السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

إسرائيل تئن داخليًا.. والائتلاف الحاكم مهدد بالانهيار «طوفان الأقصى» يصيب الاقتصاد الإسرائيلى بالشلل

بعد مرور أكثر من 100 يوم من الحرب الشعواء على قطاع غزة وتحول دولة الاحتلال المفاجئ إلى اقتصاد الحرب، تواجه آلاف الشركات الإسرائيلية خاصة الصغيرة منها مخاطر كثيرة، الأمر الذى يهددها بالإغلاق فى حال تصاعدت الحرب على غزة وتجاوزتها لجبهات أخرى.



 

واجهت الشركات الإسرائيلية ورجال الأعمال فى كل ربوع دولة الاحتلال العديد من المصاعب الاقتصادية كما عانت الشركات الصغيرة من تغيُّر جذرى فى ظروف أنشطتها، بسبب استدعاء 300 ألف من جنود الاحتياط، وهو ما يعادل 8 % من القوة العاملة فى البلاد.

ومع منع عمال البناء من الفلسطينيين وهروب آلاف العمال الأجانب بسبب حالة الحرب، ما أدى إلى ضرب العديد من الأنشطة الاقتصادية، وأدت عمليات الإجلاء الجماعى من المناطق المتضررة من الحرب فى شمال وجنوب إسرائيل إلى زيادة الاضطراب.

 آلاف الشركات المهددة

ومن المتوقع أن تغلق هذا العام نحو 57 ألف شركة إسرائيلية أبوابها، مع تضرر الكثير منها بسبب زيادة التضخم وأشهر من الاضطرابات السياسية بسبب التعديل القضائى المقترح، يذكر أن الاقتصاد الإسرائيلى كان يضيف إلى السوق عادة 4500 شركة سنويًا، لكن الإجمالى سينخفض هذا العام بمقدار 20 ألفًا.

وعلى هذه الخلفية، قامت أكبر 5 بنوك فى إسرائيل بزيادة مخصصات خسائر الائتمان للشركات الصغيرة بنحو 8 أضعاف مقارنة بالعام الماضى، وقال بنك «هبو عليم» (وهو الأكبر فى إسرائيل) فى نتائجه إن المجالات التى تتراوح من السياحة إلى العقارات تواجه «انخفاضًا إضافيًا فى الطلب وصعوبة فى الترويج للمشاريع».

واستجابت الحكومة، التى تعانى بالفعل من ضغوط بسبب الحرب التى تكلف ما يقدر بنحو 270 مليون دولار يومًيا، بتخصيص 18 مليار شيكل (5 مليارات دولار) لمنح استمرارية الأعمال والتى تقدمت بطلبات للحصول عليها 80 ألف شركة، وعرضت أيضًا أن تكون ضامنًا للقروض فى بعض الحالات.

وتنتقد الشركات والمنظمات واتحاد المصنعين الإسرائيليين الذى يضم 1800 عضو، الحكومة الإسرائيلية، فيما ترى العديد من الشركات ورجال الأعمال الإسرائيليين أن الحكومة فشلت فى الاستجابة بشكل احترافى لاحتياجات رجال الأعمال فى ظل الحرب، ويقول أحد رجال الاعمال الإسرائيليين: «نحن فى أكبر حرب شهدتها إسرائيل فى الـ50 سنة الماضية، فلا بد للحكومة التوصل لأدوات فائقة الإبداع وغير تقليدية لتحريك السوق حتى لو كانت تلك الأدوات غير مقبولة قبل الحرب».

وزير إسرائيلى ينسحب من اجتماع «ميزانية الحرب»

ورغم تعهد رئيس الوزراء الإسرائيلى، بنيامين نتنياهو، بالجلوس والنقاش «طالما كان ذلك ضروريًا» لتمرير تعديل ميزانية عام 2024؛ فإن اجتماع الحكومة الإسرائيلية، الأسبوع الماضى تحول إلى حلبة للصراع.

ووفقًا لمواقع إعلام عبرية، تبادل الوزراء الإسرائيليون الإهانات، وخرج وزير التعليم يوآف كيش - من حزب الليكود الذى يتزعمه نتنياهو- من الاجتماع غاضبًا، كما ذكرت وسائل الإعلام أن «كيش» قال فى وجه وزير المالية بتسلئيل سموتريتش «أنا لست مهتمًا للإنصات لك أو لجماعتك»، خلال المناقشة، مُعلنًا أنه «غير مهتم» لحديث وزير المالية كما قال، وانسحب ليتبعه وزير الثقافة والرياضة، ميكى زوهار.

وبعد اشتباكه مع كيش، انتقد سموتريتش وزير الطاقة، المعين أخيرًا، إيلى كوهين، وذلك لأنه «طرح أسئلة داخل الاجتماع».

