الأحد 28 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

رفض حكومة نتنياهو ترؤس شاؤول موفاز التحقيقات فى فشل الجيش بالتنبؤ بـ7 أكتوبر: الخلاف فى مجلس الحرب الإسرائيلى خداع استراتيچى

عكست المعارضة التى تبديها أوساط واسعة فى الحكومة الإسرائيلية برئاسة بنيامين نتنياهو لترؤس شاؤول موفاز وزير الأمن ورئيس أركان الجيش الأسبق لجنة للتحقيق فى الإخفاق بصد الهجوم المفاجئ لحركة حماس هواجس المستوى السياسى من مغبة أن تفضى التوصيات إلى تفكيك الحكومة حتى خلال الحرب على غزة. وحملت هذه الأصوات المعارضة فى طياتها رسائل كثيرة، من بينها اتهام موفاز بإخلاء المستوطنات من قطاع غزة، وأنه شريك فى صياغة التصور الأمنى تجاه حماس، وانتقاده بسبب مواقفه المشككة بجدوى ونجاح الحرب على غزة والتوغل البرى، ودعوته إلى إبرام صفقة تبادل شاملة.



 

 

وقرر رئيس أركان الجيش الإسرائيلى هرتسى هاليڤى البدء بعملية التحقيق فى الحرب على غزة، بما فيها سير العمليات العسكرية والتوغل البرى بالقطاع المحاصر والفشل فى منع أحداث 7 أكتوبر2023. ويضم فريق التحقيق شاؤول موفاز الذى أشرف على خطة الانفصال عن غزة عام 2005 والرئيس الأسبق لشعبة الاستخبارات العسكرية اللواء فى الاحتياط أهارون زئيڤى والقائد السابق للقيادة الجنوبية التابعة للجيش الإسرائيلى اللواء فى الاحتياط سامى ترجمان.

 

وصرح موفاز الذى شغل منصب وزير الأمن خلال خطة فك الارتباط للقناة الـ12 الإسرائيلية عقب الهجوم المفاجئ لحماس على مستوطنات غلاف غزة والنقب الغربى بأنه يتحمل مسئولية فك الارتباط؛ وأشار إلى أنه كان فخورا بهذه الخطوة قائلا: لو أن المستوطنين استمروا فى البقاء فى قطاع غزة قرب مخالب هؤلاء الحيوانات المفترسة لكان من الممكن أن تكون هناك عمليات مسلحة أمام حماس وفقا لتعبيره. وتنطلق لجنة تحقيق برئاسة موفاز بالتزامن مع آلية الفحص الحالية لهيئة الأركان المشتركة بقيادة اللواء موتى باروخ للتحقيق فى أحداث العمليات العسكرية فى قطاع غزة. ويقول الجيش الإسرائيلى إنه لا توجد صلة بين الإجراءات التى سيتم إطلاقها فى لاهاى وفريق التحقيق الخارجى وفقا لما ذكره الموقع الإلكترونى لصحيفة يديعوت أحرونوت. ومن المفترض أن يقدم فريق التحقيق برئاسة موفاز تقريرا مؤقتا فى الأشهر القادمة، وقد يؤدى بدء التحقيق وفق يوآف زيتون المراسل العسكرى للصحيفة إلى مطالبة بعض الوزراء بالشروع أيضا فى إقامة لجنة تحقيق رسمية، مما سيختصر الطريق إلى المساءلة أو الاستقالة بين كبار المسئولين الحكوميين. وقال زيتون إن أسباب معارضة تعيين لجنة تحقيق برئاسة موفاز سياسية لدى أحزاب الائتلاف الحكومى التى تخشى أن يمهد ذلك إلى الإسراع فى إقامة لجنة تحقيق رسمية وتحميل قادتها والحكومة مسئولية الفشل فى منع الهجوم وعدم الاستماع إلى تقديرات المستوى العسكرى التى حذرت من سيناريو هجوم مفاجئ تخطط له حماس. وفى مؤشر يعكس المعارضة التى يبديها وزراء من معسكر اليمين المتطرف لهذه اللجنة، أشار المراسل العسكرى إلى أن هاليڤى أوضح فى محادثات مع مسئولين أمنيين أنه ينوى إجراء تحقيق مهنى لفحص سلوك الجيش فى الحرب لتحسين أدائه، وأن الفحص سيشمل مدى جاهزية الجيش والقيادات العسكرية، ولن يشمل المستويين السياسى والحكومى.

