السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

وشهد شاهد من أهلها .. كاتب إسرائيلى يتساءل: إذا لم يكن ما يحدث فى غزة إبادة جماعية فما هو إذن؟!

بدأ الكاتب الإسرائيلى جدعون ليڤى مقالا له فى صحيفة هآرتس الإسرائيلية، حول ما جرى فى جلسات محكمة العدل الدولية فى لاهاى حول الحرب الحالية على غزة، بأسئلة وقد ختمه كذلك بمزيد من الأسئلة، محذرا من التناقض الإسرائيلى بين الأقوال والأفعال. يقول ليڤى فى أسئلته التى استهل بها مقاله بصحيفة هآرتس: إذا افترضنا أن موقف إسرائيل فى لاهاى صحيح وعادل، وأن إسرائيل لم ترتكب أى جريمة إبادة جماعية أو أى شىء قريب من ذلك إذن ما الذى حدث؟



 

ماذا نسمى القتل الجماعى الذى يستمر حتى كتابة هذه السطور دون تمييز ودون ضبط للنفس وعلى نطاق يصعب تصوره؟؛ ويتابع: ما الذى يمكن أن نطلقه على الأطفال المحتضرين فى المستشفيات الذين لم يبقَ لبعضهم أحد فى العالم، والمدنيين المسنين الجائعين الذين يفرون للنجاة بحياتهم من التهديد المستمر بالقنابل فى كل مكان؟ فهل سيغير التعريف القانونى مصيرهم؟. وبعد طرح تلك الأسئلة، يقول ليڤى إن إسرائيل ستتنفس الصعداء إذا أسقطت المحكمة التهمة وكأن ضميرنا سيكون نظيفا إذا قالت لاهاى إن هذه لم تكن إبادة جماعية وسنكون الأكثر أخلاقية فى هذا العالم، وفقا للكاتب. ويضيف باستغراب تناول وسائل الإعلام الإسرائيلية ووسائل التواصل الاجتماعى بكل إعجاب وثناء على الفريق القانونى الإسرائيلى فى لاهاى، متجاهلة تقريبا موقف جنوب إفريقيا، الذى تم تقديمه بلغة إنجليزية أفضل، وكان أكثر رسوخا فى الحقائق وأقل فى الدعاية، وهو ما جعل ليڤى يؤكد أن وسائل الإعلام الإسرائيلية فى هذه الحرب وصلت إلى الحضيض.

ومع أننا نتحدث عن دولة تتم محاكمتها بسبب أخطر الانتهاكات الموجودة فى القانون الدولى فإن ليڤى لاحظ أن المحامين عن إسرائيل لم يعرضوا سوى حججها المعتادة وبعضها عادل بالطبع، ولكن بعضها من المضحكات المبكيات مثل تحميل حركة حماس وحدها المسئولية عن الأوضاع فى غزة، وكأن فريقنا يستخف بذكاء قضاة المحكمة على حد تعبيره؛ واستغرب الكاتب تصريحات رئيس فريق الدفاع الإسرائيلى مالكولم شو بأن تصرفات إسرائيل متناسبة وتستهدف القوات المسلحة فقط، مبرزا عدد الأطفال الذين قتلوا، ومتسائلا: كيف يكون عدم التناسب إذا كان كل هذا التدمير تناسبا؟ هل هو هيروشيما؟ وتساءل ليڤى عن قول المحامية جاليت ريجوان إن جيش الدفاع الإسرائيلى سينقل المستشفيات إلى مكان أكثر أمانا، فهل سيتم نقل مستشفى الشفاء إلى سبأ؟ والرنتيسى إلى سوروكا؟ ما الأماكن الآمنة فى غزة التى تتحدث عنها هذه المحامية وما المستشفيات التى سينقلها الجيش الإسرائيلى؟ وختم ليڤى بالتساؤلات التالية: هل نحن راضون عن حجج الدفاع؟ وهل سنرتاح لما سيكون عليه الوضع بعد لاهاى، وهل سنطمئن لحالنا بعد غزة؟ وفى مقال آخر للكاتب نفسه، وفى نفس الصحيفة، قال جدعون ليڤى إن إسرائيل تدفع ثمن سجن مليونى إنسان فى غزة؛ قائلا انتقادات شديدة اللهجة إلى حكومات إسرائيل المتعاقبة، وحملها مسؤولية الكارثة الإنسانية التى يعيشها قطاع غزة منذ 17 عاما بفعل الحصار الذى تفرضه عليه إسرائيل، وحمل حكومة بنيامين نتنياهو مسؤولية اندلاع الحرب وما يترتب عليها من نتائج كارثية على الفلسطينيين والإسرائيليين.

