استمرارًا للأكاذيب الإسرائيلية للتغطية على فشلها العسكرى فى غزة: القاهرة تنفى وجود اتفاقات مع تل أبيب حول محور فيلادلڤيا
مرڤت الحطيم
أكد مصدر مصرى رفيع المستوى أن لا صحة على الإطلاق لما تناولته وسائل إعلام إسرائيلية حول وجود اتفاقات أو تفاهمات بين القاهرة وتل أبيب بشأن محور فيلادلڤيا الحدودى بين مصر وقطاع غزة. ونقلت قناة القاهرة الإخبارية عن المصدر قوله إن هذه الادعاءات تأتى فى إطار سعى الطرف الإسرائيلى للتغطية على فشله العسكرى المستمر فى قطاع غزة. كما أشار المصدر إلى أن مصر أكدت تمسكها بحتمية الانسحاب الإسرائيلى الكامل من محور فيلادلڤيا. وترفض مصر بشكل قاطع أى بقاء للقوات الإسرائيلية بمحور فيلادلڤيا كما تصر حركة حماس على الانسحاب الإسرائيلى الكامل من غزة، بما يتضمن معبر رفح ومحور فيلادلڤيا كشرط أساسى للتوصل إلى صفقة تتضمن تبادل الأسرى ووقف الحرب. وفى 29 مايو الماضى، أعلن الجيش الإسرائيلى سيطرته على محور فيلادلڤيا على الحدود الفلسطينية المصرية، وادعى فى ذلك الوقت اكتشاف ما لا يقل عن 20 نفقا تعبر من غزة إلى أراضى سيناء المصرية وفق القناة 12 العبرية الخاصة. وفى المقابل، نفى مسئول مصرى رفيع المستوى حينها وجود أنفاق تعبر من غزة إلى سيناء وقال إنها أكاذيب تروجها تل أبيب بهدف التعتيم على فشلها عسكريا فى غزة.
ومن ناحية أخرى، فإن القاهرة متمسكة بانسحاب الاحتلال الإسرائيلى من رفح تماما وسحب قواتها من محور فيلادلڤيا. وأبلغت مصر الوسطاء قطر والولايات المتحدة أن استمرار تواجد الاحتلال الإسرائيلى فى محور فيلادلڤيا سيعطل المفاوضات، كما ذكرت القاهرة الإخبارية أن مصدر رفيع المستوى قال إن مصر أكدت ضرورة انسحاب القوات الإسرائيلية من معبر رفح من الجانب الفلسطينى حتى يمكن إعادة تشغيله مرة أخرى. وأكد مندوب مصر لدى الأمم المتحدة، أن مصر تشدد على ضرورة الحيلولة دون تمادى إسرائيل فى انتهاكاتها الممنهجة ضد الفلسطينيين، مشيرا إلى أن مصر تجدد رفضها لسيطرة إسرائيل على الجانب الفلسطينى من معبر رفح. وأضاف مندوب فلسطين لدى مجلس الأمن، أن إسرائيل تدمر حل الدولتين وكل فرصة لتحقيق السلام، موضحا أن إسرائيل أعلنت أمام العالم أجمع أنها ستواصل الاستيطان فى الضفة الغربية والهجمات ضد الأماكن المقدسة بالأراضى المحتلة.وكشفت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية أن إسرائيل ومصر ناقشتا بشكل خاص انسحابا محتملا للقوات الإسرائيلية من حدود غزة مع مصر كجزء من اتفاق وقف إطلاق النار مع حماس. جاء ذلك نقلا عن مسؤولين إسرائيليين ودبلوماسى غربى كبير.
