الخميس 17 أبريل 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

«جلوبال تايمز» تحذر من توسع نطاق الحرب مخاوف صينية من موجة تصعيد عنيفة فى الشرق الأوسط

لن تكون حربًا تحت السيطرة كما الحروب السابقة فى المنطقة. ولن تكون محدودة الأهداف والمعالم، كما كان الحال فى السابق. ستكون حربًا مفتوحة على أهداف كبرى، لن تغير منطقة الشرق الأوسط وتعيد ترتيب العلاقات والتوازنات فى داخلها فقط؛ بل ستحمل مؤشرات بالغة الدلالة على حدوث تغييرات فى التوازنات والعلاقات الدولية.



مخاوف صينية

هكذا تبرز المخاوف الصينية من تصعيد كبير فى الشرق الأوسط واحتمالات تحول المواجهات على خلفية استمرار الحرب فى غزة إلى حرب مفتوحة بعد تفاقم الضربات بين إسرائيل من جانب وحزب الله اللبنانى وإيران من جانب آخر وبعد موجة الاغتيالات الأخيرة التى نفذتها تل أبيب على نحو هو الأكبر خلال الشهور الماضية، أحدثها كان اغتيال رئيس المكتب السياسى لحماس إسماعيل هنية.

الصين كلاعب دولى يخشى أن يتحول الصراع فى الشرق الأوسط إلى حرب واسعة النطاق تشمل المنطقة بأكملها بما يؤثر على مصالحها..

عدم استقرار الإقليم 

 أدانت  الصين وحذرت من مزيد من عدم الاستقرار بالوضع الإقليمى لا سيما بعد اغتيال هنية بضربة فى طهران، محذرة من احتمال أن يؤدى ذلك إلى «مزيد من عدم الاستقرار فى الوضع الإقليمى».

ولا يختلف النهج الصينى عن النهج الروسي: فبكين، مثل موسكو، واثقة من أن الحل المستدام للصراع يتطلب تسوية تقوم على إنشاء دولة فلسطينية مستقلة ذات مركز سياسى واحد. 

ولتحقيق هذه الغاية، تمكنت بكين قبل أيام قليلة من حوادث الاغتيال الأخيرة من احتضان 14 فصيلًا فلسطينيًا، وقع ممثلوها، اتفاق مصالحة فى جلسة ختامية للحوار الذى امتد على مدار 3 أيام فى العاصمة بكين، ورسم خارطة طريق لتحقيق المصالحة المنشودة. 

المبادرة الصينية

وفى هذا السياق تحدث الجانب الصينى عن أن هذا الاتفاق من شأنه تعزيز حالة التفاؤل بإمكانية حدوث اختراق قريب فى جدار الانقسام المستمر منذ أكثر من 18 عامًا، فضلًا عن بثه آمالًا بالدفع نحو تشكيل حكومة وفاق وطنى مؤقتة لإدارة الضفة الغربية والقدس وقطاع غزة بعد الحرب.

 فالجلسة الختامية التى حضرها وزير الخارجية الصيني، وانج يي، شدد فى أعقابها على أهمية تشكيل تلك الحكومة، التى تمثل إحدى النقاط التى يدور النقاش بشأنها بين أطراف مختلفة منذ أشهر، وسط المساعى الإسرائيلية والغربية لإيجاد بديل عن حكم حماس فى القطاع. 

إذ رأى وانج أن المصالحة هى شأن داخلى بالنسبة إلى الفصائل الفلسطينية، وقد أكد، فى الوقت نفسه، أنها لا يمكن أن تتحقق من دون دعم المجتمع الدولى، مجدّدًا الدعوة إلى وقف شامل ودائم ومستدام لإطلاق النار فى غزة.

 ومشدّدًا على بذل الجهود لدعم الحكم الذاتى الفلسطينى والاعتراف بدولة فلسطينية فى الأمم المتحدة.

وهكذا بدت المبادرة الصينية معاكسة لتلك الغربية، كونها استندت إلى مبدأ توحيد الفصائل الفلسطينية، بدلًا من تعميق الانقسام فيما بينها. 

