الأحد 10 نوفمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

مخاوف آسيوية من اتساع النزاع فى الشرق الأوسط إلى حرب شاملة؟ الصين تحذر من «دوامة انتقام» فى الشرق الأوسط

فى السياسة لا شيء يحدث بمعزل عن الآخر، وما يحدث فى غزة، يظهر أثره بقوة فى كل أنحاء العالم وعلى جميع الأصعدة، والآن بات الجميع يُحذر من اتساع رقعة الصراع فى الشرق الأوسط، لأن ما يجرى فى غزة من تدمير وإبادة عواقبه فى غاية السوء، وأبرز تلك العواقب هو ما يتعلق بالاستقرار الأمنى والاقتصادى.



دوامة انتقام

ومؤخرًا، حذرت الصين، من «دوامة انتقام» فى الشرق الأوسط بعدما توعدت الولايات المتحدة بالرد على هجوم بطائرة مسيَّرة أدى إلى مقتل وإصابة عسكريين أمريكيين، وهذه المرة الأولى التى يقتل فيها جنود أمريكيون فى المنطقة منذ بدء الحرب فى قطاع غزة قبل حوالى أربعة أشهر، حيث أثار الهجوم مخاوف من تصعيد إضافى فى النزاع.

الوضع معقد وحساس للغاية

تصريحات بكين المتعلقة بالحادث والتى أوضحت فيها أن «الوضع فى الشرق الأوسط حاليا معقد وحساس للغاية» وأنها تأمل بأن تبقى جميع الأطراف المعنية هادئة وتحافظ على ضبط النفس.. لتجنب السقوط فى دوامة انتقام وتجنب مزيد من التصعيد والتوتر الإقليمى».

يأخذنا إلى تحذيرات الرئيس عبدالفتاح السيسى المتكررة من خطورة أن يؤدى الوضع المزرى فى غزة، وهذا الصمت الدولى، إلى امتداد الصراع ليشمل مناطق أخرى فى منطقة الشرق الأوسط.

تحديات جيوسياسية

وبالطبع ليست منطقة شرق آسيا والقوى الكبرى فيها، بعيدة عما يجرى من حرب مدمرة على غزة، فالصين التى تسعى ليكون لها دور وثقل فى أزمات الشرق الأوسط، خاصة وأنها عضو دائم فى مجلس الأمن الدولى كما أنها الشريك التجارى الأول لمعظم الدول العربية، والشريك التجارى الثانى لإسرائيل، ناهيك أن مصالحها وتجارتها عبر مضيق باب المندب تأثرت بسبب التوتر فى البحر الأحمر.

وكذلك الهند التى أكدت على لسان وزيرة المالية نيرمالا سيتارامان -خلال فعالية مهمة فى نيودلهي- أن حرب إسرائيل على قطاع غزة تثير المخاوف بشأن التحديات الجيوسياسية التى يواجهها الممر الاقتصادى متعدد الأطراف الذى تدعمه الولايات المتحدة.

وقالت سيتارامان إن «الصراع الدائر فى إسرائيل وغزة دليل مقلق على التحديات الجيوسياسية التى يواجهها» الممر الاقتصادى.

ففى سبتمبر الماضى، أعلن زعماء عالميون اتفاقًا للسكك الحديدية والموانئ يربط الشرق الأوسط وجنوب آسيا مع سعى الولايات المتحدة لمنافسة مبادرة الحزام والطريق الصينية التى تؤسس لبنية تحتية عالمية، بممر اقتصادى وتجارى جديد.

ومن المفترض أن يمر الممر المقترح عبر إسرائيل التى تشن حربًا شرسة على قطاع غزة منذ ما يقرب من 4 أشهر.

ويتألف المشروع الضخم الذى يربط قارات آسيا وأوروبا وأفريقيا- من ممرين منفصلين أحدهما يربط الهند بالخليج العربى والآخر يربط الخليج العربى بأوروبا، فى منافسة واضحة لمبادرة الحزام والطريق الصينية.

ويقول الخبراء إن الدول المستفيدة من المشروع فى الوقت الراهن هى الهند ودول الخليج العربى والأردن وإسرائيل والاتحاد الأوروبى، لكن هؤلاء يعتقدون أن المشروع الصينى يعد قابلًا للتطبيق أكثر مقارنة بالمشروع الأمريكى.

عرقلة ممر التجارة الأكثر طموحًا

وفى تقرير لها ذهبت وكالة «بلومبرج» الأمريكية إلى أن حرب غزة تعوق ممر التجارة الأكثر طموحًا فى العالم، مشيرة إلى أن الخطة الطموحة لمرور التجارة ما بين آسيا وأوروبا عبر الشرق الأوسط تتعرض إلى خطر التوقف حتى قبل أن يبدأ تنفيذها.

وأشارت إلى أن الحرب الإسرائيلية على غزة عرقلت تنفيذ ما يُعرف باسم الممر الاقتصادى بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا، وهو مشروع روجت له واشنطن وحلفاؤها الرئيسيون العام الماضى، ويستهدف إنشاء سكك حديدية جديدة. غير أن المشروع جُمِد فعليًا فى ظل اضطرابات الشحن البحرى بالبحر الأحمر التى سببتها هجمات الحوثيين، واتساع رقعة الأزمة فى المنطقة.

يُعد توقف المشروع عقبة أمام استراتيجية الولايات المتحدة، إذ إن الخطة كانت ستحقق عدة أهداف، من بينها مجابهة مبادرة الحزام والطريق الصينية لمشروعات البنية التحتية، وتعزيز نفوذ أمريكا فى ما يُطلق عليها دول الجنوب العالمى.

