الثلاثاء 7 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
«اللوع» الأمريكى

«اللوع» الأمريكى

بجَرّة قلم أو من خلال اتصال تليفونى تستطيع الدولة الأمريكية التى يجلس على قمّتها هذا المدعو بايدن، إنهاء حرب الإبادة التى ترتكب ضد الشعب الفلسطينى، ولكن هيهات فلا الرئيس أو أى فرد فى حكومته يريد ذلك، ففى الوقت الذى يطالبون فيه بعدم استهداف المدنيين، يُصَرحون بأنهم يؤيدون حق إسرائيل فى الدفاع عن نفسها، ثم يعودون ويمنحونها شَحنات ليست بالقليلة من القنابل الخارقة التى تقضى على العسكرى والمدنى على حد السواء.. تلك هى أمريكا التى رفض رئيسها الهدنة خوفًا من استعادة حماس لقوتها وتجهيز نفسها لجولات أخرى.. وبالمناسبة هو نفسه الرجل الذى أخذ بالرواية الإسرائيلية التى قالت إن حماس نحرت رقاب الأطفال واغتصبت النساء، ثم عاد وأبدى أسفه على ما صرّح به بعد كشف كذب الإعلام الصهيونى، وهى نفسها الدولة التى صرّح وزير خارجيتها بأنه حضر لإسرائيل بصفته يهوديًا ليوهم الجميع بأن إسرائيل تخوض حربًا ضد الإرهاب الإسلامى.. وتبعه وزير الدفاع الذى صرّح بأن دولته لن تسمح بانتصار حماس فى حربها ضد صنيعتهم تحت أى بند أو مسمى.. إدارة أمريكية تواصل تأييدها للحرب وللأهداف الإسرائيلية منها، سواء فى السرّاء أو الضراء، لكنها تبذل جهودًا حثيثة فى محاولة إيهام الرأى العام الدولى بأنها تحاول وقفَها عبر هُدَن تبادُل الأسرَى والرهائن، لحين وضع مخططات أخرى لحرب الإبادة التى لم يشهدها العالمُ من قبل، مانحين فتاتهم المدللة حق ارتكاب جرائم يزدرون من خلالها العالم أجمع، ويلتفون حول القانون الدولى الإنسانى من جراء ما يفعلونه بالشعب الفلسطينى فى هذه الحرب، التى جعلت بابا الفاتيكان فرنسيس يصرّح: (بأن ما يجرى على أرض غزة تخطّى الحربَ وأصبح إرهابًا)، وهو الأمر الذى لم تدركه أو تعيه أو تتغافل عنه الإدارة الأمريكية التى تساند هذا الكيان الإرهابى. مسلسل اللّوَع الأمريكى الذى ليس له من حد أو نهاية لا تزال حلقاته مستمرة؛ خصوصًا فى نقطة التهجير القسرى، التى تُعَد الغاية والمنتهى لدولة الكيان، والتى تقف خلفها القيادة الأمريكية فى السّرّ وتعمل على تأكيدها بشتى الطرُق، ولكنها تصطدم هنا برفض مصرى (رسمى وشعبى)، رغم أنها فى العلن تقف ضده وتعارضه، بَعد أن أدركت الموقف المصرى الراسخ والرافض للتهجير القسرى للفلسطينيين خارج حدود أرضهم، باعتباره خَطًا أحمر لن يتم السماح بتجاوزه قَط، حتى ولو كان المقابل مليارات الدولارات أو إسقاط الديون أو خلافه، فمصر العرب والعروبة لم يسبق لها أن باعت من قبل عروبتها لأحد مقابل المال، ولن تكون فى يوم من الأيام سببًا فى تصفية القضية الفلسطينية عن طريق دفع الفلسطينيين إلى الفرار من بلادهم والتوجه نحو سيناء.



الحلقة الأخيرة فى مسلسل اللّوَع الأمريكى تمثل فى ضرورة خضوع حل الدولتين للتنفيذ، رغم أننى لا أعلم أو أعرف كيف سينفذ هذا الحل ويكون له وجود على أرض الواقع، فى ظل هذا التأييد المطلق لإسرائيل فى فعل ما تراه من مَجازر وإبادة ترتكب فى حق الفلسطينيين، فعقب إحلال الهدنة ووقف إطلاق النار كشفت الهدنة الإنسانية القصيرة فى غزة عن حجم الدمار الهائل الذى خلفته قنابل ومتفجرات الجيش الإسرائيلى، التى حوّلت القطاع إلى «هيروشيما العصر»، إذ أبادت أحياء سكنية كاملة تضم عشرات الآلاف من الوحدات السكنية وسوّتها بالأرض.. ولذلك تعد فكرة حل الدولتين التى تنادى بها الإدارة الأمريكية عقب كل مشكلة صعبة التنفيذ من وجهة نظرى؛ لأن وقتها لن يكون هناك شعب فلسطينى إمّا لوقوعه ضحية لجرائم الذبح والقتل والإبادة، وإمّا لخضوع المتبقى منه لظروف التهجير القسرى، الذى تعلم أمريكا بجميع تفاصيله وتعمل على تأييده ودعمه فى السّر.

أمريكا لمَن لا يعلم أو يعلم أيّها السادة؛ لا تريد وقفَ إبادة غزة؛ لأن فى النهاية الحرب حربها والسلاح سلاحها، والمذابح ترتكب باسمها، وأخيرًا دعم الحرب بدولارها.