مع العلم أن إعلان بكين لم يقطع مع المساعى السابقة فى إطار المصالحة، بل هو استند إلى (اتفاقية الوفاق الوطنى) التى وُقّعت فى القاهرة عام 2011.

التفاؤل الصينى بهذا الاتفاق قد قوبل بالكثير من الاتهامات الأمريكية والغربية للتشكيك فى نوايا بكين التى تأمل فى أن يمهد هذا الاتفاق ويفرش أرضية فلسطينية لإنهاء حرب غزة، وتقديم وصفة سياسية تصالحية فلسطينية لليوم التالى فى غزة، والاتفاق على أن الفلسطينيين هم من سيحكمون غزة، ولا أحد آخر.

وذلك بالرغم من التناقضات الفلسطينية والإقليمية والدولية والتى تطرح تساؤلات وتحديات تتجاوز الرغبة المشتركة وحدها فى طى صفحة الانقسام والفرقة الفلسطينية.

 

 

 

فالأجواء الفلسطينية والإقليمية ملبدة بالمفاجآت التى طغت على أجواء المصالحة المنشودة، فبعد أيام قليلة على الصور التذكارية  والتى تم التقاطها بالعاصمة الصينية بكين التى احتضنت المبادرة واتفاق الفصائل الفلسطينية.

كانت عملية الاغتيال الكبرى التى نفذتها تل أبيب فى العاصمة الإيرانية طهران، وراح ضحيتها رئيس المكتب السياسى لحركة «حماس» إسماعيل هنية، إضافة إلى اغتيال القيادى فى حزب الله فؤاد شكر بغارة على الضاحية الجنوبية ببيروت والتى أظهرت مدى شهية القادة الإسرائيليين للتخلص ممن يشكلون تهديدًا، وشدة تمسكهم بوهم أن القتل يحل كل المشاكل.

موجة الصراعات تطغى على موجة المصالحة

ما جعل صحيفة جلوبال تايمز الصينية الرسمية تشير إلى أن موجة الصراعات من المرجح أن تطغى على موجة المصالحة.

ففى عددها الصادر الخميس الماضى ذكرت جلوبال تايمز نقلا عن عدد من الخبراء الصينيين أن موجة الصراعات فى الشرق الأوسط من المرجح أن تطغى على موجة المصالحة، حيث أن القضية الأكبر الآن هى التوترات المتصاعدة بين إيران وإسرائيل.

مرحلة حرجة للغاية 

وفى هذا السياق ، أشار د. وانج جين، الأستاذ المشارك فى معهد دراسات الشرق الأوسط بجامعة نورث وست فى شيآن، إلى أن الهجوم على هنية قد ينهى المفاوضات السياسية بين إسرائيل وحماس.

وقال وانج «إن الحوارات الجارية فى مرحلة حرجة للغاية، وقد يؤثر هذا الحادث سلبًا على اتجاه الوضع الإسرائيلى - الفلسطيني». 

وأوضحت الصحيفة الصينية أن مقتل هنية يعد «أول عملية إسرائيلية مهمة» منذ 7 أكتوبر 2023، وفقًا لشبكة CNN، حيث كان المسئول الكبير فى حماس يعتبر محاورًا رئيسيًا فى مفاوضات الرهائن واتفاق وقف إطلاق النار فى غزة. 

ولذلك سيكون لاغتياله تأثير كبير على المفاوضات. ونقلت الصحيفة عن شبكة CNN أن اغتيال هنية حدث بعد يوم واحد من ادعاء إسرائيل أن ضربة فى بيروت بلبنان يوم الثلاثاء قتلت أكبر قائد عسكرى لحزب الله. 

وذكرت «جلوبال تايمز» أن إسرائيل تشارك فى عمليات متعددة الجبهات، حيث تضرب حزب الله فى لبنان من جهة وتشن هجمات على قوات الحوثيين فى اليمن من جهة أخرى.

موجة صراعات متصاعدة 

ومن جانبه قال سون ديجانج، مدير مركز دراسات الشرق الأوسط بجامعة فودان، لصحيفة جلوبال تايمز، إن هذه الضربة الأخيرة داخل حدود إيران تسلط الضوء بشكل أكبر على موجة الصراعات المتصاعدة فى الشرق الأوسط. 

