الإثنين 29 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
إسكندرانى الهوى

إسكندرانى الهوى

تشهد مدينة الإسكندرية حالة من التطوير لم يسبق أن شهدتها من قبل، خاصة فى مجال الطرق والمحاور الرئيسية، وإن كان يأتى فى مقدمتها طريق الكورنيش الذى تجرى فيه حاليا توسعات المرحلة الأولى، تحديدا فى المنطقة من المنتزه وحتى شاطئ السرايا، وهى المنطقة التى تمثل (عنق الزجاجة) على الكورنيش، حيث تشهد زحاما كبيرا، خاصة فى فصل الصيف مع استقبال أعداد كبيرة من المصطافين. الذين وصل عددهم إلى نحو 5 ملايين و700 مصطاف، يضاف إلى عدد سكان المدينة الأصليين، أعمال التوسعة الجديدة التى تتم بطول 4.4 كيلومتر، تشمل 5 حارات لكل اتجاه، يتزامن معها أعمال الحماية البحرية التى تقوم بها هيئة حماية الشواطئ داخل البحر، بخلاف تجديد البنية الأساسية (شبكات الاتصالات والغاز والكهرباء وصرف مياه المطر والإشارات المرورية والعلامات المرورية). مشروع التطوير لن يؤثر على مساحة الشواطئ، حيث يدخل فى نطاق مشروع توسعة الكورنيش نحو 14 شاطئا من أهم شواطئ الإسكندرية، ولن يؤثر أيضا على استئناف استقبال المصطافين على تلك الشواطئ عقب انتهاء أعمال التطوير، على غرار ما حدث فى أعمال توسعة شاطئ البوريفاج، رغم أن التوسعة ستكون بعمق 15 مترا داخل البحر.



ولكن ما يخشاه أهل الإسكندرية وكذلك المصطافون أن يحجب هذا التطوير رؤية البحر التى زادت وتيرتها خلال الآونة الأخيرة من قبل مستأجرى الشواطئ والكافيهات التى اصطفت على شاطئ البحر مباشرة، وأصبح لا سبيل أمام المواطن ليستمتع برؤية البحر إلا بالجلوس على هذه الأماكن وسداد رسوم ومبالغ مالية، ولذلك نطالب بأن تراعى أعمال هذا التطوير مراعاة حقوق المواطن، لنبتعد عن حالة التشوه الحضارى والبصرى التى يعانى منها أهالى ورواد المحافظة، وذلك من خلال تطبيق معايير الأكواد والمواصفات العالمية التى تتم على أى كورنيش فى دول العالم. مع الأخذ فى الاعتبار ضرورة تطبيق المبادرة الرئاسية التى تهدف إلى تعميم الهوية البصرية بجميع المحافظات وأعمال التنسيق الحضارى.فنحن نريد كمواطنين مصريين أن نرى مدينة الإسكندرية (عروس البحر المتوسط) التى تعد أهم متنفس للأسر المصرية القادمة من كل محافظات الجمهورية، للاستمتاع بقضاء أجازة الصيف بها، بعد أن قسونا عليها عن قصد وتعمد بسوء طباعنا وسلوكياتنا وفظاظة إهمالنا لها، فتبدلت معالمها وطمست هويتها، فتحولت بقدرة قادر من عروس البحر إلى مدينة عانس، تتمنى من يتقرب إليها ليمحو عن ثوبها الناصع صفة العنوسة التى شاركنا جميعا، مواطنين ومسئولين، فى الإساءة إليها وإلى تاريخها الذى حولها من مدينة العلم والعلوم منذ بناها بطليموس الأول سنة 332 قبل الميلاد، لتصبح عاصمة مصر وأهم حاضرة فى حوض المتوسط لأكثر من قرنين ونصف، إلى مدينة يسكنها الأشباح وبعض المنتفعين من بنى البشر.

السطور السابقة سببها الوحيد غيرتى على هذه المدينة التى شهدت أجمل أيام صباى، رغم ابتعادى عنها لعملى فى القاهرة.. ولكننى مازلت متمسكًا بالأمل فى أن تعود مدينتى المحبوبة إلى كامل جمالها ورونقها مرة أخرى، دليلى على ذلك العديد من أعمال التطوير التى تشهدها مناطق عديدة ونشاهدها الأن على أرض الواقع، مثل شروع «تطوير ميدان محطة مصر» ومبنى محطة مصر التاريخى، والسوق الحضارى بميدان محطة مصر، ومشروع نفق وكبارى السادات، والذى ساهم فى حل مشكلة مرورية مزمنة فى الإسكندرية، ومشروع تطوير حلقة السمك، والتى كانت آيلة للسقوط، ولكن الدولة بدأت فى ترميمه، وتطويره وفق أحدث النظم لخدمة أهالى الإسكندرية، ومشروع محور المحمودية، ومشروع محور المشير أبوذكرى (محور التعمير)،ومشروع مترو الأنفاق، بالإضافة إلى تنفيذ أعمال تطوير وتكريك بحيرة مريوط، والتى تمت بتوجيهات مباشرة من الرئيس السيسى من أجل حماية الثروة السمكية ومضاعفتها، وتوفير فرص عمل للصيادين، فضلا عن الشكل الحضارى لهذه البحيرات، ومشروع منطقة غيط العنب التى تحولت إلى منطقة بشائر الخير، حيث شهدت تنفيذ 84 ألف وحدة، لسكان جميع المناطق غير الآمنة، كما بدأ استيعاب سكان المناطق غير المخططة ضمن هذا المشروع، وأخيرا مشروع تطوير الكثير من الأماكن الأثرية والسياحية، والتراثية، والثقافية المتميزة والتى كان من أهمها افتتاح أقدم جبانة بالإسكندرية، وهى جبانة الشاطبى الأثرية بعد عملية ترميم استغرقت 3 سنوات، لحمايتها مما تعرضت له من آثار المياه الجوفية والظروف الجوية وتم فتحها للزوار، تواكب ذلك مع انتهاء مشروع تطوير شارع (النبى دانيال) المعروف بأقدم شارع فى الكون، الذى سيكون قبلة سياحية غير مسبوقة بعد افتتاحه وانتهاء مشروع التطوير، خاصة أنه يشهد مشروع تطوير كبير يشمل كل شيء فى الشارع من أرضيات وجدران المبانى الموجودة على الجانبين ليكون بمثابة قطعة من أوروبا.

هذه هى إسكندرية التى أحبها وأهيم فى عشقها.. وهى نفسها المدينة التى تطالبنا بزيارتها كل سنة مرة كما أبدعها ناشر النهضة الموسيقية فى مصر والوطن العربى سيد درويش، وزيزينيا أسامة أنور عكاشة، وإسكندرية كمان وكمان ليوسف شاهين وبنات بحرى لمحمود سعيد، إسكندرية سيف وأدهم وانلى وسلامة حجازى وفاروق حسنى وإبراهيم عبدالمجيد وشادى عبدالسلام وغيرهم كثر.. تلك هى عروس البحر المتوسط والعشق والهوى والعلم والعلوم والفن والموسيقى التى أتمنى أن تراها الأجيال القادمة، بعد أن أساء إليها الجيل الحالى.