الخميس 2 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
روزاليوسف وأنا.. حكاية غرامى حكاية طويلة!!

روزاليوسف وأنا.. حكاية غرامى حكاية طويلة!!

مر الزمن بأسرع من قدرتى على الإحساس به، الكثير من المشاهد أراها وكأنى عشتها قبل أيام أو ساعات رغم أنها قد مر عليها عقود من الزمان، فهى مع مرور الزمن صارت تخضع لمقياس (الفيمتوثانية).



كانت أمنيتى وأنا فى مرحلة الطفولة أن أصبح صحفيا، بينما كانت الأمنية الدائمة لأطفال ذلك الزمن أن يصبح طبيبا أو مهندسا أو ضابطا، عائلة الشناوى أنجبت اثنين من كبار الصحفيين، رغم أن الناس تعرفهما كشاعرين كبيرين، أتحدث عن أعمامى العزيزين كامل الشناوى ومأمون الشناوى، وقلما يأتى ذكرهما فى مجال الصحافة، الشعر يحتل المقدمة بينما الكتابة النثرية عندهما تستحق دراسة موسعة، ولدى مشروع كتابين عنهما، أتمنى إنجازه.

التحقت بكلية الإعلام وفى نفس التوقيت تقريبا التحقت بروزاليوسف، كانت الدراسة فى كلية الإعلام مسائية - منتصف السبعينيات - لم يكن لدينا مقر، فكنا نبدأ المحاضرات فى المساء، فى المبنى، بعد أن يغادره أصحاب المكان (الأصليين) طلبة كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، بينما أنا فى الصباح أذهب إلى مجلة روزاليوسف، التى صارت مع الزمن بيتى.

كان والدى تربطه صداقة قديمة بالكاتب الكبير صلاح حافظ رئيس تحرير مجلة روزاليوسف، وتواصل معه، وذهبت للمجلة فى الصباح، وبوجه كله رقة وترحاب، بدد خجلى وعزمنى على واحد شاى من عم (أبوراضى)، وقبل أن أكمل الكوب، أمسك بيدى وقدمنى للكاتب الكبير عادل حمودة الذى كان يشغل فى هذا التوقيت موقع سكرتير التحرير، ومن الواضح أن الأستاذ صلاح كثيرا ما كان يقدم صحفيين تحت التمرين، للأستاذ عادل لكى يقول رأيه، ولهذا قال للأستاذ صلاح مرتين (صباح الخير) وشعرت إننى المقصود بالثانية، والتى تعنى أن عدد المتدربين زاد عن الحد يا أستاذ صلاح.

طلب منى الأستاذ عادل أن أعود للمجلة يوم الاثنين صباحا ومعى أخبار، ولم ألمح على وجهه أى إمارات تشى بالترحيب، فقط وجه محايد، كنت مدركا أنه متخم بالكثير من الأعباء، واعتبرت نفسى امام تحد، وفى الموعد المذكور كتبت خبرًا عنوانه (عبدالحليم حافظ يغنى السح الدح امبوه) وألحقت بالخبر صورة تجمعه مع عدوية.

لم أجد على وجه الأستاذ عادل حمودة ما يوحى بأن الخبر يستحق الحفاوة، فقط قال لى الأثنين القادم انتظر اخبارا اخرى أكثر سخونة.

صباح يوم الأحد، وجدت غلاف روزا يتصدره الخبر، واعتبرته رسالة من الله تحفزنى على الاستمرار فى الصحافة وفى روزا تحديدا، ظلت علاقتى ممتدة بالمجلة، حتى كتابة هذه السطور.

مرات قليلة جدا كنت أغيب، أسبوع، ثم اعود، ولكن فى نهاية الثمانينيات، قررت أن أتوقف فى الكتابة على صفحاتها، لخلاف حاد مع المسئولين عن قسم الفن، وتدخل الأستاذ لويس جريس، الذى كان يشغل موقع رئيس تحرير (صباح الخير)، وعشت نحو ثلاث سنوات، اكتب على صفحات صباح الخير من 1989 حتى 1991، وعدت إلى روزاليوسف مع بداية تواجد الأستاذ عادل حمودة فى العمل كنائب رئيس تحرير، وكان الأستاذ محمود التهامى يشغل موقع رئيس التحرير وأيضا رئيسا لمجلس الإدارة، عادل حمودة كانت لديه صلاحيات مطلقة فى قرار النشر، وطبعا عادل يصل لأعلى السقف المتاح، والتهامى يدرك أن حمودة لا يمكن أن يتجاوز.

لماذا أقفز مباشرة إلى التسعينيات، أعود الآن إلى سنوات البداية منتصف السبعينيات، كان رئيس قسم الفن هو الأستاذ ناصر حسين الكاتب الصحفى وأيضا المنتج والمخرج السينمائى، وله زاوية أسبوعية، وكان يكتب على صفحات الفن الأستاذ محمد حلمى هلالى، ويمارس أيضا التمثيل وشارك بأدوار صغيرة فى عدد من الأفلام أشهرها (المومياء) لشادى عبدالسلام، وسبقنى فى التواجد على الصفحات الأستاذ محمد عتمان والأستاذة ميرفت فهمى والأستاذ أسامة المنسى، وكان عازفا على ألة الكمان فى فرقة الموسيقى العربية والأستاذة زينب منتصر، شقيقة الفنانة سهير المرشدى، والتى حرصت على أن تحتفظ بلقب، مغاير لشقيقتها الكبرى، وتخصصت زينب منتصر فى النقد المسرحى.

