السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

وسط الأزمات والتحديات العالمية والإقليمية .. الدبلوماسية المصرية مفتاح حل الأزمات وطريق للسلام

كان لمصر دور بارز فى التصدى للأزمات والتحديات العالمية والإقليمية التى شهدها العالم خلال عام 2023،  وعلى الرغم من أنه كان عامًا مليئًا بالأحداث والمتغيرات الإقليمية والعالمية؛ فإن الإدارة المصرية استطاعت التصدى لجميع الأزمات القادمة من الخارج وكان آخرها اندلاع الحرب فى قطاع غزة، حيث قدمت مصر يد العون لأشقائها على الحدود المشتعلة وعملت على استقرار القطاع منذ بداية اشتعال الأزمة فى 7 أكتوبر الماضى وحقن دماء الأشقاء الفلسطينيين.



 

ومنذ بداية العدوان الإسرائيلى على غزة، قدمت مصر العديد من المساعدات التى قدِّرت بثلثى المساعدات التى وصلت للفلسطينيين، بالإضافة لإجراء اتصالات مكثفة مع الجانبين لوقف إطلاق النار، ودعوتها للجميع لضبط النفس، لا سيما دعوة الرئيس السيسى، الدول العربية والإقليمية لقمة «القاهرة للسلام» لمناقشة الأوضاع فى فلسطين.

الأزمة الفلسطينية

أرسلت مصر العديد من القوافل والمساعدات الإنسانية والإغاثية، ونجحت فى تقديم حوالى 5900 طن من مصر، وتم تسليم ما يزيد على 6 آلاف طن لقطاع غزة، إذ بلغ إجمالى عدد الشاحنات التى دخلت القطاع 374 شاحنة تضمنت 1496 طنًا من الأدوية و1393 طنًا من الأغذية و2059 طنًا من المياه، و320 طن ملابس ومواد أخرى، و32 طن خيام. وقُدِّرت المساعدات التى وصلت لقطاع غزة، بثلثى المساعدات وتجمعت جميع دول العالم فى تقديم الثلث الآخر، وأكدت القيادة المصرية أن وقوفها بجانب الأشقاء فى فلسطين رد فعل تلقائى من الدولة المصرية والشعب المصرى نفسه. ونظَّمت مؤسسة حياة كريمة «حملة التبرع بالدم للإخوة الفلسطينيين» تحت شعار «قطرة دماء تساوى حياة» بمشاركة متطوعى المؤسسة بـ13 محافظة على مستوى الجمهورية، وهى: (القاهرة - الإسكندرية - أسيوط - الإسماعيلية -البحيرة - الشرقية - الغربية - المنيا - كفر الشيخ - الأقصر - الفيوم - المنوفية - الجيزة) واستطاعت المؤسسة أن تجمع فى الساعة 45 كيس دم فى النقطة الواحدة.

هدنة برعاية مصرية

نجحت مصر فى إنفاذ هدنة بقطاع غزة، بعد العدوان الإسرائيلى، وأكدت قدرتها على التواصل مع جميع أطراف الأزمة، وخبرتها الكبيرة فى مجال التفاوض والوساطة، ما أكد حرصها على دعم حقوق الشعب الفلسطينى، والسعى منذ اندلاع العدوان الإسرائيلى على الأشقاء الفلسطينيين، على خلق رأى عام مؤيد لوقف إطلاق النار وإدانة المجازر الوحشية التى يرتكبها الاحتلال ضد المدنيين العُزَّل داخل قطاع غزة.

وأكد الرئيس عبدالفتاح السيسى، خلال «قمة القاهرة للسلام» وفى جميع المؤتمرات والمحافل الدولية أن تصفية القضية الفلسطينية دون حل عادل لن يحدث، وفى كل الأحوال لن يحدث أبدًا على حساب مصر، وأن العالم يمر بأوقات صعبة تمتحن إنسانية الجميع، وتختبر عمق الإيمان بقيمة الإنسان وحقه فى الحياة. واستنكر السيسى وقوف العالم متفرجًا على أزمة إنسانية كارثية يتعرض لها مليونان ونصف المليون فلسطينى فى قطاع غزة، يفرض عليهم عقاب جماعى وحصار وتجويع وضغوط عنيفة للتهجير القسرى فى ممارسات نبذها العالم المتحضر الذى أبرم الاتفاقات وأسَّس القانون الدولى والقانون الدولى الإنسانى.

