لماذا هذا الملف
من «فيروس كورونا» لـ«حرب غزة» مرورًا بـ«الأزمة الأوكرانية» الأزمات تحاصر كوكب يستغيث
وكأن العالم كان ينقصه تلاحق الأزمات، وكأن الكوكب كان غارقًا فى النعيم، حتى يُضرب بأحداث جسام متتاليات خلال أقل من 5 سنوات «حزينات» قلبت أحوال البلاد والعباد وضربت قوائم الاقتصاد وأحدثت أزمات صحية وسياسية وأمنية وحتى غذائية خطيرة. البداية كانت فى أواخر عام 2019 بأزمة فيروس كورونا التى أغلقت كوكب الأرض إذا جاز التعبير، ثم أتى العام 2022 بحرب روسية على أوكرانيا أدت لتوترات دولية كبيرة وأثرت على اقتصاد عالمى كان يحاول أن يتعافى، وقبل انتهاء عام 2023 اشتعلت الأرض فى قطاع غزة الفلسطينى بحرب إسرائيلية شعواء أدت هى وتداعياتها إلى اضصراب شديد فى منطقة الشرق الأوسط كان له انعكاس أيضًا على المشهد العالمى.
لم تكن أزمة فيروس كورونا والحربان فى أوكرانيا وغزة هى الأزمات الوحيدة التى أشعلت الأوضاع فى الكوكب وإن كانت أبرزها، لكن هناك أيضًا الحرب فى السودان الشقيق، والتوترات فى شبه الجزيرة الكورية بين كوريا الشمالية المسلحة نوويا وجارتها الجنوبية، والصراع بين الصين وجارتها الصغيرة تايوان، واستمرار التوترات التاريخية بين أمريكا والصين، والأزمات السياسية فى المشهد الأمريكى سواء بالصراع بين الحزبين الديمقراطى والجمهورى أو بالمحاكمات التاريخية التى طالت لأول مرة رئيسا سابقا (دونالد ترامب) وابن رئيس حالى (جو بايدن) وهى سوابق ليس لها مثيل فى التاريخ الأمريكى، وغيرها الكثير من الأزمات.
وأدت هذه الأزمات مجتمعة إلى تأثيرات سلبية شديدة على الاقتصاد العالمى فأزمة كورونا على سبيل المثال أغلقت تماما الاقتصاد العالمى وأوقفت سلاسل الإمداد بصورة شبه كلية، وعندما بدأ الاقتصاد مرحلة التعافى أتت الحرب الروسية على أوكرانيا لتعيد الأزمة للاقتصاد وتؤثر مرة أخرى على سلاسل الإمداد العالمى وبخاصة فى مجال الغذاء لأن روسيا وأوكرانيا هما أكبر موردين للقمح فى العالم، ثم جاءت حرب غزة وتداعياتها مثل اشتعال الأجواء فى البحر الأحمر بسبب هجمات المتمردين الحوثيين فى اليمن لتؤثر أيضا على التجارة العالمية باعتبار البحر الأحمر من أهم الطرق المائية التى تمر منها حاويات البضائع المختلفة.
ومما لا شك فيه أن المشهد العالمى فى الوقت الحالى قد يكون هو الأكثر تعقيدًا منذ نهاية الحرب العالمية الثانية فى عام 1945، ومما لا شك فيه أيضًا أن جميع دول العالم تعانى من تداعيات هذا المشهد وتحاول جاهدة بكل السبل من أجل الخروج منه بأقل الخسائر الممكنة، والانطلاق منه إلى وضع أكثر استقرارًا «إن أمكن ذلك».
وفى هذا العدد من مجلة «روز اليوسف» نرصد كيف أثرت هذه الأزمات على الاقتصاد العالمى ككل، وكيف أثرت بالأخص على مناطق معينة كأمريكا وأوروبا وإفريقيا وأمريكا اللاتينية وآسيا وروسيا، وكيف حاولت هذه المناطق التكيف وإعادة اقتصادها إلى المسار شبه الصحيح، وكيف استطاع الاقتصاد المصرى – رغم هذه الأزمات الشديدة التى تقع أحداثها (حرب غزة) على الحدود الشمالية الشرقية لنا – من الصمود وتحقيق مردود إيجابى أشادت به هيئات الاقتصاد العالمية المختلفة.