الأحد 28 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

المرحلة الأخيرة من الحرب طق حنك

أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلى أن الحرب فى غزة دخلت مرحلتها الثالثة بعد نجاح قوات الاحتلال فى السيطرة على الثلث الشمالى من القطاع المدمر وإزالة جميع التهديدات من هذه المناطق.. لكن من جهة أخرى يرى محللون أن المرحلة الثالثة من الحرب تعد هروبًا إلى الأمام مع فشل جيش الاحتلال من تحقيق أهدافه المعلنة سواء تدمير فصائل المقاومة خاصة حماس أو تحرير محتجزيها، كذلك تكبدت إسرائيل مليارات الدولار خسائر للحرب وتقلص اقتصادها فى وقت بدأ فيه حلفاؤها فى الغرب وخاصة أمريكا وبريطانيا بوقف الحرب بجميع السبل بل والإعلان أن تل أبيب يجب عليها الخروج من غزة فى أقرب وقت مثلما دعا الرئيس الأمريكى جو بايدن فى آخر تصريحاته الصحفية.. كل هذا يؤكد لنا أن المشهد على الأرض يوضح خسارة جيش الاحتلال صاحب المرتبة الثامنة عشر عالميًا أمام عناصر المقاومة الفلسطينية.



 6 أشهر

منذ شن الحرب على غزة بعد عملية طوفان الأقصى فى 7 أكتوبر الماضى، قال مسئولون إسرائيليون: إنهم خططوا لشن الهجوم على 3 مراحل رئيسية، تمثلت المرحلة الأولى فى قصف مُكثف تمهيدًا لدخول القوات البرية ودفع المدنيين إلى الإخلاء، فيما تمثلت المرحلة الثانية فى الغزو البرى الذى بدأ فى 27 أكتوبر، بحسب وكالة «رويترز».

أما المرحلة الثالثة فتشمل تنفيذ «غارات وهجمات «عن بعد»، بناء على معلومات استخباراتية، بحسب صحيفة «جيروزاليم بوست» الإسرائيلية التى قالت: إن «الهجمات ستدمر البنية التحتية لحركة حماس فى المناطق التى أنهت فيها القوات الإسرائيلية القتال».

والسبت الماضى أعلن وزير الدفاع الإسرائيلى يوآف جالانت، لصحيفة «وول ستريت جورنال» الأمريكية، أن إسرائيل تتجه إلى المرحلة الثالثة من الحرب على قطاع غزة والتى ستشهد خفضًا لمستوى العمليات العسكرية المكثفة والانتقال نحو العمليات الخاصة، لكنها ستكون مرحلة أطول من المرحلتين السابقتين.

من جهته، حذر معهد دراسة الحرب الأمريكى (ISW) من أن انتقال القوات الإسرائيلية إلى «المرحلة الثالثة» من عملياتها فى شمال قطاع غزة، من المرجح أن «يمكّن (حماس) من إعادة تشكيل نفسها عسكريًا».

وكان الجيش الإسرائيلى سرح 5 ألوية كانت تقاتل فى غزة، فيما أشارت صحيفة «جيروزاليم بوست» إلى أن الجيش بدأ فى تسريح لواءين إضافيين، فى إطار عملية أوسع نطاقًا، ومن المتوقع أن تشمل تسريح لواءات إضافية من الخدمة، وربما على أساس أسبوعى أو شهرى.

ونقلت وكالة «رويترز» عن مسئول إسرائيلى قوله: إن «إسرائيل سحبت أخيرًا بعض قواتها من غزة فى إطار التحول إلى عمليات تركز أكثر على حركة (حماس)، وتعيد قدرًا من جنود الاحتياط إلى الحياة المدنية لمساعدة الاقتصاد مع دخول البلاد العام الجديد الذى قد تستمر فيه الحرب لفترة طويلة».