وجدَّد الرئيس عبدالفتاح السيسى، تأكيد مصر أنه «لا تهجير للفلسطينيين فى قطاع غزة إلى مصر». مضيفًا خلال فعالية جماهيرية للتضامن مع الفلسطينيين فى استاد القاهرة، إن موقف مصر «حاسم فى رفض مخططات تهجير الفلسطينيين سواء من غزة أو الضفة لمصر والأردن». 

كما شدد على أن «التهجير خط أحمر لم ولن نقبل أو نسمح به». فى حين قال الرئيس السيسى إن بلاده لم ولن تغلق أبدًا معبر رفح الحدودى أمام المساعدات الإنسانية لقطاع غزة.

أزمة الجنوب

شددت مصر عند بداية الأزمة السودانية على أمن وسلامة واستقرار الشعب السودانى، وعلى أهمية التسوية الدائمة والشاملة للنزاع بأسرع وقت، ورفضت مصر رفضًا قاطعًا التدخل الخارجى والأجنبى فى الشأن الداخلى السودانى، وفى بداية الأزمة أجرى الرئيس عبدالفتاح السيسى عدة اتصالات بنظرائه فى القارة السمراء، وفى يوم 2023/5/21 رحبت مصر بتوقيع الأطراف السودانية المشاركة فى محادثات جدة على اتفاق للهدنة لمدة أسبوع. واستقبل الرئيس السيسى يوم 9/5/2023، الفريق أول «توت جلواك»، مستشار رئيس جمهورية جنوب السودان، وسلم الرئيس رسالة من «سلفا كير» رئيس جنوب السودان، وتضمنت الرسالة سبل تعزيز العلاقات الثنائية واستعراض تطورات الأوضاع فى السودان، والتشاور حول تسوية الأزمة للحفاظ على أمن وسلامة السودان. واستقبل الرئيس يوم 2023/5/3، وفدًا من مجلس النواب الأمريكى، برئاسة «كيفين مكارثي» رئيس المجلس، وشهد اللقاء بحث التطورات الأخيرة فى السودان، وأكد الطرفان تكثيف الجهود للوصول إلى حلول سياسية لحل الأزمة القائمة بما يحفظ وحدة الدول والحفاظ على شعوبها.

وتلقى الرئيس السيسى يوم 2023/5/2 اتصالًا هاتفيًا من الرئيس الكينى «ويليام روتو» وتباحث الرئيسان حول حل الأزمة السودانية، والاتفاق على مواصلة بذل الجهود للتوصل لوقف شامل ومستدام لإطلاق النار، ودعم مساعى الحوار السلمى بما يؤدى إلى حقن دماء الشعب السودانى.

وفى السياق نفسه، التقى الرئيس عبدالفتاح السيسى مع «فوميو كيشيدا»، رئيس وزراء اليابان  وتباحثا فيما يخص مجريات الأمور على أرض السودان واتفقا على ضرورة تحقيق وتثبيت وقف إطلاق النار، ودفع الجهود إلى حوار سياسى واستكمال مرحلة انتقالية، واستقبل الرئيس عبدالفتاح السيسى، فى 2023/4/27، «كارل نيهامر»، المستشار الفيدرالى لجمهورية النمسا، ونوقش خلال الاجتماع أهمية الأوضاع فى السودان.

وتلقى الرئيس عبدالفتاح السيسى، اتصالًا هاتفيًا من «شارل ميشيل» رئيس المجلس الأوربى، وتناول الاتصال تطورات الأوضاع فى السودان، واتفق الطرفان على الاتجاه بقوة نحو عودة الاستقرار والأمن، ومراعاة المصالح العليا للشعب السودانى، وإعلاء المصلحة العامة للشعب. ومن المملكة المتحدة تلقى الرئيس عبدالفتاح السيسى اتصالًا هاتفيًا من رئيس الوزراء «ريشى سوناك»، وتناول الاتصال التباحث بشأن تطورات الأزمة السودانية، وتنسيق الجهود بين البلدين فى هذا الصدد، والتشديد على الحفاظ على حياة المدنيين من المخاطر الكبيرة والمتزايدة، وتطرق الحوار بينهما إلى زيادة الجهود فى إجلاء الرعاية فى هذا التوقيت، وتفعيل الحوار والمسار السياسى، وفى 19/4/2023 أكد الرئيس السيسى أن «القوات المصرية المتواجدة فى السودان، بهدف التدريب فقط وليست لدعم طرف على حساب طرف»، وأضاف إن «اتصالاتنا من أجل التأكيد على أمن وسلامة الجنود المصريين الموجودين هناك».

