السبت 4 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
القرار   غير الملزم!!

القرار غير الملزم!!

تكذب إدارة الرئيس الأمريكى بايدن على نفسها وعلى المجتمع الدولى، عندما تقول أنها امتنعت عن استخدام حق الفيتو على قرار مجلس الأمن الأخير الذى يدعو إلى دخول وصول المساعدات إلى غزة، و«خلق الظروف المناسبة» لوقف إطلاق نار مستدام والإفراج عن الرهائن المحتجزين، لأن نفس هذه الإدارة تزعم أن القرار غير ملزم ولن ينفذ منه ثمن مداد الحبر الذى استخدم فى كتابته، لأنه ببساطة لا يعنى انتهاء الدعم الأمريكى لإسرائيل بصفة عامة، وبالتالى لا يعنى تحولًا فى سياستها، وهذا ما تؤكده آلة الحرب التى لم تتوقف حتى بعد صدور القرار، فما زالت جرائم الحرب وقصف المستشفيات والمنازل التى راح ضحيتها أطفال ونساء ورجال عزل مستمرة، ولذلك لا يغرك عزيزى القارئ تزايد وتيرة الحرب الكلامية بين بايدن ونتنياهو، الذى أعلنت إدارته أن دعم إسرائيل مستمر وتقديم الأسلحة اللازمة للدفاع عن نفسها ضد إرهاب حماس (كما يدعون) فرض عين، لأن دولة الكيان من وجهة نظرها ما زالت دولة صديقة وحليف وثيق وتربطنا شراكة معها، ومن هنا جاءت التصريحات بأن القرار غير ملزم للحد من تأثيره وقيمته، خاصة أن أمريكا ليست شريكة فيه، فضلًا عن سعيها لاستغلاله فى ملف المفاوضات المتعلقة بالأسرى الذين من بينهم مواطنين أمريكان، رغم أن القرار فى مجمله يصب فى صالح إسرائيل لأنه ينص على إطلاق سراح جميع الأسرى دون شروط، ولا ينص على انسحاب القوات الإسرائيلية من القطاع ولا على عودة النازحين لمناطقهم.



القرار غير الملزم الذى حصنت به أمريكا دولة الكيان ليزيد من قمعه وجبروته، نتج عنه قتل أكثر من 11 ألف طفل فلسطينى، ليعيد إلى الأذهان مقتل الطفل محمد الدرة (من قبل قوات الكيان الإرهابى) عام 2000 أيقونة الانتفاضة الثانية، فى بادئ الأمر، أعلنت قوات الدفاع الإسرائيلية تحمّلها المسئولية، كما أبدت إسرائيل فى البداية، أسفها لمقتل الصبى، ولكنها تراجعت عن ذلك، عندما أشارت تحريات أجهزتها الأمنية إلى أن الجيش الإسرائيلى ربما لم يطلق النيران على الدرة، وعلى الأرجح أن الفتى قتل برصاص القوات الفلسطينية، وهو نفس الادعاء الكاذب الذى تردده دولة الكيان الخاص بعدم قتل المدنيين والأطفال الذين يسقطون يوميًا فى قطاع غزة، وأضيف إليه غلق آبار المياه وحرق وتجريف الأراضى الزراعية وقصف دور العبادة والمستشفيات.. إبادة جماعية تدعمها بطيب خاطر إدارة أمريكية وبعض أعضاء فى مجلسى الشيوخ والنواب يطالبون بقتل جميع الفلسطينيين مثل النائب الجمهورى عن ولاية تينيسى أندى أوغلز، وهو يجيب عندما سئل عن مسئولية بلاده عن مقتل الآلاف من الأطفال الفلسطينيين فى قطاع غزة بأنه (يجب قتلهم جميعًا)، بالمناسبة تصريحات أوغلز لا تختلف كثيرًا عن ما جاء على لسان ستيوارت سيلدوويتز، المسئول السابق بوزارة الخارجية الأمريكية فى عهد الرئيس باراك أوباما، الذى قال فى بداية الحرب إن قتل 4 آلاف طفل فلسطينى فى قطاع غزة «ليس كافيًا»، وأثارت تصريحاته جدلاً واسعًا، ودفعت السلطات الأمريكية للتدخل والتحقيق معه، بالطبع التحقيق لم يسفر عن شيء.

فى الوقت ذاته اعتمدت محكمة العدل الدولية فى لاهاى الخميس، قرارًا جديدًا بالأغلبية يقضى بإلزام كيان العدو الصهيونى باتخاذ التدابير اللازمة من أجل ضمان دخول الإمدادات الغذائية الأساسية إلى قطاع غزة، ووقف انتشار المجاعة فيه، ويُعد القرار هو ثانى قرار لها خلال الفترة الأخيرة، والذى تم اعتماده بأغلبية 14 صوتًا من أصل 16، مُلزمًا لكيان العدو الصهيونى، ويُجدّد التأكيد على التدابير الاحترازية التى وردت فى القرار التى أصدرته فى 26 يناير الماضى، ويأتى هذا القرار بعد قرار مجلس الأمن الدولى الذى تضمّن عمليًا إدانة لكيان العدو الصهيونى عبر مطالبته بوقف فورى لإطلاق النار، وعلى الرغم من عدم وجود آلية تنفيذية لإلزام كيان العدو الصهيونى بالتقيد بالقرارين، تنظر مصادر قانونية ودبلوماسية إلى القرارين بصفتهما تعبيرًا عن مزيد من العزلة تصيب الكيان الغاصب، وعن عجز واشنطن عن تقديم المزيد من الحماية، مما يفقدها الكثير من اعتبارها بين دول العالم، خاصة وأن الحديث عن القيم والمبادئ الأخلاقية والعدالة الاجتماعية وحقوق الإنسان، بات لا محل له من الإعراب حاليًا، خصوصًا لو تعلق الأمر بدولة الكيان الصهيونى.