ونقلت «بلومبرج» عن شخص مطلع على خطط المشروع إن اندلاع أعمال العنف فى الشرق الأوسط حول الاهتمام بعيدًا عن محادثات مشروع الممر الاقتصادى

وعود نجاح على الورق

وكشفت «بلومبرج» عن أن الاضطرابات التى تشهدها منطقة الشرق الأوسط أدت إلى وقف مشروع الممر الاقتصادى بشكل مفاجئ، فالطريق الممتد لمسافة تقارب 4830 كيلومترًا (3 آلاف ميل) يمر عبر دول باتت فى أقصى حالات التأهب تحسبًا لجرها إلى الحرب. 

وأوضحت: بالطبع كان يمكن أن يخفق المشروع حتى مع عدم قيام حرب فى الشرق الأوسط، ورغم توافقه التام مع الخطاب الجيوسياسى الأمريكى، فإن التفاصيل المتاحة عنه لا تزال محدودة.

كريغ سينغلتون، الزميل الأول بمؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، المجموعة البحثية التى يقع مقرها فى واشنطن، يعتبر أنه «على الرغم من أن مشروع الممر الاقتصادى يبدو واعدًا على الورق، فإن الديناميكيات الإقليمية المعقدة من شأنها دومًا أن تفرض تحديات أمام تنفيذه».

لافتًا فى المقابل إلى أن هناك حافزًا واضحًا بين الدول الموقعة على الاتفاقية فى سبتمبر الماضى على استئناف الاتفاق إذا تراجعت حدة التوترات الإقليمية.

مخاوف صينية 

من ناحية أخرى وفيما يتعلق بتداعيات حرب غزة على الدولة الأهم فى آسيا وهى الصين والتى تبدى تل أبيب انزعاجا من موقفها من الحرب الجارية فى قطاع غزة، والذى تراه «منحازًا» للفلسطينيين، وهو ما انعكس على العلاقات السياسية والعسكرية بين الجانين، وفق صحيفة «يديعوت أحرنوت» العبرية.

تخشى الصين أن تتسع رقعة الحرب فى منطقة الشرق الأوسط على خلفية المواجهة الجارية حاليًا فى الأراضى الفلسطينية، وهو ما سيُكبدها خسائر اقتصادية فادحة.

فعلى الرغم من أن بكين ليس لديها أى وجود مباشر فى المنطقة، لكن هذا لا يعنى أن مصالحها لا تتوقف على هذه المنطقة من العالم.

وبحسب تقرير نشرته جريدة «نيويورك تايمز» الأمريكية، فإن لدى الصين سببًا واحدًا كبيرًا يدفعها إلى الوقوف على الحياد مما يجرى فى المنطقة بين الإسرائيليين والفلسطينيين، وكذلك يجعل مصلحتها فى عودة التهدئة ويثير خشيتها من اتساع رقعة الحرب والتوترات الجيوسياسية.

أما «السبب الواحد والكبير» للصين فهو النفط، حيث إن الصين هى أكبر مشتر للنفط من منطقة الخليج، إذ إن «ثلث إجمالى النفط المحروق فى الصين مصدره منطقة الخليج، بحسب ما تؤكد الصحيفة».

مخاطر أمنية 

وبالإضافة إلى تخوفات القوى الكبرى فى آسيا وهما (الصين والهند) يذهب خبراء إلى أن الحرب فى غزة فى حال توسعها يمكن أن تؤثر على دول آسيا الوسطى، حيث باتت تلك الحرب تمثل حاليًا محور اهتمام وسائل الإعلام العالمية، حيث يُنظر إليها على أنها حرب جديدة قد تتوسع لتؤثر ليس فقط على الشرق الأوسط فقط، بل على العالم أجمع فى حال توسعها وانضمام أطراف أخرى إليها. وقد أشار بعض المحللين إلى المخاطر الأمنية لهذه الحرب على منطقة آسيا الوسطى، إلى جانب ارتفاع أسعار المنتجات النفطية.

يقول «بيرفيز ملاجانوف»، وهو خبير طاجيكى فى الشئون السياسية: إذا استمر هذا النزاع وتوسع نطاقه، فإنه سيلقى بظلاله ليس فقط على منطقة الشرق الأوسط، ولكن على العالم بأسره. ويمكن أن يكون هذا التأثير على النحو التالي: أولًا، قد يؤدى استمرار الحرب فى المستقبل إلى جذب اهتمام المجتمع الدولى ومعظم المؤسسات المالية والدول المانحة. وفى هذه الحالة، سيضطر الغرب إلى إعادة النظر فى أولوياته، مما سيؤثر على حجم المساعدات العسكرية والاقتصادية إلى أوكرانيا وبالتالى على مسار الحرب بين روسيا وأوكرانيا. كما سيؤثر ذلك على الوضع الأمنى والاقتصادى العام فى جميع أنحاء الاتحاد السوفياتى السابق. قد تؤدى الحرب الطويلة إلى تنشيط الجماعات الجهادية والمتطرفة فى دول الاتحاد السوفياتى السابق. ثانيًا، قد يكون لاستمرار النزاع عواقب اقتصادية خطيرة على المنطقة والعالم. فعادة ما تؤدى جميع الحروب فى الشرق الأوسط إلى ارتفاع الأسعار العالمية للنفط، مما يضعف الاقتصاد العالمى ويؤثر سلبًا وبشكل خاص على البلدان النامية.