أكدوا أن التكريم بمثابة اعتراف رسمى بأن أعمالهم مؤثرة ومحفوظة الفائزون: احتفاء الدولة المصرية بالمبدعين يفوق أى جائزة عالمية

آية محمود على
تتويجًا لأقلام أبدعت ونصوص سطرت وكتب تميزت، وتقديرًا لمسيرة المبدعين فى مجالات الفنون والآداب والعلوم الاجتماعية أعلنت جوائز الدولة التقديرية والتشجيعية، والنيل والتفوق لعام 2024، وعبر الفائزون عن فخرهم واعتزازهم بتقدير الدولة لجهودهم، وكشفوا عن كواليس تأليف وإنجاز أعمالهم الأدبية والبحثية الفائزة، وتحدثوا عن أهم التحديات التى تواجههم خلال مسيرتهم وأكدوا أن احتفاء مصر بالمبدعين يفوق أى جائزة عالمية، كما أن التكريم بمثابة اعتراف رسمى بأن مسيرتهم محفوظة.

تقدير من الدولة
أكد الروائى عبدالرحيم كمال،أن تنوع قراءاته واطلاعه على مختلف الثقافات وشتى العلوم شكلت لديه ذائقة فنية متفردة واعتبر «نجيب محفوظ» و«ماركيز» و«هرمان هسه»، و«دوستويفسكي» من أهم الأدباء المؤثرين فى عالمه، وبعد مسيرة أدبية عمرها 25 عامًا مزجت بين فن الرواية والمجموعات القصصية، والمسرح، والدراما حصد جائزة الدولة للتفوق فرع الآداب، حيث وصف فوزه بأنه تقدير كبير من الدولة المصرية التى يفتخر كثيرًا بما تبذله من جهود.
وتزامن حصوله على جائزة الدولة مع فوز مؤلفه مسلسل (الحشاشين) بجائزة مهرجان الخليج للإذاعة والتليفزيون المنعقد فى البحرين، وحصد جائزة الدانة الدرامية فى دورتها الـ16 كأفضل مسلسل عربى لعام 2024، ويرى أن التتويج كان من نصيب مصر فى ظل منافسة قوية مع أعمال درامية من دول مختلفة مشاركة بالمهرجان، كما أن الجائزة جاءت احتفاءً بجميع عناصر العمل، وفريق تنفيذه.
وأوضح أن الكتابة الأدبية ظلت حلما كبيرا ينمو داخله مع الأيام، ورغم اختلافها عن كتابة السيناريو إلا أنه لم يهجرها، رغم أن تأليف الروايات هو الأصعب لأن الكاتب يقوم بدور المؤلف، والمنتج والمخرج ومدير التصوير ومصمم الديكور والممثل فى آن واحد، كما أنها تتمتع بسمات تميزها مثل اللغة، الخيال، والطريقة السردية، كما أن الكتابة تحتاج إلى الصبر لأنها تستحق والواثق من موهبته عليه أن يصبر بكل رضا ولا يترك الملل يتسلل إلى قلبه.

تفوق أى جائزة عالمية
فى السياق ذاته يرى المعمارى حمدى السطوحى، أن فن العمارة منتج إنسانى وثقافى يؤثر ويتأثر، وإذا كانت قيمة ستكون عابرة للزمن حتى تصبح تراثًا فى المستقبل، ودائمًا ما أحيا فى تحدًّ مع ذاتى وأتساءل عما أنتجه اليوم وهل يرقى أن يكون تراثًا فى المستقبل؟
ويقول: إنه حصد العديد من الجوائز الدولية لكن فوزه بجائزة الدولة للتفوق فرع الفنون من وطنه له مذاق مختلف لأن احتفاء مصر بمبدعيها يفوق أى جائزة عالمية، كما أن التكريم يشكل دفعة قوية لاستكمال مشواره بالمنهج ذاته.
علامة تقدير
من جهته يقول الفائز بجائزة الدولة التقديرية فرع الآداب، د.سامى سليمان: إن الجائزة تتميز بأصالتها وتاريخها الطويل الذى يكسبها عراقة، كما تعنى تقدير المؤسسات الثقافية لمنجز الحاصل عليها، وتمثل بالنسبة له علامة تقدير لجهوده واعترافا رسميا بأن مسيرته الممتدة عبر أربعة عقود محفوظة، كما تشكل له حافزاً قوياً يدفعه لمواصلة جهوده واستكمال المشاريع النقدية والإبداعية التى يعمل عليها منذ سنوات طويلة.
ويوضح أن التحديات التى تواجه مسيرة بحثه تكمن فى كيفية التمكن من النصوص والخطابات النقدية، ورؤية الخطابات الفاعلة فى مسارات الثقافة وفى حياة الناس لكى يتنبأ بما ستصل إليه أو بما ستحققه فى المستقبل.
قيمة تقديرية
فى السياق ذاته شكلت الروائية «عزة بدر» ملامح الأدب بنتاج إبداعى ملهم يجمع بين الرواية والشعر والدراسة النقدية، ونالت جائزة الدولة للتفوق فرع الآداب.
واعتبرت حصولها على جائزة الدولة التشجيعية فى أدب الرحلات لعام 2002 عن كتابها (أم الدنيا.. صورة قلمية للقاهرة والناس)، ثم جائزة التفوق لعام 2024 بمثابة قيمة تقديرية تدفعها لبذل المزيد من الجهد واستكمال مسيرة العطاء والإبداع.

