السبت 17 مايو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد امبابي
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد امبابي

رسالة دكتوراه بالأزهر تطالب بقانون منظم للعمل عن بعد باحثة أزهرية تطالب بتعديل لقانون العمل المصرى للمساواة بين العامل عن بعد ونظيره فى مكان العمل

طالبت دراسة أزهرية فى درجة الدكتوراه بكلية الشريعة والقانون  بعنوان (النظام القانونى لعقد العمل عن بعد .دراسة مقارنة بين القانون المدنى والفقه الإسلامى )للباحثة ريهام كمال بالعمل على تعديل قانون العمل الحالى ووضع نصوص تشريعية تنظم أحكام العمل عن بعد، بحيث يكفل القانون تحقيق المساواة بين العمال عن بعد والعمال التقليديين مع مراعاة السمات الخاصة للعمل عن بعد ويكفل بوجه خاص المساواة فى المعاملة والأجور، والحماية من التمييز فى العمل، وفى مجالى السلامة والصحة المهنيتين، وفى مجال الضمان الاجتماعى إضافة إلى الحصول على التدريب، وحماية الأمومة. وقد حصلت الباحثة ريهام كمال على درجة الدكتوراه مع مرتبة الشرف الأولى  عقب مناقشتها الرسالة بإجماع لجنة المناقشة والتى تكونت من د.محمد عبدالرحمن الضوينى وكيل الأزهر الشريف، ود. حسن حسين البراوى وكيل كلية الحقوق بالقاهرة، ود. حمدى أحمد سعد عميد كلية الشريعة والقانون بطنطا، ود. عطا السنباطى عميد كلية الشريعة والقانون بالقاهرة، ود. ذكرى عبدالرازق خليفة وكيل الكلية للدراسات العليا، د. عاشور عبدالرحمن رئيس قسم القانون الخاص، ود. تهانى حامد أبو طالب مشرفًا مشاركًا.



وتأتى أهمية الدراسة من التوجه نحو التوسع للعمل عن بعد فى قطاعات كثيرة، خاصة بعد جائحة كورونا، حيث أوضحت أن العمل عن بُعد ظهر وانتشر خلال السنوات القليلة الماضية حين توقف العالم فجأة فى أوائل 2020 وشهد هذا العام تغيرات غير مسبوقة فى الاقتصاد العالمى وعالم العمل، فمع انتشار فيروس كورنا طالبت منظمة الصحة العالمية الحكومات فى جميع أنحاء العالم بأخذ الأمور على محمل الجد والتأهب، وعندما دخلت إجراءات الإغلاق أو تدابير البقاء فى المنزل حيز التنفيذ صدرت تعليمات لنسبة كبيرة من القوى العاملة بالبقاء فى المنزل ومواصلة العمل عن بُعد، مما خلق الظروف الأكبر فى التاريخ بشأن العمل عن بُعد على نحو جماعى واسع.

ولفتت إلى أنه مما ساعد على إمكانية أداء العمل عن بُعد واستمراره هى زيادة مستوى التنمية الاقتصادية لتلك البلاد مثل قطاعات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات والخدمات المهنية وسهولة الوصول إلى شبكة الإنترنت ذات النطاق العريض، واحتمال امتلاك جهاز حاسوب شخصى.

مزايا العمل عن بعد 

وعن مزايا العمل عن بعد كشفت الدراسة أن الكثير من المشاركين فى العمل عن بُعد أكدوا أن أزمة كورونا ألزمت الجميع بالتطور الرقمى والاستفادة من المعرفة والثورة التقنيَّة، حيث تبين أنه لولا أزمة فيروس كورونا لما زلنا نستخدم أساليب قديمة غير مجدية، وما انتقلنا إلى استخدام الأدوات الرقمية.

