الأحد 3 نوفمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

وعد بمزيد من حريات المرأة وسياسة خارجية معتدلة إقليميًا ودوليًا بزشكيان.. هل تتجه إيران إلى «ثورة التغيير»؟

فى ظل أحداث مآساوية غير متوقعة، جاءت انتخابات الرئاسية فى إيران لتحمل معها الكثير من الأحداث، وفى ظل حداد قوى على الرئيس الراحل إبراهيم رئيسى، صاحب هذه الانتخابات نهاية هيمنة المحافظين والمحافظين المتشددين على منصب الرئاسة، ليظفر بها مسعود بزشكيان المعروف بنهجه المعتدل كرئيس لإيران، هذا الطبيب الذى يحلم بإضفاء مزيد من الحريات إلى بلده المتشدد والمنعزل عالميًا، يعد بزشكيان بمزيد من الحريات للمرأة وسياسة خارجية معتدلة إقليميًا ودوليًا، كما أنه منفتح للغرب حتى فى الملف الأكثر حساسية للسياسة الإيرانية، السلاح النووى.. ولكن رغم وعود الرئيس الجديد هل يمكن لإيران أن تدخل عصر «ثورة التغيير»؟ أم أن حكم الفقيه سيكون السائد أيضًا وسط تغيرات عالمية تنذر بقدوم تغيرات فى الأنظمة الدولية؟



 هيمنة المرشد

بعد انتخاب مسعود بزشكيان المعروف بنهجه المعتدل كرئيس لإيران، يرى مراقبون أنه ليس من المتوقع حدوث تغييرات جوهرية فى طريقة إدارة البلاد بسبب هيمنة المرشد الإيرانى على خامنئى على القرارات المرتبطة بشئون الدولة العليا.

وربما يتمكن بزشكيان من إنعاش الاقتصاد، لكن النطاق الذى يمكنه التحرك فيه سيكون محدودا، لكن المكانة السياسية لرموز الحكم فى إيران، تعتمد على معالجة الصعوبات الاقتصادية، لذلك قد يكون لدى بزشكيان يد قوية نسبيًا لإنعاش الاقتصاد، لكن النطاق الذى يمكّنه من السماح بالحريات الاجتماعية سيكون محدودًا، على الرغم من وعوده السابقة للانتخابات.

ويجمع النظام الإيرانى بين الحكمين الدينى والجمهورى، المعروف بالحكم «الثيوقراطى» ولا يستطيع الرئيس إحداث تحول كبير فيما يتعلق بالبرنامج النووى الإيرانى أو السياسة الخارجية، إذ يتولى الزعيم على خامنئى كل القرارات العليا، غير أنه بإمكان رئيس البلاد التأثير من خلال ضبط إيقاع السياسة الإيرانية والمشاركة بشكل وثيق فى اختيار خليفة لخامنئى صاحب الـ 85 عاما.

وكان عصر سابقيه من المحافظين الذين يستمدون قوة من المؤسسات التى يسيطر عليها خامنئى، مثل القضاء والقوات المسلحة ووسائل الإعلام، قد حالوا فى الماضى دون الانفتاح من جديد على الغرب.

ووضع خامنئى المبادئ التوجيهية التى يود رؤيتها فى الحكومة الجديدة من خلال حث بزشكيان على مواصلة سياسات سلفه إبراهيم رئيسى، الذى كان من غلاة المحافظين ولقى حتفه فى حادث تحطم طائرة هليكوبتر مايو الماضى مع عدد من المسئولين على رأسهم وزير الخارجية جواد ظريف.

 تغيير.. ولكن

بعد فوز بزشكيان، جرّاح القلب السابق، فى الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية الإيرانية، لكنه لم يؤدّ اليمين بعد، حيث تعهد بانتهاج سياسة خارجية براجماتية، وتخفيف التوتر مع القوى الست الكبرى، التى شاركت فى المحادثات النووية المتوقفة الآن؛ لإحياء الاتفاق النووى المبرم فى 2015.

ويقول محللون إن فوز بزشكيان (69 عامًا)، كان بلا شك بمثابة انتكاسة للسياسيين المتشددين، مثل منافسه سعيد جليلى، الذى يعارض أى انفتاح على الغرب، وإحياء الاتفاق النووى.

وانتقد أنصار جليلى مجلس صیانة الدستور، الهيئة الرقابية التى يختار نصف أعضائها المرشد الإيرانى، على سماحها لبزشكيان بالترشح؛ إذ أشارت مصادر إلى أن خامنئى اتخذ هذا القرار؛ لضمان إقبال مرتفع، وسط تضاؤل مطرد فى المشاركة فى الانتخابات منذ 2020.