وأضافت نيويورك تايمز أن استعداد إسرائيل للقيام بذلك يمكن أن يزيل إحدى العقبات الرئيسية أمام الهدنة مع حماس، التى قالت إن انسحاب إسرائيل من المناطق بما فى ذلك الحدود شرط أساسى لوقف إطلاق النار. ويبدو أن المفاوضات بشأن الهدنة اكتسبت زخما فى الأيام الأخيرة، ولكن لا تزال هناك عدة نقاط خلافية، الأولى تتعلق بطول الهدنة، فحركة حماس تريد وقفا دائما لإطلاق النار، فى حين تريد إسرائيل أن يكون مؤقتا. ويشار إلى أن الجيش الإسرائيلى سيطر على الحدود الجنوبية لغزة، أى معبر رفح ومحور فيلادلفيا خلال شهر مايو الماضى مما أدى ذلك إلى توتر العلاقات مع مصر، التى حذرت من أن العملية ستسبب ضررا كبيرا ويمكن أن تهدد الأمن القومى المصرى وفقا لما ذكرته نيويورك تايمز، وتتردد إسرائيل فى الانسحاب لأنها تقول إن ذلك سيسهل على حماس إعادة تجديد ترسانتها وإعادة بسط سلطتها على غزة؛ وقال رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو إنه يصر على بقاء إسرائيل على محور فيلادلڤيا. وقال المسؤولون إن الإجراءات المقترحة تشمل تركيب أجهزة استشعار إلكترونية على طول الحدود يمكنها اكتشاف الجهود المستقبلية لحفر الأنفاق، بالإضافة إلى بناء حواجز تحت الأرض لمنع بناء الأنفاق وهذا ما رفضته مصر تماما، فى حين أشارت القناة 12 إلى أن الحل التكنولوچى للسيطرة على محور فيلادلڤيا سيكون فى الجانب المصرى بشكل كامل.
وأضافت القناة 12 الإسرائيلية أن إسرائيل تبحث مع مصر أيضا مقترح إدارة معبر رفح من قبل مصر والإدارة الأمريكية وفلسطينيين غير محسوبين على حركة حماس، وأوضحت القناة الإسرائيلية 12 أن هذا الحل المحتمل سيسمح للجيش الإسرائيلى بالانسحاب من المنطقة، وسيضمن عدم تهريب الأسلحة مرة أخرى إلى حماس.
لكن وزير دفاع نتنياهو، يوآف جالانت، كان قد اقترح فى بيان منفصل فى وقت سابق من الأسبوع أن إسرائيل يمكن أن تنسحب فى ظل ظروف معينة. وأضاف: المطلوب حل يوقف محاولات التهريب ويقطع الإمدادات المحتملة عن حماس، ويمكن من انسحاب قوات الجيش الإسرائيلى، ووفقا لصحيفة نيويورك تايمز، فقد قالت قناة تليفزيونية مصرية حكومية، نقلا عن مسؤول مصرى إنه لم يتم التوصل إلى اتفاق بشأن الحدود، كما أكدت مصر مرارا أنها لن تتعامل مع سلطة الاحتلال فى معبر رفح الفلسطينى، وكشف مصدر رفيع المستوى أن مصر أكدت موقفها بعدم التعامل فى معبر رفح إلا مع الأطراف الفلسطينية والدولية، مشددا على أن مصر لن تعتمد التنسيق مع الجانب الإسرائيلى فى المعبر. وأفادت مصادر بأن مصر تعد مقترحات حول إدارة معبر رفح تستبعد فيها أى وجود إسرائيلى. فى الوقت نفسه، أوضح المصدر أن الوفد الأمنى يكثف جهوده لتفعيل اتفاق الهدنة وتبادل الأسرى بين إسرائيل وحركة حماس، بالتنسيق مع قطر والولايات المتحدة، وفق ما نقلت قناة القاهرة الإخبارية. كما أضاف المصدر: أبلغنا جميع الأطراف المعنية بأن إصرار إسرائيل على ارتكاب المذابح والتصعيد فى رفح يضعف مسارات التفاوض، مما قد يؤدى لعواقب وخيمة حسب تعبيره.
وتواصِل عدة أطراف بما فيها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبى حراكا مكثفا لمحاولة إعادة تفعيل معبر رفح البرى الذى سيطرت القوات الإسرائيلية على الجانب الفلسطينى منه، بعد أن شرعت بعملية برية فى شرق مدينة رفح فى الفترة الأخيرة. وأعلن الاتحاد الأوروبى بشكل صريح أنه ينوى استعادة دوره كمراقب فى معبر رفح الفاصل بين قطاع غزة والأراضى المصرية بموجب اتفاق المعابر الذى تم إقراره إثر انسحاب الجيش الإسرائيلى من قطاع غزة فى عام 2005. فيما قادت الولايات المتحدة ومصر مع السلطة الفلسطينية نقاشا حول المعابر الفلسطينية التى تربط قطاع غزة بالعالم الخارجى بهدف تسهيل دخول البضائع والمساعدات الإنسانية إلى القطاع. وقالت مصادر إن الحراك الدولى لإدارة المعابر بما فيها رفح يصطدم حاليا بعراقيل إسرائيلية. وذكر أحد المصادر أن إسرائيل ترفض عودة السلطة الفلسطينية لتسلم مهمتها فى معبر رفح، وهو الدور الذى كانت تقوم به قبل سيطرة حركة حماس على قطاع غزة فى العام 2007 وأنسحبت بعثة الاتحاد الأوروبى من هناك إثر تلك السيطرة. وشدد المصدر على أن الإرادة الدولية تتبلور باتجاه تسلم السلطة الفلسطينية عملها فى المعبر.