 

 

 

كما أنَّه مع الانتقال للعمل عن بُعد، بدأ استخدام طرق الكتابة على المنصات للتواصل وتسليم المهام بدلا من الطرق الشفهية أو المراسلات الورقية، فتحولت جميع المراسلات إلى نمط رقمي، وتوفير كم هائل من الورق، كما كشف العمل عن بعد عن وظائف كثيرة فيها بطالة مقنَّعة، وكثير من الوظائف التى لا حاجة لها؛ حيث إن العمل عن بُعد وضَّح أداء بعض المديرين، وأظهر الضعف الإدارى، فيرى البعض أن حضور الموظف مهم وإن لم يكن لديه عمل يؤديه، فقط وجوده فى المكتب مهم، وهذا من شأنه لا يساعد على التقدم والتطور وزيادة الإنتاجية، أما عن العمل عن بُعد فالهدف الوحيد هو إنجاز العمل وزيادة الإنتاجية سواء كان فى مقر العمل، أو فى البيت، أو أى مكان آخر.

وأوضحت الباحثة فى رسالتها أن من الصعوبات التى استطاع تطبيق نظام العمل عن بُعد فى مدة كورونا التغلب عليها صعوبة قياس الإنتاجية فى القطاع العام، واعتمادهم على الأقدمية فى الترقيات، وأدى ذلك إلى ضغط فى الرواتب؛ لأنَّه لا يمكن التمييز بصفة موضوعية بين من يستحق راتبًا عاليًا ومن لا يستحق، فأصبح المدير لديه أدلة عن الذى يعمل ومن لا يعمل، وعن إنتاجية كل شخص وتتم المساءلة بناء على هذا فى المؤسسات المختلفة.

ولفتت إلى انه بفضل تقسيم المسئولين للموظفين خلال مدة تطبيق نظام العمل عن بُعد تبيّن أنَّ 76 % من الموظفين فى القطاعين الحكومى وشبه الحكومى التزموا بالمهام الموكلة إليهم وبكفاءتهم العالية وفى القطاع الخاص التزم الموظفون بإنجاز المهام المطلوبة وبكفاءة عالية بنسبة 82 %.

والتزم الموظفون بساعات العمل الرسمية عن بُعد بنسبة 71 % فى القطاع الحكومى وشبه الحكومي، وفى القطاع الخاص التزم الموظفون بساعات العمل الرسميَّة عن بُعد بنسبة 73 % حسب آراء غالبية مسئوليهم.

وحول قدرة الموظفين على التوفيق بين العمل والمسئوليات الأخرى تبيين أن قدرة الموظفين كانت عالية فى التوفيق بين أعمالهم وحياتهم الشخصية بنسبة 69 % وفى القطاع الخاص بنسبة 59 % حسب آراء مسئوليهم.

زيادة الطلب التكنولوجى

وأكدت الدراسة أن التوسع فى العمل عن بعد أظهر الحاجة إلى تغيير طرق العمل، وطرق توصيل المنتج إلى المستهلك، وحدوث تغييرات فى الكثير من الصناعات، أهمها صناعة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، حيث أدت أزمة كورونا إلى زيادة الطلب على تكنولوجيا المعلومات، نتيجة الاعتماد على التطبيقات التقنيَّة فى التعلم وعقد الاجتماعات والعمل عن بُعد، كما كانت رقمنة عمليات الشركات الناشئة إحدى عوامل المرونة وقد استفادت مصر أيضًا من السياسات التى شجعت رأس المال الاستثمارى للشركات الناشئة الرقمية خاصة التى تعمل فى مجالات الصحة والتمويل والتعليم.

وفى هذا السياق غيَّرت جميع الشركات الناشئة تقريبًا نموذج أعمالها ليكون عبر الإنترنت، وقد كشفت البيانات من نقاشات مجموعات التركيز أن بعض قطاعات الشركات الناشئة وجدت فى عملية الرقمنة هذه فرصة لتعزيز نموها، بينما أنهت القطاعات الأخرى عملياتها وأوقفتها مدة من الزمن لعدم قدرتها التكيفية على العمل فى أثناء الجائحة، وبفضل ذلك تبين أن الاتجاه السائد هو تسريع الرقمنة فى جميع الحالات وإتاحة المزيد من الفرص للمعاملات المالية والأسواق الجديدة.

