السبت 18 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
نصيحة   «لبكرة»

نصيحة «لبكرة»

بات من المهم؛ بل من الضرورى؛ أن يرى شباب مصر المستقبل والواقع الذى تمر به جميع المجتمعات، من حيث متطلبات سوق العمل التى تحتاج إلى العديد من المهن والتخصُّصات، التى توفر لشاغليها فرص عمل متعددة ودخلاً ماليًا لا يمكن بأى حال من الأحوال أن توفره فرص العمل التقليدية، بعيدًا عن التخصصات المعروفة التى تجعل من طابور البطالة بين شبابنا ليس له من نهاية.. السطور السابقة كانت محور كلمة الرئيس عبدالفتاح السيسى خلال افتتاحه لمركز البيانات والحوسبة السحابية الحكومية، ووجَّه الرئيسُ خلال كلمته نصيحة للأسر المصرية بأن يركزوا فى تعليم أولادهم على التعليم الرقمى ومجال الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات؛ ليتمكنوا من الحصول على فرصة عمل تدر عشرات آلاف الدولارات شهريًا. وأضاف: (كلكم تدَخّلوا ولادكم كليات آداب وتجارة وحقوق، مع كل التقدير، طب هيطلع يشتغل إيه؟ والابن يبقى زعلان منّى وزعلان من الحكومة، يقول ما بتشغلوناش ليه؟ طب يروح يشتغل مدرس، دا أنا بقولك على حاجة هتشتغلها وأنت قاعد فى بيتك، وممكن تجيب لك 30 ألف دولار فى الشهر، وممكن توصل لـ 100 ألف دولار فى الشهر). ما ذكره الرئيس السيسى ليس كلامًا وحسب؛ بل أصبح واقعًا وفرض عين لا بُدّ من تحقيقه، ففى عصر التكنولوجيا والذكاء أصبح على خريج الجامعة أن يتقن الخريج مجالات الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات؛ ليتواكب مع متطلبات سوق العمل، التى يحتاجها أى مجتمع؛ لأنه وببساطة خريج الكليات التقليدية، ليس له من مكان فى سوق العمل، فالمقاهى والنواصى وأمراض الاكتئاب والحاجة إلى المال والبطالة سوف تلاحقهم وتلاحق أسرهم لفترات طويلة، وبالتالى على شبابنا أن يعرف أن ما كان بعيدًا عن متناول أفكارهم وأحلامهم أصبح بين يديهم، وجُل ما عليهم اللحاق به قبل أن يفوتهم قطار العمل، حتى لا يصبحوا على ما فعلوا نادمين. نصيحة جاءت من أب يريد لأبنائه الخير والفلاح، حتى يفيدوا ويستفيدوا من مجتمعهم.



وبعيدًا عن التخصصات الحديثة وكليات الجامعة، أصبح من المهم أيضًا؛ خصوصًا لمَن ابتعدوا عن التعليم الجامعى، ضرورة اللحاق بالتعليم الفنى الذى يكتسب أهمية خاصة باعتباره أحد السُّبُل الرئيسية لتحقيق خطط وبرامج التنمية الشاملة، وهو ما جعل الدولة المصرية تنتهج استراتيجية وطنية لإرساء دعائم نظام تعليمى فنّى غير نمطى يعتمد على توفير بيئة تطبيقية للمناهج الدراسية تحاكى سوق العمل فى مختلف التخصصات محليًا وإقليميًا وعالميًا، باعتباره عنصرًا أساسيًا للتنمية الحقيقة فى مصر، ومَصدرًا رئيسيًا لإمداد سوق العمل بالعمالة اللازمة والمدربة بدقة ومهارة، فهو يُعد الرافد الذى يمد الدولة بخريجين متخصصين فى المجالات الفنية التى يحتاجها القطاع الصناعى والزراعى والتجارى والفندقى، وهذا تحديدًا ما جعل الحكومة تهتم بهذا النوع من التعليم خلال الأعوام القليلة الماضية، ونتيجة لذلك الاهتمام من الحكومة؛ فقد أصبحت نسبة الطلاب الذين انتهوا من المرحلة الإعدادية هى 46 % تكون ميولهم إلى التعليم الثانوى العام، بينما نسبة من يتجهون إلى التعليم الفنى حوالى 54 %، وهى النسبة التى أتمنى زيادتها خلال السنوات القادمة، وهذا ما يتطلب الدعم والنظر بدقة سواء من وزارة التربية والتعليم وكذلك من الأسر، بضرورة معرفة فوائد وأهمية هذا التعليم لشبابنا ولمجتمعنا؛ خصوصًا أنه يشمل الكثير من المجالات التى تساهم فى تنمية المهارات الفردية لدارسيه، إذ يهتم بالكشف عمّا لديهم من مواهب، ويركز من خلال استراتيجيات وطرُق تعليمية على تعظيم تلك المواهب، ليجد الطالب بأن خبرته أصبحت تتواكب مع متطلبات سوق العمل الحالية والمستقبلية المطلوبة فى البلاد، بما يدفعه لمزيد من التعلم والابتكار فى مجاله، لذلك علينا حكومة وإعلام وأسر أن نغير من نظرة المجتمع لهذا النوع من التعليم، التى تميزت فى وقت سابق باستخفاف، ظنًا بأن هذا التعليم أقل أهمية مقارنة بأنواع التعليم الأخرى؛ خصوصًا أن تلك النظرة الدونية تمتد إلى جميع خريجى مدارس التعليم الفنى، الذين لا يحظون بالتقدير والاحترام الكافيين، وهذا ما لا بُدّ أن نتصدى له جميعًا حتى نغير تلك النظرة غير الجديرة بالتشجيع والمساندة والاحترام.

من أجل هذا وذاك أعتقد جازمًا أن النصيحة التى طالبنا بالأخذ بها أكبر مسئول فى مصر، سنسعى جاهدين حكومة وشعبًا لتحقيقها حتى نرفع شأن بلدنا مصر العزيزة والغالية على كل مصرى.