السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

ما دور الموساد فى الإيقاع بمشاهير وحكام أمريكا؟ وثائق جيفرى الوجـــه القبيـــــح للصهيونية العالمية

عادت قضية رجل الأعمال الأمريكى جيفرى إبستين، الذى انتحر داخل سجنه فى أغسطس 2019 قبل محاكمته بجرائم جنسية، إلى الواجهة من جديد خلال الأيام الماضية، وذلك عقب قرار من قاضية فى نيويورك تدعى لوريتا بريسكا  بالإفراج عن مئات الوثائق السّرية، التى تضم أسماء عشرات الشخصيات، كانوا إما شركاء أو أصدقاء أو ضحايا لإبستين، علمًا بأن العديد من الأسماء التى ذُكِرت فى الوثائق لا علاقة لها بالجرائم الجنسية.



 

وتم الإفراج عن الحزمة الثالثة من الوثائق المرتبطة بإبستين، والتى تعد جزءًا من الإجراءات القانونية، وتكشف المزيد من الأسماء والتفاصيل لأشخاص مرتبطين به بطرق متنوعة، ولم يُتهم معظمهم بارتكاب أى مخالفات.

أوراق القضية التى من المفترض أنه تم إغلاقها بعد وفاة إبستين أثارت العديد من الجدل خاصة بعد نشر العديد من الصحف الغربية أدلة تؤكد أن جيفرى إبستين كان عميلًا لجهاز المخابرات الإسرائيلية (الموساد) وأن موعد الكشف عن الوثائق هدفه فى الأساس توجيه ضربة إلى المرشح الرئاسى الأمريكى دونالد ترامب بصورة خاصة بعد انتقاد الأخير لإسرائيل وحكومة نتنياهو، معتبرا أن ما يحدث فى غزة «أمر فظيع».. فضيحة إبستين استطاعت أن تكشف الوجه القبيح للصهيونية العالمية ودورها فى التحكم بالسياسة الغربية بكل السبل والطرق.. حتى لو كان استخدام الأطفال والمراهقين «دروعًا بشرية» لإثبات فضائح شركائهم.

 القصة 

فى 3 يناير 2024 كشفت المحكمة الفيدرالية فى نيويورك، عن وثائق تضم أسماء أشخاص يُشتبه فى تورطهم مع الملياردير جيفرى إبستين المعروف بـ«جيف»، الذى ارتكب جرائم جنسية، وتم اعتقاله عدة مرات، ثم تردد أنه انتحر فى زنزانته عام 2019.

وأثير اسم جيفرى إبستين لأول مرة عام 2005، بعدما فتح تحقيق فى بالم بيتش بولاية فلوريدا، إثر اتهامه بدفع أموال لفتاة تبلغ من العمر 14 عامًا مقابل الجنس. وجرى اعتقاله عام 2006، وكان حينها ممولًا ثريًا ومشهورًا بعلاقاته الواسعة مع المشاهير والسياسيين والمليارديرات والنجوم الأكاديميين.

وخلال استجواب الشرطة، قالت الفتاة القاصر إن سيدة تدعى جيلاين ماكسويل، وهى صديقة إبستين، التقتها واعتدت عليها، ثم عرضتها على جيفرى إبستين. وروت الفتاة خلال محاكمة لاحقة فى عام 2019 أنها تعرفت على جيفرى خلال عام 2005 عندما كانت قاصرًا، واصطحبها إلى منزل فخم كبير، وهناك اعتدى عليها أيضًا، وفق مجلة «تاون آند كونترى» الأمريكية.

وبعد تفجّر الفضيحة، بدأت الادعاءات حول سلوك إبستين الجنسى مع فتيات قاصرات فى الظهور عام 2006. وبينما كانت الاتهامات تتعلق بحوالى 40 فتاة قاصرة، وافق أليكس أكوستا، المدعى العام فى ميامى آنذاك، على صفقة مع إبستين، فى عام 2007، وفق وكالة «أسوشيتيد برس» الأمريكية.

أقر إبستين حينها بأنه مذنب فى تهم الدعارة، وليس جرائم فيدرالية أكثر خطورة. وحكم عليه بالسجن 13 شهرًا، وكان مطلوبًا منه قبول تصنيفه كمرتكب جرائم جنسية.

وتخلى بعض المعارف المشهورين عن إبستين بعد إدانته، ومن بينهم الرئيسان السابقان بيل كلينتون ودونالد ترمب، لكن الكثيرين حافظوا على صداقته، واستمر إبستين فى الاختلاط مع الأثرياء والمشاهير حتى عام 2019 عندما جددت تقارير صحيفة «ميامى هيرالد» الاهتمام بفضائح إبستين الجنسية، واتهم المدعون الفيدراليون فى نيويورك إبستين بالاتجار فى البشر والدعارة، لكنه وُجِد منتحرًا فى السجن قبيل انطلاق محاكمته.

