الأحد 28 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

المسلسل الذى أزعج أبناء الجماعة المنحلة منذ الدقائق الأولى لعرضه: الحشاشين والبحث فى التاريخ المخبأ

ما بين «حسن الصباح» مؤسس جماعة الحشاشين التى يدور حولها واحد من أهم مسلسلات الموسم الرمضانى الحالى، و«حسن البنا» مؤسس جماعة الإخوان المسلمين التى تم القضاء عليها بثورة الشعب المصرى عليها فى 30 يونيو 2013، الكثير من المتشابهات، ولا سيما أن العمل يبرز كيف نجح مؤسس جماعة الحشاشين «حسن الصباح» فى إقناع أتباعه بأفكار خاطئة لتبرير جرائمهم، ولعل هذا التشابه هو سبب هجوم أبناء الجماعة المنحلة منذ الدقائق الأولى لعرض المسلسل، على صناع العمل وأبطاله، وفى السطور التالية نقف وقفة مبدئية أمام هذا العمل الضخم، فى محاولة لمعرفة أسباب تصدره الترند، والتفاف الجماهير حوله وسط هذا الزخم الدرامى الكبير.



 

تنشيط ذاكرة التاريخ

ما أن أعلن عن عرض مسلسل (الحشاشين) فى رمضان، إلا وانبرت أقلام المؤرخين والباحثين فى الكتابة عن تلك الطائفة التى تعد من أخطر الحركات السرية فى التاريخ الإسلامى، والتى اشتهرت بالاغتيالات، بدأ تأسيسها على يد «حسن الصباح» فى القرن الحادى عشر الميلادى كجزء من الطائفة النزارية نسبة إلى «نزار بن المستنصر» المنتمية للمذهب الإسماعيلى الشيعى، وقد اشتعلت محركات البحث عن أصل تسمية الطائفة بهذا الاسم، ولندرة المراجع والمصادر العربية فى مقابل كتابات المستشرقين والمؤرخين الغربيين، كان من الطبيعى أن يختلف المؤرخون على أسباب تسمية الحشاشين بهذا الاسم، فعزاه البعض إلى الحشيش الذى كان مقاتلو هذه الجماعة يتعاطونه، أما البعض الآخر، فعزوا التسمية إلى أن الأصل الاشتقاقى لكلمة الحشاشين هوAssassin  أى «القتلة» أو «الاغتياليون» وهذا اللفظ كان يطلقه الفرنسيون الصليبيون على الإسماعيلية الذين كانوا يفتكون بملوكهم وقادة جيوشهم، ويقال أيضاً، إن سبب التسمية يعود إلى كلمة «المؤسسين» نسبة إلى تأسيس قلعة ألموت التى بناها أبناء الطائفة فى حضن الجبل، وبغض النظر عن اختلاف المؤرخين، فإن مجرد بحث الجمهور فى التاريخ المختبئ هو مكسب كبير لم يكن ليحدث إلا عندما قررت الدراما تحريك المياه الراكدة، وتنشيط الذاكرة التاريخية التى صابها من الجمود والتحجر ما جعل أجيالًا متعاقبة لا تعلم عن تاريخها سوى النذر اليسير.

اشتياق الجمهور للدراما التاريخية

لا شك أن الدراما التى تتناول أحداثًا تاريخية لها مكانة كبيرة لدى الجمهور الذى كان ينتظرها كل عام فى رمضان، فرغم ضعف الإمكانيات، وبساطة الإنتاج، إلا أن تاريخنا الدرامى يذخر بالكثير من المسلسلات التاريخية التى لها مكانة كبيرة فى ذاكرة الجمهور ووجدانهم، ومع مرور الوقت، حدث تراجع كبير فى صناعة تلك النوعية من المسلسلات التى تحتاج إلى ميزانية ضخمة، وسرعان ما انسحب البساط لتحتل الدراما التاريخية السورية الصدارة، وفى السنوات الأخيرة عاد الوعى مرة أخرى لقيمة إنتاج أعمال تاريخية لمواجهة من يعبثون بالذاكرة ويحاولون تزييفها، ومع الإنتاج الضخم الذى يحترم عقلية المشاهد، وقدرته على الفرز، عاد للجمهور المصرى الشغف لمشاهدة المسلسلات التاريخية، لذلك كان مسلسل (الحشاشين) على رأس قائمة المسلسلات التى يتابعها الجمهور.