 

وفيما يتعلق بالحكومة، يعتقد المحلل السياسى عكيفا إلدار أن الهجوم على رئيس الأركان خلال جلسة الكابينت من قبل وزراء باليمين وفى حزب الليكود على خلفية تشكيل لجنة تحقيق بالجيش لفحص الإخفاق والفشل وسير الحرب ما كان ليتم دون ضوء أخضر من نتنياهو. واستعرض إلدار أسباب معارضة أوساط واسعة فى الحكومة الإسرائيلية إقامة لجنة تحقيق داخل الجيش، قائلا إن ذلك بمثابة مقدمة تمهد إلى تسارع الإجراءات لإقامة لجنة تحقيق رسمية حتى قبل انتهاء الحرب، وهى اللجنة التى تشكل تهديدا لائتلاف حكومة اليمين المتطرف. أما بخصوص معارضة وزراء فى اليمين المتطرف تعيين موفاز رئيسا لفريق التحقيق فتعود إلى أسباب سياسية، حيث إن عودته إلى المشهد السياسى الإسرائيلى تعتبر صفعة لحكومة نتنياهو التى ترى فى موفاز واليمين التقليدى تهديدا سياسيا. ولفت المحلل السياسى إلى أن موفاز ما زال على قناعة بأن ما قامت به الحكومة فى حينه كان صحيحا كما أنه عارض بشدة قرار حكومة نتنياهو إلغاء فك الارتباط فى شمال الضفة الغربية إضافة إلى أنه والتيار الذى يمثله فى معسكر اليمين يدعمان التوجه إلى عملية سياسية مع الفلسطينيين فى اليوم التالى بعد الحرب.

 

بدورها، انتقدت القناة الـ14 الإسرائيلية تعيين موفاز محققًا فى إخفاق 7 أكتوبر الماضى، واستعرضت القناة المحسوبة على معسكر اليمين المتطرف والمستوطنين أسباب رفضها بأنه كان من المعارضين لشن حكومة نتنياهو الحرب على غزة.

 

وأضافت أن موفاز أبدى تحفظه على التوغل البرى وشكك فى إمكانية أن تحقق الحرب أهدافها المعلنة، حيث دعا إلى صفقة تبادل شاملة وتبييض السجون من الأسرى الفلسطينيين مقابل تحرير جميع المحتجزين الإسرائيليين، بمن فيهم العسكريون. ووفقا لقسم الشؤون السياسية فى القناة، يعتبر موفاز عراب خطة فك الارتباط والانسحاب أحادى الجانب من غزة حيث كان وزيرا للأمن، وزعمت أنه يتحمل مسئولية ما وصلت إليه إسرائيل مع القطاع بالهجوم المفاجئ، وعليه لا يمكن أن يكون موضوعيا فى التوصيات التى ستخلص إليها لجنة التحقيق برئاسته.

بدوره، رد وزير الأمن القومى الإسرائيلى إيتمار بن غفير على تعيين موفاز بتغريدة على منصة «إكس» قال فيها: «تعيين موفاز إحدى الشخصيات المركزية التى أعدت خطة فك الارتباط وشخصية سياسية، وشريك أساسى فى التصور الأمنى الذى أوصلنا إلى هذه النقطة فى فريق التحقيق فى أحداث 7 أكتوبر خطيئة وتكفير عن الجريمة». وأضاف: «يجب أن يشمل التحقيق أيضا مسألة سفك الدماء التاريخى لإخلاء المستوطنين من القطاع، وبالتأكيد عدم تعيين مهندسيها لفحص الفشل الذى نتج عن أفعالهم، الأمر نفسه ينطبق على أهارون زئيڤى الذى أيد فك الارتباط الذى كان حافزا لأحداث 7 أكتوبر على حد زعمه».

والجدير بالذكر أنه بعد ما يقرب من 3 أشهر على الأحداث قرر رئيس أركان الجيش الإسرائيلى هرتسى هليڤى تشكيل فريق أمنى للبدء فى إجراء تحقيق فى إخفاقات أحداث السابع من أكتوبر 2023 بجوانبها الأمنية والعسكرية والاستخباراتية. ويتعرض رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، لحملة انتقادات واسعة فى الأوساط الإسرائيلية ويظهر معها خلافات داخل حكومة الحرب الإسرائيلية فى إخفاق التنبؤ المسبق بهذا الهجوم الذى تمكنت الحركات الفلسطينية المتعددة خلاله من مهاجمة مستوطنات ومواقع عسكرية فى غلاف غزة، قتلت خلاله عددا من جنود الاحتلال وأسرت نحو 250 إسرائيليا. وردا على الهجوم شن الجيش الإسرائيلى حربا مدمرة على غزة خلفت حتى أكثر من 25 ألف شهيدا، و58 ألفا مصابا معظمهم أطفال ونساء ودمارا هائلا فى البنية التحتية وكارثة إنسانية غير مسبوقة وفقا للأمم المتحدة.

وفى السياق ذاته، ذكر موقع واللا الإسرائيلى أن اجتماع المجلس الوزارى الإسرائيلى المصغر انتهى عقب خلافات حادة بين رئيس الأركان ووزراء؛ بسبب تشكيل فريق للتحقيق بأحداث السابع من أكتوبر، وقال الموقع إن الجلسة شهدت مشادات حادة وصراخا مما دفع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو إلى إيقافها، وأضاف الموقع أن وزراء بالمجلس المصغر هاجموا رئيس هيئة الأركان هرتسى هليڤى بسبب تعيين شاؤول موفاز الذى أشرف على خطة الإنسحاب من غزة على رأس فريق التحقيق، ولكن كل مايفعلونه أمام الكاميرات ماهو إلا خداع استراتيچى وأكبر دليل على ذلك هو أتفاقهم ورفضهم جميعا بلا أستثناء أن يتولى موفاز وفريقه التحقيقات. من جانبها ذكرت الإذاعة الإسرائيلية أن مسئولين عسكريين غادروا اجتماع المجلس المصغر بعد هجوم الوزراء على رئيس الأركان.

