السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

بين فوضى الترامبيستا.. أو فشل بايدن حسم الصـراع لرئيس البيت الأبيض

قبل أيام قليلة، أعلن أبرز المنافسين أمام ترامب فى الانتخابات التمهيدية للحزب الجمهورى، رون ديسانتس عن انسحابه بل ودعمه لدونالد ترامب فى خطوة لم يتوقعها الكثيرون، إلا أن جميع المؤشرات تؤكد أن الصراع للبيت الأبيض أصبح محسومًا والمواجهة ستكون بين الرئيس الحالى جو بايدن المرشح عن الحزب الديمقراطى، ودونالد ترامب المرشح عن الحزب الجمهورى.. لكن فى خضم الكثير من الأحداث العالمية والحروب والصراعات سواء فى الشرق الأوسط أو بالنسبة لأزمة تايوان والحرب «الروسية - الأوكرانية».. يوجد العديد من التساؤلات حول مصير الولايات المتحدة فى فترة يبدو فيها العالم فى سطر نظام جديد تتعدد فيه القوى الدولية.. سواء بتحالفاته الجديدة أو بظهور أقطاب منافسة للهيمنة الأمريكية.



ووفق آخر استطلاعات الرأى جاء تقدم ترامب أمام منافسه المحتمل بايدن بنسبة تتعدى 4 %، وهو ما يؤكد أن فرص نجاح ترامب تتزايد يومًا تلو الآخر، ولكن هل اختلاف رئيس البيت الأبيض سيحمل معه اختلافًا جديدًا حول سياساته الخارجية؟ وماذا سيعنى دخول ترامب مرة أخرى للبيت الأبيض؟ هل سنرى هيمنة أمريكية جديدة؟ أم سيستسلم رئيس المكتب البيضاوى ويتقبل قوانين العالم الجديد؟

المواجهة الحاسمة

بعد انسحاب رون ديسانتس، جاءت مواجهة دونالد ترامب أمام منافسته فى الحزب نيكى هيلى فى انتخابات ولاية نيوهامبشير، وذلك بعد فوزه باكتساح فيها، وكان ذلك عقب فوز ترامب فى انتخابات الحزب فى ولاية آيوا، ليكون بذلك المرشح الجمهورى الوحيد فى التاريخ السياسى الحديث الذى يفوز بأول مسابقتين للترشيح. ولعل ذلك يزيد أيضًا من الضغوط على آخر منافسيه الرئيسيين، السفيرة الأممية السابقة نيكى هيلى، للخروج من السباق، وهو ما أصرت الأخيرة على أنه لن يحدث.

ولعل هيلى قصدت التقليل من أهمية خسارة نيو هامبشر، لكنها أخطأت فى ذلك كما يجد محللون، فانتصارات ترامب القوية فى الولايات ذات التصويت المبكر أبطلت أى شك متبقٍ فى أنه يسيطر بشكل كامل على الحزب الجمهورى، حتى فى حين أنه لا يزال متورطًا فى محاكمات مدنية وجنائية فى ولايات قضائية متعددة.

لعل انسحاب المرشحين الجمهوريين أمام ترامب حمل العديد من النقاط التى تؤكد على حسم المواجهة بين ترامب وبايدن مرة أخرى، فالانسحابات المتتالية أخذت تصب فى مصلحة ترامب، مثل، فيفيك راماسوامى الذى أيد ترامب، حذا حذوه السيناتور الجمهورى، تيم سكوت، الذى أنهى حملته الانتخابية فى نوفمبر، بالإضافة إلى ديسانتس الذى انضم إلى قائمة الأعداء السابقين الذين تحولوا إلى أصدقاء ترامب مرة أخرى.

وكان أنصار راماسوامى فى نيوهامبشير قد بدأوا بالفعل فى الانجذاب نحو ترامب، حيث دعم العديد من موظفيه السابقين ترامب علنًا وشجعوا الآخرين على فعل الشيء نفسه.

ومن المرجح أن يحصل الرئيس السابق على دفعة دعم أخرى، ولو كانت صغيرة، من قاعدة ديسانتس المكونة من الجمهوريين المحافظين والمؤيدين ذوى الميول التحررية.

وبلغة الأرقام والاصطفافات، فإن انسحاب ديسانتس ودعمه لترامب يعقد المشهد أمام نيكى هيلى، حيث أظهر استطلاع أجرته جامعة نيوهامبشير بالتعاون مع شبكة CNN ، أوضح أن 62 % من مؤيدى ديسانتس سيؤيدون ترامب كخيارهم الثانى، فى حين أن 30 % فقط سيؤيدون هيلى.