سلبيات العمل عن بعد 

وكشفت الدراسة أن العمل عن بُعد رغم تلك الإيجابيات كانت هناك سلبيات أولها أنه أصبح مجالاً خصبًا للإجحاف بحقوق العمال؛ حيث إنَّ أغلبية العمال الذين يسعون إلى العمل عن بُعد يكونون فى حاجة ماسة له؛ لصعوبة انتقالهم إلى موقع العمل؛ لبُعد المسافة، أو بسبب إعاقتهم، أو لظروف عائلية خاصة بهم، الأمر الذى قد يستغل فيه البعض تلك الحاجة فيتعاقدون معهم بأجور زهيدة إذا ما قورنت بأجور العمال فى منشأة العمل.

حيث ذكرت منظمة العمل الدولية فى تقرير لها أوضحت فيه أن العاملين من المنزل يكسبون أجرًا يقل عن نظرائهم ممن يعملون خارج المنزل نسبة 13 % فى المملكة المتحدة، و22 % فى الولايات المتحدة الأمريكية، و25 % فى جنوب أفريقيا، وحوالى 50 % فى الأرجنتين، والهند، والمكسيك.

وأوضحت رسالة الدكتوراه أن قيام العامل بالعمل بعيدًا عن مقر العمل يجعله يبتعد عن سلطات إدارته والقضايا والقرارات العمالية التى تهمه وتهم غيره من العمال ويجعله بعيدًا عن مراكز إجراء القرارات العمالية. فيشعر بقلة تأثيره، وتضعف احتمالات ترقيته وتمتعه بالمزايا التى يتمتع بها زملاؤه العاملون فى مقر العمل ومخالطين لرؤسائهم، وقد يتطلب العمل المطلوب منه وقتًا أكبر من الوقت المحدد له فى العمل فيصعب على صاحب العمل تفهم هذا الأمر لعدم توافر الرقابة المباشرة، ومن ثمَّ يحرم من مقابل ساعات العمل الإضافية.

ولفتت الباحثة إلى أنه يمكن تفادى هذه السلبيات بالاتفاق على هذه الأمور وقت التعاقد، من حيث تحديد الأجر المناسب، وتحديد ساعات العمل، ويمكن إثبات ساعات العمل الإضافية بواسطة وسائل الاتصالات الإلكترونية، ومواقع التواصل التى تظهر العامل، ومراقبة موقع العامل عن طريق تقنية النظام الشامل لتجديد المواقع فى أثناء عمله، ومن السهل التحدث معه ورؤيته فى أثناء العمل، ويمكن أيضًا تقديرها بواسطة ما أُنجز من عمل وقدر إنتاجه.

أضافت: إن منظمة العمل الدولية أدركن هذه النقاط لاستغلال العمالة المهاجرة والعمالة فى المنزل بعيدًا عن أعين الرقابة، فأبرمت عدة اتفاقيات دولية تكافح بواسطتها مثل هذه المظاهر السلبية، مثل الاتفاقية رقم(189) اتفاقية العمل اللائق للعمال المنزليين لسنة 2011م حيث نصَّت المادة (9/1) من اتفاقية العمل فى المنزل على «يكفل نظام تفتيش يتماشى مع القوانين والممارسات الوطنية وتنفيذ القوانين واللوائح السارية على العمل فى المنزل»، كما كان من توصيات تقرير منظمة العمل الدولية لجعل العمل المنزلى أو العمل عن بُعد مرئيًا بصورة أكبر، ومن ثمَّ يتمتع بحماية أفضل.

ولفتت الدراسة إلى أن من بين العيوب أيضا تعذر تطبيق نظم التأمينات الاجتماعية، حيث يرى البعض أن فى تطبيق نظم العمل عن بُعد صعوبة فى تطبيق التأمينات الاجتماعية، وصعوبة تحديد العلاقة التعاقدية بين صاحب العمل والعامل، وصعوبة تحديد مدى كون إصابة العامل هل هى إصابة عمل أم أنَّها حدثت فى منزله، موضحة أنه ومع تحقق بعض هذه الصعوبات إلا أنَّه يمكن التغلب عليها عن طريق تطبيق الضوابط القانونية لنظم التأمينات الاجتماعية، خاصة ما يتعلق منها بإصابة العمل، وتحديد كون هذه الإصابة حدثت فى أثناء العمل أو خلال الوقت المحدد للعمل أم حدثت وقت الراحة.

