الأحد 28 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

بعد فشل الهجوم الأوكرانى المضاد على القوات الروسية: الخلاف يتصاعد بين الرئيس الأوكرانى وقائده الأعلى والمستفيد الأول روسيا

لم تظهر التصدعات على طول الخطوط السياسية فى أوكرانيا فقط بل بين القيادة العسكرية والسياسية، وهو الأمر الأكثر إثارة للقلق. من المفهوم أن العلاقات بين الرئيس فولوديمير زيلينسكى وقائده الأعلى ڤاليرى زالوجنى سيئة للغاية. وقد طفت الاختلافات فى الرأى على السطح لأول مرة صيف العام الماضى. وكانت المقابلة التى أجرتها مجلة الإيكونوميست مؤخرا مع الچنرال وأعلن فيها أن الحرب فى أوكرانيا وصلت إلى طريق مسدود، سببا فى انتشار هذه المشكلة فى العلن.



 

وبخ زيلينسكى چنراله علنا فى العناوين الرئيسة. وفى مقابلة لاحقة بدا وكأنه يحذر زالوجنى من أن عليه الالتزام بالشئون العسكرية بدلا من ممارسة السياسة. ويشير مصدر حكومى كبير إلى أن الصراع المفتوح فى القيادة، كان نتيجة متوقعة لعملية الهجوم المضاد المتوقفة التى لم تسر كما هو مخطط لها. ويقول المسئول إن زالوجنى ربما رأى أنه من الحكمة أن يعارض المواقف العامة الأكثر تفاؤلا لرئيسه لكن كثيرين داخل الحكومة يوافقونه على استنتاجاته الرصينة. وتجرى الآن لعبة إلقاء اللوم حول من المسئول عن الفشل. ويشير المصدر إلى أن السياسيين يقولون إن چنرالاتهم أغبياء وتلقوا تدريبا سوڤييتيا والچنرالات يقولون إن السياسيين يتدخلون فى الأمور وأن للنصر آباء كثرًا لكن لا أحد يتبنى الفشل.

وهناك عامل آخر مؤثر وهو التحقيق فى فشل الدفاع عن جنوب أوكرانيا. كانت هذه هى المنطقة الوحيدة التى تمكنت فيها القوات الروسية من تحقيق نصر سريع ومهم للغاية، فى فبراير ومارس عام 2022، ما أدى إلى إنشاء ممر برى جديد إلى شبه جزيرة القرم فى خلال أسابيع قليلة. وساعد الهاربون الأوكرانيون هذا التقدم. ولم يتم تفجير الجسور كما يجب. وكان الجيش أيضا سيئ الاستعداد. وتقول بعض التقارير إن زالوجنى يذكر حاليا فقط كشاهد على التحقيق لكن هذا الموقف قد يتحول إلى شىء أكثر خطورة. ويقول حلفاؤه، إن احتمال توجيه تهمة جنائية له يهدف إلى إبقائه تحت المراقبة ويشير مصدر فى هيئة الأركان العامة إلى أنه يمكن اعتبار مشاركته الإعلامية مثل بوليصة تأمين.

ولم يعلن زالوجنى عن أى طموحات سياسية، كما أن خطواته القليلة فى الساحة السياسية لم تكن جادة على الإطلاق. وهذا لا يعنى أنه لا يشكل أى تهديد لزيلينسكى. ويعرف الرئيس الذى كان ممثلا كوميديا حتى عام 2019، مدى السرعة التى يمكن للمجتمع الأوكرانى أن يصنع بها قادته ويحطمهم حيث تشير استطلاعات الرأى الداخلية التى اطلعت عليها مجلة الإيكونوميست إلى أن الرئيس الذى أشيد به ذات مرة لدوره فى الدفاع عن البلاد، قد شوهته فضائح الفساد فى حكومته والقلق حول اتجاه البلاد. وتظهر الأرقام التى تعود إلى منتصف نوفمبر الماضى 2023، أن الثقة بالرئيس الأوكرانى انخفضت إلى 32 %، أى أقل من نصف الثقة بالچنرال زالوجنى الذى لايزال يحظى باحترام كبير (70 %) كما حصل رئيس المخابرات الأوكرانية كيريلو بودانوڤ على معدلات تصنيف أفضل من الرئيس 45 %.

