الأحد 3 نوفمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

بعد مرور 11 عاماً على قيام 30 يونيو: الفـن يعود إلى رسالته

11 عامًا مرت على قيام ثورة 30 يونيو، سنوات طويلة مضت على هذا الحدث المهم الذى ساهم فى إنقاذ الوطن من براثن الإخوان، وفى خلال تلك السنوات جرت فى النهر مياه كثيرة، وتغير شكل الحياة فى جميع المجالات، ولا سيما المجال الفنى الذى عانى أيّما معاناة فى السنة التى اعتلت فيها جماعة الإخوان المسلمين سدة الحكم، حيث اعتبرت الجماعة ومن والاها أن الفن هو عدوهم الأول، أو الحجر العثر أمام تحقيق مشروعهم، لا لشيء سوى لعداوتهم الشديدة لكل مظاهر الحياة ولعلمهم بأن الفن هو الوسيلة الأكثر قدرة على فضح مخططاتهم المشبوهة فى السيطرة على العقول، وفرض سطوتهم الفكرية عليها، لذلك لم يكن أمامهم سوى المحاولة على تطويعه من أجل تحجيمه، وفرض سطوتهم عليه، الأمر الذى لم ينطل على مجتمع المثقفين وفى القلب منهم الفنانون الذين تصدوا لتلك المحاولات بشراسة، ولعل الإنجازات الفنية والثقافية التى تحققت خلال الـ 11 عامًا الماضية هى الدليل الأبرز على أن الفن ما كان له أن يعود إلى رسالته إلا بتلك الثورة المجيدة، فما هى أبرز تلك الإنجازات؟ 



تكريم أهل الفن

 فى مطلع 2014، وفى فترة رئاسة حكم الرئيس «عدلى منصور» للبلاد، اجتمع الفنانون فى المسرح الكبير بدار الأوبرا المصرية فى احتفالية عيد الفن التى قدمها على المسرح الفنانان «أحمد السعدنى، وبشرى»، وقد كانت المناسبة الأولى للقاء المشير «عبدالفتاح السيسى» بأهل الفن ورموزه، حيث شكل تواجده مفاجأة للحضور الذين وقفوا مصفقين، ومرددين جملة (تحيا مصر) ثم بدأوا فى الالتفاف حوله أثناء فترة الاستراحة، وفى لقائه بوفد من الفنانين ضم نحو 50 فنانًا بعد إعلان ترشحه للرئاسة، وذلك للتواصل معهم، والاستماع لرؤيتهم حول مستقبل الفن والإبداع، قام بموقف يعبر عن احترامه للفن، ورغبته فى إعادة بناء الثقة بين الفنانين والسلطة والتى فقدت فى عصر الإخوان، ففى أثناء حديثه عن دور الفنون المختلفة فى النهوض بمستوى ثقافة المواطنين، وتشكيل جزء كبير من الوعى لديهم، سأل عن الفنانة «فاتن حمامة» وعندما شاهدها جالسة فى القاعة طلب منها البقاء على مقعدها، وذهب لمصافحتها، وقد كان هذا اللقاء بمثابة رسالة طمأنة للفنانين على مستقبل الفن فى العهد الجديد، واستمرت العلاقة الطيبة بين الرئيس والفنانين بعد فوزه برئاسة مصر، حيث زار الفنانة «شادية» بالمستشفى قبل وفاتها، كما حرص على إجراء مكالمة تليفونية بالإعلامية «نهال كمال» فى فترة مرض زوجها الشاعر «عبدالرحمن الأبنودى»، وفاجأ الفنان «حمدى أحمد» باتصال به فى منزله أثناء فترة مرضه أيضًا، كما اتصل بأسرة الفنان القدير «عبدالرحمن أبو زهرة»، ووجه بتحمل مصاريف علاج الفنان «شريف الدسوقى» وصرف معاش استثنائى له، بعد الوعكة الصحية التى ألمت به والتى أدت إلى بتر إحدى ساقيه، كما قام بعلاج الفنان الراحل «سمير صبرى» على نفقة الدولة، الأمر الذى تكرر أيضًا مع المطرب «على حميدة»، والفنانة «فاطمة كشرى»، التى استغاثت بالرئيس بعد تعرضها لخطأ طبى أثناء إجرائها عملية جراحية، وعلى الفور استجاب لهذه الاستغاثة، ولكن تقدير دولة 30 يونيو للفن وأهله لم يقتصر على الأحياء منهم دون الأموات الذين تم تخليد أسماء الكبار منهم، بإطلاق أسمائهم على إنجازات متحققة مثل إطلاق اسم الفنان الكوميدى «سمير غانم» على الكوبرى الجديد على محور محمد نجيب فى منطقة شرق القاهرة، وإطلاق اسم الفنان القدير «محمود ياسين» على أحد شوارع بورسعيد، وإطلاق اسم الفنان الراحل «محمود عبدالعزيز» على أحد محاور مدينة العلمين الجديدة، وغيرها، وكل هذا يعنى تقدير الرئيس السيسى لقيمة ما قدمه هؤلاء الفنانون طيلة حياتهم.

