السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

توترات البحر الأحمر .. الضربات «الأمريكية - البريطانية» للحوثيين رسالة ردع أم بداية فوضى؟

أصدر الرئيس الأمريكى جو بايدن، الأمر بتوجيه ضربات لأهداف الحوثيين باليمن، فى إجراء يهدد بتبديد أحد الأهداف الأساسية لسياسته فى الشرق الأوسط، وهو محاولة منع نشوب حرب إقليمية. ومنذ بدء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، فى السابع من أكتوبر الماضى، عملت إدارة الرئيس الأمريكى جاهدة لاحتواء الصراع، وإقناع جيش الاحتلال بعدم تنفيذ ضربة استباقية شاملة على حزب الله فى لبنان، ونجحت الجهود الأمريكية فى هذا الصدد إلى الآن، لكن منع التصعيد فى البحر الأحمر أصبح أكثر صعوبة.



 

وفيما أكدت الولايات المتحدة أنها سائرة فى تنفيذ المزيد من الضربات على الحوثيين فى اليمن، إذا ما استمروا فى عرقلة حرية الملاحة بالبحر الأحمر، يبدو أن بريطانيا أكثر حذرًا.

فقد أوضح وزير الدفاع البريطانى، غرانس شابس أن بلاده ما زالت تترقب وتقيم أثر الضربات المشتركة التى وجهتها سابقًا مع أمريكا إلى مواقع حوثية، قبل تنفيذ ضربات جديدة.

كما أشار إلى أن بريطانيا لا تريد التوغل فى العمليات بالبحر الأحمر، إلا أنها تسعى فى الوقت عينه إلى حماية الملاحة، مؤكدًا أن حرية الملاحة حق دولى.

جهود الإدارة الأمريكية، من خلال الدبلوماسية وقنوات الأبواب الخلفية والإشارات والتهديدات، فشلت فى وقف هجمات الحوثيين المتواصلة على السفن فى البحر الأحمر وخليج عدن، وفى يناير، أصدرت الولايات المتحدة و13 من حلفائها بيانًا يحذر من أن الحوثيين سيتحملون مسئولية العواقب إذا استمرت الهجمات.

وفشل التحذير الأمريكى فى ردع الحوثيين، الذين أطلقوا، الثلاثاء الماضى، واحدة من أكبر الهجمات حتى الآن، بثلاثة صواريخ وما يصل إلى 20 طائرة بدون طيار، ضد السفن التجارية والقوة البحرية التى تقودها الولايات المتحدة، مما زاد الضغوط على الرئيس الأمريكى داخل إدارته، وأمر بتوجيه ضربة عسكرية للحوثيين فى اليمن، وفق الجارديان.

 دعوة للتهدئة

وقد أعربت وزارة الخارجية المصرية عن قلقها البالغ إثر تصاعد العمليات العسكرية فى منطقة البحر الأحمر، والغارات الجوية التى تم توجيهها لعدد من المناطق داخل الأراضى اليمنية، داعيةً لضرورة تكاتف الجهود الدولية والإقليمية من أجل خفض حدة التوتر وعدم الاستقرار فى المنطقة، بما فى ذلك أمن الملاحة فى البحر الأحمر.

واعتبرت مصر التطورات الخطيرة والمتسارعة التى تشهدها منطقة جنوب البحر الأحمر واليمن، مؤشرًا واضحًا على ما سبق، وأنها حذرت منه مرارًا وتكرارًا من مخاطر اتساع رقعة الصراع فى المنطقة «نتيجة استمرار الاعتداءات الإسرائيلية فى قطاع غزة».

وأكدت على «حتمية الوقف الشامل لإطلاق النار وإنهاء الحرب القائمة ضد المدنيين  الفلسطينيين، لتجنيب المنطقة المزيد من عوامل عدم الاستقرار والصراعات والتهديد للسلم والأمن الدوليين».