ويشير الاستطلاع نفسه إلى أن زيلينسكى يخاطر بخسارة الانتخابات الرئاسية إذا واجه قائده الأعلى وربما لن يرحب المجتمع الأوكرانى بأى تحدٍ غير مبرر. وفى الوقت الحالى، يعارض ثمانية من كل عشرة أوكرانيين فكرة إجراء الانتخابات المقررة أصلا فى مارس القادم. وقد استبعد الرئيس ذلك أيضا، مشيرا إلى الأحكام العرفية لكن الانخفاض فى معدلات شعبيته قد يقنعه بتغيير رأيه. ولا شك فى أن الدعاية الروسية ستحقق نجاحا كبيرا إذا لم يتم إجراء الانتخابات.

وتقول مصادر المخابرات الأوكرانية، إن روسيا تحاول بالفعل الاستفادة من مثل هذه الطموحات والتوترات؛ وادعى المتحدث باسم وكالة الاستخبارات العسكرية أندريه تشيرنياك وجود أدلة أظهرت استراتيچيات روسية جديدة لدوائر انتخابية مختلفة: واحدة لتعزيز الدعم فى روسيا، وأخرى لتقويض الثقة بالغرب، والثالثة لتضخيم المظالم فى أوكرانيا. ويقول إن هناك حملة تضليل منفصلة للجنود الأوكرانيين من خلال مقاطع ڤيديو مزيفة تزعم أنها تظهر قادة من مختلف المستويات وهم يشجعون مرؤوسيهم على الاستسلام. وأضاف إن لم تكن روسيا قادرة على القيام بما يجب عليها القيام به فى ساحة المعركة لكنها تحقق نجاحا حقيقيا هنا. ويشير المصدر الحكومى الرفيع إلى أن الدعاية الروسية اكتسبت زخما لأنها تحتوى على مواد يمكن اللعب بها ويعترف بوجود فساد وبأن الإدارة غالبا ما تكون غير فعالة. ولم توجه أوكرانيا اقتصادها بما يكفى من الاستعداد للحرب، لكن روسيا وحدها هى المستفيد إذا أجبر الرئيس على التنحى. وأضاف: بعض ساستنا لا يشعرون بالقلق بما فيه الكفاية بسبب التهديد الروسى وهذا يثير غضبى. إنهم يعتقدون أن بإمكانهم تحدى السلطة، وتدمير زيلينسكى ولن تكون لذلك أى نتيجة. وأضاف إن الأجهزة الأمنية قضت بشكل فعال على معظم أدوات النفوذ الروسى منذ بداية الحرب.

وعلى الخطوط الأمامية تتمتع روسيا بفترة جيدة نسبيا من الحرب، وهى تلبى كثيرا من احتياجاتها من القوى العاملة، عن طريق تجنيد الفقراء والمساجين. وفى المقابل تكافح أوكرانيا من أجل تعبئة عامة السكان؛ ويقوم زعماء الجيش بالتجنيد على مستوى يغطى تقريبا الخسائر الطبيعية على خط المواجهة، لكن إذا كانت أغلبية أولئك الذين تم حشدهم فى بداية الحرب يعرفون ما كانوا يقاتلون من أجله فإن كثيرا من المجندين الجدد تصبح لديهم رغبة حقيقية فى القتال، ويصبح التجنيد أكثر صعوبة ومن غير المرجح أن تساعد التوترات السياسية فى هذه العملية.

كما بدأت الشكوك فى الداخل والخارج حول اتجاه الحرب تصل إلى الجنود على الخطوط الأمامية، ولا يبدو أنهم قد غيروا سلوكهم أو معنوياتهم بأى شكل من الأشكال على الأقل حتى الآن. ويقول أحد القادة: لا يمكن للأشخاص الذين يتعرضون لإطلاق النار أن يهتموا بما إذا كان زالوجنى قد تشاجر مع زيلينسكى أم لا. ويضيف: عندما يتحدثون مع رفاقهم فى الجبهة لا أحد يتطرق لضرورة العودة إلى كييف لإصلاح السياسة, النقاش الوحيد الذى يدور بينهم هو البقاء على قيد الحياة. وبالنسبة لهذه المجموعة من الأوكرانيين، ليس أمامهم شك فى الخطر الذى لا يزال يشكله العدو. ويختتم هذا القائد بقوله: روسيا تطرح علينا سؤالا بسيطا: الحياة أو الموت. وهذا سيبقينا نقاتل بغض النظر عما يحدث فى كييف أو واشنطن.