الجمعة 3 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
نداء البابا.. المتغافل عنه!

نداء البابا.. المتغافل عنه!

اعتقد بابا الفاتيكان فرنسيس أنه من الممكن أن يستجيب قادة إسرائيل إلى ندائه العاجل لوقف الصراع فى غزة، والذى من خلاله دعا إلى تقديم المساعدات الإنسانية ومساعدة المصابين من أجل تخفيف الوضع «الخطير جدًا».. النداء جاء أمام حشد فى ساحة القديس بطرس، حيث قال: «أناشدكم باسم الله أن تتوقفوا وتعلنوا وقف إطلاق النار».. وأضاف البابا: «آمل أن يتم اتخاذ جميع الإجراءات من أجل تجنُّب تصعيد الصراع، وأن تتم مساعدة الجرحى، وأن تصل المساعدات إلى سكان غزة، حيث بات الوضع الإنسانى خطيرًا جدًا».. ولهذا طالب بضرورة فتح ممرات إنسانية لتسهيل دخول المساعدات، مؤكدًا أن حل الدولتين أصبح هو السبيل لإنهاء الحرب بين إسرائيل وحماس.



بالطبع قادة إسرائيل لم يعيروا هذا النداء أدنى انتباه، وتبعهم فى ذلك قادة الدول الغربية الذين يدينون بالمسيحية، ولم يشفع لكليهما كون البابا يعد أكبر رمز دينى مسيحى على مستوى العالم، حيث استمرت إسرائيل فى غيّها وبات استهداف المدنيين فرض عين على كل من يحمل السلاح من أتباعهم، ووصل الأمر إلى استهداف بيوت يذكر فيها اسم الله (مسجد أو كنيسة) ناهيك عن المستشفيات التى تداوى الجرحى فهى أيضًا لم تفلت من عقابهم، المؤسف أن يطالب البعض من أصحاب الثوب الأبيض، وأقصد هنا الأطباء وأساتذة جامعيين يعملون فى مجال الطب بإسرائيل، بضرورة قيام الجيش بقصف المستشفيات فى قطاع غزة المحاصر والفقير، وخاصة مجمع الشفاء الطبى فى المدينة، مع دخول الحرب شهرها الثانى، تحت مزاعم روَّجها الإعلام الإسرائيلى والغربى بأن حركة حماس تستخدمه لأغراض عسكرية، وهو ما تنفيه الحركة، طلب أطباء وأساتذة جامعات إسرائيل نشرته مواقع إخبارية إسرائيلية، طلب أو دعوة تُعدُّ غير مسبوقة بالمرة على مر تاريخ مهنة الطب التى من أهم صفاتها الرحمة والإنسانية، التى من المؤكد تم فقدانها بفعل فاعل على يد مجرمين اعتادوا سرقة ونهب الأوطان، ولذلك لم يكن غريبًا عليهم أيضا أن يقصفوا سيارات الإسعاف التى تحمل المصابين إلى المستشفيات لتلقى العلاج، وإلى هنا تظهر الحقيقة، فالأمر تخطى حماس فهناك أهداف أخرى أهم، يأتى فى مقدمتها استهداف المدنيين لإخلاء القطاع من سكانه وتهجيرهم إلى مصر أو الأردن، وهو المشروع الاستيطانى الذى بدأته إسرائيل منذ عام 1948 بطرد الفلسطينيين من وطنهم ومنعهم من حق العودة، وإحلالهم بجنسيات يهودية من شتى بقاع الدنيا، ولأجل تنفيذ هذا المشروع القديم الجديد، على جيش الاحتلال أن يقتل أكبر عدد من المدنيين، حتى يكتب له النجاح، ولذا لم يكن من المستغرب أن يتم قصف بيوت الله والمساجد، المهم ابتكار العديد من وسائل الضغط التى تجعل من المستحيل الحياة فى غزة، ولذلك لم يكن مفاجئًا لى أو لغيرى أن يستهدف القصف المدارس التى تأوى العديد من الأسر الفلسطينية التى هدمت منازلها، لحرمانهم من الملاذ الأخير الذى يضمن لهم الحد الأدنى من الحياة، بالمناسبة قصف المدارس واستهداف الأطفال ليس بجديد على هؤلاء الجزارين، فقد سبق لهم من قبل أن قصفوا بطائرات من طراز فانتوم فى صباح الثامن من أبريل عام 1970 مدرسة بحر البقر الابتدائية المشتركة فى قرية بحر البقر التابعة لمركز الحسينية بمحافظة الشرقية، أدى القصف إلى مقتل 30 طفلاً وإصابة 50 آخرين وتدمير مبنى المدرسة تمامًا، وقتها نددت مصر بالحادث المروع ووصفته بأنه عمل وحشى يتنافى تماماً مع كل الأعراف والقوانين الإنسانية واتهمت إسرائيل أنها شنت الهجوم عمدًا بهدف الضغط عليها لوقف إطلاق النار فى حرب الاستنزاف، بينما بررت إسرائيل أنها كانت تستهدف أهدافًا عسكرية فقط، وأن المدرسة كانت منشأة عسكرية مخفية. وهو الأمر نفسه الذى تدعيه إسرائيل الآن وجعلت شياطين من أصحاب الرداء الأبيض (وهو منهم براء) يطالبون بقصف مستشفى الشفاء فى غزة، ومثلما لم يحاسب المجتمع الدولى إسرائيل على مجزرة بحر البقر فى السابق، لم ولن يجرؤ أحد على محاسبتهم حين ارتكبوا مجزرة مستشفى المعمدانى التابع للكنيسة الأسقفية الأنجليكانية فى القدس، والتى تعد من أقدم المستشفيات فى غزة.  ومن هنا يتضح أن بلطجة هذا الكيان وقادته قديمة ومستمرة وتسير على نفس النهج الذى وضعوه لأنفسهم، طالما أن هناك دولًا كبرى غربية تؤيدهم وتؤيد مخططاتهم وتصمت على تصرفاتهم، التى لن يفلح معها نداء إنسانى للبابا أو لغيره.