اللعبة الترامبية.. هتلر أمريكا.. كش ملك

مروة الوجيه
عام 2024 حافل بالعديد من المفاجآت المستمر تفجيرها يومًا تلو الآخر، لكن فى الولايات المتحدة الأمر أشبه بساحة حرب فيلم من أفلام هوليوود، محاولة اغتيال، استقطاب غير معهود، أسلحة وتهديدات فى كل مكان، الولايات المتحدة على شفا بركان مستعد للانفجار فى أى لحظة، ولحظة الانفجار الكبرى ستكون حال خسارة ترامب فى الانتخابات، وعلى الرغم من أنه احتمال أقرب إلى المستحيل بفعل كل المعطيات الحالية، فإنه لا مستحيل فى بلاد العم سام، ترامب نجح فى سطر اسمه فى تاريخ البيت الأبيض بشكل لم يستطع رئيس أحد رؤساء «بلاد العجائب» الـ59 فعله.. ترامب قادم بكامل قوته بل قادم أكثر تطرفًا ووعيدًا لكل من خانوه وأيدوا بايدن أو حتى رفضوا الانصياع وراءه.. بل قادم لينتقم من الكل.. فى الداخل الأمريكى وخارجه.. ولكن من سيدفع فاتورة ترامب؟ هل أمريكا وحدها أم العالم كله؟
«اغتيال».. ولكن
يوم السبت الماضى ووسط تجمع جمهورى ضخم فى ولاية بنسلفانيا جاءت رصاصة طائشة من بندقية «آيه آر» لشاب عشرينى يدعى توماس ماثيو كروكس لتجرح أذن المرشح الجمهورى والرئيس السابق دونالد ترامب، الذى يظهر أمام جمهوره عقب هذه اللحظة يحكم قبضة يده فى مشهد استعراضى قوى يشبه خروجه من قاعة محاكماته السابقة.
أدت محاولة اغتيال الرئيس الأمريكى السابق دونالد ترامب إلى تزايد المخاوف من تصاعد العنف السياسى فى الولايات المتحدة، الذى قد يهدد بمزيد من التوتر مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية الأمريكية. المقررة فى الخامس من نوفمبر المقبل.
وعلى الصعيدين الدولى والعربى، أثارت محاولة اغتيال ترامب موجة من الانتقادات مع التأكيد على التضامن معه ورفض كل أنواع العنف والتحريض ضد المعارضين.
أما داخليًا فقد تعالت الأصوات التى تؤكد على رفض كل أنواع العنف وخطاب الكراهية والتحريض حتى من معسكر الديمقراطيين المنافس له فى الانتخابات وسط توقعات بأن تؤدى هذه المحاولة إلى زيادة شعبيته بشكل كبير خلال الفترة المقبلة؛ ليس فقط بين مؤيديه ولكن أيضا بين فئة المترددين من الناخبين.

الأحداث التى شهدتها الولايات المتحدة تُعد زلزالًا انتخابيًا وتعتبر غير مقبولة ديمقراطيًا فى جميع الديمقراطيات حول العالم.
ومع ذلك، فإن هذا الزلزال يميل لصالح ترامب على حساب بايدن، لا سيما إثر المناظرة التاريخية بينهما. كذلك محاولة اغتيال ترامب الفاشلة قد تسرع من وصوله إلى البيت الأبيض بشكل أكبر.
لم يكن أكثر الجمهوريين المتفائلين والمؤيدين لدونالد ترامب يتوقع أن تسير الأمور بهذا القدر من السلاسة لصالحه.
تشير الظروف الحالية بوضوح إلى تفوق موقف ترامب، وذلك بدرجة لم يكن حتى جو بايدن نفسه يتوقع الوصول إليها.
أكد الرئيس بايدن، الذى كان ولا يزال من أبرز المعارضين للرئيس السابق ترامب، فى عدة مناسبات بأن العنف مرفوض بشكل قاطع فى الولايات المتحدة وأنه لا ينبغى أن يكون له مكان ضمن العملية الانتخابية.
وتشهد الساحة الأمريكية ارتفاعًا فى حدة التوتر وزيادة التصريحات العدائية بين الحزبين الجمهورى والديمقراطى. هذه التصريحات غالبًا ما تنطوى على عبارات مليئة بالكراهية من الجانبين.
