الثلاثاء 22 أبريل 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
دور المثقف فى التنوير والبناء والإصلاح

دور المثقف فى التنوير والبناء والإصلاح

فى هذا العصر الذى لا يمكن فيه نفى أن الكثير من المفاهيم قد اختلطت والعديد من الأدوار قد تبدلت والأفكار قد تولدت، نجد أن أدوار من يوصفون بالمثقفين أو المفكرين أو قادة الرأى قد أعيد صياغتها لتتماشى مع متطلبات المرحلة، فأصبح من كان فى الماضى يقود الركب الفكرى فى المجتمع أصبح اليوم منقادا فى غالب الأحيان لخدمة أغراض مصممة مسبقًا لتخدم مصالح من فى يده القوة أو يمسك بزمام الحناجر ذات الصوت العالى.



من هنا فإنه من الضرورى أن نعود لنفهم طبيعة دور هؤلاء الذين لعبوا فى السابق ويحاول بعضهم اليوم أن يعود لدوره فى القيام بذات الدور الذى يهدف إلى التنوير والإرشاد الفكرى والنهوض بذهنية الأفراد والمجتمع بحيث يكون لديهم القدرة على مواجهة التحديات والرقى بالذات، تلك الطبيعة التى تشكلت عبر تجارب عديدة فى مجتمعات مختلفة اتفق جلها على ذلك الدور باعتباره مفصليًا وأساسيًا فى بناء الأمم.

فنشر الوعى والمعرفة يعد من أهم تلك الأدوار، فالمثقف هو حامل لواء المعرفة والثقافة عبر مساهمته فى البناء الفكرى المستنير المتوافق مع الزمن والمتغيرات الحاصلة من حوله، إضافة لدوره الجوهرى فى تقديم الأفكار والحلول المجتمعية لتجاوز الصعاب التى تواجه المجتمع وضمان تحقق العامل المحققة لذلك المتمثل فى استقرار بيئة تسودها الحريات والاستقلالية.

لا يمكن أن يكون هناك إصلاح مجتمعى دون أن يكون هناك أسس منهجية سياسية وفكرية واقتصادية متطلبة لتحقيق ذلك، وهو أمر لن يتأتى دون أن يتحقق ايقاد شرار التفكير الذاتى والوعى المجتمعى والذى هو مسئولية ذلك المثقف المنوط به دور التنوير وتبيان الأوجه اللازم تغييرها والأسس التى يجب البناء عليها استنادًا لقراءة موضوعية لحالة المجتمع وواقعه الحاضر دون إهمال مرتكزاته التاريخية وأحلامه وطموحاته المستقبلية.

الحضارة لا تقوم على الجهلاء، وعليه فإن مساهمة المثقفين فى مهمة البناء الحضارى لأى دولة يعد ركيزة من ركائز التخطيط السليم، فالمثقف بالعودة لطبيعته يجب أن لا يكون محصورًا فى تفكير ما هو ممكن بل فى التفكير فى ما أبعد من الممكن لكى تعلو الطموحات وتتوسع الأحلام، فبالطموح والأحلام يمكن تحقيق التقدم والوصول لأعتاب المستقبل.

عندما يواجه المثقف المستنير عمليات التهميش الممنهج فإن السبب يعود فى الغالب لكون ذلك المثقف لا يقبل بالقيام بدوره ضمن الأطر المرسومه له مسبقًا، بمعنى أنه يصبح بنظر من يعاديه صوتًا مزعجًا وصاحب رأى يغرد بعيدًا إما عن الرغبات أو الإمكانيات أو المزاجات، وعليه فتنحيته وتقليم أفكاره وصوته يكون هو الحل، هذا لأن من أهم الأدوار التى يجب أن تكون لأى مثقف يعمل فى مجال التنوير المجتمعى هو أن يكون له تأثير فى الرأى العام، يكون قريب من الناس ويفهم ما يدور فى أذهانهم ولكنه غير متأثر فى محدوديته أو سطحيته أو لا مبالاته، فالمثقف لديه فى هذا الصدد دورين أساسيين هما تمثيل الرأى العام والتعبير عنه وتوجيهه.

أدوار المثقف فى المجتمع عديدة ومتنوعة المجالات، ما ذكرته أعلاه ليس إلا القشرة، فهى تتجاوز ما ذكرته لعوالم ترتبط بالدفاع عن القيم الحقيقية وليست المفتعلة، إضافة للدفاع عن الهوية الوطنية ومقاومة محاولات الهيمنة الثقافية إما من الخارج أو من أحادى التفكير من إقصائيى الداخل، وأخيرًا الاستفادة من التكنولوجيا لنشر الأفكار التنويرية وإيصالها للجمهور فى كل مكان. 