريكية التى تدعو إلى التهدئة وتقول أنها تسعى إلى تجنب اندلاع حرب إقليمية بالشرق الأوسط، فيما ترسل طائراتها وأساطيلها وبوارجها إلى المنطقة، وهذا يعنى التصعيد على عدة مستويات على أكثر من جبهة، يدفع منطقة الشرق الاوسط إلى احتمالات حرب مفتوحة، والتى قد تعنى دخول المنطقة فى حروب لا نهاية أو حدود لها.
السيناريو المتوقع للحرب ينذر بلهيب فى منطقة تكثر وتكمن فى دواخلها عناصر الفوضى أكثر من عوامل الاستقرار، وأن إيران التى تحاول حصار الخليج من خلال خلق نزاعات وبناء تحالفات وزرع ميليشيات متأهبة كما يصدر عن مسئوليها لحرب شاملة عبر أكثر من جبهة يزحف فيها الحشد الشعبى بريا من العراق فى اتجاه الأردن اللذين يمتلكان حدودا مشتركة «كما تسرب من تهديد القيادة الإيرانية لوزير خارجية الأردن أيمن الصفدى الذى زار طهران مؤخرا» إن تدخلت الأردن «الذى ينتمى أكثر من نصف سكانه إلى أصول فلسطينية» فى النزاع بين إيران وإسرائيل، وإن الأردن سوف تكون ساحة للحرب، وأنه ســـيكون الهدف التالى فى حال تعاونه مع إسرائيل فى مواجهة إيران، كما أن آلاف المسيرات والصواريخ التى سوف يطلقها الحوثيون وحزب الله تجاه تل أبيب لن يكون بمقدور واستطاعة منظومتى القبة الحديدية وآرو للدفاع الصاروخى فى إسرائيل مواجهتها، وأن الحرس الثورى فى إيران وجناحه المتمركز فى سوريا سوف يكون باستطاعته ضرب المطارات والقواعد العسكرية فى إسرائيل وقطع اليد الطولى التى تباهى وتفاخر بها نتنياهو فى أعقاب اغتيال القيادى الفلسطينى عباس هنية فى طهران، المنطقة كلها تعيش فوق قنبلة تم نزع فتيلها وليس بمقدور أحد الحد من تفادى قدرتها التدميرية.
السؤال الذى يطرح نفسه كيف سيكون وضع دول الخليج إن نشبت حرب إقليمية بين إيران وإسرائيل خصوصا ان دول الخليج ترتبط بعلاقات استراتيجية مع الولايات المتحدة الأمريكية التى أعلنت صراحة دعمها لإسرائيل والدفاع عنها وانخراطها فى الحرب بجانبها؟، المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة من جانبهما دعيا جميع الأطراف إلى التحلى بأقصى درجات ضبط النفس وخفض التصعيد لتجنيب المنطقة مزيدا من الأزمات التى تهدد السلام والاستقرار الإقليميين، وفى هذا السياق تلقى كل من ولى العهد السعودى الأمير محمد بن سلمان والرئيس الإماراتى الشيخ محمد بن زايد، اتصالا من الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون، بشأن آخر التطورات فى المنطقة، وحسب وكالة الأنباء السعودية الرسمية «واس»، جرى خلال الاتصال بحث تطورات الأوضاع الإقليمية والتأكيد على أهمية خفض التصعيد وتجنيب المنطقة خطر اتساع الصراع، كما جرى بحث تطورات الأحداث فى غزة والجهود المبذولة لوقف إطلاق النار، وفى وقت سابق، أكد وزير الخارجية الإيرانى المكلف على باقرى كنى لنظيره السعودى فيصل بن فرحان، أن إيران ستتخذ إجراءات ضد إسرائيل بعد اغتيال إسماعيل هنية فى طهران، كما ذكرت وكالة الأنباء الإماراتية «وام» أن الشيخ محمد بن زايد آل نهيان تلقى اتصالا هاتفيا من إيمانويل ماكرون، بحثا خلاله علاقات التعاون والعمل المشترك فى مختلف المجالات فى إطار الشراكة الاستراتيجية التى تجمع البلدين.
ووفق «وام»، تناول الجانبان خلال الاتصال تطورات الأوضاع الإقليمية والدولية وفى مقدمتها التوترات التى تشهدها منطقة الشرق الأوسط والأزمة الإنسانية فى قطاع غزة والجهود المبذولة بشأنها، داعين فى هذا السياق جميع الأطراف إلى التحلى بأقصى درجات ضبط النفس وخفض التصعيد لتجنيب المنطقة مزيدا من الأزمات التى تهدد السلام والاستقرار الإقليميين.
وأكد الجانبان ضرورة تكثيف جهود الوقف الفورى والدائم لإطلاق النار فى القطاع والعمل على إيجاد مسار واضح للسلام الشامل والعادل والدائم الذى يقوم على «حل الدولتين» بما يضمن الحفاظ على الأمن والاستقرار فى المنطقة لما فيه مصلحة الجميع، حسب أوردت «وام».
وتأتى هذه الاتصالات فى إطار خفض التوتر والترقب فى الشرق الأوسط، بعد اغتيال رئيس المكتب السياسى لحركة «حماس» إسماعيل هنية فى طهران، واغتيال القيادى الكبير فى «حزب الله» فؤاد شكر، بغارة إسرائيلية على ضاحية بيروت الجنوب، حيث تعهد «حزب الله» وإيران بالرد على هاتين العمليتين، وسط مخاوف من اندلاع حرب إقليمية.>