السبت 21 ديسمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

فرصة للتوافق.. تفاؤل سودانى بمخرجات مؤتمر «القوى السياسية»

تسلك مصر منهجًا مدروسًا وحذرًا لتقريب مواقف الأطراف السودانية، لكن تحقيق تقدم يستند إلى توفر إرادة عند الفرقاء السودانيين، كما أن القوى الدولية والإقليمية ستدعم هذا الاتجاه فى حال التوصل إلى تفاهمات إيجابية.



ويرى محللون أن المؤتمر جولة استكشافية، ولا ينبغى أن ينظر إليه على أنه سينهى الحرب، بل محاولة لبناء علاقات جديدة على أسس جديدة، لبلورة خريطة طريق نحو حل الأزمة السودانية.

ويأمل السياسيون السودانيون فى الوصول لحل سياسى سلمى تفاوضى يؤسس لسلام مستدام فى السودان، وهو أمر يتطلب تنسيق الجهود مع دول الجوار السودانى، وتأتى القاهرة فى مقدمة الدول التى وضعت إنهاء الأزمة السودانية على أجندة أولوياتها نظرًا للأهمية الخاصة التى توليها الدولة المصرية بإفريقيا وفى القلب منها الجار السودانى الذى يدخل ضمن دوائر الأمن القومى المصرى.

نقطة إيجابية

واعتبر بابكر فيصل، رئيس المكتب التنفيذى للتجمع الاتحادى والقيادى بتنسيقية (تقدم) أن مجرد انعقاد المؤتمر هو نقطة إيجابية للأمام لأنه استطاع أن يجمع الفرقاء المدنيين الذين لم يجتمعوا منذ أن اندلعت الحرب ولم يجلسوا إلى بعضهم فى قاعة واحدة. وأوضح بابكر فيصل فى تصريحات له أن انعقاد المؤتمر تحت شعار «معا لوقف الحرب»، يعنى أن المؤتمر يعلى خطاب وقف الحرب فى مواجهة خطاب استمرارية الحرب واستمرارية المآسى المرتبطة بها وهذه إيجابية ثانية.

وأضاف: إن الإيجابية الثالثة تتمثل فى انعقاد المؤتمر بحضور دولى وإقليمى واسع وبمشاركة ممثلين عن الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبى والاتحاد الإفريقى وجامعة الدول العربية، فضلا عن سفراء ومبعوثين دوليين. ونوه إلى أن التواجد المصرى نفسه كان على أعلى مستوى وبحضور مميز فى قاعة الاجتماعات.

وأكد بابكر فيصل أن الأجندة التى رفعها المؤتمر هى أجندة الساعة وفى مقدمتها وقف الحرب والمساعدات الإنسانية وكيفية إيصالها للمتضررين بجانب مبادئ العملية السياسية التى يجب أن تعقب وقف إطلاق النار.

اتفاق كامل

من جانبه، أكد نبيل أديب المحامى والقيادى بالكتلة الديمقراطية أن أهم ما توصل إليه المؤتمر هو جلوس الفرقاء سويا والوصول لاتفاق جزئى. 

وقال نبيل أديب: إن الوصول لاتفاق كامل أمر صعب فى الظروف الحالية وأيضًا الوصول إلى اتفاق كامل يحتاج إلى عدد من المحاولات ولا يمكن أن يتم التوصل إليه فى محاولة أو محاولتين. موضحًا أن اللقاء فى القاهرة أظهر نقاط التقاء وإن كانت هناك أيضًا اختلافات، ودعا إلى استمرار اللقاءات بين الطرفين حتى يتم التوصل إلى الاتفاقات المرجوة.

وحول تعدد المبادرات الإقليمية والدولية، أكد بابكر فيصل أن مثل هذه المحاولات تكون مفيدة فى طور بناء الثقة بين الفرقاء المدنيين وتمهد الطريق لانطلاق العملية السياسية وهناك شبه توافق بأن تنظم تحت المظلة الأفريقية. لذلك من غير المفروض أن يكون هناك تناقض بين هذه الجهود، بل يجب أن تكمل بعضها البعض وفى النهاية ستكون هناك حاجة لتبنى جهة واحدة للعملية السياسية وبوجود الأطراف الفاعلة الأخرى والمؤثرة فى القضية السودانية.

تفاؤل حذر

وتفاءل عدد من المراقبين بمخرجات مؤتمر القاهرة حيث إنه يخاطب قضايا الحرب، ويسعى إلى توظيف التضامن الإقليمى والدولى لإنهاء الاقتتال الدائر فى البلاد.

كما يرى بعضهم أن القاهرة قادرة على الضغط على الطرف المتعنت لوقف الحرب، وأن ما يتمخض عنه المؤتمر سيؤسس لواقع جديد يتطلب تكامل الأدوار، من أجل توحيد موقف المدنيين، لأن ذلك يشكل ضغطًا على طرفى الحرب لوقفها.