وعلى جانب، آخر فقد أكد ضياء رشوان، رئيس الهيئة العامة للاستعلامات فى مصر، أن مصر أكدت أنها لن تتعامل مع إسرائيل فى معبر رفح كونها سلطة احتلال، مشيرا إلى أن مصر تشترط وجود طرف فلسطينى لتسلم المساعدات فى الجانب الفلسطينى من معبر رفح. وقال ضياء رشوان، خلال تصريحات لفضائية القاهرة الإخبارية، إن مواقف مصر من القضية الفلسطينية تاريخية ودفعت أثمانا فادحة فى الدفاع عنها، مؤكدا أن انضمام مصر لجنوب إفريقيا فى دعواها أمام العدل الدولية ستكون له تأثيرات مهمة. وتابع رئيس الهيئة العامة للاستعلامات، أن محاولات التشكيك فى أدوار وساطة مصر قد تدفعها للانسحاب من دورها فى الوساطة فى الصراع الحالى. ومحور فيلادلڤيا المعروف أيضا باسم محور صلاح الدين هو شريط حدودى ولا يتجاوز عرضه مئات الأمتار، يمتد بطول 14.5 كيلومتر من البحر المتوسط حتى معبر كرم أبو سالم على الأراضى الفلسطينية بين شبه جزيرة سيناء وقطاع غزة. ويعتبر منطقة عازلة بموجب اتفاقية كامب ديڤيد الموقعة بين القاهرة وتل أبيب عام 1979 والتى تنص على فرض اتفاق السلام بين مصر وإسرائيل منذ عام 1979 وانسحاب القوات العسكرية من جوانب المحور، وتسمح الاتفاقية لإسرائيل ومصر بنشر قوات محدودة العدد والعتاد ومحددة بالأرقام ونوعيات السلاح والآليات بهدف القيام بدوريات على جانب المحور المصرى؛ لمنع التهريب والتسلل والأنشطة الأخرى.
وخلال سنوات من بعد اتفاقية أوسلو 2 سنة 1995، وافقت إسرائيل على إبقاء المحور بطول الحدود كشريط آمن. من الأغراض الرئيسية من المحور منع تهريب المواد غير المشروعة بما فيها الأسلحة والذخائر والمخدرات الممنوعة قانونا وأيضا منع الهجرة غير المشروعة بين المنطقتين. وفى سبتمبر 2005، تم توقيع اتفاق فيلادلڤيا بين إسرائيل ومصر الذى تعتبره إسرائيل ملحقا أمنيا لمعاهدة السلام 1979، وتقول إنه محكوم بمبادئها العامة وأحكامها، عندما سحبت إسرائيل قواتها فى إطار خطة فك الارتباط مع قطاع غزة. ويتضمن الاتفاق نشر قوات مصرية على الحدود الفاصلة مع قطاع غزة، وتقدر تلك القوات بنحو 750 جنديا من حرس الحدود المصرى، ومهمتهم تتمحور فى مكافحة الإرهاب والتسلل عبر الحدود والتهريب والكشف عن الأنفاق. وأتاحت الاتفاقية تواجد قوة عسكرية إسرائيلية محدودة من أربع كتائب مشاة وتحصينات ميدانية ومراقبين من الأمم المتحدة. ولا تتضمن القوة الإسرائيلية أى تواجد للدبابات أو المدفعيات أو الصواريخ، ما عدا الصواريخ الفردية أرض - جو.
وفى عام 2007 سيطرت حركة حماس على قطاع غزة، وخضع محور فيلادلڤيا لهيمنتها، وفرضت إسرائيل حصارا خانقا على القطاع، وعقب عملية طوفان الأقصى فى 7 أكتوبر الماضى، بدأت إسرائيل تطويق قطاع غزة من كل الجهات، وأصبح محور فيلادلڤيا إحدى أهم المناطق الاستراتيجية المستهدفة فى الخطة الإسرائيلية لعزل القطاع. وخلال الأشهر الماضية خلال الحرب على القطاع، كان المحور مسار تجاذب وخلاف بين مصر وإسرائيل فى تصريحات عديدة، وأعلن رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو فى أكثر من مناسبة منذ بدء الحرب على قطاع غزة رغبة إسرائيل فى السيطرة على محور صلاح الدين.
