الثلاثاء 22 أبريل 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
لماذا الإعلام والفن «ليبراليان»

لماذا الإعلام والفن «ليبراليان»

 هناك سؤال دائمًا ما يُطرح بين الناس وبين المتخصصين يدور حول حقيقة ما إذا كانت وسائل الإعلام متحيزة للأفكار الليبرالية خصوصًا فيما يتعلق بالإعلام الأمريكي، وهو سؤال ينطلق من صورة ذهنية متجذرة لدى العديد من المجتمعات بأن الإعلام فى غالبه ليبرالي، وذلك مرده فى تقديرى لعدة أسباب لعل من أهمها هو محاولة المحافظين المستمر فى الهجوم وشيطنة الفكر الليبرالى بتسطيح فلسفته وهو أسلوبهم المتبع دائمًا فى تبرير عدم قدرتهم على نشر أفكارهم بالشكل الذى يحقق لهم طموحهم فى الانتشار، وهروبهم كما يرى البعض من الاعتراف بضعفهم وعدم قدرتهم على التعاطى بمرونة وحرية وقبول الآراء المخالفة لهم، مما يفقدهم القدرة على جذب أكبر شريحة من المتلقين.



الإعلام بطبيعته ينمو فى بيئة ركيزتها حرية التعبير والحرية كمنهج إنسانى هى من أساسيات الفكر الليبرالي، لذلك ستجد أنه كلما توفرت ظروف أفضل لحرية التعبير كلما نمت روح الليبرالية فى ممارسته وتبنى منطلقاته، والإعلام الذى فى غالبه يحظى بثقة المتلقى هو ذلك الذى يتيح الرأى والرأى الآخر مهما خالف المعهود.

بمقابل الليبرالى هناك الإعلام المحافظ والذى فى غالبه يستند لفكر دينى أو اجتماعى متحجر يعتقد أنه صاحب الكلمة ذات المنبع الدينى أو المنهج الاجتماعى الصحيح والذى لا يقبل النقاش كأساس منهجي، ولذلك ستجد هذا الإعلام أقل جذبًا فى نظر المتلقى باعتباره وسيلة إعلامية تكون فيها مساحة الحرية ضيقة جدًا وغالبًا ما تكون تأكيدًا أو اجترارًا لأفكار أو مواقف متكررة محددة سلفًا وبتوجيه ومراقبة.

مقولة أن الإعلام ليبرالى الهوى صادقة فى المجمل، وذلك ببساطة لأن (الصحافة تزدهر مع الحرية، والليبرالية فى ذاتها هى أوضح تجليات تجسيد الحرية).

فى المقابل وفى موضوع متصل يتكرر سؤال شبيه يتعلق بصحة الرأى القائل بسيطرة الحزب الديمقراطى على صناعة الأفلام والمسلسلات فى أمريكا، والذى يمكن أن نوضحه بالقول أن الأمر ليس بالمطلق كما يشاع، إلا أنه يمكن القول أن فى السنوات الأخيرة برز بشكل أكبر التوجه الليبرالى (الديمقراطى) فى الصناعة السينمائية الأمريكية، وليس خافيًا أن عاصمة السينما العالمية والأمريكية «هوليوود» ذات نزعة ديمقراطية بالعموم، وموقف أرباب الصناعة وأوساط النجوم السينمائيين الذين وقفوا علنًا ضد الرئيس ترامب فى الانتخابات الرئاسية عام2016 و2020 ما زالوا إلى يومنا هذا مستمرون فى حملاتهم المناهضة له ولسياساته المحسوبة على المحافظين. 

ولكن لا يمكن القول أن هذا التوجه بالضرورة غالب على جميع مخرجات السينما، لأن لكل نوع من الأفلام أجندتها الخاصة بها، فأفلام الحروب مثلًا ستجدها تتبع رؤية أكثر وطنية لا تفرق بين الانتماء الحزبي، بل تعمل على تمجيد الوطن والجيش والأجهزة الاستخباراتية باعتبارها الأفضل والأقوى على مستوى العالم.

بينما لو نظرنا مثلًا للأفلام ذات المواضيع الاجتماعية فإننا سنجد أنها فى غالبها ولا أقول كلها تحاول أن تبث رسائل تتوافق مع نظرة الحزب الديمقراطى للأمور والتى بطبيعتها ليبرالية، فأصبح تكثيف تسليط الضوء على الجريمة فى المجتمع نتيجة انتشار الأسلحة بين الناس وسهولة الحصول عليها موضوعًا يطرح بكثرة، إضافة لإدماج الشخصيات المثلية والعلاقات الحميمة بينهم باعتبار ذلك جزءًا من المجتمع وبكونه أمرًا طبيعيًا ومقبولًا، إضافة لمواضيع مثل الإجهاض واللادينية والتمييز ضد الأقليات وهى كلها قضايا أساسية يدافع عنها الديمقراطيون، أما لماذا؟ فجوابى المختصر هو لأن الفن كما الإعلام ينمو ويزدهر فى بيئة حرة تزدهر فيها حرية التعبير بكافة أشكالها، والحرية هذه هى أهم مخرجات الليبرالية التى ينتهجها فكر وفلسفة الحزب الديمقراطى.