وقال سون  «نتيجة لذلك، من المرجح أن تواجه جهود المصالحة بين إسرائيل وفلسطين وكذلك محادثات السلام بين حماس وإسرائيل انتكاسات كبيرة». 

المزيد من التعقيدات 

وأشار د. ليو تشونج مين، أستاذ فى معهد دراسات الشرق الأوسط بجامعة شنغهاى للدراسات الدولية إلى أن إسرائيل تتبنى حاليا استراتيجية ذات شقين.

قائلًا لصحيفة «جلوبال تايمز»: من ناحية، تواصل إسرائيل تنفيذ ضربات عسكرية متقطعة على غزة. ومن ناحية أخرى، تستهدف كبار قادة حماس من خلال سياسة التصفية الدقيقة.

وأضاف: منذ أكتوبر من العام الماضي، قُتل عدد من كبار مسئولى حماس، حيث تعهد رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو بالقضاء على حماس، وفقًا لتقارير إعلامية. كما قُتل أفراد آخرون من عائلة هنية فى غارة جوية إسرائيلية فى يونيو. 

وقال د. ليو لصحيفة جلوبال تايمز: «قد يؤدى هذا إلى مزيد من التعقيدات فى العلاقة بين إسرائيل وإيران». ومنذ بداية الصراع الإسرائيلى - الفلسطينى الأخير، تصاعدت التوترات أيضًا بين حزب الله وإسرائيل. وأشار د. ليو إلى أن حماس أو حزب الله أو المتمردين الحوثيين، يتلقون جميعًا مستوى معينًا من الدعم من إيران. وأضاف د.ليو: «على الرغم من أن الوضع العسكرى فى جنوب غزة قد هدأ إلى حد ما، فإن الصراع بين حزب الله فى لبنان وإسرائيل يتصاعد. ولقد أدى اغتيال هنية فى طهران إلى زيادة خطر اندلاع المزيد من الصراع بين إسرائيل وإيران». 

وأشارت الصحيفة إلى لقاء جمع المبعوث الصينى الخاص لشئون الشرق الأوسط تشاى جون بالسفير الإيرانى لدى الصين محسن بختيار يوم الثلاثاء. 

وأوضحت أن الجانبين اتفقا على ضرورة تهدئة التوترات فى جنوب لبنان بأسرع ما يمكن لمنع الصراع من التوسع أو التطور إلى حرب إقليمية، وفقًا لبيان أصدرته وزارة الخارجية الصينية. 

أزمة حماس 

وذكرت «جلوبال تايمز» أن هناك لحظة حرجة مع وفاة هنية، وقد تواجه حماس أزمة قيادية، ومن المؤكد أن تكون هناك صراعات داخلية كبيرة قبل ظهور قادة جدد، كما قال بعض الخبراء، مشيرين إلى أن الوضع قد يعرض المنظمة بأكملها لخطر الانقسام، مما يضعف قدرتها على العمل بشكل جماعى.

وفى هذا السياق ، قال وين شاوبياو، الخبير من جامعة شنجهاى للدراسات الدولية، لصحيفة جلوبال تايمز: «لقد ضعفت قوة حماس داخل الفصائل الفلسطينية، مما أثار تساؤلات جديدة حول من سيحكم قطاع غزة فى المستقبل». وقال وين لصحيفة جلوبال تايمز: «بناءً على الوضع الحالى فى غزة، تم تفكيك القوات المسلحة الرئيسية لحماس إلى حد كبير من قبل قوات الدفاع الإسرائيلية، مما يجعل من غير المحتمل أن تتمكن حماس من الحفاظ على السيطرة على قطاع غزة. ومن المحتمل أن تظهر فصائل جديدة لملء الفراغ». وأضاف وين إن مصير حماس وصل إلى مرحلة خطيرة للغاية، حيث تكبدت قوات النخبة فى المنظمة خسائر كبيرة. وتابع: «مع القضاء على زعيمها الأعلى، تواجه حماس تحدى كيفية إعادة بناء نظامها التنظيمي»، مشيرا إلى أنه نظرا لمدى الضرر الذى لحق ببنيتها العسكرية والسياسية وقيادتها، فإن حماس فى حالة يرثى لها.