وفى ديسمبر الماضى، أكد رئيس الوزراء الإسرائيلى ضرورة أن يكون المحور تحت سيطرة إسرائيل. ويتصاعد الخلاف وينتقل لمستوى التصريحات الرسمية مع وصف نتنياهو الممر الحدودى بالثغرة التى يجب إغلاقها، وقال، فى نهاية يناير الماضى إن بلاده لم تتخذ قرارا بعد بخصوص سيطرة عسكرية محتملة على محور فيلادلڤيا. وأضاف: لن ننهى الحرب فى غزة دون سد الثغرة فى محور فيلادلڤيا.
وفى فبراير الماضى كشفت القناة13 فى هيئة البث الإسرائيلية، عن رغبة حكومة نتنياهو فى نقل موقع معبر رفح ليكون قريبا من معبر كرم أبو سالم، ومن ثم تستعيد إسرائيل سيطرتها الأمنية على المعبر، التى كانت قد تخلت عنها عام 2005 بموجب الانسحاب الإسرائيلى من قطاع غزة، الذى شمل أيضا انسحابا من محور فيلادلڤيا بالكامل. وقالت القناة إن إسرائيل تبحث حاليا مع مصر إمكانية نقل معبر رفح إلى منطقة معبر كرم أبو سالم المخصص للنقل التجارى، إعتقادا بأن هذا الأمر سيتفادى حدوث نزاع بين إسرائيل ومصر حول قضية المعبر ومحور فيلادلڤيا، فى حين ستتمكن إسرائيل من إجراء تفتيش أمنى وفرض رقابة على حركة المرور من المعبر الذى تسيطر عليه حاليا حركة حماس. وأضافت أن المصريين لم يبدوا إستجابة بعد، لكن الولايات المتحدة متحمسة للفكرة.
ولكن نقلت قناة تلفزيون القاهرة الإخبارية عن مصدر رفيع المستوى قوله إن مصر أكدت موقفها بعدم التعامل فى معبر رفح إلا مع الأطراف الفلسطينية والدولية، مشددا على أن مصر لن تعتمد التنسيق مع الجانب الإسرائيلى فى المعبر. وأتهم مسئول مصرى إسرائيل بتوظيف ادعاءات بوجود أنفاق عند الحدود مع قطاع غزة لتبرير عمليتها العسكرية فى رفح فى جنوب قطاع غزة، وفقا لما أوردته قناة القاهرة الإخبارية نقلا عن مصدر مصرى رفيع. ونقلت القناة عن المصدر الرفيع قوله إنه لا توجد أى اتصالات مع الجانب الإسرائيلى بشأن الادعاءات بوجود أنفاق على حدود قطاع غزة مع مصر. وأضاف المصدر أن إسرائيل توظف هذه الادعاءات لتبرر مواصلة عملية رفح الفلسطينية وإطالة أمد الحرب لأغراض سياسية.
ومن ناحية أخرى، ففى الربع الأخير من عام 2023، حصنت مصر وعززت السياج الفاصل بين مصر وقطاع غزة، كما نقلت أبراج المراقبة غربا داخل الأراضى المصرية بعد أن كانت ملاصقة للحدود. وعززت شمال شرق سيناء بجدار خرسانى وسواتر ترابية، وفككت أبراج المراقبة المحاذية، وأعادت بناءها غربا داخل الأراضى المصرية. وقبل ذلك بأسابيع وضعت قوات الجيش سواتر ترابية جديدة تبعد حوالى 200 متر عن السياج الحدودى الفاصل بين مصر والقطاع، قبل أن تشرع فى ديسمبر فى البدء بوضع جدار جديد من الكتل الخرسانية بارتفاع نحو 8 إلى 10 أمتار على طول الشريط الحدودى بين مصر وقطاع غزة شمال شرق سيناء؛ كما عززت مصر قواتها عقب الاستهدافات الإسرائيلية لمحور فيلادلڤيا، وفى ظل إتجاه كثير من النازحين إلى مدينة رفح والمناطق الحدودية وزادت من الحواجز وحصنت محيط أبراج المراقبة والمواقع العسكرية المختلفة فى المنطقة العازلة.