الأربعاء 8 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
دموع «الدحدوح»

دموع «الدحدوح»

هذه (دموع الحزن والفراق وليست دموع الخوف والجزع، دموع الإنسانية التى تفرقنا عن أعدائنا، نرجو أن يرضى الله عنا ويكتبنا مع الصابرين).. هذا تحديدا ما قاله مراسل قناة الجزيرة فى قطاع غزة وائل الدحدوح وهو يلقى نظرة الوداع الأخيرة على نجله الأكبر حمزة، الذى استشهد فى غارة إسرائيلية استهدفت صحفيين غرب خان يونس جنوبى قطاع غزة.. وبدلا من أن ينقل الدحدوح إلى العالم معاناة شعب غزة، صار هو نفسه مادة إعلامية من جراء ما لحق به من فواجع متتالية جعلت الكثيرين يتعاطفون معه ومع القضية الفلسطينية، التى يباد بشعبها وينكل به، على يد قوات دولة الكيان الغاشمة، دون حساب أو رقيب من دول العالم التى تتغنى ليل نهار بحق الشعوب فى تقرير مصيرها والحديث الدائم عن الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان التى تهدر على يد عصابة الكيان الصهيونى.



مصيبة الدحدوح فى ولده حمزة لم تكن الأولى التى لحقت بهذا الرجل، فقد سبقها ومنذ أسابيع قليلة فقدانه (لزوجته آمنة وابنه محمود وابنته شام، بخلاف حفيده الرضيع آدم ابن الـ 45 يوما فقط).. ومع هذا ورغم هذه الفواجع التى مرت بالرجل ما زال صامدا وصابرا على ما ابتلاه به الله، يواصل جهاده من خلال الميكروفون الذى يحمله، ليخبر القاصى والدانى بمدى الجرم الذى يرتكب فى حق شعبه، وهذا ما تجلى عقب تشييع الجنازة مباشرة، حيث وقف أمام الكاميرا قائلا: (إننا ماضون رغم الحزن والفقد، باقون على العهد فى هذه الطريق التى اخترناها طواعية، وسقيناها بالدماء).

للأسف، دموع الإنسانية التى ذرفها الدحدوح على فراق استشهاد ابنه واستشهاد الكثير من أبناء الشعب الفلسطينى لم تحرك ساكنا من ضمير دول العالم الكبرى، التى أيدت استمرار إسرائيل فى هذا العدوان، ومدتها بالعتاد والسلاح، لمجرد أن هناك شعبًا طالب بحقه فى استعادة وطنه المسروق، ولذلك أستغرب جدا ما صرح به وزير الخارجية الأمريكى أنتونى بلينكن أثناء حديثه فى مؤتمر صحفى مع وزير خارجية قطر: (أنه يأسف جدًا جدًا على الخسارة التى لا يمكن تخيلها التى عانى منها زميلكم الدحدوح. أنا والد أيضًا لا أستطيع أن أتخيل المعاناة التى عاشها ليس مرة واحدة بل مرتين)، متابعا: (هذه مأساة لا يمكن تصورها، وهذا هو الحال أيضًا، كما قلت، لعدد كبير جدًا من الرجال والنساء والأطفال الفلسطينيين الأبرياء، والمدنيين، وكذلك الصحفيين – من الفلسطينيين وغيرهم)، وهذا ما يجعلنا نطرح سؤالا على فخامته: وماذا فعلت دولتك لإنهاء هذه المأساة التى تتحدث عنها؟، وماذا فعلت أنت شخصيا عقب وقوع حرب الإبادة التى يذهب ضحيتها يوميا العديد من الأبرياء؟، فتصريحك بأنك ذهبت إلى إسرائيل بصفتك يهوديا ما زال عالقا فى الأذهان، والدولة التى تفخر بديانتها لا تفرق بين المدنى أو العسكرى، أو بين الصحفى الذى يؤدى مهام عمله من خلال كاميرا أو ميكروفون، ولكن يبدو أنك نسيت أو تغافلت عن مقتل شيرين أبو عاقلة التى كانت تحمل الجنسية الأمريكية، ومع هذا لم تتردد قوات العصابة من قتلها بدم بارد اعتادت عليه دائما، كما اعتادت دولتك (الطناش أو الصهينة) عن الجرائم الإسرائيلية.

جريمة اغتيال نجل الدحدوح وغيره من الصحفيين والعديد من أبناء الشعب الفلسطينى، لم ولن تسقط بالتقادم، وستظل تلاحق القائمين على دولة هذا الكيان، لأنها لا تقل فى جرمها إن لم تكن أكبر عن جرائم الهولوكوست التى تدعون أن النازى قد ارتكبها فى حق شعبكم.. ولهذا ستظل دموع الدحدوح تذكركم بها جيلا بعد جيل.