العدالة الثقافية

الاهتمام بالفن شمل أيضًا الاهتمام بنشره وضمان إيصاله للجميع، وهو ما يعرف بتحقيق العدالة الثقافية، تلك التى تحققت عن طريق تطوير قصور الثقافة الموجودة فى جميع محافظات الجمهورية، والتى احتضنت مشروع سينما الشعب الذى تنظمه الإدارة العامة للثقافة السينمائية بهدف تقديم الأعمال السينمائية للجمهور بالمحافظات بأسعار مخفضة، بالإضافة إلى مشروع مسرح المواجهة والتجوال الذى يهدف إلى الوصول بالمنتج الثقافى والفنى إلى جميع ربوع مصر خصوصًا القرى والنجوع والمناطق الحدودية، الأمر الذى تكرر أيضًا فى المهرجانات الغنائية، حيث غنى كبار المطربين فى دندرة بقنا، وأبيدوس بسوهاج، وتل بسطا بالشرقية، وغيرها من المحافظات عن طريق مهرجانات غنائية أقيمت فى العديد من محافظات مصر.

مدينة الفنون والثقافة  فى العاصمة الإدارية

إذا كانت الإتاحة وتحقيق العدالة الثقافية والفنية من أهم الأهداف التى تم السعى إلى تحقيقها خلال السنوات الماضية، فإن بناء مدينة الفنون والثقافة بالعاصمة الإدارية يعد من أهم إنجازاتها، والتى من المتوقع أن يكون لها شأن ثقافى كبير فى المستقبل القريب حيث تضم «دار الأوبرا» والتى ستكون الأكبر فى مصر والشرق الأوسط والوطن العربى، وتشمل قاعة رئيسية تصل سعتها إلى 2150 فردًا مقامة وفقًا لأحدث التقنيات الهندسية من إضاءات تخصصية وأنظمة صوتية وتقنيات مسرحية وقاعة موسيقى تسع 1200 فرد مؤهلة لاستقبال الحفلات الموسيقية العالمية، وكذلك مسرحًا للدراما والأداء الحركى يتسع لـ 640 فردًا، بالإضافة إلى مسرح مكشوف بسعة 15 ألف فرد، ومركز للإبداع الفنى لخدمة شباب المبدعين وتشكيل حسهم الفنى ويتكون من أماكن مخصصة للسينما ومسرح للتدريب والعرض ويحتوى على «قاعات الصوت» المهيأة خصيصًا للتسجيلات الصوتية. وكذلك «قاعات مسرحية» للأدوات الموسيقية والرقص الكلاسيكى والحديث واكتشاف المواهب الفنية.

 نهضة مسرحية  وانتعاشة سينمائية

على مدار 11 عامًا حرص صناع الفن على تقديم محتوى فنى يتناسب مع روح الثورة التى تهدف لبناء الإنسان وتشكيل وعيه، وذلك من خلال أعمال توضح للجمهور المؤامرات التى كانت تحاك ضد الوطن من خلال سلسلة من الأعمال الوطنية الخالدة كمسلسل (الاختيار) بأجزائه، ومسلسل (هجمة مرتدة)، وأفلام مثل (الممر) و(الخلية)، ولكن بخلاف تلك الأعمال الوطنية الخالدة، فهناك نهضة حقيقية يشهدها الفن بقطاعاته المختلفة، ليس فقط من خلال مناقشة قضايا تهم الناس وتثير اهتمامهم، وتلامس واقع حياتهم اليومية لكن أيضًا من خلال تنوع واضح على مستوى الشكل والمضمون، بوجود جيل جديد من الكتاب والمخرجين جنبًا إلى جنب رواد المهنة وكبارها، ساهم فى ضخ دماء جديدة فى شرايين الصناعة ككل يصاحب ذلك القدرة على الوصول إلى شرائح اجتماعية مختلفة ومتباينة سمحت بوجود إيرادات ضخمة للأفلام فى المواسم المختلفة رغم الظرف الاقتصادى الصعب، وأضاءت المسارح المختلفة ولا سيما مسارح الدولة بعروض فنية ساهمت فى عودة الجمهور لارتياد المسرح بعد فترة تعثر، وعودة النجوم الكبار للوقوف على خشبته.