وقال المفكر السياسى الشفيع خضر فى تصريحات صحفية: إن موافقة القوى المدنية والسياسية على المشاركة فى المؤتمر، يعنى أنها باتت على قناعة بأن الوطن كله أصبح فى مهب الريح، وأن خطرًا داهمًا يتهدد الجميع، وأن ما يجمع بين هذه القوى من مصالح فى الحد الأدنى الضرورى للحياة فى سودان آمن، أقوى مما يفرقها، وأنها لا بد أن تلتقى وتعمل بجدية وإخلاص لمنع انهيار الدولة السودانية.

ويعتقد المفكر السودانى، فى رسالة مفتوحة بمناسبة المؤتمر، أن المسؤولية الأكبر والرئيسية فى وقف الحرب المدمرة تقع على عاتق القوى المدنية السودانية، لأنها المناط بها تصميم وقيادة العملية السياسية التى بدونها لن تضع الحرب أوزارها، ورأى أن المشاركين سعوا لمضاعفة المشتركات والتوافق حول مقترحات عملية.

كما استبعد أن يحسم المؤتمر كل القضايا المطروحة من أول وهلة، لأنها تحتاج إلى عدة لقاءات أخرى، وأشاد بأن محصلة المؤتمر أكدت على المبادئ العامة حول وقف الحرب عبر التفاوض، ومخاطبة الأزمة الإنسانية، والحفاظ على وحدة السودان، وعملية سياسية تؤسس لفترة انتقال تأسيسية، والتوافق على لجنة تحضيرية للقاءات تالية مكملة.

ويتوقف نجاح المؤتمر على تجاوز الأطراف المشاركة التخوين والتخوين المضاد والتلاوم والمحاسبة على الماضى، وقدرتها على تجريد الأحداث الجارية فى البلاد من الحمولات السياسية وتناولها بمسئولية باعتبارها أزمة تواجه الشعب السودانى.

ويعد المؤتمر فرصة للأطراف المناهضة للحرب لإقناع القوى التى تدعمها بخطأ موقفها، ودفعها إلى مربع جديد لتجنيب البلاد مزيدًا من الدمار وتشريد المواطنين.

ويُعول الكثير من السودانيين على مخرجات مؤتمر القوى السياسية الذى استضافته مصر والشركاء الدوليون والإقليميون الطامحون لإيجاد مخرج لشق الجدار الفولاذى الذى يحيط بالأزمة أو الحرب الدائرة منذ أكثر من خمسة عشر شهرًا.

عقبات كبيرة

قال الدكتور محمد مصطفى، رئيس المركز العربى الإفريقى لثقافة السلام والديمقراطية بالسودان: «كنا نعول كثيرًا على مؤتمر القاهرة لما لمصر من علاقات أزلية مع الخرطوم وفهمها للأزمة وقدرتها على التأثير على فرقائها، لكن ثمة ملاحظات جوهرية قد أحدثت عقبات كبيرة أمام تحقيق أى توافق واختراق فى جدار الأزمة».

وأضاف مصطفى فى تصريحات صحفية: «نحن نعلم حجم التنافر بين كتلة تقدم والكتلة الديمقراطية، وكذلك موقف بعض القوى السياسية والثورية من هاتين الكتلتين، ومن البديهى أن أى محاولة جريئة لوقف الحرب تبدأ بتحقيق تقارب بين هؤلاء جميعًا قبل إقامة المؤتمر، وذلك قد يكون عبر ورش عمل ثم لقاءات مباشرة بوساطة مصرية-كينية، أو مصرية- أوغندية، أو حتى مصرية بمساعدة بعض الخبراء والأكاديميين السودانيين».

وتابع: «حضور كل القوى السياسية والثورية بمختلف مشاربها الفكرية والسياسية، يمثل الضامن الأعظم للخروج ببيان يمثل مدخلا مهمًا لوقف الحرب وتحقيق السلام».

 إرادة حقيقية

وأشار مصطفى، إلى أن «وجود إرادة حقيقية وقناعة ثم دور مباشر من المحاور الإقليمية والدولية المؤثرة فى طرفى القتال ضرورى جدًا لوقف الحرب، فإذا لم تتوفر الإرادة حتمًا لن ينجح أى مؤتمر أو حتى عملية تفاوض لوقف الحرب وتحقيق السلام».

من جانبه، قال المحلل السياسى السودانى وليد على: «أثبتت المعارك المستمرة منذ 15 أبريل عام 2023، أن هذه الحرب لن تحسم عسكريًا، مهما تقدم الدعم السريع ومهما توعد الجيش السودانى الدعم بالهزيمة فهى حرب ضروس لها آثار شديدة التعقيد على السودان والإقليم».

وأضاف فى تصريحات لوكالة روسية: «مؤتمر القاهرة بإمكانه عمل اختراق كبير فى هذه الحرب إذا تمت إدارته بشكل يخاطب حقيقة الأزمة الراهنة ويجب مناقشة كل عوامل إنهاء الحرب بشجاعة وجرأة فى هذا المؤتمر».