وفى مقاله بعنوان «لا يمكن سجن مليونى إنسان دون دفع ثمن باهظ»، يؤكد ليڤى أن الغطرسة الإسرائيلية تقف وراء اندلاع الحرب على جبهة غزة والكارثة الإنسانية التى يعيشها الفلسطينيون فى القطاع. وأوضح الكاتب أن الغطرسة الإسرائيلية هى وراء كل الذى يحدث، وقال: نحن نفكر أنه مسموح لنا أن نفعل أى شىء وأننا لن ندفع أبدا الثمن ولن نعاقب على أفعالنا، سنستمر فى غطرستنا وأفعالنا دون توقف. سنعتقل ونقتل ونسىء المعاملة، ونسلب ممتلكات الفلسطينيين، ونحمى عصابات المستوطنين التى تنفذ الاعتداءات فى الأراضى الفلسطينية.

وصعّد الكاتب الإسرائيلى من انتقاداته للمستوطنين الذين قال إنهم تمادوا بالاعتداءات على الفلسطينيين فى الضفة الغربية المحتلة بدعم وغطاء من حكومة نتنياهو وحراسة المؤسسة العسكرية، وأكد: «يواصلون الصعود إلى ما يسمى جبل الهيكل (اقتحام المسجد الأقصى) فقط خلال عيد العرش اقتحم أكثر من 5 آلاف مستوطن الأقصى»؛ ويواصل الكاتب الإسرائيلى انتقاداته للمستوطنين، ويقول: «سوف نطلق النار على الأبرياء الفلسطينيين، ونقتلع العيون ونحطم الوجوه، ثم نطرد ونُهجِّر ونصادر ونسلب، ونختطف السكان من مرقدهم وأسرهم، ونقوم بالتطهير العرقى، وبالطبع سنواصل الحصار غير المعقول على غزة، ونقول: كل شىء سيكون على ما يرام؛ ومع إحكام الحصار على قطاع غزة وسجن مليونى فلسطينى، يضيف ليڤى، نقوم ببناء جدار هائل حول القطاع، والذى تبلغ تكلفته تحت الأرض وحدها 3 مليارات شيكل (900 مليون دولار)، وسنكون آمنين وسنعتمد على عباقرة وحدة الاستخبارات العسكرية 8200 وعملاء الشاباك الذين يعرفون كل شىءوسيحذروننا فى الوقت المناسب.

