السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

ضربات إيران وباكستان جولة جديدة من العنف فى الشرق الأوسط

ترسم المشادات الحالية بين باكستان وإيران مشهدًا من التوترات بين البلدين، حيث أثارت الضربات المتبادلة مخاوف إقليمية ودولية جديدة من فتح جبهة جديدة للصراع فى خضم الاضطرابات المتزايدة التى اجتاحت الشرق الأوسط منذ اندلاع الحرب فى غزة، وسط تساؤلات بشأن التداعيات المستقبلية.



وتصاعدت التوترات بين إيران وباكستان بعد تبادل الهجمات فى عمق البلدين، حيث استهدفت إيران بهجوم صاروخى تنظيم جيش العدل فى باكستان، بينما ردت باكستان بضربات استهدفت إقليم سيستان وبلوشستان الإيرانى، ما أوقع حصيلة قتلى بالمنطقة الحدودية فى إيران من 7 إلى 9 أشخاص، وفق الإعلام الرسمى فى طهران.

ضربات منسقة

وذكرت باكستان أنها «نفّذت سلسلة ضربات عسكريّة منسّقة جدًا ودقيقة ضدّ ملاذات إرهابيّة فى محافظة سيستان بلوشستان الإيرانيّة». وأفاد الجيش الباكستانى فى بيان بملابسات الضربات، أن قواته نجحت فى ضرب مخابئ فى إيران تستخدمها منظمات «إرهابية» لا سيما جيش تحرير بلوشستان وجبهة تحرير بلوشستان، مشيرًا إلى أن إسلام آباد التزمت أقصى درجات الحذر خلال الضربات فى إيران لتجنب وقوع أضرار جانبية.

فى حين، شنت إيران ضربات صاروخية على ثلاث دول مختلفة هذا الأسبوع «العراق وسوريا وباكستان»، حيث دمرت طهران قاعدتين لتنظيم جيش العدل، وهى جماعة مقرها باكستان تبنت هجومًا فى ديسمبر أسفر عن مقتل قوات أمن إيرانية.

ووفقًا لتقارير دولية، تمثل هذه الضربات تصعيدًا كبيرًا فى العلاقات المشحونة بين الجارتين.وبالتزامن، بدأ الجيش الإيرانى تدريبات سنوية للدفاع الجوى تمتد من ميناء تشابهار بالقرب من باكستان فى الشرق، على طول الطريق عبر البلاد إلى حدودها مع العراق فى الغرب، حيث تشمل إطلاق النار الحى من الطائرات، والدرونز، وأنظمة الدفاع الجوى.

 رسائل لواشنطن

ويعتقد محللون ومراقبون أن ضربات إيران أثارت مخاوف المجتمع الدولى حيث يتعين على باكستان الآن إعادة حساب علاقاتها بالفعل مع طهران، ومع استمرار تصاعد التوترات، لا تزال هناك فرص لتفاقم التصعيد بما يؤثر على الاستقرار الإقليمى.

تعتقد مديرة مركز الأمن والاستراتيجية وبحوث السياسات فى جامعة لاهور الباكستانية، ربيعة أختار، أن المواجهة الصاروخية الإيرانية الباكستانية «تضع الدبلوماسية على المحك»، فى حين دفعت الضربة الصاروخية الأخيرة التى شنتها باكستان ضد الأهداف الإيرانية ردًا على الغارات الجوية الإيرانية فى بلوشستان «التوترات طويلة الأمد بين البلدين إلى المقدمة».

وأوضحت أختار، أنه من الضرورى فهم الدافع وراء الضربات الإيرانية فى باكستان وتداعياتها المحتملة، إذ لا ينبغى اعتبار تصرفات طهران الخاطئة مجرد انتقام ضد جيش العدل بهدف إثارة رد فعل من باكستان، وبدلًا من ذلك، ينبغى النظر إليها على أنها تهدف إلى إظهار القدرة العسكرية الإيرانية وإرسال رسالة إلى الولايات المتحدة وإسرائيل وحلفائهما، حيث تشير إلى استعدادها لمواجهة «أى عدوان خارجى».

ولفتت إلى أن ضربات الصواريخ الباليستية الإيرانية فى العراق وسوريا وباكستان تسلط الضوء أيضًا على قدرة إيران على إبراز قوتها خارج حدودها، فى الوقت الذى يمكن أن يكون لها تداعيات كبيرة على الأمن الإقليمى.

وأضافت أن «هناك صورة أكبر تظهر فى الشرق الأوسط لتدخل إيرانى عميق على جميع الجبهات، إذ يشكل دعم إيران للحوثيين مصدر قلق للكثيرين، لأنه يمثل تحديًا للاستقرار الإقليمى وأمن الممرات الملاحية الرئيسية، علاوة على ذلك، ساهم دعم طهران للجماعات التى تساندها فى خلق شعور أوسع بانعدام الأمن فى المنطقة».