اعتراف رسمى
أما الباحث عبدالرحمن الطويل، فاختار أن يروى تاريخ مدينة الفسطاط ويستعرض تطور معالمها العمرانية والتراثية ويتناول مراحل ازدهارها واندثارها، ليفوز بجائزة الدولة التشجيعية فى العلوم الاجتماعية فرع التاريخ والآثار وحفظ التراث عن كتابه (الفسطاط وأبوابها) ويقول: إن تكريم الوطن بمثابة اعتراف رسمى من مؤسسات الدولة بأن مسيرة الباحث محفوظة، ويشكل قيمة وتقديرًا لجهده ومنجزه، وتتمتع الجائزة بمكانة خاصة فى وجدان كل باحث ومبدع، وتعتبر انطلاقة جديدة لاستكمال مشروعه البحثى عن مدينة الفسطاط التى تنتظر الكشف عن الكثير من معالمها، كما أن فوز بعض الأصدقاء بجوائز الدولة فى الأعوام الماضية دفعنى إلى المحاولة هذا العام.

وأوضح أنه اتجه لسرد تاريخ الفسطاط تحديدًا لأن التاريخ أظهر أن الفسطاط ظلت العاصمة المصرية لقرابة خمسة قرون تتكون من مدينتين مكتملتين، ورغم أن الفسطاط الأقدم والأكثر عمرانًا، إلا أنها مع حدوث النكبات تدهورت واندثرت بينما توسع القاهرة وازدهارها جعل المؤرخين والباحثين يركزون اهتمامهم على معالم القاهرة مما أدى إلى قلة الكتابة عن الفسطاط، ومن هنا تشكل اهتمامه واتجه إلى إحياء قطعة مهمة من تاريخنا عبر الكتابة عنها.
فخر كبير
فى السياق ذاته تناولت الصحفية ميرفانا ماهر، أسرار وكواليس تعارض المصالح على مستوى الحكومة والبرلمان ورجال المال والأعمال فى قراءة متجددة لخريطة شبكات السلطة والمال، وبلغة سلسة تبتعد عن صعوبات الخطاب الاقتصادى المتعارف عليه، وفى سياق لا يخلو من سحر الحكايات، ونالت جائزة الدولة التشجيعية فى العلوم الاجتماعية فرع علوم الإدارة عن كتابها (شبكات السلطة والمال).

ولم تكن جائزة الدولة التشجيعية هى الأولى فى مسيرتها، فقد حصلت على عدة جوائز منها جائزة الصحافة المصرية عن حملة تحمل عنوان (تعارض المصالح)، وجائزة «سمير عبدالقادر» فى الصحافة الاقتصادية، وأيضًا جائزة «سعيد سنبل» فى المقال الاقتصادى، لكنها تقول إن الفوز بجائزة الدولة له مذاق مميز لأنه فخر كبير وتقدير عظيم من الدولة لأبنائها.

شعور مختلف
وفى استثمار إحدى معطيات الدراما حصد د. محمد هندى، جائزة الدولة التشجيعية فى الآداب فرع الدراسات الأدبية واللغوية عن كتابه (التحول الدرامى وانفتاح المتخيل السردى)، ويناقش عمله الفائز فكرة التحول الدرامى وعلاقته بالمتخيل السردى فى الكتابة النسائية ويستعرض نتائج ما يحدث للمرأة من توتر واضطراب ينتجان عن وجود أزمة ما فى الواقع الذى تعيشه مما يدفعها لإصدار رد فعل غير متوقع، وارتبط هذا التحول بمفاهيم الأزمة والصراع، والحركة مما أكسبه البعد الدرامى ليصبح تحولًا دراميًا.

وبعد حصوله على جائزتين عالميتين وهما (كتارا) فى النقد الأدبى التى نالها فى 2018، وأيضًا جائزة (الطيب صالح العالمية للإبداع الكتابي) والتى توج بها فى2019، تشكلت لديه رغبة ملحة لخوض غمار تلك التجربة فى بلده، ويصف فوزه بجائزة الدولة بأنه إحساس مختلف، ويؤكد أن احتفاء مصر بالمبدعين يفوق أى جائزة عالمية، خاصة أن التكريم صادر عن أعلى هيئة ثقافية فى مصر والمتمثلة فى وزارة الثقافة، ويعبر عن تقديره وفخره بالجائزة التى تتعدد مجالاتها البحثية لتوفر فرصة كبرى للمنافسة، وتتمتع بحضورها فى الوسط الثقافى خاصة الحيز الأكاديمى الذى ينتمى إليه.

حفاوة كبيرة
«كانت تصحى من الفجرية تصحى عمار الدار، وتتهجى الله بكافة أساميه، وتتكى على الستار وتقوم ترفع عمدان الخيمة على دراعها، وبيسبح على كتفها الجماد والحى، وهى أول نخلة علمت النخيل يمتد» بتلك النصوص الشعرية نالت الشاعرة «ريم المنجى» جائزة الدولة التشجيعية فى الآداب فرع شعر العامية، وتقول إن فوز ديوانها (روائح زين) بجائزة مهمة بثقل جائزة الدولة التشجيعية أكسبه حفاوة كبيرة يتمناها كل شاعر.
واختارت سرد نصوص الديوان بالعامية المصرية لأنها أرادت توثيق حكمة الجدات فى الحياة، والتعبير عن آلامهم وآمالهم بلغة تراها الأقرب إلى القارئ والأصعب على الكاتب، فقد قرأت الواقع وتأثرت بظواهره الاجتماعية والإنسانية وقامت بصياغتها بلغة سلسة لكى تلمس وجدان القارئ.