السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

ناميبيا توبخ ألمانيا لدعمها الإبادة الإسرائيلية الجماعية «السفاحين» على أشكالها تقع!

وجهت ناميبيا انتقادات لاذعة لألمانيا، المستعمر السابق لها، لرفضها قضية أمام محكمة العدل تتهم إسرائيل بارتكاب جرائم إبادة جماعية فى قطاع غزة. وحث الرئيس الناميبى هيج جينجوب ألمانيا على إعادة النظر فى قرارها غير المناسب بالتدخل كطرف ثالث فى الدفاع. وقال الرئيس جينجوب إن ألمانيا لا تستطيع التعبير أخلاقيا عن التزامها باتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة الإبادة الجماعية، بما فى ذلك التكفير عن الإبادة الجماعية فى ناميبيا وفى الوقت نفسه دعم إسرائيل.



 

 

وأضاف أن الحكومة الألمانية لم تقم بعد بالتكفير بشكل كامل عن الإبادة الجماعية التى ارتكبتها على الأراضى الناميبية. جدير بالذكر أن ألمانيا أقرت رسميا عام 2021 بارتكاب جرائم إبادة جماعية أثناء احتلالها لناميبيا، حيث قام المستعمرون الألمان بارتكاب مذابح جماعية راح ضحيتها أكثر من 70 ألف شخص من شعب الهيريرو والناما بين عامى 1904 و1908 وهى الجرائم التى اعتبرها المؤرخون أول إبادة جماعية فى القرن العشرين. وأعلنت برلين عن مساعدات مالية لناميبيا تزيد قيمتها على 1.1 مليار يورو (940 مليون جنيه إسترلينى، 1.34 مليار دولار) والغريب اليوم أن ألمانيا التى تقف وتدافع عن إسرائيل نسيت المحرقة التى أقامها هتلر لليهود أو تناست كما تناست إسرائيل نفسها النازية فى ظل ظرف صعب تبحث فيه عن دولة تقف بجوارها أمام محكمة العدل الدولية فلم تجد إلا سجانها السابق وحارق أجدادها! 

 

وقال وزير الخارجية الألمانى هايكو ماس فى ذلك الوقت:إن بلاده تطلب الصفح من ناميبيا وأحفاد الضحايا. وصدر بيان رسمى من ألمانيا بهذا الشأن بعد مفاوضات استمرت خمس سنوات، بين برلين وناميبيا التى كانت تحت الاحتلال الألمانى من عام 1884 إلى عام 1915. بدأت الإبادة الجماعية فى عام 1904 بعد تمرد هيريرو وناما بسبب استيلاء الألمان على أراضيهم وماشيتهم، ودعا رئيس الإدارة العسكرية هناك، لوثار فون تروثا، إلى إبادة السكان ردا على ذلك. واعترفت ألمانيا فى السابق بالفظائع لكنها استبعدت دفع تعويضات. وفى عام 2018، أعادت برلين بعض الرفات البشرية إلى ناميبيا والتى تم استخدامها كجزء من بحث فقد مصداقيته الآن يحاول إثبات التفوق العنصرى للأوروبيين البيض.

 

ووصف المؤرخون الفظائع التى ارتكبت بأنها «الإبادة الجماعية المنسية» فى أوائل القرن العشرين، فيما كان يعرف آنذاك بجنوب غرب إفريقيا الألمانى. وقال وزير العدل بجنوب إفريقيا، دونالد لامولا، إن إسرائيل فشلت فى دحض الأدلة التى قدمتها جنوب إفريقيا لمحكمة العدل الدولية حول ارتكاب تل أبيب إبادة جماعية فى قطاع غزة. وأضاف لامولا، فى مؤتمر صحفى بعد جلسة الاستماع لرد إسرائيل على الاتهامات: «لا نزال نؤمن بأن ما تفعله إسرائيل أعمال إبادة جماعية». وأوضح أن «ما قدمته إسرائيل من مزاعم حول تسيير المساعدات الغذائية إلى غزة غير واقعية، خاصة مع تصريحات المسئولين الأمميين بشأن صعوبة إدخال المساعدات الإنسانية وأنها غير كافية».

 

ورفعت محكمة العدل الدولية فى لاهاى، برئاسة القاضية الأمريكية چوان دونوهيو، الجلسة بعد الانتهاء من سماع فريق إسرائيل القانونى للرد على الاتهامات التى وجهتها جنوب إفريقيا لها بارتكاب أعمال تشكل جرائم إبادة جماعية فى قطاع غزة ضد الشعب الفلسطينى. وطالب عضو فريق الدفاع عن إسرائيل، الدكتور جلعاد نعوم قضاة محكمة العدل الدولية برفض طلب جنوب إفريقيا باتخاذ الإجراءات المؤقتة والأمر بوقف العمليات العسكرية الإسرائيلية فى غزة. كما طالب نعوم المحكمة برفض قضية جنوب إفريقيا وإزالتها من قائمتها بالكامل. واتهم ممثل إسرائيل جنوب إفريقيا بالانخراط فى جهد متضافر وساخر لتحريف مصطلح الإبادة الجماعية نفسه. وقال نعوم إن جنوب إفريقيا صورت إسرائيل على أنها دولة خارجة عن القانون تعتبر نفسها فوق القانون. وبعد انتهاء الجلسة، قالت المحكمة إنها ستصدر قرارها فى أقرب وقت ممكن.