ومع ذلك، أشارت مديرة مركز الأمن والاستراتيجية وبحوث السياسات فى جامعة لاهور، إلى أنه على الرغم من محاولات إيران لإظهار قوتها، إلا أن تصرفاتها أثارت مخاوف المجتمع الدولى حيث يتعين على باكستان الآن إعادة حساب علاقاتها بالفعل مع طهران، ومع استمرار تصاعد التوترات، من الأهمية بمكان أن تشارك جميع الأطراف فى الحوار وتسعى إلى إيجاد حلول دبلوماسية لمنع المزيد من التصعيد وضمان الاستقرار الإقليمى.

 تصاعد محدود

وعلى الجانب الآخر، يعتقد الزميل غير المقيم فى المجلس الأطلسى بواشنطن، مارك كاتس، أنه «من غير المرجح أن تؤدى الضربات الإيرانية والباكستانية إلى تصعيد كبير».

وقال كاتس إنه كان هناك ميل فى وسائل الإعلام إلى النظر إلى الهجمات المتبادلة بين إيران وباكستان على أنها مرتبطة بطريقة ما بالصراع بين إسرائيل وحماس، لكن الأمر ليس كذلك، كما أنها لا تُنذر بالضرورة بصراع إيرانى باكستانى أكبر.

وأضاف: «لم تشن إيران ولا باكستان هجومًا على قوات أو أصول الطرف الآخر، بدلًا من ذلك، هاجم كل منهما ما يعتبرونه قوات متشددة داخل أراضى الآخر والتى يعتبرها الآخر أيضًا إشكالية».

وأوضح زميل المجلس الأطلسى أنه من غير المرجح أن تدخل القوات الباكستانية والإيرانية فى مواجهة مباشرة لعمليات عسكرية، ومع ذلك، إذا فعلوا ذلك، ستكون الولايات المتحدة أقل قدرة على العمل كوسيط بسبب افتقارها إلى العلاقات مع إيران مقارنة بالقوى الأخرى مثل الصين وروسيا وربما الاتحاد الأوروبى، التى يمكنها العمل مع كلا البلدين.

فى المقابل، تؤكد أستاذة التاريخ بجامعة فلوريدا أتلانتيك، كيلى جاى شانون أن «الضربات الانتقامية تهدد بمزيد من زعزعة الاستقرار فى الشرق الأوسط، إذ تهدد تلك الهجمات بمزيد من زعزعة الاستقرار فى الشرق الأوسط غير المستقر بالفعل فى الوقت الراهن».

وأوضحت أن هذا الوضع له نتيجتان محتملتان الأولى هى أن التبادل الإيرانى الباكستانى قد استوفى حاجة كل حكومة إلى الظهور بقوة، وسيعود الوضع إلى الوضع الذى كان عليه من قبل. أما الثانية، ستكون هناك هجمات عسكرية متبادلة مستمرة بين إيران وباكستان يمكن أن تتصاعد وتزيد من الخطر الكبير بالفعل لحرب أوسع فى الشرق الأوسط.

وأوضح الخبير فى الشأن الباكستانى، محمد العقاد، أنه لا يعتقد أن الأمور ستذهب باتجاه المزيد من التصعيد، خاصة بعد رد باكستان على الضربة الإيرانية بنفس الطريقة ونفس الأسلوب، وبالتالى فإن الأمور ستهدأ إلى حد كبير، ويمكن القول إن المعادلة أصبحت «ضربة مقابل ضربة».

وحدد العقاد مسار الصراع الراهن بين إيران وباكستان فى عدد من النقاط، مشيرًا إلى أنه بالنسبة لباكستان فإنها لا تريد التصعيد وتريد حل جميع المشاكل والقضايا بالطرق الدبلوماسية لكن انتهاك سيادة الأراضى الباكستانية وتوجيه إيران ضربة عسكرية داخل الأراضى الإيرانية استدعى بشكل حاسم ضربة عسكرية باكستانية لرد الاعتبار وإيصال رسالة إلى إيران مفادها بأن أى انتهاك للسيادة سيواجه برد حاسم وبنفس الأسلوب.

 توسط صينى

من المتوقع بشكل كبير أن تتوسط الصين بين باكستان وإيران لحل هذا التوتر، لأن الصين من أكبر المتضررين فى حال توسع الصراع بين إسلام أباد وطهران نظرًا لاعتبارات جيوسياسية واقتصادية، فالصين تحاول الربط بين دول المنطقة على المستوى الاقتصادى، ومشاريع الصين الاقتصادية تحتاج الترابط الجغرافى بين باكستان وإيران، لأن باكستان هى الطريق الأمثل بالنسبة للصين للوصول إلى إيران لأن الخيار الآخر هو أفغانستان غير المستقرة.