الأحد 28 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

تغيير المسار يرفع كلفة الشحن والتأمين والخدمات اللوجيستية البحرية مضيق «باب المندب» صــدمة جديــدة للتجارة العالمية

أصبحت سلاسل التوريد العالمية مهددة مرة أخرى، مع انتشار تأثير حرب إسرائيل على قطاع غزة فى جميع أنحاء الشرق الأوسط، وفى الأسابيع الأخيرة، كثف الحوثيون فى اليمن هجماتهم على سفن الشحن التجارية التى تمر عبر البحر الأحمر، ردًا على القصف الإسرائيلى المستمر لغزة.



 

وقد ارتفع متوسط الأسعار اليومية للناقلات العملاقة، التى يمكنها حمل مليونى برميل من النفط الخام كحد أقصى، إلى أكثر من 60 ألف دولار يوميًا، مقابل نحو 40 ألف دولار يوميًا الشهر الماضى، وفقًا لتقديرات شركة برايمار لوساطة السفن.

تم استهداف الناقلات وسفن الشحن بهجمات بطائرات بدون طيار وصواريخ انطلقت من اليمن وعلى الرغم من أن الأضرار الناجمة كانت ضئيلة فى معظم الحالات، فإن التهديد وحده ترك طرق التجارة عبر البحر الأحمر فى حالة توقف تام تقريبًا. وقالت صحيفة «الجارديان» البريطانية إن كل شيء، بدءًا من تكلفة البنزين عند الضخ إلى توفر أحدث الأجهزة الإلكترونية، يعتمد بشكل كبير على أمن المضيق المائى الضيق -الذى يبلغ عرضه 20 ميلًا فقط بين جيبوتى واليمن - مضيق باب المندب، إنها السفن فى هذا الممر المائى التى أطلق الحوثيون النار عليها.

وأشارت إلى أن مضيق باب المندب وهو جزء من قناة الشحن الأكثر كثافة فى العالم يمثل المدخل الجنوبى للبحر الأحمر، الذى يتصل بقناة السويس.

 تعطيل التجارة

وأعرب المحللون، عن قلقهم بشأن مدى سهولة تمكن المجموعة المدعومة من إيران من تعطيل أهم طريق تجارى على هذا الكوكب. ومن قاعدتهم فى العاصمة اليمنية صنعاء، استهدف الحوثيون السفن فى مضيق باب المندب أثناء دخولها البحر الأحمر فى رحلتها إلى قناة السويس.

على الرغم من القول فى البداية أن السفن المسافرة إلى إسرائيل فقط هى التى يتم استهدافها، فإن التهديد للتجارة قد نما مع تعرض السفن التى ترفع علم دول أخرى والتى لا علاقة لها بإسرائيل للهجوم أيضًا.

وردًا على ذلك، أسقطت السفن البحرية الفرنسية والبريطانية والأمريكية بعض طائراتها بدون طيار وصواريخها، وأعلنت الولايات المتحدة أنها شكلت تحالفًا من الدول التى وافقت على القيام بدوريات فى جنوب البحر الأحمر لمحاولة حماية السفن من الهجمات.

ارتفعت أسعار النفط والغاز الطبيعى بعد أنباء عن قيام شركة بريتيش بتروليوم بإيقاف الشحنات عبر البحر الأحمر، ويقول المحللون إنه إذا استمرت الهجمات على السفن وأوقفت المزيد من شركات النفط الشحنات عبر البحر الأحمر، فمن المرجح أن ترتفع تكاليف الطاقة أكثر.

خبراء يحذرون

تقدر الرحلة بين الخليج العربى ولندن بحرًا عبر قناة السويس بنحو 6400 ميل بحرى (12000 كلم) وتستغرق 14 يومًا، بينما تمتد نفس الرحلة لنحو 11300 ميل بحرى (20900 كلم) عبر طريق رأس الرجاء الصالح وتستغرق 24 يومًا، أى أن الرحلة عبر ممر البحر الأحمر توفر أكثر من 40 فى المئة من المسافة والزمن مقارنة برأس الرجاء الصالح.

وبحسب منصة «Flexport» للشحن فإن تحويل مسار السفن حول إفريقيا يطيل الرحلة بمقدار سبعة إلى 10 أيام مقارنة باستخدام قناة السويس.

وقد حذر متخصصون فى النقل البحرى وخبراء اقتصاد مما وصفوه بـ«صدمة جديدة» وشيكة فى نشاط التجارة حول العالم على شاكلة الصدمة التى شهدها هذا القطاع الحيوى إبان وباء كورونا، وذلك بعد قرار شركات شحن كبرى تعليق نشاطها عبر البحر الأحمر بسبب هجمات الحوثيين على سفن تجارية فى باب المندب.

وقال خبراء إن هجر السفن لمسار البحر الأحمر لصالح طريق رأس الرجاء الصالح سيرفع كلفة الشحن والتأمين والخدمات اللوجيستية البحرية الأخرى بنسب تصل إلى 30 فى المئة، وتوقعوا ارتفاعًا فى الأسعار فى أوروبا والولايات المتحدة بنسبة 10 إلى 15 إذا توقف الشحن عبر ممر قناة السويس خلال الأسابيع القليلة القادمة.