وكان الكاتب الروائى عبدالفتاح رزق يكتب زاوية أدبية تنشر أيضا فى صفحة الفن، وأجريت عددا من الحوارات فى النصف الثانى من السبعينيات، مع عدد من كبار الملحنين أمثال محمود الشريف وأحمد صدقى ومنير مراد وسيد مكاوى ومحمد الموجى، وكان الموجى هو بطل أول حوار أقرأ أسمى عليه بأقل بنط (تسعة أسود)، سألته: متى تلحن لوردة؟ أجابنى: بعد طلاقها من بليغ حمدى!!

بينما مثلا محمود الشريف هاجم مصطفى أمين وقال إنه لعب دورًا لصالح القصر لمنع إتمام إعلان زواجه من أم كلثوم، ومنير مراد هاجم الموجى وبليغ والطويل، لأنهم يهبطون بأجورهم التى يحصلون عليها من المطربين والمطربات، مما يضعه فى موقف محرج، عندما يطلب أجرا أكبر، وأضاف حتى بائعى الطماطم يتفقون صباحا على سعر الكيلو، قبل أن ينادى كل منهم على بضاعته، فلماذا لا نأخذ منهم الحكمة؟ لم يكن فى روزاليوسف ناقد سينمائى يحمل اسمها، على عكس كل الإصدارات الأخرى مثلا كان الأستاذ رءوف توفيق ناقد (صباح الخير) والأستاذة إيريس نظمى (آخر ساعة) والأستاذ أحمد صالح (الأخبار) والأستاذ يوسف فرنسيس (الأهرام) والأستاذ سامى السلامونى (الإذاعة التليفزيون) والأستاذ سمير فريد (الجمهورية)، والأستاذ عبدالنور خليل (المصور)، وفى منتصف الثمانينيات، بعد تخرجى من معهد السينما، بدأت نشر مقالات نقدية عن الأفلام، لأحمل لقب ناقد روزاليوسف السينمائى، وفى عام 1992، قررت تغطية مهرجان (كان) السينمائى، وتحمس للتجربة الأستاذ عادل حمودة، ومنحنى بدل سفر، منذ ذلك الحين استمرت رحلتى مع المهرجان 33 دورة، وغيرها من المهرجانات، وكان عادل حمودة قد أصدر قرارا بأن يتولى الكاتب الصحفى الموهوب محمد هانى مسؤولية صفحات الفن، وهانى بقدر ما هو كاتب كبير وله لمحة خاصة وأسلوب متميز، إلا أن لديه ميزة عظيمة هى أنه يفتح المجال أمام أى كاتب لديه شىء خاص، وهكذا كان يكتب بانتظام على صفحات المجلة الأساتذة مجدى الطيب وعصام زكريا وطارق مرسى وحسام عبدالهادى ولينا مظلوم وسهير جودة وميرفت أبو المجد والإعلامية الشهيرة هالة سرحان، وكان أيضا الموسيقار هانى شنودة يكتب تحت اسم مستعار ينتقد فيه الحياة الفنية، وبعض الملحنين والمطربين.

قوة تأثير المجلة فى الحياة الفنية جاءت من خلال السماح بحرية الرأى، حتى لو تعارض هذا الرأى مع توجه المجلة.

وسوف أروى لكم حكاية فيلم (ناصر 56) لمحمد فاضل وبطولة أحمد زكى عام 1996.

تحمس الأستاذ عادل حمودة للفيلم وكتب مقالًا، وتحمس الأستاذ محمد هانى وكتب مقالاً مشيدا بالفيلم، وكان لى رأى مغاير فى أداء أحمد زكى الذى منح طاقته لتقليد الشخصية، وشبهت فن التشخيص للشخصيات العامة، بأن الفنان فى هذه الحالة عليه أن يصبح مثل الفنان التشكيلى يمسك بالفرشاة، ويقدم الأحاسيس قبل الملامح، بينما أحمد زكى كان منهجه مع ناصر هو (كاميرا) الفوتوغرافيا، وقيدته الملامح الخارجية.

كان من الممكن ببساطة أن يرفض الأستاذ عادل نشر المقال الذى يتعارض مع قناعته، وأيضا مع توجه المجلة اليسارى والناصرى، ولكنه راهن على مصداقية المجلة، وأحدث المقال ردود فعل متعددة ما بين مؤيد ومعارض.

كانت روزاليوسف مؤثرة فى كل مواقفها الفنية، والوسط الفنى ينتظر ما الذى يكتب عن هذا الشريط أو المسرحية أو الفيلم، كما أن سياسة التحرير مع تعاقب رؤساء التحرير، كانت تحتفى بصفحات الفن، وكثيرا ما كان الغلاف يحمل عنوانا فنيا أو أكثر.

أتذكر مقالا عنوانه (سكوت ح نهرج)، كتبته بعد أن عرض يوسف شاهين فيلمه (سكوت ح نصور)، عام 2001، وتصدر الغلاف، وفتح يوسف شاهين النيران على المجلة وعلى العبدلله، وشارك فى عشرات من البرامج الفضائية، للدفاع عن فيلمه، ووصف من يخالفوه الرأى بأنهم (حمرة) فلم يكن يستخدم فى قاموسه كلمة (حمير)، ومر عام واحد فقط وكنت أجرى معه حوارا تليفزيونيا لقناة أوربت، سألته عن الأفلام، بين حوالى 40 فيلما قدمها للشاشة يتمنى أن يسقطها من تاريخه؟ أجابني فيلمان (نساء بلا رجال) و(سكوت ح نصور).

إنه جزء يسير من حياتي ومن حكايتي تذكرت شذرات منه ونحن نحتفل بالعدد رقم 5000!!