الأربعاء 8 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
الفيتو الأمريكى والمصداقية

الفيتو الأمريكى والمصداقية

لم أتفاجأ باستخدام حق الفيتو الأمريكى ضد مشروع القرار الذى قدمته دولة الإمارات العربية المتحدة إلى مجلس الأمن بضرورة الوقف الفورى لإطلاق النار فى قطاع غزة، حيث اعتادت جميع الإدارات الأمريكية سواء الحالية أو السابقة أو حتى القادمة على اللجوء لهذا الحق الممنوح لها حماية لفتاتها المدللة. ويكفى أن تعلم عزيزى القارئ أن أمريكا استخدمت هذا الحق نحو 79 مرة منذ عام 2015 فقط، كان منها نحو 45 مرة لحماية دولة جيش الاحتلال، بل استخدمته 5 مرات منذ بداية الحرب على غزة فى السابع من أكتوبر الماضى، ليصل بذلك إجمالى عدد المرات التى استخدمت فيها أمريكا حق الفيتو لحماية دولة الاحتلال 50 مرة بالتمام والكمال. الرفض الأمريكى لمشروع القرار جاء تحت حجج واهية مردود عليها، حيث ادعت الولايات المتحدة على لسان نائب المندوبة الأمريكية لدى مجلس الأمن أنها استخدمت حق «الفيتو» ضد مشروع القرار لأنه لا يدين حركة «حماس» ولا يؤكد حق إسرائيل فى الدفاع عن نفسها، متغافلة عن قصد وتعمد العدوان الإسرائيلى الوحشى والمجازر التى ترتكب فى حق المدنيين العزل من أبناء الشعب الفلسطينى، واكتفت فقط بكلمات وجمل معسولة عن الديمقراطية وحقوق الإنسان والسلام والأمن الدولى، الذى لم يعد له وجود سوى فى عقول من يديرون شئون هذه الدولة العظمى اسما، والصغيرة حجما وخلقا، لأن الادعاء الكاذب والاهتمام بأرواح وسلامة الناس فى غزة والاحتياجات الإنسانية هناك يتناقض مع الذات ومع ما تفعله ربيبتها، ويكشف حقيقة المعايير المزدوجة التى تئن من وطأتها دول العالم الثالث التى ليس لها من (ضهر) أو سند. تلك المعايير التى تعتمدها الإدارة الأمريكية جعلتها تدق ودون أن تعى المسمار الأخير فى نعش مصداقيتها فيما يخص لغوها الإنشائى والذى ليس له من معنى أو هدف عن حقوق الإنسان التى تتباكى عليها وتطالب دول العالم بالأخذ بها، حيث تتبع سياسة تجعل منها شريكًا فى جريمة الإبادة الجماعية والتطهير العرقى، وجرائم الحرب التى ترتكبها قوات الاحتلال الإسرائيلى ضد الفلسطينيين فى قطاع غزة والضفة الغربية والقدس، سياسة تلقى بظلالها على سلبية وقدرة المجتمع الدولى على حماية المدنيين خلال الصراعات المسلحة فى أى بقعة من بقاع العالم.. وتنهى وبتعمد واضح أى دور مستقبلى لما يمكن أن نطلق عليها الأمم المتحدة أو جمعيتها العمومية، ويشاركها فى ذلك مجلس أمنها الذى يعمل وفق خطط ومصالح الدول الكبرى التى تتحكم به من خلال حق الفيتو الذى يراد به باطل.



إن «الفيتو» الأمريكى ما هو إلا تقويض للنظام الدولى، وهو بالمناسبة النظام الذى فرضه المنتصرون فى الحرب العالمية الثانية، والذى معه تتبدد آمال باقى دول العالم فى الأمن والأمان، وهذا تحديدا ما يجعلنا نتساءل: هل سنظل نتحدث عن نظام دولى بعد كل هذا، أم حان الوقت للعمل على نظام عالمى جديد يقيم الأوضاع ويدرس الثغرات، وينتصر للإنسان ويحقق للعالم العدل والسلام والاستقرار، خاصة أن أغلب دول العالم قد بدأ اليأس يدب فى أوصالها من جدوى وجود الأمم المتحدة وجميع المنظمات التابعة لها، بمثل هذا الفيتو الذى جعل هذه المنظمة لا تستطيع أن تقوم بدورها، وجعلت من أمينها العام مجرد موظف أو منسق اجتماعات، لمجرد أنه استخدم حقه طبقا لنص المادة 99 من ميثاق الأمم المتحدة التى تعطيه الحق بأن ينبه مجلس الأمن إلى أى مسألة يرى أنها قد تهدد حفظ السلم والأمن الدوليين، وأعتقد أن ما يحدث فى غزة لدليل واضح على أن الرجل حاول أن يقوم بدوره، لكن أمريكا التى يفتخر رئيسها بأنه صهيونى ترى عكس ذلك.