وفى استطلاع يومى أجرته جامعة سوفولك، بوسطن جلوب، مع شبكة NBC 10 فى بوسطن، قال 57 % من مؤيدى ديسانتس إنهم سيختارون ترامب كخيارهم الثانى، بينما قال 33 % إنهم سيختارون هيلى.

ويقول، ديفيد باليولو وس، مدير استطلاعات الرأى بجامعة سوفولك، لموقع بوليتيكو الأمريكى إنه فى «جميع استطلاعات الرأى التى أجريناها، كانت نسبة تأييد ترامب %50 أو أكثر، ولم يتزايد تقدمه إلا منذ أسبوع».

قلق متزايد

وقد أثارت العودة المحتملة للرئيس الأمريكى السابق «دونالد ترامب» إلى البيت الأبيض قلق الكثيرين خاصة فيما يتعلق بسياساته الخارجية وموقفه سواء من حرب أوكرانيا أو حرب غزة أو توتر الصين وتايوان، كذلك سياسة ترامب السابقة المرتبطة بالقيود التجارية والتصادم مع القوى العالمية الأخرى.

وأبدى العديد من السياسيين والاقتصاديين حول العالم قلقهم بشأن عودة «ترامب» للرئاسة الأمريكية، مع مخاطر تحيط بالأمن والتجارة والتغيُّر المناخى بشكل خاص.

وفى فترة ولايته الأولى، انتقد «ترامب» مرارًا وبشكل علنى الدول الحليفة للولايات المتحدة بسبب التجارة وعدم الإنفاق بشكل كافٍ على الدفاع، كما قام الرئيس الأمريكى السابق بإنهاء الاتفاق النووى الإيرانى، وانسحب من اتفاق باريس للمناخ.

وقال حلفاء للرئيس الأمريكى السابق إنه يخطط لخفض الدعم الدفاعى لأوروبا، وتقليص العلاقات الاقتصادية مع الصين، مع الاعتماد  مجددًا على   التعريفات الجمركية كأداة رئيسية للسياسة الخارجية.

كما ذكرت تقارير أن العاملين فى السفارات الأجنبية فى واشنطن يجوبون المدينة للقاء مسئولين سابقين فى عهد «ترامب» أو أشخاص مقربين منه، للاطلاع على خطط سياسته الخارجية، استعدادًا لاحتمالات عودته للرئاسة.

وذهب البعض إلى التواصل المباشر مع الرئيس الأمريكى السابق، حيث حرصت رئيسة وزراء إستونيا «كاجا كالاس» على التحدث مع حلفاء رئيسيين لـ«ترامب» عند زيارتها إلى واشنطن نوفمبر الماضى، وبعد الاجتماع مع مسئولى البيت الأبيض.

كما توجه وزير خارجية إستونيا أيضًا إلى مسقط رأس «ترامب»، حيث وجه الشكر للعمال فى مصنع شركة «لوكهيد مارتن» فى أركنساس» على مساهمتهم فى أمن بلاده، عن طريق تصنيع قاذفات الصواريخ المتعددة.

لكن رئيسة البنك المركزى الأوروبى «كريستين لاجارد» اعتبرت فى حديث للتلفزيون الفرنسى أن عودة «ترامب» للبيت الأبيض تمثل تهديدًا واضحًا، مستشهدة بالدروس المستفادة من الولاية الأولى للرئيس الأمريكى، كررت «لاجارد» خلال اجتماعات «دافوس» التحذيرات من عودة الرئيس السابق لصدارة المشهد السياسى، معتبرة أن الهجوم هو أفضل وسيلة للدفاع ضد تداعيات عودة «ترامب» للرئاسة.

وأشارت رئيسة المركزى الأوروبى إلى أن الأمر يتطلب تعزيز القوى الداخلية للاتحاد الأوروبى من خلال تطوير اتحاد أسواق رأس المال، مع دعم السوق الموحدة بشكل قوى وحقيقى، كما اعتبر رئيس وزراء بلجيكا «ألكسندر دى كرو» أن أوروبا ستكون وحيدة فى حال فوز «ترامب» برئاسة الولايات المتحدة، حيث هدد «ترامب» مرارًا خلال رئاسته بالانسحاب من حلف شمال الأطلسى، مع التهديد بفرض تعريفات على سلع الاتحاد الأوروبى.

ماذا يعنى رجوع ترامب

فى آخر استطلاع للرأى أجرته شبكة NBC News ديسمبر الماضى، أوضحت أن نسبة تأييد الرئيس الأمريكى جو بايدن انخفضت إلى 40 %، وهى أدنى نسبة له خلال رئاسته.

