الخميس 17 أبريل 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

انتكاسة من العيار الثقيل لجهود التهدئة بعد اغتيال هنية هل تندلع حرب شاملة فى الشرق الأوسط؟

أعلنت حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) اغتيال رئيس مكتبها السياسى إسماعيل هنية فى غارة إسرائيلية بطهران، ويقول خبراء إن اغتيال رئيس المكتب السياسى لحماس إسماعيل هنية فى إيران لن يؤثر على الطريقة التى تدير بها الحركة الفلسطينية حربها ضد إسرائيل فى قطاع غزة. 



ويأتى اغتيال هنية فى الوقت الذى تقترب فيه العمليات العسكرية الإسرائيلية فى قطاع غزة من نهاية الشهر العاشر دون أى إشارة على نهاية الصراع الذى هز الشرق الأوسط وهدد بالتحول إلى صراع إقليمى أوسع نطاقا، ودخلت المنطقة «فى منعطف خطير وسوف نشهد المزيد من التصعيد خلال الأيام المقبلة وفقا لمحللين.

وقال سامى أبو زهرى، وهو مسئول كبير فى حماس بالخارج، إن إسرائيل اغتالت هنية لأنها فشلت فى هزيمة الجماعة فى غزة، ووصفها بأنها محاولة لتصوير «نصر زائف».. وأشار إلى أن حماس واجهت العديد من الاغتيالات على مر السنين، بما فى ذلك الشيخ أحمد ياسين، مؤسس مشارك وزعيم حركة حماس، الذى قُتل فى غارة صاروخية بطائرة هليكوبتر عام 2004 أثناء مغادرته مسجدا فى مدينة غزة.

وذكر أبو زهرى لرويترز: «حماس فكرة وحماس مؤسسة وليست أشخاصا ونحن سنمضى على هذا الدرب مهما بلغت التضحيات».

 انتكاسة للمفاوضات

وبرأى مراقبين، فإن عملية اغتيال القائد السياسى للحركة الفلسطينية الأبرز فى الصراع مع إسرائيل، تشكل نكسة من العيار الثقيل لجهود التهدئة ومساعى حل «ملف الأسرى» وبداية مرحلة تصعيد غير مسبوقة ستتجاوز قواعد الاشتباك التى سبقتها، لا سيما أن هنية هو من أدار ملف المفاوضات بخصوص «الأسرى». كما تمثل تعطيلا لأى دور روسى محتمل لوقف التصعيد، نظرا لأن الطرف الدولى المقابل (واشنطن) غير مؤهل لهذا الدور، نتيجة تحالفه مع إسرائيل ودعمه غير المحدود لها.

ويرون أن وقوع هذه العملية ذات الطابع الاستخباراتى فى إيران يعد تحديا مباشرا لها ويضعها أمام استحقاق الرد و«حفظ ماء الوجه»، كما حدث عند قصف قنصليتها فى العاصمة السورية دمشق مطلع أبريل الماضى.

كما يعتقد محللون أن مجىء موجة التصعيد الجديدة مباشرة بعد عودة نتنياهو من واشنطن لها دلالات كثيرة، لا يمكن تفسيرها إلا بأنها جاءت نتيجة ضوء أخضر أمريكى وبأن المعركة فى الشرق الأوسط باتت مشتركة بين واشنطن وتل أبيب. وأشاروا إلى التزامن بين اغتيال هنية واستهداف الضاحية الجنوبية لبيروت وضرب مقار الحشد الشعبى فى بابل جنوبى العاصمة العراقية بغداد.

 حرب استباقية

وباتت إسرائيل فى وضع تعتبر فيه أن الهجوم هو أفضل وسيلة للدفاع وفق سيناريو الحرب الاستباقية. وسيكون ثمن ذلك كبيرا، لأنها -بهذا العمل- ثبتت مبدأ «وحدة الساحات» لدى الجهات والحركات المناهضة لها فى المنطقة، وأن المشهد اللاحق سينتقل من فعل مساندة القوى الفلسطينية المسلحة فى غزة إلى الدخول فى النزاع المسلح بشكل مباشر.

ويقود قادة، من بينهم يحيى السنوار، العمليات العسكرية بدرجة كبيرة من الاستقلالية أثناء الصراع، لكن بالنسبة لقادة حماس المقيمين خارج الأراضى الفلسطينية، يشير الاغتيال فى طهران إلى تزايد المخاطر المحيطة بهم. وهنية هو ثانى زعيم لحماس يُقتل فى إحدى عواصم الشرق الأوسط هذا العام، بعد غارة بطائرة مسيرة أودت بحياة نائب زعيم الحركة صالح العارورى فى بيروت فى يناير.

وحققت إسرائيل نتائج متباينة فى محاولاتها قتل القادة المتمركزين فى غزة المسئولين عن تخطيط وتنفيذ هجوم السابع من أكتوبر عبر الحدود الذى قتل فيه مسلحون بقيادة حماس 1200 شخص واختطفوا 250 آخرين، وفقا للإحصائيات الإسرائيلية.