 تخفيضات كبيرة

فى حين وافق المشرعون فى الكنيست الإسرائيلى على ميزانيات الدولة لعامى 2023 و2024، التى يبلغ مجموعها حوالى 998 مليار شيكل (270 مليار دولار)، فى مايو الماضى، أدى اندلاع عملية «طوفان الأقصى» فى السابع من أكتوبر من العام الماضى إلى قلب الخطط المالية للحكومة الإسرائيلية رأسًا على عقب.

حيث أُجبر المشرعون الإسرائيليون على تمرير ميزانية تكميلية بقيمة 28.9 مليار شيكل (7.85 مليار دولار) لعام 2023 فى ديسمبر، وذلك لتغطية تكاليف القتال المستمر فى قطاع غزة، بالإضافة إلى النفقات المدنية.

وفى رسالة مفتوحة إلى زملائه، نُشرت على موقع الأخبار الوطنية الإسرائيلية الأسبوع الماضى، حذر وزير المالية سموتريتش من أنه «لا توجد وجبات مجانية»؛ وأن «الحرب تتطلب تغييرًا مؤقتًا فى الأولويات وتأجيل أشياء مهمة أخرى».

وكتب وزير المالية الإسرائيلى المعروف بعنصريته ضد الفلسطينيين: «أتفهم غضبكم تجاهى فى الأيام القليلة الماضية»، معتبرًا أن «تخصيص الميزانيات للمجهود الحربى هو معنى المسئولية الوطنية».

وبسبب التكلفة الباهظة للعدوان على غزة، اقترحت وزارة المالية الإسرائيلية زيادة إجمالية فى الميزانية بقيمة 68.4 مليار شيكل (18.3 مليون دولار)، إلى جانب خفض الإنفاق الشامل بنسبة 3 % من جميع الوزارات الحكومية.

أيضًا، اقترح سموتريتش تخفيضًا قدره 2.5 مليار شيكل (670 مليون دولار) من ميزانية تبلغ 8 مليارات شيكل من أموال مخصصة لمشاريع خاصة بأعضاء الكنيست والوزراء.

ووفقًا للاقتراح الذى تتم مناقشته، سيتم تخفيض ميزانية وزارة التعليم بنحو 891 مليون شيكل (239 مليون دولار)، وميزانية وزارة الصحة بمبلغ 440 مليون شيكل (118 مليون دولار)، وميزانية الشئون الاجتماعية بمقدار 163 مليون شيكل (44 مليون دولار).

وفى حين يتجنب مقترح الميزانية زيادة الضرائب الفردية، فإنه يتضمن زيادة بنسبة 1 % فى ضريبة القيمة المضافة؛ التى المقرر أن تدخل حيز التنفيذ فى عام 2025، لتصل إلى 18 %، فضلًا عن ضرائب جديدة على أرباح البنوك والتبغ.

كذلك لا تتضمن الخطة الحالية أى تقليص لعدد الدوائر الحكومية، على الرغم من توصية وزارة المالية بإغلاق 10 وزارات حكومية زائدة عن الحاجة - وزارة المستوطنات والبعثات الوطنية، ووزارة القدس والتقاليد اليهودية، ووزارة المخابرات - لتغطية العجز فى ميزانية الحرب.

بلا معنى

ونقلت صحف عبرية عن إيتاى أتر، أستاذ الاقتصاد فى جامعة تل أبيب ورئيس مجموعة الاقتصاديين الإسرائيليين، قوله إن حكومة نتنياهو «بحاجة إلى اتخاذ قرارات فعلية بشأن ما هو مهم وما هو غير مهم، بدلًا من مجرد خفض الميزانيات».

وأضاف: «إن قطع أموال الائتلاف والوزارات الخارجية سيوفر مليارات من الشيكل، رغم أن ذلك لن يكون كافيًا لتعويض تكاليف الحرب، إلا أنه سيقطع شوطًا طويلًا نحو بناء الثقة فى قدرة الحكومة على اتخاذ قرارات صعبة».

ولفت نائب رئيس الكنيست اليمينى موشيه روث -حزب التوراة اليهودية الموحدة- إلى أن المبلغ الذى سيتم توفيره عن طريق إغلاق هذه الوزارات «سيكون بلا معنى» مقارنة بالمبلغ الإجمالى فى الميزانية.

وقال: «أنا أوافق بالتأكيد على أنه يجب أن تكون هناك تخفيضات، لكننى أعتقد أنه يجب أن يتم ذلك بطريقة ذكية لا ينبغى أن تلحق الضرر بالخدمات العامة الضرورية أكثر مما هو مطلوب».