كما أظهرت استطلاعات أخرى أن الرئيس الأمريكى سيواجه منافسة شديدة فى عام 2024 مع ترامب، ولعل الأمر الأكثر إثارة للقلق بالنسبة له هو أن استطلاع NBC News، واستطلاعات أخرى تشير إلى أن التحالف الديمقراطى الذى أوصل بايدن للرئاسة، انهار قبل أقل من عام من انتخابات 2024، إذ شهد بايدن انخفاضًا فى معدلات تأييده ليس بين المستقلين فحسب، ولكن أيضًا بين الناخبين الشباب وذوى الأصول اللاتينية وحتى الناخبين السود.

ويبدو أن جميع استطلاعات الرأى المختلفة باتت تتفق على أن الوضع السياسى لبايدن الآن بات فى مكانة أكثر تراجعًا، عما كان عليه وضع الرئيس السابق باراك أوباما فى هذه المرحلة قبل إعادة انتخابه، وحتى أقل من دونالد ترامب قبل عام من خسارته فى انتخابات 2020.

وفق السياسة الأمريكية فإن استطلاعات الرأى تعتبر أحد أهم المؤشرات التى توضح ميول واتجاهات الشعب الأمريكى خاصة فى الانتخابات الرئاسية أو الكونجرس.

ووفق مقال لستيفين والت فى صحيفة فورن بولسى الأمريكية، وهو أحد أهم المحللين السياسيين وأستاذ فى جامعة هارفرد، أوضح أن جميع المؤشرات تؤكد رجوع ترامب مرة أخرى إلى المكتب البيضاوى وهو الأمر الذى يطرح تساؤلات حول كيفية إدارة ترامب الجديدة للرئاسة بعد 4 أعوام من خروجه بصورة شاذة عن المجتمع والسياسة الأمريكية، خاصة بعد أحداث الكابيتول هيل، والتي أوضح فى مقاله أن الرئيس بايدن استطاع أن يفوز بالمكتب البيضاوى بعد الهوجة الشعبية المناهضة لسياسات ترامب سواء الداخلية أو الخارجية، لكنه فى الواقع لم يعتبر الخيار الموفق أمام الشعب الأمريكى، فبايدن الذى كسر عامه الثمانين لم يقدم الكثير سواء فى الداخل أو مع حلفائه فى الخارج، وأصبحت أمريكا أكثر ضعفًا عنما قبل.. كما أن بايدن بحكم مرضه وعمره المتقدم يهرب من أزماته من خلال عطلاته المتكررة رغم ما تواجهه الولايات المتحدة من أزمات اقتصادية وصراعات سياسية حادة، كذلك لم يقدم بايدن الكثير لحلفائه فى الغرب، فلم يستطع وقف الحرب «الروسية - الأوكرانية» بل على أرض الواقع نستطيع أن نؤكد أن روسيا قد نجحت فى حربها، أما بالنسبة للصين وتايوان فإن إعلان الحرب لم يعد بيد أمريكا بل بيد الصين، إذا أرادت إعلان ضم تايوان ورفض حكمها الذاتى لن تستطيع الولايات المتحدة وقف ذلك، وأما فى الشرق الأوسط فإنه فشل فى تطبيع العلاقات العربية مع إسرائيل بصورة كافية، ولم يستطع وقف الحرب على غزة أو حتى فرض سياسات على نتنياهو لقبول هدنة طويلة الأمد فى قطاع غزة، كما فشل فى عقد الاتفاق النووى مع إيران.. أما فى الداخل فما زالت الولايات المتحدة تواجه عدة أزمات سواء فى الأسواق الاقتصادية.. وهو ما يؤكد نزوح الشعب الأمريكى عن انتخاب بايدن مرة أخرى.

من جهة أخرى يرى والت أن أى رئيس أمريكى قادم سواء ترامب أو بايدن، سيكون تركيزه الأقوى على ملفات السياسة الداخلية، وفى حالة ترامب تحديدًا سيكون ملف الحريات ذا طابع قوى فى قراراته، خاصة فيما يتعلق بحق الإجهاض أو مجتمع الميم.. أما فيما يتعلق بالأزمات الخارجية فلن يقدم بايدن أو ترامب أى جديد بل يمكن أن نتوقف عن خطط ترامب السابقة وتكملة تنفيذها، فحقبة بايدن تعتبر بمثابة فجوة زمنية لحكم ترامب بعد فشله المتلاحق فى تحقيق أى إنجاز يحسب له سواء داخليًا أو خارجيًا.