وتلقى الرئيس السيسى اتصالًا هاتفيًا من «أنطونيو جوتيريش» سكرتير عام الأمم المتحدة فى 2023/4/15، وتناول الاتصال التباحث حول مستجدات الأوضاع فى السودان، وأعرب الرئيس عن قلق مصر البالغ من تطورات الموقف فى السودان، وأكد سكرتير عام الأمم المتحدة حرصه على التواصل مع الرئيس فى ظل الدور الفاعل والمحورى لمصر فى صون الأمن والاستقرار فى المنطقة، خاصةً ما يتعلق بدعم المسار الانتقالى فى السودان. ومنذ اندلاع أحداث ديسمبر 2018 فى السودان، أكدت مصر مرارًا على احترام خيارات الشعب السودانى، فقد أظهرت مصر الدعم الكامل للحكومة السودانّية الجديدة فى سعيها إلى تحقيق تطلعات الشعب السودانى. ومع استمرار الأزمة السياسية، حرصت مصر على نقل خبراتها إلى السودان فيما يخص إدارة المرحلة الانتقالية. وحضرت مصر مفاوضات بين الحكومة الانتقالية السودانية والجبهة الثورية، وقد بادرت مصر باستضافة قمة تشاورية للشركاء الإقليميين للسودان فى أبريل 2019 بهدف رأب الصدع وحلحلة الخلافات بين جميع الأطراف السودانية، بشقيها المدنى والعسكرى واستضافت القاهرة أيضًا فى أغسطس 2019، اجتماعًا بين قوى الحرّية والتغيير والجبهة الثورية السودانيين.

وشاركت مصر فى التوقيع على اتفاق تقاسم السلطة بين المجلس العسكرى الانتقالى وممثلي المعارضة فى 17 أغسطس 2019، وفى مارس 2022 نظمت الفصائل الاتحادية السودانية بالقاهرة فعاليات إعلان الوحدة الاتحادية التنسيقية.

وتابعت القوات المسلحة المصرية الأحداث الجارية بالسودان، وفى إطار وُجود قوات مصرية مشتركة فى السودان لإجراء تدريبات مع نظرائهم، تم التنسيق مع الجهات المعنية فى السودان لضمان تأمين القوات المصرية، وأهابت القوات المسلحة المصرية الحفاظ على أمن وسلامة القوات المصرية. وانطلقت طائرتا نقل عسكريتان من قاعدة شرق القاهرة الجوية، إلى مطار بورسودان محملتان بأطنان من الشحنات الطبية المقدمة كإهداء من وزارة الصحة والسكان المصرية للمساهمة فى تخفيف الأعباء عن كاهل المواطنين، وذلك فى 2023/5/16 تنفيذًا لتوجيهات الرئيس السيسى القائد الأعلى للقوات المسلحة. وفتحت القوات المسلحة جسرًا جويًا على مدار «أربعة» أيام بإجمالى عدد 27 طائرة حربية لإجلاء المواطنين، بالإضافة إلى تقديم 2 طن مواد غذائية لجميع الرعايا، وأعلن المتحدث العسكرى أن 3 طائرات نقل عسكرية مصرية هبطت فى السودان، وكانت مهمة الطائرات إخلاء القوات المصرية فى ظل إجراءات تأمين شامل للقوات والإقلاع من الأراضى السودانية عبر 3 رحلات متتالية لمعظم عناصر القوة المصرية والعودة بهم إلى إحدى القواعد العسكرية الجوية المصرية بالقاهرة.

المساعى الدولية

وعملت الإدارة العامة للجوازات والهجرة على مضاعفة عدد العاملين بالجوازات بمينائى «أرقين - قسطل» لاستيعاب كثافة القادمين من السودان من مختلف الجنسيات لسرعة إنهاء جميع إجراءات الوصول. وأعلنت وزارة الخارجية عن نقاط إجلاء المصريين من السودان وذلك يوم 2023/6/22، ودعا وزير الخارجية سامح شكرى منذ اللحظة الأولى للأزمة إلى ضرورة العودة إلى الحوار السياسى فى السودان، داعيًا لوقف إطلاق النار وضمان الالتزام به، وفى 2023/5/8، بدأ وزير الخارجية سامح شكرى جولة مكوكية إلى دولة تشاد وجنوب السودان، حاملا رسالة من الرئيس عبدالفتاح السيسى إلى كل من الرئيس محمد إدريس ديبى رئيس جمهورية تشاد، والرئيس سلفا كير رئيس جمهورية جنوب السودان، وذلك فى ضوء إدراك الدولة المصرية الواسع لأهمية الامتداد الإفريقى لمصر «وفى القلب منه السودان» وارتباطه بالأمن القومى المصرى والعربى، وما يصاحب استمرار الاقتتال من تداعيات خطيرة لدول الجوار السودانى». ورحبت مصر فى بيان صادر عن وزارة الخارجية ببدء المحادثات الأولية بين ممثلين عن القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع فى جدة، مشيدة بجهود المملكة العربية السعودية الشقيقة والجهود الإقليمية والدولية التى أسهمت فى تشجيع الأطراف السودانية على بدء الحوار، وأعربت مصر عن تطلعها لأن تسفر المحادثات عن وقف شامل ودائم لإطلاق النار، يحفظ أرواح ومقدرات الشعب السودانى الشقيق، وييسر وصول المساعدات الإنسانية والإغاثية للمتضررين.