ويأمل بزشكيان أن يؤدى إحياء المحادثات مع الغرب إلى رفع العقوبات الأمريكية الصارمة، فى ظل تزايد الاستياء الشعبى من الصعوبات الاقتصادية، لكن المتحدث باسم البيت الأبيض جون كيربى قال، عقب إعلان نتيجية الانتخابات إن الولايات المتحدة ليست مستعدة لاستئناف المحادثات النووية مع إيران فى عهد الرئيس الجديد.

وبالنسبة لبزشكيان، فإن الرهان كبير، فالرئيس يمكن أن يصبح ضعيفًا سياسيًا إذا فشل فى إحياء الاتفاق، الذى انسحب منه فى 2018 الرئيس الأمريكى آنذاك دونالد ترامب، وأعاد فرض عقوبات قاسية على إيران.

ووفق ما نقلته وكالة «رويترز» عن مسئولين إيرانيين، أكدوا أن بزشيكان أمامه طريق صعب.. كما أن إخفاق بزشكيان فى إحياء الاتفاق سيُضعف الرئيس، ويؤدى أيضًا إلى رد فعل عنيف ضد المعسكر المؤيد للإصلاح الذى قدم له الدعم.

فيما لا تزال استعادة العلاقات مع الولايات المتحدة، التى يصفها قادة إيران باسم «الشيطان الأكبر» منذ توليهم السلطة فى ثورة 1979، غير واردة.

 الاقتصاد والعقوبات

الاقتصاد يمثل نقطة ضعف بالنسبة لخامنئى، والتحرر من العقوبات الأمريكية التى كلفت إيران مليارات الدولارات من دخل النفط سيظل الهدف الأعلى لبزشكيان.

يعلم خامنئى أن أزمة الاقتصاد تمثل تحديا لم يقدر على مجابهته رجال الدين الحاكمون، الذين يخشون تجدد الاحتجاجات التى اندلعت منذ عام 2017 بين ذوى الدخل المنخفض والمتوسط الغاضبين من استمرار متاعبهم المعيشية.

وقال مصدر مطلع مقرب من خامنئى لوكالة «رويترز»: «سيؤدى الفشل فى تحسين الاقتصاد إلى احتجاجات فى الشوارع، لأن لدى الناس آمالا كبيرة الآن بسبب وعود حملة بزشكيان».

ويقول محللون إن التوقعات الاقتصادية لإيران تبدو أكثر غموضا من أى وقت مضى مع احتمال أن تؤدى عودة ترامب إلى منصب الرئيس الأمريكى إلى فرض عقوبات أشد على قطاع النفط.

 الطموح فى تغيير مأساة «مهسا أمينى»

يتمتع بزشكيان بعلاقة وثيقة مع خامنئى وربما يكون قادرا على بناء الجسور بين الفصائل لتحقيق الاعتدال، كما أنه من المرجح أن ينتهى الأمر ببزشكيان فى وضع مماثل لسابقيه، الرئيس الإصلاحى محمد خاتمى والبراجماتى حسن روحانى، اللذان رفعا معنويات الإيرانيين الطامحين للتغيير لكن تم منعهما فى النهاية من القيام بذلك من قبل المحافظين من رجال الدين والحرس الثورى.

وفى عام 2022، حيث كان بزشكيان نائبًا برلمانيًا، انتقد المؤسسة الحاكمة بسبب وفاة الشابة الإيرانية مهسا أمينى التى كانت محتجزة لدى الشرطة والتى أثارت وفاتها اضطرابات استمرت شهورا بالبلاد.

حدود التغيير

أما فيما يتعلق بالسياسة الخارجية، فليس من المرجح أن يحدث تغيير فى السياسة الإيرانية، فالقرارات الخاصة بالمنطقة ليست للرئيس بل للحرس الثورى الذى لا يأتمر سوى بأوامر خامنئى.

وفى إشارة إلى عدم حدوث تغيير فى سياسات إيران بالمنطقة، أكد بزشكيان موقف بلاده المناهض لإسرائيل ودعمها لـ«حركات المقاومة» بأنحاء المنطقة.

وقال بزشكيان فى رسالة إلى الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله «دعم مقاومة شعوب المنطقة للنظام الصهيونى غير الشرعى (إسرائيل) متجذر فى السياسات الأساسية للجمهورية الإسلامية».