وأشار المسئول إلى أن «الإطاحة بحماس ما زالت هدفًا للهجوم فى القطاع الفلسطينى، وإن بعض الألوية الخمسة المنسحبة ستستعد لاحتمال احتدام القتال على جبهة ثانية ضد جماعة حزب الله فى جنوب لبنان».

وأوضح أن «الجيش الإسرائيلى يتجه صوب المرحلة الثالثة من الحرب بعد اجتياح الدبابات والقوات فى الوقت الراهن لجزء كبير من قطاع غزة، وتأكيد سيطرته إلى حد كبير على الرغم من استمرار فصائل المقاومة فى نصب الكمائن من الأنفاق والمخابئ».

وتوقع المسئول الإسرائيلى أن «يستغرق ذلك 6 أشهر على الأقل، ويتضمن عمليات تطهير مكثفة»، مضيفًا: «لا أحد يتحدث عن إطلاق حمام السلام من الشجاعية»، فى إشارة إلى منطقة فى غزة دمرها القتال.

وكانت إسرائيل قد أعلنت التعبئة لنحو 300 ألف جندى احتياطى للحرب، أى ما يتراوح بين نحو 10% إلى 15% من قوتها العاملة. وتم تسريح البعض بسرعة، لكن مصادر حكومية قالت إن ما بين 200 و250 ألف شخص ما زالوا يؤدون الخدمة العسكرية، ويتغيبون عن الوظائف أو الدراسة، بحسب «رويترز».

 أهداف المرحلة الثالثة

وعن ملامح المرحلة الجديدة من الحرب، وفق ما نقلته الصحف الإسرائيلية، فإنها تنقسم إلى عدة محاور أهمها القيام بمداهمات موضعية مثل تلك التى شهدتها مناطق بيت لاهيا والشجاعية والدرج والتفاح فى الأيام الأخيرة، ولا يستبعد الجيش العودة لاحقًا إلى قتال على نطاق أوسع، مثل ما كان عليه الحال فى المرحلة الثانية التى اعتمدت على استخدام قوة كبيرة من حيث حجم الوحدات العسكرية وقوة النيران والقصف المكثّف.

وبحسب موقع «والاه» العبرى، ستواصل الفرقة 98 فى جيش الاحتلال عملياتها فى جنوب القطاع بالاعتماد على استخدام النيران المكثفة، خاصة فى خان يونس، وتشير تقديرات جيش الاحتلال إلى أنه بالرغم من تقدّمه فى القتال فى قطاع غزة، إلا أن حركة حماس لا تزال قادرة على إطلاق صواريخ من شمال ووسط القطاع.

ومن جانبها، أفادت القناة 12 العبرية، بأن جيش الاحتلال بدأ فى تغيير شكل القتال فى شمال القطاع، وشرع بعمليات مداهمة تنفذها قوات بأحجام مختلفة ضد أهداف محددة.

وأضافت القناة أنه «من خلال هذه المداهمات، بالإمكان تحريك القوات، والحيلولة دون كشفها أو إبقائها فى مكان ثابت يسهّل استهدافها»، زاعمة وجود مواقع كثيرة لتصنيع الأسلحة فى مخيمات وسط القطاع، بعضها تحت الأرض، وأن قوات جيش الاحتلال «تصل إليها وتعمل على تدميرها»، معتبرة أن «عمليات من هذا النوع فى غاية الأهمية كونها تُساهم فى لجم حركة حماس وتمنعها من تعزيز قوتها».

وأشارت القناة إلى أن إسرائيل لم تقرر بعد ما ستفعله فى رفح ومحور فيلادلفيا، لافتة إلى أن التعامل مع هذه المنطقة يتطلب تنسيقًا مع مصر والولايات المتحدة لحساسيتها. وبحسب القناة، فإن هذه المنطقة تحمل إشكالية كبيرة وسيتوجب على الاحتلال التعامل معها «لأنها ستحدد استمرارية العملية العسكرية فى جنوب القطاع».