وأكد وزير الخارجية سامح شكرى عقب محادثات هاتفية مهمة مع نظيره البريطانى جيمس كليفرلى فى 2023/5/6  أن القاهرة لا تؤمن بوجود «أى حل عسكرى للأزمة فى السودان» مع ضرورة التعاون الدولى للحفاظ على مؤسسات الدولة السودانية، وتعزيز الحوار بين أطراف النزاع.

وعادت مصر لاستخدام لهجة تحذيرية خلال استقبال السيسى لضيفه رئيس الوزراء اليابانى فوميو كيشيدا، 30 من شهر أبريل 2023، وتوجيه السيسى تحذيرات مباشرة من تدخل أية أطراف خارجية فى الأزمة فى السودان. وأجرى سامح شكرى وزير الخارجية اتصالًا هاتفيًا مع موسى فقيه رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقى فى 2023/4/16، وتناول أهمية أن تتكاتف الجهود من أجل الحفاظ على استقرار وسلامة دولة السودان الشقيقة وشعبها. كما أحاط وزير الخارجية رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقى علمًا بالاتصالات التى تقوم بها مصر من أجل حث الأطراف السودانية على وقف إطلاق النار وحقن الدماء.

الأزمة الأوكرانية

منذ بداية الحرب «الروسية- الأوكرانية» اتخذت مصر موقفًا يتسق مع موقفها المبدئى المتمسك بمقاصد ومواد ميثاق الأمم المتحدة، من حيث نبذ التهديد أو استخدام القوة فى العلاقات الدولية، والجنوح إلى الوسائل السلمية لحل المنازعات والصراعات، واحترام سيادة الدولة الوطنية ووحدة أراضيها، وهو ما دأبت عليه مصر عبر العقود السبعة الماضية، وخلال الأزمة ساهمت مصر نحو دعم الجهود الدولية لحل الأزمة التى تحولت إلى حرب بين روسيا وأوكرانيا، ويتمثل موقف مصر من الحرب الروسية - الأوكرانية فى محاولة لعب دور إيجابى لوقف القتال وتشجيع الحل الدبلوماسى بين روسيا وأوكرانيا. وعقب اندلاع الحرب فى 24 فبراير 2022 أعربت وزارة الخارجية المصرية عن القلق البالغ من التطورات المتلاحقة اتصالًا بالأوضاع فى أوكرانيا.

وقد صوتت مصر إلى جانب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة الذى طالب روسيا بالتوقف فورًا عن استخدام القوة ضد أوكرانيا، إلى جانب أصوات 141 دولة.

وأصدرت وزارة الخارجية المصرية عقب تصويتها المؤيد للقرار بيانًا شارحًا لتصويت مصر فى اجتماع الجمعية العامة الطارئة للأمم المتحدة جاء فيه: إن مصر صوتت لصالح القرار انطلاقًا من إيمانها الراسخ بقواعد القانون الدولى ومبادئ ومقاصد ميثاق الأمم المتحدة. وأضاف البيان إن البحث عن حل سياسى سريع لإنهاء الأزمة عبر الحوار وبالطرق السلمية ومن خلال دبلوماسية نشطة يجب أن يظل نصب أعيننا جميعًا والهدف الأساسى للمجتمع الدولى بأسره فى التعامل مع الأزمة الراهنة ومن ثم يتعين إتاحة الحيز السياسى الكفيل بتحقيق ذلك الهدف السياسى، وأكدت مصر أنه لا ينبغى أن يتم غض الطرف عن بحث جذرى ومسببات الأزمة الراهنة والتعامل معها بما يضمن نزع فتيل الأزمة وتحقيق الأمن والاستقرار.