رسالة ردع

ونقلت صحيفة الجاريان عن جريجورى جونسن، الزميل غير المقيم فى معهد الخليج العربى بواشنطن، إن الضربات الأمريكية البريطانية للحوثيين فى اليمن رسالة ردع، وتساءل قائلًا: «أعتقد أن السؤال الرئيسى هو، إذا لم تصل الرسالة، فما هى الخطوة التالية التى تحت تصرف الولايات المتحدة والمملكة المتحدة؟ هل يقصفون المزيد من الأهداف؟ هل يقصفون لفترة أطول؟».

وحسب الصحيفة، قال مسئولون فى الإدارة الأمريكية، إنه إذا لم يتم ردع الحوثيين، فقد تتدهور قدراتهم على الأقل، ويمكن تفجير مواقع الصواريخ وتدمير مراكز القيادة.

لكن جونسون أشار إلى أن الحوثيين معتادون على العيش والقتال تحت القصف العنيف، ويقومون بتجميع بعض صواريخهم تحت الأرض، ونشر قواتهم فى المناطق المدنية.

 تقوية الحوثيين

وترجح «الجارديان»، إلى أن الضربات «الأمريكية - البريطانية» يمكن أن تؤدى إلى تقوية الحوثيين، كما يقول بعض المحللين، ما يزيد من مكانتهم فى «محور المقاومة» الذى تقوده إيران فى صراع وجودى مع إسرائيل والغرب، ويجعلهم لاعبًا عالميًا.

ونقلت الصحيفة عن ندوى الدوسرى، الباحثة غير المقيمة فى معهد الشرق الأوسط، على وسائل التواصل الاجتماعى: إن «الحوثيين ينتظرون بشدة منذ 20 عامًا للتعامل مع أمريكا وإسرائيل. ومنذ 7 أكتوبر، قاموا بتجنيد 45 ألف مقاتل فى معركة الفتح الموعود والجهاد المقدس. اليوم حققت الولايات المتحدة والمملكة المتحدة حلمهما».

 الخوف الأكبر

وتشير الصحيفة إلى الخوف الأكبر هو أن الولايات المتحدة والمملكة المتحدة قد اقتربتا خطوة كبيرة من المواجهة المباشرة مع إيران.

ولفتت الصحيفة إلى ما قاله مسئول كبير فى الإدارة الأمريكية: «لقد شاركت إيران عمليًا فى تنفيذ الهجمات ضد السفن فى البحر الأحمر. لقد قدموا معلومات واستخبارات للحوثيين، وزودوهم بالقدرات ذاتها التى استخدموها لشن هذه الهجمات».

وأضاف المسئول إن رد إدارة بايدن تجاه إيران سيكون المضى قدمًا فى حملة الضغط الاقتصادى والعزلة التى تقودها الولايات المتحدة ضد طهران منذ سنوات. لكن أى جهد لتخفيف تهديد الحوثيين للشحن البحرى من المرجح أن يتطلب المزيد، بما فى ذلك اتخاذ إجراءات صارمة لمنع الحوثيين من تجديد إمدادات أسلحتهم، وهو ما يعنى بدوره إيقاف السفن القادمة من إيران، وفق الجارديان.

ومع ذلك تخطط الولايات المتحدة فى الوقت الحالى لتوجيه المزيد من الضربات إذا واصل الحوثيون مضايقتهم للتجارة البحرية، على أمل أن يغيروا فى مرحلة ما حساباتهم للتكاليف والفوائد.

 تأثير محدود

وحددت الخبيرة الأمريكية المختصة فى الشئون الأمنية والاستراتيجية، إيرينا تسوكرمان تبعات الضربات العسكرية ضد الحوثيين فى عدد من النقاط قائلة: إن  الضربات الجوية تهدف إلى ردع الحوثيين عن أى عدوان إقليمى آخر وعرقلة قدراتهم، مثل إطلاق الصواريخ، لجعلهم أقل تهديدًا مباشرًا للأمن البحرى فى المنطقة.