وقالت إسرائيل فى مارس إنها قتلت مروان عيسى، نائب القائد العسكرى لجناح حماس المسلح المعروف باسم كتائب القسام. وأكدت الولايات المتحدة مقتل عيسى فى عملية إسرائيلية. ولم تؤكد حماس أو تنف مقتله.. وفى يوليو، أسفرت محاولة إسرائيلية فى غزة لقتل محمد الضيف، قائد كتائب القسام والذى يُعتقد أنه أحد العقول المدبرة لهجمات السابع من أكتوبر، عن مقتل عشرات الفلسطينيين ولكن لم يتم تأكيد أنه كان من بينهم.

وقالت إسرائيل إن هناك دلائل متزايدة على مقتل الضيف فى الغارة، لكنها لم تؤكد بعد ما إذا كان قد مات. واتهمت حماس بإخفاء الحقيقة بشأن مصيره.

وترى صحيفة نيويورك تايمز أن اغتيال هنية، وإنْ شكل ضربة قوية لقيادة حماس ومحاولة لضرب معنوياتها، لكنه لن يدفع الحركة الفلسطينية إلى إلقاء السلاح بل ستنتخب قائدا جديدا وتواصل حربها مع «إسرائيل».

ورأت أن عملية الاغتيال تشكل تحديا مباشرا لطهران بالدرجة الأولى كون «البصمة الإسرائيلية» واضحة فى العملية، وهى محاولة جريئة لإبراز قدرات مخابرات الاحتلال على العمل داخل الأراضى الإيرانية.

كما تحدثت صحيفة واشنطن بوست عن وجود مخاوف حقيقية من أن اندلاع حرب شاملة فى الشرق الأوسط يمكن أن يتمدد بحيث يلامس نقاط التماس المتوترة بين المنظومة الغربية من جهة، والتحالف الروسى الصينى من جهة ثانية، فى مناطق أخرى من العالم.

 استمرار الحرب

وسيؤدى اغتيال هنية لـ«استمرار الحرب فى قطاع غزة، وتأخير قبول صفقة تبادل السجناء والمختطفين» فى الوقت الحالى، وفقا لمحللين، ولكن على المدى البعيد لن تكون هناك «تأثيرات قوية» لمقتل هنية، لأن حماس سوف تختار «قادة جدد» وتستمر فى مسارها.. بجانب ذلك، سيؤدى اغتيال هنية لـ«تأجيل مفاوضات صفقة إطلاق الرهائن ووقف الحرب فى غزة، وهذا ما يريده نتانياهو وسعى جاهدا لتنفيذه».

وهناك توقعات بتأجيل «مفاوضات غزة وتمرير الصفقة» حتى 2025 بالتزامن مع الانتخابات الإسرائيلية لاختيار رئيس وزراء جديد.. وفى الوقت نفسه، فسيؤدى اغتيال هنية لـ«اختيار شخصية أكثر تطرفا لتقود حماس، ما سوف يمثل خطرا على إسرائيل نفسها»، وفق لمحللين فلسطينيين.

 الرد المتوقع

وعن طبيعة الرد المتوقع، ذكر المحلل السياسى المحسوب على حركة حماس إبراهيم المدهون أن «هذه حرب مفتوحة وستتأثر كل الجبهات باغتيال أبو العبد»، وأضاف أن «الاحتلال الإسرائيلى ذهب إلى أبعد مدى فى المعركة، ولا عودة إلى الوراء بعد هذه الجريمة».

ورجح المدهون أن تضر جريمة الاغتيال بمفاوضات وقف إطلاق النار وصفقة تبادل الأسرى، واعتبر أن «نتنياهو أغلق باب المفاوضات، وترك الحديث للميدان الآن»، متوقعا أن «الحرب قد تتوسع، ولن تقف عند حدود غزة، فهذا العدوان على إيران هو أقوى من العدوان على القنصلية فى سوريا الذى ردت عليه بمئات المسيّرات ضد إسرائيل، ومطلوب منها الرد على جريمة اغتيال هنية».

واعتبر المدهون أن اغتيال هنية يمثل «أقوى ضربة» توجه لحركة حماس منذ اغتيال الشيخ أحمد ياسين، «لكن حماس قوية وسيكون لهذه الجريمة ما بعدها، فهى ليست مجرد لعب إسرائيلى بالنار، بل تفجير للمنطقة بأسرها».

وقالت لجنة المتابعة للقوى الوطنية والإسلامية إن اغتيال هنية «هو قتل لكل الجهود التى يبذلها العالم من أجل وقف العدوان وإنهاء الحرب على شعبنا، واستدراج الجميع للمعركة الكبرى التى سيدفع الجميع ثمنا لها». 