 

أما ناميبيا فقد انتقدت دفاع برلين عن إسرائيل فى العدل الدولية واستدعت المجازر الألمانية، وقد عبر رئيس ناميبيا، هاكه كينكوب، عن قلق بلاده العميق إزاء القرار الصادم لقرار ألمانيا التدخل كطرف ثالث، للدفاع عن أعمال الإبادة الجماعية التى ترتكبها إسرائيل فى غزة، ودعمها أمام محكمة العدل الدولية، داعيا برلين إلى أن تعيد النظر فى قرارها. وكانت قد أعلنت ألمانيا عزمها التدخل إلى جانب إسرائيل ضد دعوى جنوب إفريقيا التى تتهمها بارتكاب مجازر الإبادة الجماعية فى غزة. وزعمت ألمانيا فى بيان للحكومة الاتحادية، نشرته على موقعها الإلكترونى باللغة الألمانية فقط أن حركة حماس هى التى ترتكب أفعال الإبادة بهدف محو إسرائيل وادعت ألمانيا أيضا أنها وإيمانا منها بدور محكمة العدل الدولية سوف تتضامن مع إسرائيل كطرف ثالث فى القضية.

 

لكن كينكوب نبه إلى أن الحكومة الألمانية لم تكفر على النحو الكامل بعد عن الإبادة الجماعية التى ارتكبتها على الأراضى الناميبية، مشيرا إلى عدم قدرة ألمانيا على استخلاص الدروس من تاريخها المروع، ووفقا لبيان الرئيس الناميبى فإن ألمانيا لا تستطيع أن تعبر أخلاقيا عن التزامها باتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة الإبادة الجماعية، بما فى ذلك التكفير عن الإبادة الجماعية فى ناميبيا، فى حين تدعم ما يعادل المحرقة والإبادة الجماعية فى غزة. وإذ عبر الرئيس الناميبى عن القلق من تجاهل الحكومة الألمانية عدد الشهداء فى غزة فى عملية إبادة راح ضحيتها أكثر من 23 ألف فلسطينى، فإنه أشار إلى تقارير أممية عن نزوح 85 % من المدنيين فى غزة وسط نقص حاد فى الغذاء والخدمات الأساسية.

استندت ناميبيا إلى تقارير منظمات دولية مختلفة، مثل هيومن رايتس ووتش، تتحدث بشكل مخيف عن أن إسرائيل ترتكب جرائم حرب فى غزة. وجدد رئيسها القول: لا يمكن لأى إنسان محب للسلام أن يتجاهل المذبحة التى ارتكبت ضد الفلسطينيين فى غزة.

وقد نالت ناميبيا استقلالها فى عام 1990 بعد عقود من سيطرة جنوب إفريقيا العنصرية عليها عقب الحرب العالمية الأولى، وفى عام 2004، ألقت وزيرة التعاون الاقتصادى والتنمية الألمانية هايدمارى ويكزوريك زول خطابا قالت فيه: باسم كلمات الرب التى نتشاركها فى الصلاة، أطلب منكم مسامحتنا على تجاوزاتنا وذنوبنا. فدون ذكرى واعية وأسف واعتذار لا يمكن أن يكون هناك تصالح. جاءت هذه الكلمات أثناء احتفالية بالذكرى الـ100 لبداية حركة تمرد ضد الاستعمار الألمانى التى انتهت بارتكاب القوات الألمانية مذابح فى جنوب غرب إفريقيا الألمانية التى أصبحت دولة ناميبيا من بينها مذبحة هيريرو وناما التى اعترفت ألمانيا بها اليوم. واعتبرت كلمات ويكزوريك زول آنذاك اعترافا بمسئولية ألمانيا الأدبية عن الفظائع التى وقعت، لكنها لم تكن اعترافا بها كمذبحة. كما أن هذه التصريحات لم تعبر عن موقف موحد للحكومة الألمانية، إذ كان هناك جناح رافض لهذا التحرك ووجه انتقادات قاسية للوزيرة الألمانية. مثل وزير الخارجية الألمانى آنذاك يوشكا فيشر، إذ قال فى إحدى المناسبات لاحقا إنه «لن ينطق بكلمة تؤدى إلى تقديم تعويضات لناميبيا».

وجاء اعتراف ألمانيا بمذبحة هيريرو وناما، ليطوى صفحة من المفاوضات والخلافات التى استمرت لعقود حول صيغة الاعتذار المناسبة لناميبيا، وقد أعادت ألمانيا إلى ناميبيا جماجم ضحايا استخدمت لإثبات تفوق العرق الأبيض، 

واعترفت ألمانيا فى مايو 2021 بأنها ارتكبت إبادة جماعية بحق شعبى الهيريرو والناما خلال استعمارها ناميبيا وستدفع مليار يورو كمساعدات تنموية لهذا البلد، فى خطوة أولى نحو المصالحة.

وفى بيانه، قال وزير الخارجية الألمانى إنه فى ضوء المسئولية التاريخية والأخلاقية لألمانيا، سنطلب الصفح من ناميبيا ومن أحفاد الضحايا على الفظائع التى ارتكبت فى حقهم.