ومع ذلك، يعتمد هذا الأمر على نطاق وحجم العملية، فإذا تحولت هذه الضربات إلى هجمات رمزية على المستودعات أو غيرها من البنية التحتية التى يمكن إعادة بنائها بسهولة، فسيكون لها تأثير محدود.

وقال الخبير الأمريكى المتخصص فى شئون الأمن القومى، سكوت مورغان إنه «يجب أن توقع هجمات ضد المصالح الأمريكية فى المنطقة بعد وقت قصير من هذه الضربات، كما أن الحوثيين قد يستخدمون ذلك لتعزيز سلطتهم فى اليمن».

وأشار مورغان إلى أنه «قبل الضربة كان الحوثيون قادرين على نقل بعض المعدات العسكرية إلى داخل صنعاء، وبالتالى لم تتأثر بشكل كبير قدراتهم العسكرية»، موضحًا أن الأمن البحرى بات بحاجة لإعادة نظر بشكل عاجل لمنع خروج الوضع عن السيطرة.

ويرى المحلل الأمريكى الدكتور جيمس هولمز، رئيس كرسى «جى سى ويلى» للاستراتيجية البحرية فى كلية الحرب البحرية وزميل بارز فى مركز بروت كرولاك للابتكار وحرب المستقبل بجامعة مشاة البحرية الأمريكية، أن الحوثيين أطلقوا على سفينة شحن تجارية فى مناسبة واحدة على الأقل صاروخًا باليستيًا مضادًا للسفن، وهو نوع من الأسلحة يمتلكه فقط - من الناحية الظاهرية - الجيش الصينى.

وقال هولمز، فى تقرير نشرته مجلة ناشيونال انتريست الأمريكية، إنه فى الثالث من الشهر الجارى، أعلنت القيادة المركزية الأمريكية، التى تشرف على العمليات العسكرية الأمريكية فى الشرق الأوسط، أن المسلحين الحوثيين أطلقوا صاروخًا باليستيًا مضادًا للسفن باتجاه سفينة الشحن يونيتى اكسبلورر، التى ترفع علم البهاما ومملوكة للمملكة المتحدة.

وأضاف أنه «يصعب للغاية التقليل من شأن المشروع الفنى العلمى لجماعة الحوثى، وهو «مشروع ضخم تقوم عليه جماعة أقرب إلى دولة تدعمها إيران وهى عميل غير رسمى للصين». وتساءل: «هل تنشر بكين تكنولوجيا الصواريخ؟ وأجاب أنه من المؤكد أن الأمر يبدو كذلك. وسواء أكانت تقوم بذلك عن عمد أو عن غير عمد فهذه مسألة أخرى».

وأوضح المحلل الأمريكى أنه يبدو من غير المحتمل أن يقوم المشرفون على الجيش الشعبى الصينى، من تلقاء أنفسهم، بنقل نظام سلاح بمثل هذه القوة لإيران، حيث أنه ربما يذهب إلى ترسانات الحوثيين وغيرهم بحسب ميول إيران.

فى هذا الصدد، قال الخبير فى النزاعات الدولية إسحق إندكيان، إن العملية العسكرية لم تكن «مفاجِئة» وجاءت بعد تحذيرات عدة من إدارة الرئيس الأمريكى جو بايدن، مضيفًا: «هى رسالة سياسية أكثر من كونها عملية عسكرية، ومفادها أن يتوقف الحوثيون عن استهداف السفن الدولية فى البحر الأحمر، وأن تُبقى إيران الحوثيين وباقى وكلائها ضمن قواعد اللعبة، وألّا يتمادوا فى شن الهجمات».

وأشار إندكيان إلى أن «تدمير القدرات الصاروخية والمسيّرة للحوثيين لن يقضى على قدراتهم، وأن واشنطن أرادت إيصال رسالة إلى إيران بأن سياسة فتح الساحات والجبهات لتخفيف الضغط على حركة حماس فى قطاع غزة لن تجدى نفعًا، وعليها إعادة ترتيب حساباتها فى المنطقة».