وقام المدعى العام الأمريكى فى مانهاتن بمقاضاة صديقة إبستين السابقة، جيلاين ماكسويل، لمساعدته على تجنيد ضحاياه القاصرات. وقد أُدينت فى عام 2021، وتقضى عقوبة السجن لمدة 20 عامًا.

وكتب ممثلو الادعاء أن إبستين، سعى إلى البحث عن قاصرات، وكان على علم أن العديد من ضحاياه كانوا تحت سن 18 عامًا، لأنه «فى بعض الحالات، أخبره الضحايا القاصرات صراحةً بأعمارهن».

وكتب ممثلو الادّعاء فى لائحة الاتهام: «علاوة على ذلك، ومن أجل الحفاظ على عدد الضحايا وزيادته، دفع إبستين أيضًا لبعض ضحاياه لتجنيد فتيات إضافيات ليتعرضن للإيذاء بالمثل، وبهذه الطريقة، أنشأ إبستين شبكة واسعة من الضحايا القاصرات ليستغلهن جنسيًا فى مواقع تشمل نيويورك وبالم بيتش».

 من هو جيفرى إبستين؟

ولد إبستين فى ولاية نيويورك عام 1953، وبدأ حياته المهنية فى مدينة نيويورك كمدرس للرياضيات فى مدرسة دالتون للنخبة، رغم أنه لم يكمل تعليمه ولم يحصل على أى شهادة جامعية، وفى السبعينيات توجه إلى العمل فى بنك الاستثمار «بير ستيرنز» قبل أن يؤسس شركته الخاصة، «جيه إبستين وشركاه»، فى عام 1982.

وكان إبستين يعيش داخل منزل مستقل ضخم، ويتبرع بمبالغ كبيرة لمجموعة واسعة من المؤسسات، فيما ظل مصدر أمواله غامضًا، وعندما توفى إبستين، كانت ثروته تبلغ 577 مليونًا و672 ألفًا و654 دولارًا، وفقًا لوصية موقعة قبل يومين فقط من وفاته فى عام 2019.

فى عام 2008، اعترف إبستين بالذنب فى تهمة جناية التحريض على الدعارة مع قاصر، وحُكم عليه بالسجن لمدة 18 شهرًا، قضى 13 شهرًا، وحصل على إفراج مشروط، مما سمح له بالانتقال إلى مكتب خارج السجن 6 أيام فى الأسبوع. كما تم تسجيله كمرتكب جريمة جنسية.

وخضعت صفقة الإقرار بالذنب لتدقيق متجدد فى عام 2019، بعد أن نشرت الصحفية الاستقصائية فى صحيفة «ميامى هيرالد»، جولى براون، سلسلة تحقيقات عن إبستين وضحاياه والشخصيات النافذة التى دافعت عن حصوله على حكم أكثر تساهلًا.

وأصبح من الصعب تتبع ثروة إبستين ومصدر أمواله بعد أن افتتح شركته الخاصة. لكن الأمر ذهب إلى أبعد من ذلك، إذ يمتلك إبستين عقارات فى بالم بيتش، وقصرًا فى مدينة نيويورك تبلغ قيمته 77 مليون دولار، وهو أكبر منزل مستقل فى مانهاتن، وفقًا لصحيفة «نيويورك تايمز». فيما كان يدير أعماله التجارية من جزيرة سانت توماس فى جزر فيرجن الأمريكية لأسباب ضريبية.

وفى عام 2011، قال إبستين لصحيفة «نيويورك بوست» التى كانت تعد تحقيقًا عنه، إنه ليس «وحشًا مفترسًا يبحث عن طرائد لإشباع رغبته الجنسية، أنا مجرد مذنب. والفرق بين الأمرين مثل الفرق بين جريمة قتل وسرقة كعكة».

وبعد عقد كامل من الزمن، ذهب إبستين إلى السجن بعد إعادة فتح التحقيق فى القضية التى حوكم إثرها عام 2008، لكن التهمة الجديدة ليست استغلال قاصر بغرض الدعارة، بل تهريب بشر لأغراض الجنس، وهذه التهمة أبعد ما تكون عن جنحة «سرقة كعكة».

 الهدف.. مشاهير أمريكا

بين هؤلاء الأشخاص، الذين يتراوح عددهم بين 150 و180 والذين وردت أسماؤهم فى آلاف الصفحات، سياسيون وأفراد عائلات ملكية ورجال أعمال ومحامون وفنانون، من بينهم الرئيس السابق لأمريكا بيل كلينتون، وباراك أوباما، وأيضًا دونالد ترامب (اعتقل إبستين آخر مرة بعهد ترامب)، ومؤسس شركة مايكروسوفت بيل جيتس، والأمير البريطانى، دوك يورك، أندرو، الذى اتخذ قصر باكنجهام فى 2022، قرارًا بتجريده من ألقابه العسكرية، ورعايته الملكية. ورئيس الوزراء الإسرائيلى الأسبق إيهود باراك، والمخرج الأمريكى وودى آلن، والممثل الأمريكى كيفن سبايسى، ووكيل العارضات جان لوك برونيل (عثر عليه ميتًا فى زنزانته فى باريس عام 2022 بعد ملاحقته بقضية اغتصاب قاصرات وتحرش جنسي).