الثقة فى صناع المسلسل

هذا الشغف والإقبال على مشاهدة العمل لم يكن إلا بثقة الجمهور فى صناع هذا المسلسل الذى استمر التحضير له قرابة العامين، بداية من مؤلف العمل، الكاتب والروائى «عبد الرحيم كمال» صاحب الباع الطويل فى الأعمال الدرامية التى أحبها الجمهور، واحتفظ بها فى ذاكرته، منها على سبيل المثال لا الحصر (جزيرة غمام، شيخ العرب همام، ونوس، والخواجة عبد القادر) وغيرها من الأعمال التى غاص خلالها داخل شخوص أثرت فى مجرى التاريخ، وتعيش بيننا، حتى وإن كنا لا نعرف عنها سوى قدر بسيط من المعلومات، وفى مسلسل (الحشاشين) لا يتناول «عبد الرحيم كمال» سيرة «حسن الصباح» بمعزل عن باقى شخصيات عصره، ومنهم على سبيل المثال الشاعر «عمر الخيام» الذى عاشت قصائده، وغنت له كوكب الشرق «أم كلثوم» مما يجعله شخصية يترقبها الجمهور، ويلعب دوره فى المسلسل الفنان اللبنانى «نيقولا معوض».

 

الثقة أيضًا تتسع لتشمل بطل العمل «كريم عبد العزيز» والمعروف عنه قدرته على الاختيار المتأنى لأدواره، ودراسته الجيدة للشخصية التى يقدمها، فضلًا عن موهبته الكبيرة التى كانت سببًا فى محبة الجمهور له، أما المخرج «بيتر ميمى» صاحب البصمات الواضحة على الدراما الرمضانية فى السنوات الأخيرة، ولا سيما ملحمة (الاختيار) التى أرخت لمرحلة مهمة من عمر مصر، بالإضافة إلى نجاحاته السينمائية العديدة والتى كان آخرها فيلم (بيت الروبى) الذى لعب بطولته «كريم عبد العزيز» أيضًا محققًا أعلى الإيرادات.

طلة أحمد عيد

فى العام الماضى، فوجئ الجمهور بعودة الفنان «أحمد عيد» من خلال مسلسل (عملة نادرة) بعد غياب دام أكثر من 8 سنوات عن الدراما و5 سنوات عن السينما، الجميل أن «أحمد عيد» قد لعب خلال المسلسل دورًا لم يكن يتوقعه أحد وهو شخصية الطماع الشرير الذى يقتل بدم بارد، ولا سيما أنه قد حصر نفسه لسنوات فى الأدوار الكوميدية التى لم تبرز كل إمكانياته كما ينبغى، لكن يبدو أن هذا الدور كان بمثابة تحول كبير ومفاجئ فى الحياة الفنية لـ «أحمد عيد» الذى قرر أن يخوض المغامرة مرة أخرى، وأن لا يستسلم لهواجسه التى عطلته لسنوات، وفى هذا العام نراه فى مسلسل (الحشاشين) فى دور «زيد بن سيحون» الذى تربطه علاقة انتماء وولاء بـ «حسن الصباح» الذى يعد الذراع اليمنى له، ليثبت من خلاله أقدامه فى عالم الشر، ويعود بطلة جديدة لا تحصره فى منطقة بعينها.

تكامل فنى   

تدور الأحداث فى مسلسل (الحشاشين) فى أكثر من مملكة وأكثر من خلافة فى وقت واحد من تركيا إلى إيران وأصفهان ومصر والعراق، مما يعنى أن الأحداث والوقائع تدور فى مساحة شاسعة متباينة المذاهب والطوائف والعقائد، حيث كانت فترة متشابكة ومعقدة جدًا فى التاريخ وهو ما تطلب من صناع المسلسل الانتقال من مكان إلى آخر، حيث جرى تصوير المشاهد فى أكثر من دولة من بينها مالطا وكازاخستان، لأن الطبيعة الجغرافية لهذا البلد تتشابه مع الطبيعة الجغرافية لتلك الفترة.

والحقيقة أن أماكن التصوير ليست هى الشىء الوحيد الذى لفت أنظار الجمهور فى الحلقات الأولى من مسلسل (الحشاشين) خاصة أن صناع المسلسل قاموا بمراعاة تصميمات الملابس من أجل مناسبتها تاريخيًا للفترة التى تدور فيها أحداث المسلسل، بالإضافة إلى ظهورها بأعلى جودة ممكنة، وذلك بعدما تم تصنيعها فى مصر بالاستعانة بخامات من تركيا وإيطاليا وكازاخستان، حيث قام بتصنيعها مصمم الملابس «محمود فكرى» بخلاف الموسيقى التصويرية العالمية للموسيقار «أمين بو حافة».