ما حدث قد يكون متوقعًا فى ضوء التوتر المتزايد خلال العملية الانتخابية، حيث وصل الأمر إلى أن العديد من المراقبين توقعوا وقوع مثل هذه الأحداث، لكن لم يكن أحد يتوقع أن تتصاعد الأمور فى الولايات المتحدة إلى حد الاغتيال.
تصريحات أعضاء الحزب الديمقراطى والرئيس بايدن الحازمة حول منع وصول ترامب إلى السلطة بكل الوسائل الممكنة باعتباره تهديدًا، أثارت الكثير من النقاش والجدل.
فما حدث يأتى فى وقت حرج للغاية بالنسبة للولايات المتحدة، خاصة أنها جاءت قبل يومين من انعقاد المؤتمر العام للحزب الجمهورى فى ميلواكى بولاية وسكونسن والذى أُعلِن فيه ترامب مرشحًا رسميًا لحزبه واختيار الشاب جى دى فانس (40 عامًا) ليكون نائبه الرئاسى.

الطريف أن دى فانس كان من أشد معارضي ترامب وكان يلقبه بـ«هتلر أمريكا» لكن مع موسم انتخابات التجديد النصفى وطموح فانس السياسى عدل دفته ليصبح من أشد مؤيدى ترامب وأجندته «المتشددة» والآن فهو على أعتاب دخول البيت الأبيض من أوسع أبوابه، وربما أيضًا نراه مرشحًا للرئاسة فى 2028.. مع ترامب وفريقه كل شيء ممكن!
وعودة إلى عملية الاغتيال، التى حدثت فى توقيت يحمل فى طياته تأثيرات وتداعيات مؤكدة، فهى ليست المرة الأولى التى تحدث فيها عملية اغتيال، إذ جرت سابقًا عمليات قتل أو اغتيال لأربعة رؤساء أمريكيين. كما تعرض آخرون لمحاولات اغتيال متعددة، ترامب نفسه واجه قبل ذلك ثلاث محاولات اغتيال خلال فترة رئاسته بين عامى 2016 و2020.
العنف السياسى أصبح سمة مهيمنة فى المشهد الانتخابى بالولايات المتحدة. وبالرغم من أن آخر عملية اغتيال أو محاولة اغتيال تعود إلى عام 1981 مع الرئيس رونالد ريجان، فإن هذا الحادث سيعتبر نقطة فاصلة فى طريق سير العملية الانتخابية.
«الإرهاب السياسى»
هذه الصورة السلبية التى ترسمها الولايات المتحدة على الصعيد العالمى لا تعكس الحقيقة التى ينبغى تقديمها. فبلاد العم سام صاحبة الحلم الأكبر The American Dreame الشهيرة، تعيش فى فوضى سياسية واحتقان شعبى غير مسبوق.
وعلى الناخب الأمريكى أن يختار بين خيارين ليسا من أفضل الاختيارات من خلال ممارسة حقه الديمقراطى بالتوجه إلى صناديق الاقتراع، فهذه الصناديق هى الأداة التى تُعاقب بها مَن أقدموا على استخدام العنف ضد ترامب.
لم تعد البيئة الانتخابية للأسف تعكس الصورة المثالية التى نطمح لرؤيتها خلال الحملات الانتخابية، وعلى الرغم من صدور 34 حكمًا بالإدانة، يستفيد ترامب من الأحداث الأخيرة، بما فى ذلك قرار المحكمة العليا الأمريكية الذى حصّن الرؤساء السابقين وأرجأ توجيه اتهام جديد حتى سبتمبر.
وغالبًا ما تُفضى الظروف إلى تحقيق مصلحة المستهدف بعد كل محاولة اغتيال. وهو ما حدث مع رونالد ريجان، حيث أفضت محاولة الاغتيال التى تعرض لها إلى دخوله البيت الأبيض كرد فعل طبيعى للناخب الأمريكى.
وغالبًا ما يصور دونالد ترامب نفسه على أنه ضحية، لا سيما من ظلم الديمقراطيين حسب ما يصور، لكسب تعاطف الناخبين.
ويتمتع ترامب، كشخصية مثيرة للجدل، بقدرة فريدة على التحكم فى المواقف بطرائق غير تقليدية، فهو نجح فى استغلال الحادث الأمنى لصالحه وحوَّل الغضب الجمهورى إلى سعادة، إذ يمتلك ترامب مهارة واضحة فى معرفة ما يجب قوله والسيطرة على الأوضاع بشكل كبير.