وفى إشارة إلى الدعم الذى يمنحه جيش الاحتلال الإسرائيلى للمستوطنين، كتب ليڤى: «سننقل نصف الجيش من غزة إلى حوارة فى الضفة الغربية فقط لتأمين المسيرات الاستفزازية والممارسات الجنونية التى ينفذها تسڤى سوكوت، عضو كنيست عن حزب عظمة يهودية، والمستوطنون، ونقول إن كل شىء سيكون على ما يرام، سواء فى حوارة أو بيت حانون إيريز؛ وأضاف: «لقد اتضح أنه حتى الجدران والعوائق الأكثر تعقيدا وباهظة الثمن فى العالم، يمكن اختراقها بسهولة نسبيا بواسطة جرافة بسيطة يتصاعد منها الدخان، عندما يكون هناك دافع كبير ومعنويات للقيام بذلك. هنا، يمكنك عبور هذه العقبة المتغطرسة على الدراجات الهوائية والسكوترات، رغم كل المليارات التى تدفقت عليها وثراء كل الخبراء والمقاولين المشهورين الذين قاموا ببناء الجدران مع غزة». واستطرد فى مقاله: «اعتقدنا أننا سنواصل مضايقة غزة، ونرمى عليها هنا وهناك بعض الفتات على شكل بضعة آلاف من تصاريح العمل فى إسرائيل، وهى قطرة فى محيط، وهى أيضا مشروطة دائما بالسلوك السليم، وما زلنا نحاصر غزة ونتعامل معها كسجن».

وفى استعراضه للغطرسة الإسرائيلية، قال الكاتب الإسرائيلى: «سوف نصنع السلام مع السعودية والإمارات وسيتم نسيان الفلسطينيين من القلب، حتى يتم محوهم كما يرغب عدد غير قليل من الإسرائيليين؛ سنستمر فى احتجاز آلاف الأسرى الفلسطينيين بينهم سجناء دون محاكمة، وأغلبهم سجناء سياسيون، ولن نوافق على مناقشة إطلاق سراحهم حتى بعد عقود من السجن:. ويضيف: وسنقول للفلسطينيين إن أسراهم لن يحصلوا على الحرية إلا بالقوة. لقد ظننا أننا سنستمر بالغطرسة فى صد وإحباط أى محاولة للحل السياسى، فقط لأنه لا يليق بنا أن نتعامل مع أى تسوية، ومن المؤكد أن كل شىء سيستمر على هذا الشكل إلى الأبد. ويتابع: مرة أخرى ثبت أن هذا ليس هو الحال، لقد اخترق عدة مئات من المسلحين الفلسطينيين السياج وغزوا إسرائيل بطريقة لم يتخيلها أى إسرائيلى، لقد أثبت بضع مئات من المقاتلين الفلسطينيين أنه من المستحيل سجن مليونى إنسان إلى الأبد دون أن يتم دفع ثمن باهظ. ويؤكد: «وكما هدمت الجرافة الفلسطينية البالية التى تصاعدت منها أعمدة الدخان السياج والجدار وهو الأكثر تطورا بين كل الأسوار والجدران، فقد مزقت الجرافة أيضا عباءة الغطرسة والرضا عن الذات الإسرائيلية. كما أنها مزقت فكرة أنه يكفى من أجل الحفاظ على الأمن للإسرائيليين مهاجمة غزة بين الحين والآخر وقصفها بالطائرات المسيرة الانتحارية، وبيع المسيرات بعد ذلك إلى نصف العالم»؛ ومع بدء عملية طوفان الأقصى، يقول ليڤى، شاهدت إسرائيل صورا لم ترها من قبل، سيارات عسكرية فلسطينية تقوم بدوريات فى البلدات الإسرائيلية، وقائدى دراجات من غزة يدخلون بواباتها. هذه الصور يجب أن تمزق حجاب الغطرسة. قرر الفلسطينيون فى غزة أنهم على استعداد لدفع أى شىء مقابل الحصول على لمحة من الحرية. فهل تتعلم إسرائيل الدرس وتستخلص العبر؟ لا.