ولم يتهم إبستين، فقط، بالمتاجرة بقاصرات، واستغلالهن جنسيًا، فى خدمة علاقاته فى المجتمع المخملى ومصالحه، بل بالتعامل أيضًا مع «الموساد» الإسرائيلى (علمًا أن إبستين يهودى الديانة) وله علاقة وثيقة بالمجتمع الإسرائيلى ورجال الحكومة والسياسيين فى تل أبيب.

وفى 15 يوليو 2021 نشرت صحيفة رولينج ستون بحسب 4 مصادر موثوقة أن لجيفرى إبستين صلات بالقادة الإسرائيليين وكان جاسوسا، وأضافت الصحيفة فى تقريرها، أن ستيفن هوفنبرج الذى كان يتولى أعمال إبستين، أكد لمحررة الصحيفة أن إبستين كان يتحرك فى دوائر المخابرات، وكان متورطا فى «قضايا الأمن القومى» التى تنطوى على الابتزاز وتجارة النفوذ وتداول المعلومات على مستوى خطير للغاية.

كما نقلت رولينج ستون عن أربعة مصادر منفصلة، بشكل رسمى، تأكيدها أن تعاملات إبستين فى عالم الأسلحة دفعته إلى العمل لدى حكومات متعددة، بما فى ذلك الإسرائيليون.

وأوضحت أن «روبرت ماكسويل»، البرلمانى البريطانى اليهودى، الذى كان قناة الوصل بين الموساد والحكومات الأخرى، قدم إبستين للقادة الإسرائيليين فى مناسبات مختلفة وعرفه بهم ليتعاون معهم.

وبحسب مقال نشرته صحيفة واشنطن بوست 11 نوفمبر 1991، تعد إسرائيل ماكسويل بطلا قوميا لها، وقد زار تل أبيب وفكر فى شراء فريق بيتار القدس لكرة القدم.

ومنذ ذلك الحين، أصبح إبستين يتباهى بكونه مستشارا لقادة عدة دول منها، إسرائيل، وكان معروفا فى الأوساط الإسرائيلية بدوره كـ«وسيط محنك قادر على الانتقال بين ثقافات وشبكات متنوعة لتحقيق أجندات القادة».

وبحسب التقرير كان إبستين يتنقل فى أوساط الاستخبارات بإرشاد معلمه، المقاول الدفاعى البريطانى الراحل عام 2011، دوجلاس ليز، الذى أدخله فى عالم التجسس.

وكانت إحدى المهمات الاستخباراتية الموكلة لـ «إبستين» من قبل إسرائيل هى إدارة «مؤسسة ويكسنر» التى تقع فى أوهايو، بالولايات المتحدة، والتى تهدف إلى تنمية القيادات المهنية والمتطوعة اليهودية فى أمريكا الشمالية والقادة العموميين فى إسرائيل.

وقد تضمن دفتر إبستين السرى، الذى نشره أحد أعوانه عقب وفاته، مقطعا قصيرا تحت بند «إسرائيل» واحتوى بيانات اتصال تعود لرئيسى وزراء سابقين، وهما إيهود باراك وإيهود أولمرت، وغيرهما العديد من الأفراد ممن يملكون عناوين بريد إلكترونى تابعة للحكومة الإسرائيلية.

وفى مقابلة مع قناة «روسيا اليوم» عام 2020، ادعى ضابط إسرائيلى سابق يُدعى آرى بن ميناشى أن كلا من والد صديقة إبستين السابقة جيسلين ماكسويل، روبرت ماكسويل، وجيفرى إبستين، كانا عميلين إسرائيليين، وأن جميع الفضائح المذكورة فى قضية إبستين قد تم تدبيرها لصالح الموساد بهدف جمع المعلومات وابتزاز الشخصيات المشهورة.

وأضاف بن ميناشى، أن تواجد إيهود باراك المتكرر فى جزيرة إبستين جاء بغرض اتفاق معه لتسريب أشرطة فيديوهات وتسجيلات لمشاهير المجتمع الأمريكى للموساد بغرض ابتزازهم.

وبحسب ادعاءات ميناشى، تم استدراج وخداع الأمير أندرو واستخدامه لتوجيه شخصيات مشهورة نحو إبستين، وزعم أيضا أن رئيس الوزراء الإسرائيلى السابق إيهود باراك كان على علم بما كان يحدث.

وأفاد ميناشى بأن وزير العمل الأمريكى السابق، ألكسندر أكوستا، قد أشار مسبقا إلى أن إبستين كان يعمل لصالح الاستخبارات الإسرائيلية.