الوضع الحالى يُبرز بوضوح أن هناك وحدة متنامية فى صفوف الحزب الجمهورى وانقسامًا متزايدًا فى صفوف الديمقراطيين، مما يعود بالنفع بالتأكيد على ترامب.
«كوفيد» الانسحاب
على صعيد آخر، نرى بايدن الرئيس «المغلوب على أمره» يناضل بكل قوته ويصرخ أنا الأقدر لهزيمة ترامب، لن أنسحب من السباق الرئاسى، حتى إنه خسر دعم أقرب أصدقائه داخل الحزب، وبعد عدة محاولات فاشلة لإقناع الديمقراطيين وشعبه تسربت معلومات لـ«شبكة نيوز نيشن» الأمريكية، أفادت أن الرئيس الأمريكى الديمقراطى جو بايدن سينسحب من السباق الرئاسى فى الأيام المقبلة.
وفى سياق متصل، نقلت شبكة «سى إن إن» الأمريكية عن مستشار ديمقراطى وصفته بـ«الكبير» قوله إن بايدن «بات أكثر تقبلا لفكرة انسحابه من السباق الرئاسى».
وتعرض بايدن لضربة قوية عندما قال العضو الديمقراطى البارز فى مجلس النواب آدم شيف من ولاية كاليفورنيا إن الوقت قد حان بالنسبة له «لتمرير الشعلة» إلى شخص آخر.
كذلك نقلت شبكة «أيه بى سى نيوز» عن زعيم الديمقراطيين فى مجلس الشيوخ تشاك شومر، الذى أبلغ بايدن فى اجتماع بأنه سيكون من الأفضل للبلاد والحزب الديمقراطى إذا انسحب من السباق الرئاسى.
ويرى نحو 40 % من الناخبين الديمقراطيين المسجلين أنه يتعين على بايدن التخلى عن محاولة إعادة انتخابه، فى استطلاع أجرته «رويترز/إبسوس».
وأيدهم فى ذلك نحو 65 بالمئة من الناخبين المستقلين المسجلين.
وقال حوالى 58% من الناخبين الديمقراطيين المسجلين فى الاستطلاع إنهم يعتقدون أن عمر بايدن يجعله غير مناسب للعمل فى الحكومة، ووافقهم فى ذلك 70% من الناخبين المستقلين المسجلين.
وأعلن البيت الأبيض إصابة بايدن بكوفيد-19 خلال رحلة له إلى لاس فيجاس فى إطار حملته الانتخابية، وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارين جان بيار فى بيان إن بايدن سينتقل إلى منزله فى ديلاوير «حيث سيعزل نفسه ويواصل تأدية واجباته بالكامل خلال هذه الفترة».
وكان بايدن قد أكد إنه سيعيد تقييم ما إذا كان سيبقى فى السباق الرئاسى ويفكر فى الانسحاب «إذا أخبره الطبيب بشكل مباشر أنه يعانى حالة طبية تجعل ذلك ضروريًا».
وفى مقابلة مع قناة «بى إى تى»، قال بايدن عند سؤاله عن إمكانية إعادة تقييم موقفه: «إذا ظهرت لى حالة طبية ما، أو جاء لى الأطباء وقالوا إنك تعانى هذه أو تلك المشكلة».
كان من المتوقع أن ينسحب بايدن بعد المناظرة الكارثية التى جرت فى الفترة الماضية. وعلى البديل المحتمل، وهو الأرجح نائبته كامالا هاريس أو أى شخصية أخرى أن تبدأ من الصفر لعدة أسباب. لحشد الناخبين بعد هذه الخطوة التى هزت الحزب الديمقراطى كله، لكن تبقى أزمة المانحين لحملة بايدن هى المشكلة الكبرى وهو من المرجح أن يتم دفع هاريس بديلًا لبايدن للحفاظ على مبالغ التبرعات التى تم جمعها خلال السنة الماضية، حيث إن هذه الموارد المالية لا يمكن تحويلها بيسر إلى أى مرشح آخر.
ويُعَدّ إرث إدارة بايدن، لا سيما فى ملف الهجرة غير الشرعية، مسألة لا يمكن تجاهلها بالنظر إلى العدد المرتفع للأفراد الذين دخلوا الولايات المتحدة بصورة غير قانونية. هذه التحديات يبدو أنها تتجاوز قدرة الرئيس الحالى وخليفته على إيجاد حل ناجع لهذه المشكلة.