وأضاف أنه مع بدء الهجوم المفاجئ لحماس كانوا يتحدثون عن محو أحياء بأكملها فى غزة وعن احتلال قطاع غزة ومعاقبتها، وكأنه لم تتم معاقبتها من قبل، فإسرائيل لم تتوقف ولو للحظة واحدة عن معاقبة غزة منذ نكبة عام 1948؛ وتابع: «75 عاما من الانتهاك بحق غزة والأسوأ ينتظرها من جديد؛ إن التهديدات بتدمير غزة ومحوها تثبت أمرا واحدا فقط أننا لم نتعلم شيئا. إن الغطرسة موجودة لتبقى حتى بعد أن دفعت إسرائيل مرة أخرى ثمنا باهظا؛ وانتهى الكاتب الإسرائيلى بالقول إن نتنياهو يتحمل مسؤولية كبيرة جدا عما حدث، وعليه أن يدفع الثمن، لكن الأمر لم يبدأ معه، ولن ينتهى بعد رحيله وعلينا الآن أن نبكى بمرارة على الضحايا الإسرائيليين. ولكن علينا أيضا أن نبكى على غزة التى معظم سكانها لاجئون؛ بسبب ممارسات إسرائيل وأفعالها؛ غزة التى لم تعرف يوما واحدا من الحرية.

وفى مقال ثالث، قال فى نفس الصحيفة: إسرائيل تعيش فى فوضى، فقد كنا نعيش بفوضى اقتصادية منذ بدايات كورونا.. والآن أصبحنا فى وسط فوضى لا نعلم ما ستؤول إليه الأمور، اقتحامنا لمسجدهم الأقصى كان غلطة كبيرة لم تكن بالحسبان، الحكومة لم تستمع لرأى السيد إيمين عاوام رئيس المستوطنات وضربت رأيه عرض الحائط، القبة الحديدية ليست الحل، فالكل يعلم أن دقة القبة الحديدية هى بين 20 إلى 30 % فقط، وليس كما يدعى نتنياهو لتطمين الشعب، كما أن صاروخًا قيمته 50 ألف دولار ينطلق لضرب صاروخ قيمته 300 دولار ويخطئ فى معظم الأحيان. اليوم يعلن الكنيست عن فاتورة قيمتها 912 مليون دولار هى مصاريف حرب وخسائر مع عدو إرهابى شرس، وفقا لهم فى منطقة صغيرة تدعى غزة، 912 مليون دولار من مصاريف نقل وبترول وصواريخ وتحضيرات عسكرية وخسائر مدنية فى البنية التحتية للدولة وغيرها.. هذا كثير جدا فعلا فى مسافة زمنية قصيرة جدا، فميزانيتنا أبدا لا تسمح بذلك، ولن نستطيع أن نصبر لفترة طويلة..الحل ليس فى القتال.. فقد فهمنا الدرس.. هؤلاء المتوحشون ليسوا جيوشا عربية منهارة لا تجد قوت يومها.. ولا هم بأصحاب مال قد نستطيع أن نعاملهم كالخراف.. المشكلة فى عقيدتهم وإيمانهم التام بأن الأرض لهم وليست لنا.. أمريكا لن تنفعنا فى نهاية المطاف.

أنا شخصيا أعتقد أن النهاية قريبة جدا كدولة.. فشعوب المنطقة بدأت تستيقظ من سباتها ونحن نحلم فى بناء صداقات بين شعوبنا. أخشى شخصيا أن تقلب الطاولة قريبا فى مصر والأردن، ما يعنى أننا أصبحنا بلا حماية فى مقابل شعوب المنطقة.. وجهتنا يجب أن تكون لأوروبا، وعليهم أن يستقبلونا كلاجئين، أعتقد أن هذا أفضل من أن نؤكل أحياء من قبل العرب، أنا لا أحاول أن أخيفكم، ولكنى أحاول وضع النقاط على الحروف فقط، فهذه هى الحقيقة التى لا تريدكم الحكومة الأمريكية فى تل أبيب أن تروها. كم سنستطيع أن نصمد فى هذه الظروف؟.. الجحيم من فوق رؤوسنا، ونحن فى الملاجئ، وأعمالنا وحياتنا وكل شىء معطل تماما، والحكومة عاجزة عن عمل أى شىء، لنصبر معا، ولكنى أخاف أن يكون الوقت قد مضى، ونحن فى صبر لا مفر منه.