تحذيرات الخبراء جاءت فى أعقاب قرارات شركات منها بريتش بتروليوم للنفط والغاز(BP) البريطانية و(OOCL) ومقرها هونج كونج، وميرسك (Maersk) الهولندية، وهاباك لويد (Habag LIyod) الألمانية و(CMA CGM) الفرنسية، وشركة البحر المتوسط للشحن (MSC) الإيطالية السويسرية تعليق نشاطها عبر البحر الأحمر مرورًا بقناة السويس، أو تحويل مسار رحلاتها نحو طريق رأس الرجاء الصالح فى أعقاب هجمات لحركة أنصار الله الحوثية ضد ما قالت أنها سفن ذات صلة بإسرائيل.

ويقول إبراهيم فهمى البروفيسور الزائر فى جامعة ستراثكلايد جلاسكو باسكتلندا إن هناك مشكلة فى طريق رأس الرجاء الصالح وهى أن المسافة تأخذ من بين 9 إلى 14 يومًا بحسب موقع مينائى القيام والوصول.

وأضاف «هذا يبطئ حركة التجارة العالمية وكذا- يستهلك مزيد من الوقود ومن ثم رفع كلفة الشحن».

وأردف «إن اعتماد العالم على خط تجارى واحد فقط، بعد تعثر مسار قناة بنما فى الشهر الحالى، يعد مخاطرة كبيرة لا سيما إذا وقعت أى حوادث قرصنة على هذا المسار الطويل خاصة أن الطريق يلتف حول قارة إفريقيا بكاملها وإن حدث سيؤدى إلى توقف الملاحة عالميا».

 جفاف قناة بنما

وتمثل موجة الجفاف التى تتعرض لها منطقة قناة بنما حاليًا تحديًا آخر أمام التجارة بين الشرق والغرب حيث لجأت عدة سفن تجارية لقناة السويس لتوصيل حمولاتها لوجهاتها فى آسيا أو الغرب الأمريكى بدلًا من الانتظار لأسابيع للمرور بقناة بنما.

ويقول خبير النقل البحرى المصرى صالح حجازى إن شحنات الغاز التى كانت تتحرك من شرق الولايات المتحدة إلى آسيا أو غرب الولايات المتحدة عبر قناة بنما صارت تواجه مشكلة كبيرة بعد جفاف القناة وباتت تتخذ من قناة السويس مسارًا بعد طول فترات الانتظار فى قناة بنما.

وبخصوص إمدادات الغاز الطبيعى من الخليج العربى إلى أوروبا، يقول حجازى إن ذلك فى ذاته يشكل تحديًا أكبر حال تعطل حركة الملاحة فى البحر الأحمر.

ويضيف «بالنسبة للطاقة، هناك 80 مليون طن غاز تصدرها قطر، ولو أن 50 فى المئة من هذه الكمية تذهب للغرب عبر طريق قناة السويس وامتدت الرحلة بدلًا من 10 أيام عبر قناة السويس، إلى شهر عبر رأس الرجاء الصالح، ومع قدوم الشتاء، سيكون هناك مصاعب جمة يعانيها المواطن الأوروبى».

 

 شركات الشحن والطاقة

قالت شركتا «بى بى» (.BP Plc) و«إيكوينور» (Equinor ASA) إنهما ستوقفان حركة الناقلات عبر البحر الأحمر بعد تصاعد الهجمات على السفن التجارية. من جانبه، صرح الرئيس التنفيذى لشركة «فرونت لاين» (Frontline) بأن الشركة تدرس ما إذا كانت ستواصل استخدام هذا المسار.

ويحظى موقف شركة «بى بى» بشأن هذه المسألة بتقدير كبير بين المالكين؛ نظرًا لأنها شركة الاستئجار التى تتحكم فى توجيه شحناتهم.كما أصدرت شركة «ميرسك» (Maersk) تعليمات لسفنها المتجهة إلى المدخل الجنوبى للبحر الأحمر بإيقاف رحلاتها مؤقتًا بعد تعرض إحدى ناقلاتها لهجوم.

وأكدت شركة «يوروناف» (Euronav) أن سفنها لديها خيار الإبحار حول رأس الرجاء الصالح، وتجنب البحر الأحمر بعد سلسلة من الهجمات على السفن فى الممر المائى.

وقالت شركة «هاباغ- لويد» (Hapag-Lloyd) إنها لن تستخدم البحر الأحمر، بعد أن تعرضت إحدى سفنها لهجوم أثناء إبحارها بالقرب من ساحل اليمن.

ونصحت الشركة، التى توظف ما يزيد على 44 ألف شخص من طاقم البحارة، وتدير ما يقرب من 600 سفينة، جميع عملائها بدراسة عدد من البدائل، بما فى ذلك تحويل المسارات.

أما شركة الطاقة «بريتيش بيتروليم» فقالت: «فى ضوء الوضع الأمنى المتدهور للشحن فى البحر الأحمر، قررنا إيقاف جميع عمليات العبور عبر البحر الأحمر بشكل مؤقت».

وأضافت: «بالنسبة إلى أعمالنا التجارية والشحن، كما هى الحال لجميع أعمال بى بى، فإن سلامة وأمن موظفينا ومن يعملون بالنيابة عنا هى أولويتنا».

وتابعت: «سنبقى هذا التوقف الاحترازى قيد المراجعة المستمرة، رهنًا لتطور الظروف فى المنطقة».

وقالت شركة «إيكوينور» إنها تتابع الوضع عن كثب، و«نتواصل مع مالكى السفن التى تحمل البضائع نيابةً عنا، ومع الجهات الفاعلة الأخرى فى الصناعة». وأضافت: «اخترنا إعادة توجيه السفن فى المنطقة».