أضرار صاحب العمل

كما رصدت الدراسة عددا من سلبيات العمل عن بعد والتى تلحق صاحب العمل أولها صعوبة المراقبة المباشرة، حيث يصعب فى نظام العمل عن بُعد تحقيق هذا النوع من المراقبة؛ لوجود العامل فى مكان مغاير عن مكان العمل، فيصعب على صاحب العمل المراقبة والإشراف على ما أُنجز من العمل، وتراخى العاملين فى القيام بأعمالهم، فيؤدى ذلك إلى الإضرار بسمعة صاحب العمل، وتدهور الإنتاج.وأوضحت أن من العيوب أيضا زيادة الأعباء المفروضة على الإدارات للتحقق من إنجاز الأعمال المطلوبة وإنهائها وتجهيز الوسائل المستخدمة لذلك بالمقارنة مع وجود الموظفين والعاملين تحت الإشراف المباشر لإدارات المؤسسات، وزيادة تكاليف التدريب وإعادة التدريب للعاملين.

ولفتت الباحثة إلى أن نظام العمل عن بُعد قد يؤدى إلى تقليل وقت المواجهة مع المديرين والأقران، وقد يسبب ذلك عقبة رئيسة فى الاتصال، فإنَّ فوائد العصف الذهنى والابتكار بواسطة التعاون فى الموقع تتضاءل بصورة كبيرة، وأيضًا عندما تكون هذه الفائدة أو هذا النظام متاحا فقط لفئة مختارة من العاملين، فيمكن أن تتسبب فى الغيرة والاستياء بين العاملين، ينتج عنها بيئة عمل سلبية قد تؤثر فى المعنويات، وتؤدى إلى مخاوف حول فقدان الإنتاجية.

وأوضحت أنه يمكن تفادى ذلك عن طريق تطبيق نظام العمل الجزئي، أو أنَّه يجب على العامل الذهاب إلى المكتب مرة واحدة كل حين؛ لأنَّه من الأفضل أن يتفاعل العامل مع زملائه شخصيًا للحفاظ على خطوط الاتصال مفتوحة والمحافظة على العلاقات وإلزامه بحضور الاجتماعات وجهًا لوجه.

توصيات الرسالة 

فيما أوصت الرسالة الأزهرية بإلزام صاحب العمل بتحرير عقد العمل عن بُعد كتابة باللغة العربية وتسليم نسخة للعامل ونسخة للجهة الإدارية ونسخة تظل معه لإثبات ما يدعيه فى مواجهة العامل ويلتزم بعمل سجل للعامل عن بعد يدون فيها دفعات العمل والوقت المخصص لإنهاء العمل المطلوب، ومعدل الأجر، وأى استقطاعات وفقا للقوانين واللوائح، وكيفية الرقابة والإشراف.

كما طالبت الدراسة بالتزام صاحب العمل بتوفير وسائل السلامة والصحة المهنية فى أماكن العمل البديلة وتأسيس المكتب المنزلى أو تعويض العامل عن بعد إذا قام هذا الأخير بتأسيسه، مشددة أنه لا يجوز لصاحب العمل التدخل فى الحياة الخاصة للعامل عن بعد ولا يجوز له استخدام الوسائل الإلكترونية لمراقبة العاملين عن بعد إلا بعد إعلامهم بذلك مسبقا وموافقتهم على استخدام هذه الوسائل.

 وأكدت الرسالة على ضرورة أن يكون صاحب العمل مسئولا عن الأضرار التى تحدث بسبب الأجهزة أو المعدات التى يستخدمها العامل عن بعد وأن تعد الإصابة التى تحدث للعامل عن بعد أثناء أداء عمله بسبب حادث عمل وقع أثناء ذهاب العامل إلى عمله أو فى مكان عمله أو أثناء عودته إصابة عمل. 