 60 مليار دولار خسائر

أورد تقرير نشرته صحيفة «يديعوت أحرنوت» الإسرائيلية أن الحرب فى غزة أحدثت تحديات وصعوبات لم يسبق لها مثيل فى إسرائيل، وأوضح التقرير أن إسرائيل قضت حتى الآن 3 أشهر فى إحدى أكثر حروبها أهمية منذ تأسيسها، وأصبحت الآثار محسوسة بشكل واضح فى كل مناحى الحياة: الأمن الشخصى، والتوقعات الاقتصادية، والمجتمع ككل وغير ذلك. وهناك العديد من التحديات التى لم تواجهها إسرائيل أبدًا.

وأضا تقرير الصحيفة الإسرائيلية أن تكلفة الحرب وصلت حتى الآن نحو 60 مليار دولار بقيمة 272 مليون دولار يوميًا إذ يحصل كل جندى احتياطى على 82 دولارًا فى اليوم، وقد بلغ إجمالى هذه المدفوعات وحدها 2.5 مليار دولار.

على الجبهة المدنية، تبلغ التعويضات عشرات المليارات، لكنها تنحسر مع تأقلم الجمهور الإسرائيلى تدريجيًا مع «روتين الحرب». ومن المقرر أن يتم تعويض الشركات التى انخفض دخلها بشكل كبير بمبلغ 2.7 مليار دولار عن الأشهر الثلاثة.

من الواضح أن جزءًا كبيرًا من الأضرار قد لحق بـالكيبوتسات حول القطاع، حيث دمرت مجتمعات بأكملها وأحرقت البنية التحتية المحلية، وتقدر الأضرار بنحو 5.5 مليارات دولار. الأمر نفسه يتكشف الآن فى الشمال، مع حملة القصف المستمرة لحزب الله، إذ تبلغ الخسارة المالية نحو 1.6 مليار دولار.

كما بلغ عدد السكان الذين تم إجلاؤهم، من الشمال والجنوب، نحو 125 ألف شخص، والعناية بهم تكلف مليارات. ويبدو أن العودة إلى المنزل ليست ممكنة للعديد منهم لبضعة أشهر على الأقل، لذلك من المتوقع أن ترتفع تكلفة العناية بهم.

وتتوقع ميزانية الدولة عجزًا قدره 30 مليار دولار، الأمر الذى سيتطلب تخفيضات فى الميزانية وزيادة فى الضرائب تصل إلى أكثر من 18 مليار دولار، وهو ما يؤثر بشدة على نوعية الحياة وانخفاض الخدمات للجمهور الإسرائيلى بشكل عام.

 هروب من الفشل

ويرى الخبير بالشئون الإسرائيلية الدكتور مهند مصطفى، أن حديث الاحتلال عن مرحلة جديدة فى حرب غزة هروب للأمام بعد الإخفاق فى تحقيق الأهداف، ومحاولة تخفيف الضغط الشعبى على حكومة بنيامين نتنياهو بسبب خسائر جيش الاحتلال.

وبين أن نتنياهو طرح فى مقال رؤيته للحل السياسى عبر 3 نقاط؛ وهى: القضاء على حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، وتحويل غزة لمنطقة منزوعة السلاح، وتثقيف الفلسطينيين حول ما يدعيه «حب الحياة»، مما يعنى عمليًا احتلالا طويلا لقطاع غزة.

من جهة أخرى يرى خبراء أن هناك خلافًا إسرائيليًا أمريكيًا حول شكل الحرب ومدتها الزمنية، ومرحلة ما بعد الحرب، إذ يرفض نتنياهو عودة السلطة الفلسطينية خلافًا لرغبة واشنطن.

وفى المقابل وخلال كلمته بولاية كاليفورنيا، قال الرئيس الأمريكى جو بايدن إنه يعمل مع حكومة الاحتلال الإسرائيلية لدفعها إلى الخروج من قطاع غزة، فى وقت يستعد فيه الرئيس الأمريكى لخوض أصعب انتخابات رئاسية للبلاد ضد خصمه المنتظر دونالد ترامب.