وفى تحقيق لصحيفة نيويورك تايمز الأمريكية بأن جيش الاحتلال الإسرائيلى عانى من ارتباك ونقص فى الأسلحة وكان تنظيمه سيئا للغاية، أثناء هجوم طوفان الأقصى الذى شنته كتائب القسام الجناح العسكرى لحركة حماس يوم 7 أكتوبر الماضى. وكشف التقرير الذى أعدته الصحيفة الأمريكية بالتعاون مع الصحفى الإسرائيلى رونين بيرجمان، وحمل عنوان «أين كان الجيش الإسرائيلى؟» شهادات جديدة عن هجوم حماس على المستوطنات والمواقع العسكرية الإسرائيلية فى غلاف غزة، وطريقة تعامل الجيش الإسرائيلى معها. ووفقا للصحيفة، فقد بلغت العشوائية وانعدام المعلومات لدرجة أن الجنود اضطروا إلى التواصل فى مجموعات واتساب مؤقتة والاعتماد على منشورات وسائل التواصل الاجتماعى لجمع المعلومات التى من الممكن أن تخدمهم فى المعركة. ونظرا لانعدام الاتصال مع قاعدة رعيم العسكرية مقر قيادة فرقة غزة فى الجيش الإسرائيلى لجأت وحدة ماجلان إلى الڤيديوهات التى نشرتها حركة حماس على شبكات التواصل الاجتماعى لفهم ما يحدث. كما أمر أحد قادة الفريق جنوده فى المروحية بالبحث عن معلومات على قنوات تليجرام والتقارير الإخبارية لاختيار الأهداف.

وربما كان الأمر الأكثر فظاعة على الإطلاق كما قالت الصحيفة عن الجنود والضباط السابقين والحاليين، هو أن الجيش الإسرائيلى لم يكن لديه أى خطة للرد على أى هجوم واسع النطاق تشنه حماس من قطاع غزة على الأراضى الإسرائيلية.

وأضافت أن الجيش الإسرائيلى كان يعتقد بأن حماس تستطيع على الأكثر أن ترسل فرقة أو عددا صغيرا جدا من الفرق يدخل إلى إسرائيل، ويعد ويدرب فى مواجهة مثل هذا السيناريو المرجعى، وليس فى مواجهة غزو كبير. ووفقا للچنرال السابق فى القيادة الجنوبية يوم توف سامية فإنه لم يكن هناك إعداد دفاعى مناسب، ولا تدريب، ولا معدات، ولا بناء قوة لمثل هذه العملية. وأضاف أمير أفيفى نائب قائد فرقة غزة السابق فى تحقيق نيويورك تايمز، استنادا إلى وثائق حكومية إسرائيلية داخلية وفحص مواد من قاعدة بيانات عسكرية لم تكن هناك خطة دفاعية لهجوم مفاجئ من النوع الذى رأيناه فى 7 أكتوبر الماضى. فى حين يقول الرئيس السابق لهيئة أركان الأمن القومى اللواء المتقاعد يعقوب أميدرور أنه بقدر ما أستطيع أن أتذكر، لم تكن هناك خطة من هذا القبيل؛ لأن الجيش لا يجهز نفسه لأشياء يعتقد أنها مستحيلة. 

ومن الشهادات التى جمعتها الصحيفة الأمريكية تظهر من جديد صورة الارتباك الذى كان سائدا فى ذلك اليوم، فلم يكن جنود الاحتياط مستعدين للتعبئة والانتشار السريع، ويصف بعضهم كيف انطلقوا جنوبا بمبادرة فردية. ويقول الجندى فى قوات الاحتياط الإسرائيلية داڤيدى بن تسيون، الذى شارك فى عملية الدفاع بمبادرة فردية، بعد حوالى 7 ساعات من بدء الهجوم، التفت إلى جندى الاحتياط الذى كان بجانبى وسألته: أين جيش الدفاع الإسرائيلى؟. وأضاف جندى آخر من قوات المظلات أنه جند نفسه هو وأصدقاؤه دون دعوة رسمية ولتوفير الوقت غادروا دون معدات للرؤية الليلية أو سترات مناسبة، مؤكدا أنه كان يتوقع أن يرى الطرق مليئة بالجنود والمعدات والمدرعات التى تتجه جنوبا، لكنها كانت فارغة. واعترف مسئول فى القيادة الجنوبية أنه حتى عند الظهر لم يفهم الضباط هناك ما كان يحدث. وقدروا أن حوالى 200 مقاتل من حماس تسللوا إلى إسرائيل، فى حين أن العدد فى الواقع كان أعلى بعشر مرات. وأشارت الصحيفة إلى أن أحد مشاهد الفوضى فى ذلك الصباح، كان سيطرة حماس على الطرق الرئيسة وإغلاقها، خاصة فى مفرق النقب الأمر الذى أعاق تقدم القوات الإسرائيلية لساعات عديدة.