وبينما لم يقرر عضو مجلس الوزراء الحربى وزعيم حزب «الوحدة الوطنية» بينى جانتس - الذى حث نتنياهو فى السابق على خفض أموال الائتلاف - أن حزبه لم يقرر بعد كيف سيصوت على التغييرات فى ميزانية 2024.

وكان نواب حزب جانتس قد امتنعوا عن المشاركة فى التصويت على ميزانية 2023 المعدلة.

لكن، أعلن عضو الكنيست جدعون ساعر - حزب الوحدة الوطنية - أنه ينوى التصويت ضد الميزانية، لأنه شعر أنها «تفتقر إلى قرارات صعبة سياسيًا»، مثل تخفيض رواتب المسؤولين.

 تذمر فى الائتلاف

فى بداية اجتماعهم الأسبوع الماضى، قال نتنياهو لمجلس الوزراء: «علينا جميعًا أن نتقاسم العبء»، مجادلًا بأن الحرب المستمرة تتطلب «تكيفات وزيادة فى العجز» من أجل إدارة الحرب.

لكن، أعرب أعضاء فى الائتلاف - بما فى ذلك حزب الليكود الذى يتزعمه نتنياهو- عن تحفظات كبيرة بشأن الميزانية، مشيرين إلى التخفيضات الكبيرة فى كل شيء، من التعليم إلى النقل.

وفى رسالة إلى نتنياهو، حذّر وزير الاتصالات شلومو كارهى عضو حزب الليكود  من أن تخفيضات الميزانية «يُمكن أن تضر البنية التحتية للاتصالات فى البلاد بطريقة يمكن أن تعرض الأرواح للخطر».

كما كتب وزير شئون الشتات عميحاى شيكلى ووزير الداخلية موشيه أربيل إلى نتنياهو بخصوص الميزانية. وقال أربيل إن الحكومة «يمكنها التوسع دون خفض»، داعيًا نتنياهو إلى زيادة الدين الوطنى بدلًا من خفض ميزانيات الخدمات العامة، كما ذكرت وسائل إعلام عبرية أن وزير الأمن القومى إيتمار بن جفير ووزيرة المواصلات ميرى ريجيف أعربا عن معارضتهما أيضًا، موجهين تحذيرا الى نتنياهو من أن الميزانية الجديدة «ستجمد تجنيد الشرطة، وتضر بالبنية التحتية للنقل العام فى البلاد».

كما احتجت وزيرة حماية البيئة، عيديت سيلمان، على التخفيضات، التى قالت إنها قد تسبب «ضررًا بيئيًا شديدًا».

وقال مسئول فى وزارة  الشئون الاجتماعية إن التخفيضات المقترحة فى ميزانية الحكومة «ستشكل ضربة قاضية للخدمات الاجتماعية فى عام 2024».

تقليص ميزانية الشرطة انعدام للمسئولية

فيما قال إيتمار بن جفير، وزير الأمن القومى الإسرائيلى، فى وقت سابق من الأسبوع الماضى، إن محاولة سموتريتش، وزير المالية، تقليص ميزانية الشرطة «انعدام للمسئولية»، وكانت وزارة المالية الإسرائيلية قد اقترحت بسبب التكلفة الباهظة للعدوان على غزة، زيادة إجمالية فى الميزانية بقيمة 68.4 مليار شيكل (18.3 مليار دولار)، إلى جانب خفض الإنفاق الشامل بنسبة 3 % من جميع الوزارات الحكومية.

واقترح وزير المالية تخفيضًا قدره 2.5 مليار شيكل (670 مليون دولار) من ميزانية تبلغ 8 مليارات شيكل من أموال مخصصة لمشروعات خاصة بأعضاء الكنيست والوزراء. 

كما أوصى بإغلاق 10 وزارات حكومية زائدة عن الحاجة منها وزارة «المستوطنات والبعثات الوطنية، القدس والتقاليد اليهودية، والمخابرات» لتغطية العجز فى ميزانية الحرب. 

رفع ميزانية الحرب مقابل تخفيض مخصصات باقى الوزارات

وكان رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو، قد أعلن خلال الأسبوع الماضى أنه سيرفع ميزانية الحرب فى قطاع غزة مقابل تخفيض ميزانية بقية الوزارات، وأن الارتفاع فى الميزانية سببه استغراق الحرب لعدة أشهر. وأوضح نتنياهو خلال اجتماع لمجلس الوزراء الإسرائيلى أن الحرب المستمرة فى غزة ستستغرق عدة أشهر أخرى، متابعًا «يجب علينا إدارة هذه الحرب، ولذلك فإننا نناقش ميزانية الحرب».

ولفت نتنياهو إلى أن هذه الميزانية «تتضمن نفقات أمنية أكبر بكثير مما كان مخططًا له فى الميزانية الأصلية لعام 2024 التى أُقِرَّت العام الماضي».