الثلاثاء 7 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
العـــار

العـــار

نتيجة واحدة مؤكدة ليس لها من ثانٍ، هى ما أسفرت عنه عملية طوفان الأقصى، ألا وهى العار (والشنار) الذى لحق بالعديد من الأطراف التى دعمت دولة الكيان فى حرب الإبادة التى شنّها على الشعب الفلسطينى الشقيق، سواء استمرت هذه الحرب أو انتهت.. أول من جسَّد هذا العار هو الجيش الإسرائيلى الذى أطلق عليه فى يوم من الأيام (الجيش الذى لا يُقهَر، تحت زعم أنه أقوى جيش فى المنطقة) الذى فشل فشلاً ذريعًا هو وجميع أجهزته الاستخباراتية، فى التوقع المسبق لما حدث من جراء عملية الطوفان، والتى أوضحت للقريب قبل البعيد عدم قدرة هذا الجيش على الردع بشكل واضح، وهو الأمر الذى جعل المقاومة الفلسطينية لا تخشى تدخله البرى فى قطاع غزة، رغم تعدد محاولاته التى باءت جميعها بالفشل، حيث لم يتم إلقاء القبض على قادة المقاومة ولم يتم تحرير الأسرى الإسرائيليين؛ بل جرح وقتل عدد كبير من جنوده، وعوضًا عن ذلك الفشل قام أقوى جيش فى المنطقة بهدم المنازل فوق رؤوس أصحابها، ثم التفت الى المستشفيات وعربات الإسعاف، وأعقبها بهدم المساجد والكنائس والمدارس، عمليات جميعها جرائم تعد فى مجملها وصمة عار فى جبين الإنسانية والقانون، رصدها القاصى والدانى، وأكدتها المنظمات الدولية المعنية بحقوق الإنسان، وبعض أجهزة الإعلام المحايدة.



هذه المأساة الإنسانية التى شاهدها العالم بالصوت والصورة، لم تهتز لها جفون بعض قادة دول الغرب التى تؤيد وتدعم دولة الكيان التى لا تملك أدنى قدر من الضمير أو الرحمة، حيث سارع هؤلاء بالسفر الى إسرائيل، معلنين وداعمين بالقول والسلاح والعتاد حرب الإبادة التى ترتكب ضد أبناء الشعب الفلسطينى، لدرجة وصل معها الأمر، أن بعضهم عندما هرول الى إسرائيل، صرح بأنه قدم إليها بصفته يهودى وليس لكونه مسئولًا فى دولة كبرى، وآخر قدم إليها فى طائرة حربية معلنًا دعمه المدجج بالسلاح والعتاد الذى اصطحبه معه على الطائرة نفسها، وتبعه من سبق وصرح بأنه يرفض الهدنة، حتى لا تتمكن المقاومة من إعادة تنظيم صفوفها للدفاع عن نفسها ضد الغطرسة والجبروت الإسرائيلى.. مواقف غريبة وملتبسة من دول تدعى الحضارة واحترام حقوق الإنسان، ولكنها فى حقيقة الأمر تؤكد عودتهم الى جذورهم الاستعمارية وسرقة الأوطان، ونظرية استعباد البشر، ومحو تاريخ وقيم وحضارات الشعوب، التى تذكروها من خلال هذه الحرب غير الأخلاقية، لتؤكد لنا ولغيرنا أن تاريخ مثل هذه الدول ما زال ملطخًا بدم الأبرياء ونهب قوت وثروات الشعوب، وأن إدانتهم للمقاومة الفلسطينية التى ذاقت المر طوال 75 عامًا، دعموا خلالها هذا الكيان على طول الخط، ما هى إلا نقطة عار جديدة سوف تسجل فى تاريخهم الأسود المتخم بمثل هذه الجرائم، لهم ولدولة الكيان، التى خرج بعض قادتها بملابسهم الداخلية (فزعين منهارين) من وقع أسرهم فى قبضة رجال المقاومة.

لذا على قادة هذه الدول تحديدًا ضرورة مراجعة أنفسهم مما يحدث حاليًا ومستقبلاً فى حق الشعب الفلسطينى، وعليهم أيضًا أن يتحملوا المسئولية القانونية والإنسانية، بالعودة الى جذور حل الأزمة الحقيقية، التى تعطى الحق للشعب الفلسطينى فى تكوين دولته، وهو الحق الذى ينكره قادة الكيان، اعتقادًا منهم أن الحل العسكرى كفيل بالقضاء عليه أو نسيانه، وهو النهج الذى سبق أن اتبعوه أكثر من مرة، لكنه لم يفلح رغم ابتكار اعتداءات وطرق وحشية متنوعة فى كل مرة تختلف عن الأخرى، إلا أن غزة لم تسقط وفى كل اعتداء عليها تثبت صمودها، رغم جرائم وانتهاكات الاحتلال بحق الفلسطينيين واقتحاماته المتكررة للمسجد الأقصى. 

بالطبع هناك مؤسسات وتنظيمات وهيئات دولية سوف يسجل اسمها فى سجل العار، وسيثبت التاريخ بالأدلة والمستندات دورها المخزى، حين تهاونت فى وقف هذا العدوان، ويأتى على رأس هذه الهيئات مجلس الأمن الذى لم يجرؤ أحد من أعضائه فى التصدى لهذا العدوان بقرار ملزم لدولة الكيان.

من أجل هذا وغيره كثير أعتقد أن الجنوح للسلم وعدم إراقة الدماء أو اتباع نظرية استعباد البشر ونهب الحقوق والثروات، يعد الوسيلة الوحيدة المضمونة للشعور بالأمن والأمان لكل ما هو عربى أو إسرائيلى، وهو الأمر الذى يجب أن يتم وفقًا لحل الدولتين، وبغير ذلك لم ولن يكون هناك أمن أو أمان أو أى شىء مضمون.